القاهرة - أحمد مجدي
نظم حزب "الكرامة" الناصري ندوة لمناقشة مسودة الدستور المصري الجديد و وضع الجمعية التأسيسية التي تقوم على كتابته تحت عنوان "مسودة الدستور والهيمنة الإسلامية"، بحضور أستاذ العلوم السياسية الدكتور إبراهيم نصر الدين، الذي انتقد المسودة المقدمة من الجمعية بشدة.
وقد بدأ الدكتور إبراهيم نصر الدين كلامه عن المسودة التي طرحت للمناقشة قائلاً "إذا أُقرت المسودة كما هى ستكون أسوأ دستور لمصر على الإطلاق, فالمفترض أن الدستور يحتوي عبارات محكمة ومحددة، ولا تقضتي فيما بعد قوانين لشرحها، إلا فى أضيق الحدود, وترك المواد غير مفسرة وغير واضحة ليس له دلالة سوى أن تترك الأمور مفتوحة لفصيل بعينه، ثم تفصل القوانين على النحو الذى يريدون".
وأضاف نصر الدين "إن هذا الدستور يتجه لإقامه دولة دينية، والتاريخ لم يشهد شئ اسمه دولة إسلامية ولا نظام حكم إسلامى, لا من حيث النصوص الشرعية ولا من حيث الممارسة, والنصوص الدينيه تقول للرسول "لست عليهم بمسيطر"، فالرسول لم يكن حاكمًا وإنما حكمًا, والأنبياء الملوك هم 3 فقط، يوسف و داود و سليمان. وكل النصوص القرآنية تقول للرسول إذا حكمت فاحكم بينهم وليس عليهم, إذن الحكم فى الإسلام هو القضاء، وليس صدفة أن الذين آثروا من الخلفاء أن يسموا أنفسهم "أمير المؤمنين" ليجمعوا بين السلطة السياسية والدينية جميعهم قتلوا".
وقال نصر الدين "إن من يتحدثون عن أن هناك دولة إسلامية فى التاريخ لم يقرأوا التاريخ من الأساس، فمصطلح الدولة حديث، لم يظهر سوى عام 1648 فى أوروبا، وأتحدى من يأتيني من داخل كتب التراث الإسلامي بكلمة دولة, والذى كان موجود في السابق كيانات سياسية، ولكن ليست دولة بالمعنى الحديث, لأن الدولة تحمل مواطنين يحملون جنسية معينة، وسابقًا لم يكن هناك مفهوم أصلاً للجنسية, فكان الناس يقسمون إلى عربي و أندلسي و أجنبي وهكذا".
وأضاف نصر الدين "إننا في عصر الدولة الوطنية, وأدعو جميع التيارات التي تقول أنها مدنية أن تطلق على أنفسها التيار الوطني لا المدني، لأن مفهوم الوطن هو الذي يحمل مواطنين دون تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الطبقة أو الفئة، ومن يحاول أن يقول غير ذلك يريد أن يعود بنا إلى عصر ما قبل الدولة".
وانتقل الدكتور إبراهيم نصر الدين إلى نقد مسودة الدستور من وجه نظر علمية، فبدأ بالمادة الأولى التي وصفها بـ"الركيكة"، حيث تنص على بديهيات، مثل مصر دولة مستقلة ذات سيادة, وتنص أيضًا على أن النظام ديموقراطي، وهي كلمة غير صحيحة، فالأنظمة إما رئاسية أو برلمانية أو مختلطة، ولكن الديموقراطية ليست نظام، بل إنها آلية".
ثم انتقل للمادة الثانية التي تنص على أن الإسلام دين الدولة، مع مراعاة ممارسة الشعائر الدينية لأصحاب الرسالات السماوية، وبعد ذلك أتت المسودة للتحدث عن نصوص توضح دور الأزهر, ولكنها تغافلت الديانات الأخرى التي اعترفت بها, وهو ما يعتبر طائفية، تقسم بين المواطنين حسب الديانات".
كما تناول نصر الدين المادة 68 التي تنص على أن تلتزم الدولة باتخاذ كافة التدابير التي ترسخ المساواة بين المرأة والرجل، وفي أخر النص قيل دون الإخلال بالشريعة الإسلامية, وتسائل ماذا عن المرأة غير المسلمة، وهل الكلام يسري على المرأة المسيحية واليهودية بحسب الشريعة الإسلامية مع إغفال معتقداتهم".
وعن المادة 221 التي تنص على أن ﻣﺑﺎدئ اﻟﺷرﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯾﺔ ﺗﺷﻣل أدﻟﺗﻬﺎ اﻟﻛﻠﯾﺔ وﻗواﻋـدﻫﺎ اﻷﺻـوﻟﯾﺔ واﻟﻔﻘﻬﯾـﺔ وﻣﺻـﺎدرﻫﺎ اﻟﻣﻌﺗﺑـرة ﻓﻰ ﻣذاﻫب أﻫل اﻟﺳﻧﺔ واﻟﺟﻣﺎﻋﺔ، قال نصر الدين "من يحدد ما هي مثلاً المصادر المعتبرة, وما هي مذاهب أهل السنة والجماعة تحديدًا",كما انتقد أن تفسر مبادئ الشريعة التي فى المادة 2, في حين أن هناك تفسير فعلي من المحكمة الدستورية العليا تم إغفاله, وأكد أن هذه المادة تؤسس لدستور دولة دينيه واضحة.
