أوضح المهندس سعيد المنصوري، رئيس قسم تطوير التطبيقات والتحليل في مركز محمد بن راشد للفضاء، أن مهندسي القسم أنجزوا 6 تطبيقات ذكية، من شأنها توظيف التقنيات الهندسية الحديثة المتمثلة في معالجة الصور والذكاء الاصطناعي لإيجاد حلول مبتكرة بدقة عالية، من بينها تطبيق يهدف إلى رصد عدد أشجار النخيل، لإحصائها ودراسة جودة الثروة النباتية، وآخر يُعنى بدقة الصور، ويمكن الاستفادة منه لتحديد مواقع الأجسام الصلبة في الجسم، وصور الرادارات والأشعة الطبية، فضلًا عن تطبيق لرصد التغيرات، يخدم مشاريع البنية التحتية، وصولًا لتطبيق يدرس تغيرات السواحل الإماراتية.
وأفاد بأنهم معنيون بإجراء الدراسات التحليلية المتعلقة بمراقبة التطور في المشاريع العمرانية، ودراسة الظواهر الطبيعية والبيئية بالدولة، لافتًا إلى أن المركز يوفر خدماته للدوائر الحكومية وشركات التطوير العقاري والجامعات والمؤسسات التعليمية، وينسق لعقد اجتماعات دورية مع كل منهم للوقوف على طبيعة أنشطتهم وتقديم حلول متكاملة تلبي احتياجاتهم.
4 خطوات
وأكد المنصوري أنهم يعتمدون في عملهم على المنهج العلمي في البحث، الذي يعتمد على 4 خطوات رئيسة، تشمل تحديد المشكلة من خلال تحديد الهدف من المشروع والبحث عن الدراسات السابقة في مجالها، ومن ثم وضع الفرضيات والتأكد من صحتها في نهاية المشروع، والتحليل الإجرائي الذي يبدأ بوضع آلية مقترحة لحل المشكلة، ومن ثم تحديد كل الأدوات المطلوبة لإتمام المشروع والمتغيرات التي تؤثر في نتيجة البحث والدراسة، فضلًا عن التجربة وتحليل البيانات، وهي خطوة محورية تعتمد على إجراء التجربة في ظل مختلف المتغيرات التي يتم تحديدها مسبقًا، ومن خلال التجربة يتم الحصول على بيانات يتم عرضها من خلال رسومات بيانية لتسهيل عملية التحليل، وصولًا إلى مرحلة الاستنتاجات، التي تتم من خلال ربط البيانات بعضها ببعض، وتحويلها إلى معلومات ذات قيمة علمية.
وقال المنصوري: إنهم يطورون حاليًا تطبيقًا ذكيًا يهدف إلى رصد عدد أشجار النخيل في الصور الملتقطة من قبل تقنية الطائرة بدون طيار، حيث يرتكز هذا التطبيق على تحديد مواقع أشجار النخيل في الصورة وحساب عددها، لتوفير الوقت والجهد على العديد من الجهات الحكومية المعنية بمتابعة هذه الثروة النباتية، وإجراء الإحصاءات السنوية، ومتابعة حالتها الصحية وتقييمها، كما أضاف أنهم طوروا عددًا من الأدوات والتطبيقات الذكية في مجال الاستشعار عن بعد من خلال الاستثمار الأمثل في الصور الفضائية متعددة الأطياف التي يرسلها القمر الصناعي "دبي سات 2"، حيث تحتوي هذه الصور على 4 أطياف، ثلاثة منها مرئية، هي الطيف الأحمر والأخضر والأزرق، وطيف رابع لا يمكن رؤيته بالعين البشرية، هو “طيف الأشعة تحت الحمراء”، الذي بدوره يمنح معلومات هائلة عن المساحات الخضراء المصورة على سبيل المثال.
جودة الصور
ولفت المنصوري إلى أنه من أهم الأدوات التي طوروها بمركز محمد بن راشد للفضاء، أداة لتحسين جودة الصور الفضائية، إذ إنه في بعض الأحيان تكون إشارات القمر الصناعي ضعيفة، ما يؤثر على جودة الصور، ولكن بعد تطوير هذه الأداة استطاعوا تحسين جودة الصور، من حيث توزيع الألوان والتناسق فيما بينها من خلال تطبيق معادلات هندسية ورياضية معينة، مبينًا أنهم طوروا، أيضًا، تطبيقًا لتحسين الدقة الفائقة للصور الفضائية، مدللًا على ذلك بأنه عندما نبحث في موقع “غوغل إرث” عن موقع معين، نحتاج أحيانًا لتكبير الصورة، وقد يؤدي هذا للحصول على صورة ضبابية غير واضحة تضيع فيها المعالم.
