كشفت محاكم دبي عن المشروع الجديد الأول من نوعه عالميًا، لتسريع عملية التقاضي في الجنح، وهو "تقاضٍ بدون قاضٍ"، باستخدام الذكاء الصناعي الذي سيقوم بعمل القاضي الجزائي في "إصدار وتنفيذ الأحكام المتعلقة في الدعاوى البسيطة"، خلال دقائق عدّة وعلى مدار اليوم إذا اقر المتهم بتهمته، وسيتخصص في الفصل نحو 70% من القضايا الجنائية التي تكون عقوبتها الغرامة المالية، من دون الحبس (الجُنح)، لتصبح "المحاكم" أول دائرة قضائية على مستوى العالم توظف الذكاء الصناعي في خدمة التقاضي بهذا التوصيف، في الوقت الذي تستخدم فيه محاكم أخرى في بعض الدول هذه التكنولوجيا الحديثة في تقديم الاستشارات والآراء "غير الملزمة".
وبحسب القاضي أحمد سيف، رئيس المحكمة المدنية في دبي، فإن فكرة المحكمة الجديدة التي ستكون متوفرة في مراكز الشرطة، وأماكن حيوية أخرى ستحددها المحاكم لاحقا، تقوم على استبدال القاضي الجنائي، بقاض افتراضي يمكنه التحدث مع المتهم، والقيام بإجراءات المحاكمة وإصدار الحكم بعد اختيار العقوبة المناسبة لها خلال عدة دقائق بعد تلقيه بيانات شخصية للمتهم.
وبالاستعانة بالذكاء الصناعي والبرامج الحاسوبية القادرة على قراءة الصحيفة الجنائية للشخص المضبوط، وتحديد نوع الجنحة واختيار العقوبة المناسبة لها على الفور، بل وتوفير خاصية التنفيذ الفوري للعقوبة نفسها، وإصدار كف بحث تلقائي، على اعتبار أن 70% من القضايا الجنائية بسيطة، ويمكن الفصل فيها في وقت قصير، بعيدا عن الإحالة والمحاكمة العادية.
وأكد القاضي سيف أن الهدف من المشروع هو ترجمة رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتحويل دبي إلى المدينة الأسعد والأذكى عالميًا، عطفا على تحقيق استراتيجية الإمارات للذكاء الصناعي، بأن تكون حكومة الإمارات الأولى في العالم،.
في استثمار الذكاء الصناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية، مضيفا كذلك أن توظيف الذكاء الصناعي في العمل القضائي يهدف كذلك إلى تحقيق سرعة البت في الدعاوى دون الإخلال بضمانات المُحاكمة العادلة، وتخفيف العبء على المحاكم، والحد من عدد الدعاوى المُحالة إليها.
والاستجابة للاعتبارات العمليّة التي تقتضي تبسيط إجراءات التقاضي واختصار الوقت والجُهد والنفقات على أطراف الدعوى الجزائية، زيادة على هدف آخر لا يقل أهمية عن ما مضى وهو "تفرغ قضاة الجنايات للنظر في قضايا وجرائم بحاجة إلى دراسة متمعنة ووقت طويل قبل الفصل فيها، مثل جرائم القتل أو المخدرات أو الرشى أو الخطف أو السرقات الكبيرة وأخرى شبيهة.
وأكد رئيس المحكمة المدنية وجود ضمانات تتعلق بعمل" القاضي الافتراضي باستخدام الاصطناعي"، أبرزها أن البرامج الحاسوبية التي ستستخدم في هذه المحكمة، سيصممها ويشرف عليها قضاة متخصصون في الدعاوى الواقعة ضمن اختصاص هذا النوع من التقاضي"، إضافة إلى ضمان آخر وهو أن الأحكام الصادرة فيها قابلة للطعن والاستئناف إذا لم يقتنع المتهم بالإدانة والعقوبة الصادرتين بحقه.
وأوضح القاضي أحمد سيف أن "الجميل والجديد كليا في المحكمة الافتراضية هو أنها ستكون متوفرة على مدار الساعة في مراكز شرطة دبي". وفي أماكن أخرى في الإمارة ستُحدد لاحقا، وبإمكان أي شخص تم ضبطه على خلفية تعميم، أو بلاغ بجنحة، أو صادر بحقه حكم غيابي، تنفيذ الحكم الصادر من القاضي الافتراضي على الفور بدفع الغرامة المترتبة على مخالفته في أجهزة مجاورة للمحكمة الافتراضية، تقبل" نقدا، أو بطاقة ائتمان، أو تحويلًا بنكيًا " ومن ثم مواصلة حياته الاعتيادية، دون الحاجة إلى توقيفه وعرضه على النيابة أو المحكمة، ودون أن يضطر لإلغاء رحلته الجوية إذا تم ضبطه في المطار مثلا نتيجة البلاغ المتعلق به.
ودون الحاجة للقيام بأي إجراء لإلغاء البلاغ والحصول على " كف بحث" بعد دفع غرامة العقوبة، على اعتبار أن النظام سيقوم بهذا الإجراء بشكل ذاتي وفوري بمجرد إنهاء عملية الدفع، وبالتالي فان ملف أي جنحة يصبح نظيفا خلال ثلاث إلى خمس دقائق بمجرد اعتراف المتهم أمام القاضي الافتراضي بذنبه، وتنفيذ الحكم بدفع الغرامة المترتبة عليه.
وأما في حال لم يكن لدى المتهم مال لدفع قيمة الغرامة المترتبة عليه ولا بأية طريقة من طرق الدفع الثلاث المشار إليها سابقا، فانه يُحبس يوما عن كل 100 درهم، أما إذا لم يعترف بالتهمة المسندة إليه من قبل القاضي الافتراضي، فسيتم توقيفه وإحالته إلى النيابة والمحكمة ضمن الإجراءات العادية المتبعة.
وأضاف القاضي أحمد سيف: "من المقرر أن يختص القاضي الافتراضي بالنظر في الدعاوى البسيطة التي يعتبر الحبس فيها ليس أمرًا وجوبيا مثل "الدخول إلى الدولة بصورة غير مشروعة، العودة بعد الإبعاد، البقاء في البلاد بصورة غير مشروعة، العمل لدى غير الكفيل، العمل بعد الإلغاء، ترك العمل لدى الكفيل، حيازة المشروبات الكحولية، تعاطي المشروبات الكحولية، إعطاء شيك بسوء نية، تظهير شيك بسوء نية، الامتناع عن دفع ما استحق عليه من أجر، التسول والباعة المتجولون، التسبب خطأ في المساس بسلامة جسم الغير، إتلاف الأموال المملوكة للغير، قيادة مركبة تحت تأثير المشروبات الكحولية قيادة مركبة على الطريق دون رخصة قيادة".
أرسل تعليقك