ذكّر نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، الحضور بمقولته قبل 12 عاماً، التي حذر فيها القادة العرب في رسالة صريحة وواضحة حين قال لهم آنذاك: "تغيروا وإلا ستتغيرون". وعقّب سموه: "حينها شكّك البعض في كلامي، والبعض زعل، ومنهم من قال هذه أمور مستقبلية غيبية، ولكني قلت ذلك بناء على مؤشرات، والقادة العرب أحاطوا أنفسهم بحاشية ومسؤولين يقولون لهم كل شي ممتاز والشعب سعيد، وهم للأسف صدقوا ذلك، في حين أن الحقيقة أن المؤشرات تؤكد غياب السعادة وضعف الاقتصاد، ووجود ملايين الشباب المتعلم لا أمل لهم في المستقبل"!
وتحدث للمرة الأولى عن حالات التقاعد التي أمر بها في بلدية دبي فقال: "البعض ربما يعتقد أني استعجلت بالقرار، لكني بقولكم الحقيقة اليوم، ولأني مسؤول أمام الله والشعب، فإني أتابع الدوائر من خلال المتسوقين السريين والمراجعين، ومدراء البلدية أنجزوا وعملوا أشياء طيبة في السابق، ولكني لاحظت من سنة ونصف أنهم بدأوا يتباطؤون في إنجاز المطلوب منهم، وكل ما نطلب منهم برامج لا يؤدونها بالمستوى المطلوب، ويعتقدون أنني نسيت تلك البرامج، ولما تأكدت أنهم وصلوا لمرحلة من السن اعتقدوا أنهم لن يهمهم شيء، تدخلت لأننا كلنا نحب ضخ الدماء الجديدة، هم ما قصروا ولكنهم تباطؤوا في العمل، ولأجل هذا قاعدناهم وأكرمناهم وشكرناهم".
وأجاب على سؤال: هل أنت متفائل رغم ما يمر به العالم العربي اليوم من صعوبات ومشكلات؟ فقال: أنا متفائل، وعندي أمل، ولو لم يكن عندي أمل لما ضيّعت وقتي ووقت الحضور الكريم ووقت من تفاعل معي حول حوار استئناف الحضارة!
ووضع الشيخ محمد بن راشد الإدارة في مقدمة متطلبات عودة الحضارة العربية، وقال: "العالم العربي عنده البشر، وعنده المال، وعنده الأنهار والجبال والأراضي الخصبة، وعنده الإرادة، لكن تنقصه الإدارة، وهذه هي أهم الأمور التي يجب أن تتوافر لعودة الحضارة، إدارة الحكومات وإدارة الاقتصاد وإدارة البشر، وفي كل شي يجب أن تكون هناك إدارة".
فشل الرياضة العربية
وأرجع أيضاً فشل الرياضة العربية إلى فشل الإدارة، وضرب مثلاً بعدد العرب الذي يبلغ 300 مليون، وهو الرقم الذي يعادل عدد الشعب الأميركي، لكنه تساءل: "كم عدد الميداليات التي حصدها العرب في الأولمبياد، وكم حصد الأميركان من ميداليات؟".
شبابنا سيصلون للمريخ
وتحدث بفخر عن الشباب المواطنين الذين يخططون للوصول الى المريخ، وقال: "أنا سعيد لأن جميع العاملين في برنامج الوصول إلى المريخ هم شباب مواطنون في العشرينات من أعمارهم، ومن يشك في ذلك فإني أدعوه إلى زيارة المركز ليشاهدهم بعينه".
الأمن لن يعيق السياحة
كيف استطاعت الإمارات تحقيق التوازن بين نشر الأمن والمحافظة على تدفق السياح وزيادة الحركة السياحية؟ أجاب سموه عن هذا السؤال فقال: "مشاكل العالم لن تتوقف، ولابد من أن نستمر في النمو ونجتهد لتحقيق رخاء الشعب ونطور البلد. واضطراب الأمن موجود في المنطقة منذ أربعين عاماً، ولو قلنا إننا لن نعمل حتى يستتب الأمن، فلن نصل إلى مكان، لدينا رجال يحمون الأمن وهم على مستوى عال، ونحن مستمرون في التطور ولن نتوقف".
