بعد سنتين ونصف السنة من الشغور الرئاسي، دخل النائب العماد ميشال عون بعد ظهر اليوم الإثنين قصر بعبدا رئيسًا للجمهورية اللبنانية، بعدما كان غادره قبل 26 عامًا مدمرًا بفعل عملية عسكرية شاركت فيها القوات السورية لإخراجه من القصر الذي مكث فيه سنتين كرئيس لحكومة عسكرية تمثل فئة من اللبنانيين.
فقد إنتخب مجلس النواب في جلسة ماراتونية عقدها ظهرًا بحضور السفراء والإعلاميين، العماد ميشال عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية، بعد أربع عمليات إقتراع بعدما تعذّر تأمين الأصوات المطلوبة ليفوز في الدورة الأولى التي كانت تتطلب ثلثي أعضاء المجلس وهي 86 صوتًا للفوز.
وفي دورة الإقتراع الرابعة فاز عون بإنتخابات رئاسة الجمهورية، على 83 صوتًا من أصل 127 نائبًا، وتم الإعلان عن ورقة للنائب ستريدا طوق، و36 ورقة بيضاء. وألغيت أوراق كتب عليها "ميريام كلينك" و"ثورة الارز في خدمة لبنان" وورقة "زوربا الاغريقي" و"مجلس شرعي او غير شرعي".
وسجلت خلال عملية تصويت في الدورة الثانية مفاجأة لم يعرف ما إذا كانت مقصودة أم لا، حيث بلغ عدد أوراق الناخبين 128 ، فيما عدد النواب الحاضرين 127 نائباً في المرتين، مما
استدعى اعادة التصويت. و بدا لافتاً الورقة التي برزت خلال عملية الإنتخاب، وورد فيها: "ثورة الأرز... في خدمة لبنان". ففي حين كان الرئيس بري يقرأ الأوراق، كتب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل: "ثورة الأرز... في خدمة لبنان"، ما يشير الى أنّ نواب حزب الكتائب قد صوتوا بهذه الورقة.
وبعد اعلان فوزه بالرئاسة ألقى العماد عون خطاب القسم، محددًا فيه أبرز نقاط ومحاور سياسة ومشروع العهد الجديد، منه الخطة الإقتصادية وتعزيز قوّة الجيش وإقرار قانون إنتخاب عصري. واللافت أن عون للمرة الأولى يعترف باتفاق الطائف الذي كان يعارضه باستمرار. وقال: "مَن يخاطبكم اليوم هو رئيس الجمهورية الآتي من مسيرة نضالية طويلة، والآتي في زمن عسير ويُؤمل منه الكثير".
وشدد على ان " أول خطوة نحو الإستقرار السياسي هي باحترام الميثاق والدستور والقوانين ويجب تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني من دون إستنسابية"، وقال: "علينا أن نعيش روح الدستور من خلال المناصفة الفعلية وإقرار قانون إنتخابي والوحدة الوطنية من مقومات الإستقرار الأمني".
ورأى أن "لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة، وسنمنع وصول أي شرارة إليه"، مؤكدا " الإلتزام بقرارات الجامعة العربية وسنتبع سياسة
خارجية تنأى بنفسها عن نيران المنطقة وسنحمي وطننا من العدو الإسرائيلي"، و"التعامل مع الإرهاب بإستباقية وردعية حتى القضاء عليه". مشددا على ان "لا حل في سوريا من دون
عودة النازحين ويجب تثبيت حق العودة للفلسطينيين"، لافتا إلى معالجة "مشكلة النازحين من خلال التعاون مع الدول والسلطات المعنية والتنسيق مع منظمة الأمم المتحدة".
وقال: " الأمن والقضاء مرتبطان بمهمات متكاملة، أما مشروع تعزيز الجيش وتطوير قدراته سيكون هاجسي وأولويتي ليصبح جيشنا قادرا على حماية أرضه. ودعا الى إعتماد خطة
وطنية لمعالجة الوضع الإقتصادي، مؤكدا إعتماد اللامركزية الإدارية وإرساء منظومة قوانين تحمينا من الفساد والعمل على تفعيل أجهزة الرقابة".
وأضاف: "المطلوب إقرار قانون إنتخابي يؤمّن عدالة التمثيل في الانتخابات، وأول الأولويات هي الوحدة الوطنية والتصدّي للتحدّيات بوحدتنا وإنفتاحنا وقبول كلّ منا رأي الآخر. في
طليعة أولوياتنا الإبتعاد عن الصراعات الخارجية وإعتماد سياسة خارجية تحترم القانون الدولي وسنحرر ما تبقى من أرضنا المحتلة".
وتابع: "مشروع تعزيز الجيش وتطوير قدراته سيكون هاجسي ليصبح جيشنا قادراً على ردع كل أنواع الاعتداءات على أرضنا"، مؤكداً أنّ الدولة من دون مجتمع مدني لا يمكن بناؤها، والأهم هو اطمئنان اللبنانيين إلى بعضهم البعض، وتكون الدولة حاضنة لهم".
أرسل تعليقك