أما بخصوص الحريات والحقوق قال نصر الدين "إن الدستور يذكر مرة كلمة الإنسان ومرة كلمة المواطن, والدساتير لا يجب أن تتكلم سوى عن المواطنين داخل الدولة". وأضاف "إن هناك داخل المسودة قنابل موقوتة، مثل المادة 67 التي تنص على ﺣظر ﺗﺷﻐﯾل اﻷطﻔﺎل ﻗﺑل ﺗﺟﺎوزﻫم ﺳن اﻹﻟزام اﻟﺗﻌﻠﯾﻣﻰ، والإلزام ينتهي بعد سن 15 سنة, بينما المواثيق والعهود الدولية تمنع عمل الأطفال قبل سن 18 سنة".
أما عن الاقتصاد، فقد قال نصر الدين "الدستور المزمع عمله لم يتحدث بالنسبة للأفتصاد سوى عن الزراعة والصناعات الحرفية، ولم ينقصه سوى التحدث عن مهنة الرعي"، وانتقد إغفال الدستور للصناعات الثقيلة أو السياحة أو غيرها من موارد الاقتصاد.
كما انتقد نصر الدين المادة 72 التي تتحدث عن حقوق المصريين في الخارج، والتي تتحدث عن حقهم فى الانتخاب والاستفتاءات, وأغفلت حقهم فى الترشح سواء للهيئات أو حتى للرئاسة ما لم يحملوا جنسية أخرى.
وأضاف أن المادة 85 تعيد مبدأ "سيد قراره"، حيث تنص على "ﺗﺧـﺗص ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟـﻧﻘض ﺑﺎﻟﻔﺻل ﻓـﻰ ﺻﺣﺔ ﻋضـوﯾﺔ أﻋﺿﺎء اﻟﺑرﻟﻣﺎن، و ﺗﻘدم إﻟﯾﻬﺎ اﻟطﻌون ﺧﻼل ﻣدة ﻻ ﺗﺟﺎوز ﺛﻼﺛﯾن ﯾومًا ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ إﻋﻼن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ اﻟﻧﻬﺎﺋﯾﺔ ﻟﻼﻧﺗﺧﺎب، وﺗﻔﺻل ﻓـﻰ اﻟطﻌـن ﺧﻼل ﺳﺗﯾن ﯾوم ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ورودﻩ إﻟﯾﻬﺎ، وﺗﺑطل اﻟﻌﺿوﯾﺔ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ إﺑﻼغ اﻟﺑرﻟﻣﺎن ﺑﺣﻛم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ", حيث يرى أن تحديد مادة معينة للطعن فقط تعني أنه إذا تعدت هذه المدة ينتهي الطعن، ويصبح العضو عضوًا حتى ولو كانت عضويته باطلة.
كما تعجب الدكتور ابراهيم من المادة 120، التي تنص على "ﯾﻧظم اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻘواﻋد اﻷﺳﺎﺳﯾﺔﻟﺟﺑﺎﯾﺔ اﻷﻣوال اﻟﻌﺎﻣﺔ، وإﺟراءات ﺻرﻓﻬﺎ"، وقال نحن وصلنا إلى أن يكتب في دستور مصر لفظة "جباية".
وأنهى الدكتور إبراهيم نصر الدين كلامه مؤكدًا أن "الإخوان المسلمين" حلفاء للولايات المتحدة منذ الخمسينات، عندما ذهب الإخوان إلى السعودية، ومنها إلى أميركا, وتوج الفكر الإخواني كأيدولجيا بنفسها من قبل الغرب، لمحاولة تجنيدهم لمحاربة عدو أميركا الأول، وهو الاتحاد السوفيتي، وهو ما ظهر جليًا في عمليات شحن الشباب العربي إلى أفغانستان لمحاربة السوفييت بدعم وتدريب أميركي.
وأضاف "إن الإخوان لا يريدون دولة وطنية, ويحلمون بما يسمى بالخلافة، ولا أعرف ما الجيد فى الخلافة منذ العصر الأموي حتى الأن".
وأنهى نصر الدين حديثه قائلاً "مشاريع الإخوان تتطابق بشكل مذهل مع مشروع تقسيم الشرق الأوسط الأميركي، و يتشابك معهم المشروع الصهيوني، فإسرائيل لم يعد لها مهاجرين من حول العالم، ولن تستطيع أن تحقق حلمها بدولة من النهر إلى البحر، بحكم عدم وجود كوادر بشرية كافية، والحل يكمن في دويلات طائفية متصارعة تقتل بعضها البعض، وهو ما يفعله الإخوان الأن".
أرسل تعليقك