37أكد مدير عام الأرشيف الوطني، الدكتور عبد الله الريس، بمناسبة يوم زايد للعمل الانساني، أن الأرشيف أولى للعمل الإنساني في فكر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، اهتماماً كبيراً، حيث عمل على توثيق جوانب كثيرة من هذا العمل في إصداراته العديدة.
وأشار الريس إلى أن كتاب "زايد رجل بنى أمة" على سبيل المثال يستعرض العديد من المواقف الانسانية للمغفور له، منذ تسلمه مقاليد الحكم في أبوظبي ثم تأسيس دولة الاتحاد".
وقال إن المغفور له كان يتسم بالطابع الإنساني وكانت نظرته موجهة دائماً إلى معاناة السكان آنذاك والبشر عموماً حيثما كانوا، وذلك حينما تسلم أول تقرير شامل ومبشر عن الأوضاع المالية لأبوظبي، بعد أيام من توليه الحكم في أبوظبي قام بإرسال موظفي القصر إلى المناطق الفقيرة من المدينة، لدعوة الفئات الفقيرة من قاطنيها إلى مجلس الحاكم.
وكانت هذه الدعوة سابقة إذ لم توجه من قبل إلى هذه الفئة من المجتمع التي كانت منقطعة تماماً عن النخبة الحاكمة، ولما دخل المواطنون المجلس استقبلهم المغفور له ورحب بهم وقدم لكل واحد منهم مبلغا يوازي ما يحصله الواحد منهم في سنة كاملة، كما أوصى كلا منهم بأن ينفق ما أعطي بحكمة وحرص على عائلته.
ويورد الكتاب أن الناس تقاطروا إلى المجلس، بينما ظل موظفو القصر منتشرين في أرجاء المدينة بحثاً عن المزيد من ذوي الحاجة، وبعد ذلك امتدت يد المغفور له إلى مناطق البدو.
وهكذا زحف آلاف إلى القصر لمدة أسبوع وكان كل واحد منهم يمر بالشيخ زايد، ليتسلم هديته المالية ولم يعد أحد منهم من القصر خائباً، وبلغ ما وزعه الشيخ زايد في تلك الفترة نحو عشرين مليون دولار تقريباً.
ثم في مرحلة تالية توسع عمل الصندوق متبنياً مشاريع في إفريقية وآسيا، بعد أن رفع الشيخ زايد رأس مال الصندوق ليصل الى 4.4 مليارات دولار، وبذلك تمكن الصندوق من رفع وتيرة نشاطه.
واشتمل هذا النشاط على هبات وقروض ميسرة توزعت على أكثر من خمسين مشروعاً بين عامي1974 و1975، منها واحد وثلاثون مشروعاً في الوطن العرب،ي وعشرة مشاريع في إفريقية وتسعة في آسيا.
ويشير الدكتور الريس إلى أن الشيخ زايد كان حريصاً على حسن إدارة الصندوق والاهتمام بمشاريع البنى التحتية، التي من شأنها الارتقاء بحياة الإنسان وأنه كثيراً ما كان يلغي بعض الديون المترتبة شريطة عدم الإعلان عن ذلك.
وبعد زيارة رسمية الى السودان عام 1972 عبر المغفور له عن تعاطفه مع ذلك البلد وأهله، ووجه بأن يقدم صندوق أبوظبي الدعم والعون لتخفيف معاناة أبناء السودان من الحرب والجفاف، عبر دعم مشاريعهم الزراعية ومشاريع البنى التحتية، ما أدى إلى إنعاش اقتصاد السودان.
ويؤكد مدير عام الأرشيف أن "الشيخ زايد لم يكن يأبه لاسم الدولة أو نوع أو معتقد الناس عند تقديم المساعدة لهم، بل كان بكل بساطة ملتزماً بتقديم العون بدلالة الدعم الذي قدمه إلى سيريلانكا، حين طلبت حكومتها من الصندوق مساعدة مالية لتحديث عمليات صيد الأسماك التي يعتمد عليها قرابة 72000 نسمة من السكان.
ويضيف أن الشيخ زايد يعتقد ويؤمن أن الثروة التي تتمتع بها أبوظبي جعلت من واجبه تقديم المساعدة حيثما استطاع في الداخل و الخارج وانها رفعت من سمعة الإمارات في المجتمع الدولي وانه كان رحمه الله يتعاطف كثيرا مع الناس العاديين في أوقات المحنة والمعاناة.
ويدلل على ذلك بأن المغفور له كان يدرك المعاناة التي كابدها الفلسطينيون، فصار نصيراً لقضيتهم، وقدم الكثير من المعونات لتمويل الإغاثة والإسعافات الطبية في المخيمات، وكما انتشرت المدارس والمستشفيات التي تحمل اسمه والكثير سواها، مما لا يحمل اسمه يعود الفضل في إنشائها إلى أياديه البيضاء.
ويصف الكتاب الشيخ زايد بانه شديد التعاطف مع الناس العاديين الذي عانوا ويلات الحروب، لافتاً إلى أن "حسه الإنساني المرهف كان يتجلى عندما يعبر عن ألمه حيال معاناة الأطفال، ولذلك يسارع إلى مداواة جراحهم وتخفيف آلامهم".
ففي عام 1973م على سبيل المثال أمر المغفور له بنقل المساعدات إلى سوريا ومصر دون إعلانها في وسائل الإعلام، وهكذا تم نقل مئات الجرحى بالطائرات من سوريا، ولا سيما الأطفال إلى مستشفيات أبوظبي وإلى مستشفيات أوروبية ليحصلوا على العناية الطبية اللازمة.
وفي تسعينيات القرن الماضي وضع الشيخ زايد، وحكومته ملايين الدولارات بتصرف الحكومة البوسنية، وضخت الحكومة الإماراتية المساعدات المالية لإنعاش مشاريع الطوارئ الاجتماعية والمستشفيات في العاصمة سراييفو المحاصرة.
وعندما انتشر مرض الدودة الغينية في منتصف التسعينيات إلى مستوى الوباء في بلدان باكستان والهند واليمن ومناطق واسعة جداً من إفريقية لا سيما المناطق الصحراوية، تبرع الشيخ زايد دعماً للجهود التي تكافح وباء هذه الدودة التي تعرف أايضاً باسم الأفعى النارية، وبدأت مصادر المياه العذبة بالانتشار وهجر الناس المياه الموبوءة التي كانت سبباً بانتشار المرض.
ويخلص الكتاب إلى أن "جلائل أعمال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان على صعيد العمل الخيري والإنساني جعلت الأوسمة والجوائز التكريمية والتقديرية، تسعى إلى مقامه لتشهد أمام العالم أجمع بعطائه الإنساني والخيري الذي طال الإنسانية أينما كانت".
أرسل تعليقك