سؤال ملغوم
طرح الإعلامي المصري عمرو أديب سؤالاً عبر الفيديو قال فيه: هل النجاح حدث في الإمارات ودول الخليج لأنها دول حديثة وغنية وقليلة السكان مقارنة بالدول العربية الكبيرة والفقيرة وكثيرة السكان؟ فأجاب سموه: "سؤال عمرو أديب ملغوم شوي، هو يتكلم عن أن النجاح مرتبط بالدول الغنية والصغيرة، والدول الكبيرة صعب أنها تتقدم، وأنا عندي أمثله له، الصين دولة كبيرة وتضم ملياراً و300 مليون نسمة، وهي ثاني أقوى اقتصاد في العالم، واليابان دولة ما عندها نفط، وكوريا الجنوبية كذلك، واليابان أقوى دولة اقتصادياً في آسيا، وكوريا الجنوبية متطورة للغاية، أحب أقول إن للنجاح أسباباً كثيرة، لكن للفشل سبب واحد كلكم تعرفونه"!
الدين والسياسة
رداً على سؤال حول إمكانية النجاح بإبعاد الدين عن السياسة، قال الشيخ محمد بن راشد: "قبل الإسلام كانت القبائل تتحارب وتغزو بعضها البعض، تقتل الرجال وتسبي النساء، ولما جاء الإسلام جاءت الحضارة، والحضارة الإسلامية هي التي أفادت العالم، ولكن هؤلاء اليوم الذين يقتلون باسم الدين يملكون نصف المعرفة، وهم فاهمين الدين غلط، فيقتلون بعضهم البعض باسم القرآن، ويفجرون أنفسهم باسم الدين، هذا ليس من الدين في شيء، وليس من الإسلام، فالإسلام دين سلام للعالمين، والعالمين كلمة شاملة تشمل المسلمين وغير المسلمين".
أؤمن بنظرية المؤامرة
"نعم أؤمن بنظرية المؤامرة".. هكذا رد سموه على سؤال حول وجود نظرية المؤامرة بين الدول، وتابع قائلاً: "نعم الدول تتآمر على بعض، وتتجسس على بعض، وحتى أثناء تخطيطك لصالح شعبك وبلدك تجد هناك من يتآمر عليك من أجل تعطيلك عن الوصول لهدفك. المؤامرات موجودة في التاريخ بين الدول، وستظل موجودة، لن تتوقف، ولكن هذا لا يعني التوقف عن العمل، لازم نجد ونجتهد حتى نصل للهدف، وعلينا أن نعمل وألا تعيقنا المؤامرات". وأضاف سموه: "الإمارات تعرضت لمؤامرات كثيرة، وحملات كثيرة، وحروب إعلامية واقتصادية تعرفونها جيداً، لكننا لم نتوقف عن العمل، بل زادنا ذلك إصراراً على الإنجاز".
اتركوا خطابات السبعينات!
وحول رأيه عن مشروع السوق العربية المشتركة قال سموه: "كثيراً ما يسألوني عن هذا الموضوع، أعتقد أنها أمنية قديمة، اليوم العالم تغير، أصبح هناك سوق عالمي مشترك، أحب أقول للجميع اتركوا خطابات السبعينات، واتركوا الأحلام القديمة، واللي يريد يفتح عليه أن يفتح على العالم كله، ما دام العالم أصبح سوق وحدة وانتهت الحدود، العالم أصبح صغيراً، ومن ينغلق على نفسه هو الخاسر".
بناء دبي في ليبيا!
كشف عن قصة مشروع بناء مدينة حديثة في ليبيا، فقال: "بعد تخلي ليبيا عن مشروعها النووي، ورفع الحصار عنها، اتصل بي معمر القذافي وقال يا محمد أريد أبني مدينة مثل دبي، وأنا بطبعي لا أرفض أي طلب لأي بلد عربي، فأرسلت له المختصين وحددوا الموقع ووضعوا التصاميم والمخططات، وعرضوا المشروع على القذافي، وكان يتضمن أسواقاً مالية وعادية ومراكز تسوق وجامعات ومدارس ومستشفيات، ولكن عندما بدأ الفريق بالعمل بدأت تظهر الصراعات في الطبقة التي تلي القذافي من المسؤولين، وكلٌّ يبحث عن مصلحته الشخصية في أرض هنا وأرض هناك، واتضحت معالم الفساد، وحين يوجد الفساد فهذا سيعني أن المشروع إذا كانت كلفته ألفاً فإن 100 تذهب للمقاول و900 للمسؤولين! لذلك طلبت من الفريق الرجوع وعدم الاستمرار، ولكن صدقوني لو صار هذا المشروع لكانت المدينة أفضل مدن ليبيا وإفريقيا"!
