القدس المحتلة ـ يو بى
يتهدد خطر الإغلاق كنيسة القيامة في البلدة القديمة في القدس، بادعاء وجود ديون لشركة إسرائيلية لجباية حسابات استهلاك المياه، التي فرضت حجزا على الحساب المصرفي للبطريركية الأرثوذوكسية اليونانية بعد مئات السنين من إعفاء الكنيسة من دفع رسوم المياه.
ونقلت صحيفة "معاريف" اليوم الجمعة، عن بطريرك الكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية، ثيوفيلوس الثالث، قوله إنه "في مطلع الأسبوع المقبل سنعلن لجميع الحجاج أن يحضروا معهم زجاجات مياه، وإذا لم يتغير شيئا فإنه في نيتنا الإعلان خلال أيام معدودة، ولأول مرة بعد مئات السنين، عن إغلاق كنيسة القيامة".
وأشارت الصحيفة إلى أنه من شأن خطوة كهذه التي يهدد بتنفيذها البطريرك ثيوفيلوس، أن تؤدي إلى عاصفة دولية "ولن تخرج إسرائيل منها بشكل جيد"، خاصة وأن التقديرات تشير إلى أنه يؤم كنيسة القيامة العريقة، والتي يعود تاريخ بناؤها إلى القرن الرابع الميلادي، أكثر من مليون حاج مسيحي كل عام.
وعلى خلفية أهمية كنيسة القيامة، فإن السلطات التي حكمت البلاد في العهد العثماني والإنتداب البريطاني والحكم الأردني، أعفت الكنيسة من دفع رسوم المياه، وبعد احتلال المدينة أعلن رئيس بلدية القدس الإسرائيلي تيدي كوليك، في العام 1969، أنه لن يتم تغيير التعامل مع كنيسة القيامة بشأن رسوم المياه.
لكن قبل 15 سنة تقريبا تم إنشاء شركة "هَغيحون" التي حلت مكان بلدية القدس في مجال تزويد سكان المدينة بالمياه مقابل جباية الرسوم، وفي العام 2004 أرسلت هذه الشركة حساب المياه إلى كنيسة القيامة، لأول مرة، وطالبتها بدفع مبلغ 3.7 ملايين شيكل (حوالي 820 ألف دولار في حينه)، واعتقد المسؤولون في الكنيسة إن الحديث يدور عن خطأ، كما أن الشركة الإسرائيلية لم تتخذ إجراءات لجباية المبلغ.
إلا أن شركة "هغيحون" بدأت في الشهور الأخيرة تطالب كنيسة القيامة بتسديد رسوم المياه، التي ارتفعت لتصل إلى حوالي 9 ملايين شيكل (2.35 مليون دولار) بعد إضافة فوائد إلى المبلغ.
ووفقا لـ"معاريف" فإن مسؤولين في الوزارات الإسرائيلية ذات العلاقة أدركوا أن إجراءات "هغيحون" هي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى "انفجار سيلحق ضررا شديدا بإسرائيل" وبدأوا بعقد اجتماعات مع مندوبين عن الكنيسة من أجل التوصل إلى حل.
وشدد البطريرك ثيوفيلوس خلال هذه اللقاءات على أنه يحرص على تسديد رسوم المياه لكافة الكنائس والأديرة في أنحاء البلاد، باستثناء كنيسة القيامة التي تتمتع بإعفاء تاريخي من تسديد هذه الرسوم بسبب أهميتها.
لكن شركة "هغيحون" بقيت متمسكة بطلبها بتسديد رسوم المياه المتعلقة بكنيسة القيامة، وقبل 10 أيام فرضت حجزا على الحساب المصرفي للبطريركية اليونانية الأرثوذوكسية، رغم أن البطريركية أكدت أن شركة "هغيحون" تعهدت بعدم القيام بأية خطوة في هذا الموضوع بشكل أحادي الجانب.
ويشار إلى أن البطريركية اليونانية الأرثوذكسية تدفع من حسابها البنكي رواتب الكهنة وجميع التزاماتها المالية تجاه مزودي خدمات ومواد غذائية وما إلى ذلك، وبدأ البنك بالإمتناع عن دفع هذه التعهدات بسبب الحجز على حساب البطريركية.
وقال مسؤول في البطريركية للصحيفة إن "الكنيسة أصبحت مشلولة ولم يعد بإمكاننا تسديد أي مبلغ، وشركة هغيحون أعلنت الحرب علينا"، فيما قال مسؤول في الشركة إنه "لا توجد إمكانية لإعفائهم وعليهم أن يفهموا ذلك".
وأضافت الصحيفة أن البطريركين اليوناني الأرثوذكسي والفرنسيسكاني، الذي يمثل الفاتيكان، والقائم بأعمال البطريرك الأرمني عقدوا اجتماعا يوم الأحد الماضي وقرروا خلاله تصعيد نضالهم ضد الشركة الإسرائيلية.
وبعث ثيوفيلوس الثالث أمس رسالتين إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس، قال فيها إن إجراءات شركة "هغيحون" هي "خطوة ليست عادلة وتتآمر على القداسة وتمس بمشاعر قدسية المكان وتغير الوضع القائم، كما أن من شأنها أن تؤدي إلى إغلاق المكان أمام جموع الحجاج، وندعوك إلى التدخل من أجل وقف هذه الخطوة العدوانية".
ويتوقع أن يحمل مندوبون عن ثيوفيلوس رسائل شخصية من البطريرك ويتوجهون إلى روسيا لتسليمها إلى الرئيس فلاديمير بوتين وإلى رئيسي حكومتي اليونان وقبرص، وسيتم إرسال رسالة مشابهة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، كما أن ثيوفيلوس سيلتقي الأسبوع المقبل مع الملك الأردني عبد الله الثاني.
وقال ثيوفيلوس لـ"معاريف"، "نطالب شركة هغيحون بوقف تزويد كنيسة القيامة بالمياه فورا، ولا نريد أن نحصل منهم على أية خدمة، وإذا استمروا في ضخ المياه إلى الكنيسة فإنهم يفعلون ذلك على مسؤوليتهم".
وقدم محامو البطريركية اليونانية الأرثوذوكسية إلى المحكمة أمس طلباً بإزالة الحجز عن حساب البطريركية في البنك.
أرسل تعليقك