وكذلك هي الحال في الصور التي يلتقطها القمر الصناعي، وأنه بسبب ذلك استطاعوا أن يطوروا آلية تحافظ على دقة وضوح الصور حتى بعد تكبيرها، وهذا لا يقتصر على صور الأقمار الصناعية فقط، بل يمكن الاستفادة من هذا التطبيق في مجالات أخرى تعتمد على الصور، كالرادارات وأجهزة الأشعة السينية، التي يستخدمها الأطباء للكشف عن الأسنان والعظام والكسور وتحديد مواقع الأجسام الصلبة في الجسم، مثل الرصاص في حالة الإصابة وغيرها.
مؤسسات كثيرة
وأفاد المنصوري أن الكثير من المؤسسات الحكومية والتعليمية تستخدم “تطبيق رصد التغيرات”، الذي يعد أحد أهم التطبيقات التي توفر معلومات تحليلية ودقيقة، إذ يرصد هذا التطبيق التغيرات التي طرأت على موقع معين خلال فترة زمنية محددة. والجدير بالذكر أن هذا التطبيق يوفر على الجهات المعنية الكثير من الوقت والجهد في إرسال فرق المسح الميداني للدراسة والتقصي، مشيرًا إلى أنهم يقومون بإعداد مجسمات ثلاثية الأبعاد تظهر فيها تضاريس وطبوغرافية المنطقة المراد دراستها من خلال الدمج بين صور الأقمار الصناعية ثنائية الأبعاد ومعلومات عن ارتفاعات المنطقة، ما يعني إضافة البعد الثالث للصورة، ويجعلها صورة حية مصغرة وطبق الأصل عن المنطقة المراد دراستها.
ويمكن الاستفادة من هذا التطبيق في تدريس العلوم في المدارس والجامعات، حيث يمكن للطلبة رؤية صور مجسمة لتضاريس طبيعية، وتعد هذه التقنية الأكثر تطورًا في مجال رسم الخرائط الجغرافية.
وشرح المنصوري أنهم طوروا كذلك خلال السنوات الماضية “تطبيقًا بيئيًا” يُعنى بدراسة حالة الغطاء النباتي، من خلال استخدام تقنيات هندسية تعتمد على طيف الأشعة تحت الحمراء القريبة، التي تتراوح ما بين 770 - 890 نانومتر في صور دبي سات 2، حيث يوفر هذا التطبيق معلومات عن طبيعة حالة النبات، فضلًا عن أنه يساعد في الكشف المبكر عن الآفات التي تتعرض لها المزروعات للتقليل من الخسائر، إضافة إلى تطبيق “صفي” بالشراكة مع “ديموس سبيس”، وهي شركة تصنيع أقمار صناعية، حيث استغرق تطويره قرابة عام، فيما موّلت وكالة الفضاء البريطانية هذا المشروع.
وتكمن أهمية هذا التطبيق في أنه يربط المتعاملين بواجهة مستخدم ذكية، يستطيعون من خلالها استخراج السمات المختلفة من صور دبي سات 2، مثل الغطاءين النباتي والمائي، إلى جانب شبكات الطرق والمواصلات والمباني، كما يساعد في كشف التغيرات، ما يجعل منه أداة تحليلية ذكية توفر الوقت والجهد على فرق التحليل الميداني.
سواحل الإمارات
وأفاد رئيس قسم تطوير التطبيقات أن هناك، أيضًا، تطبيقًا ذا طابع بيئي يهدف لتحديد خط الساحل ودراسته وتحليله ضمن إطار زمني، لرصد التغيرات التي تطرأ على الساحل من انحسار أو امتداد قد يؤثر على طبيعة البيئة الساحلية والبنية التحتية لها.
تصميم
لعبت الإمارات دورًا استراتيجيًا في تصميم وصناعة أقمار صناعية للاستشعار عن بعد، متمثلة في القمرين الصناعيين “دبي سات 1 و2”، حيث تم تصنيعهما من قبل مهندسين إماراتيين في مركز محمد بن راشد للفضاء.”
أرسل تعليقك