لن نرضى بالفساد
ربط بين الفساد وانتشار الرشاوى كمؤشر له، وقال: "إذا دخلت مطار دولة ما واضطررت لدفع الرشاوى للموظفين فاعلم أنك في بلد فاسدة، والغلط يكمن في سكوت القادة عن هذه الممارسات". وتوجه للحضور وقال: "اوعدكم أنا ومحمد بن زايد وإخوانه ما نرضى بالفساد، ولا بالتقصير".
أثر الإعلان عن أسوأ الدوائر!
تحدث عن أول فعل قام به عندما تولى مسؤولية الحكم في دبي، فقال: "أول شي سويته، وضعت برامج التميز في الدوائر لتتنافس في خدمة المتعاملين، ولكن الشي اللطيف أن الإعلاميين والناس عندما حضروا الحفل فاجأتهم وطلبت الإعلان عن أسوأ خمس دوائر، وهذا كان له أثر إيجابي للغاية في تطوير العمل في دوائر دبي لاحقاً".
نصحوني بعدم تولّي رئاسة الحكومة
ذكر حول تجربته الاتحادية: "عندما طُلب مني تولي مسؤولية رئاسة الحكومة الاتحادية، عندي ربع، وعندي ناس يسمون عمرهم مستشارين، قالوا لي عندنا لك نصيحة، الله ساعدك ونجحت في دبي، لكن الحكومة الاتحادية تعاني من الروتين والمديونية والتسيّب ولن تستطيع إحداث الفرق، لا تخرب وتروح في مكان ما تروم تسوي فيه شي، هناك وزراء يطالعون الساعة عشان يسيرون يتغدون ويا حريمهم، ولن ينجزوا شيئاً!". ويضيف: "كنت أسمع وأبتسم، والحين أحب أقولكم انا نجحنا وسددنا ديون الحكومة بسرعة، وعندنا فايض مالي، وبمساعدة إخواني الوزراء حكومة الإمارات اليوم متقدمة على حكومات العالم".
هل اليوم 84 ساعة!
الإعلامي تركي الدخيل سأل الشيخ محمد عبر الفيديو عن كيفية تقسيمه الأربع وعشرين ساعة يومياً بين كل مهامه ونشاطاته ورياضته ووقته بين أفراد عائلته، متسائلاً كيف حولتم الأربع وعشرين ساعة إلى أربع وثمانين، قال سموه: "لو عندنا في الإمارات 84 ساعة لبنينا أربع مدن مثل دبي، ودولتين مثل الإمارات". ثم عقب قائلاً: "بالطبع أمزح، لكن الحقيقة تكمن في تنظيم الوقت، والإصرار على التعلم في كل يوم شي جديد، ولابد من الرياضة والتأمل، أنا أحب التأمل، وعليكم جميعاً من غد أن ترتبوا أوقاتكم وتنظموها".
لا ندّعي الكمال
"نحن لا ندّعي الكمال، ونتعلم كل يوم شي جديد، ونحن لا نضيع الوقت، الوقت يمر وهو مثل النهر إذا لم تحافظ على مائه ستضيّعه، الوقت لن يرجع، فحافظوا على أوقاتكم، وانجزوا. نحن درسنا وتعلمنا، وكسبنا خبرات. وتجربتنا اليوم موجودة ومتاحة للجميع كي يستفيدوا منها، لن نمنعها عن أحد، وهي تحت تصرف كل من يريد الاجتهاد". بهذه الكلمات أجاب على سؤال مواطن عربي حول النصائح التي يوجهها للعرب في هذا الوقت العصيب.
أرسل تعليقك