أبو ظبي ـ سعيد المهيري
دعا الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة - أبوظبي إلى توجيه الابتكار نحو البحث عن حلول إبداعية لترشيد الاستهلاك وزيادة كفاءة استخدام الموارد وتشجيع أنماط الإنتاج المستدامة من أجل الحفاظ على كوكب الأرض وإنجاز خطط التنمية الشاملة وخفض التكاليف الاقتصادية والبيئية والاجتماعية مستقبلا.
وأكد - في كلمته بمناسبة يوم البيئة الوطني الـ 21 الذي يأتي للعام الثاني على التوالي تحت شعار "الإنتاج والاستهلاك المستدامين" - على أهمية استمرار وتحقيق الانسجام التام بين التنمية الاقتصادية
والاجتماعية وإدارة الموارد الطبيعية المتوفرة بشكل أفضل دون تجاوز حدود الاستدامة، مشيرا إلى أنه وفي ظل التغيرات والمشاكل البيئية السائدة على مستوى العالم لا يمكن أن تستمر التنمية الاقتصادية التي تهتم بدرجة كبيرة بزيادة كميات الإنتاج إلى مالا نهاية في كوكب إمكاناته محدودة من دون التفكير بحاجات الأجيال المقبلة.
وأشار إلى الطفرة التي شهدتها الدولة في مختلف القطاعات والزيادة السكانية، والتي صاحبتها زيادة في الطلب على الموارد الطبيعية مثل المياه والتربة والوقود والمعادن والموائل الأساسية والحياة البرية وعلى المواد الاستهلاكية واستخدام التكنولوجيا، والتي أثرت سلبا على بيئتنا الطبيعية الهشة وأدت إلى زيادة التلوث الناجم عن الانبعاثات والنفايات الصلبة والسائلة.
وذكر الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان انه وفقا لتقرير حالة البيئة في إمارة أبوظبي الذي أصدرته الهيئة في نهاية عام 2017 شهدت إمارة أبوظبي زيادة سريعة في عدد السكان بعد بدء تصدير النفط في عام 1962، ففي ذلك العام كان عدد السكان المسجل هو 28274 نسمة وفي منتصف عام 2015 وصل عدد سكان إمارة أبوظبي إلى ما يقرب من 2.8 مليون نسمة مما أدى إلى زيادة الاستهلاك وأثر على استخدام الطعام والمواد والأراضي والمياه والطاقة ووسائل النقل ومجموعة كبيرة من الخدمات البيئية الأخرى.
وأشار إلى أنه وفي عام 2006 صنف تقرير الكوكب الحي للصندوق العالمي للطبيعة المستند إلى بيانات عام 2003 دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها ذات أعلى بصمة بيئية على مستوى العالم من خلال تسجيل 11.9 هكتار عالمي للفرد وكانت من أقل الدول من حيث القدرات البيولوجية على مستوى العالم بمقدار 0.8 هكتار عالمي للفرد.
وأضاف " حتى يتسنى لنا مواجهة هذا التحدي أطلقت حكومة الإمارات مبادرة "البصمة البيئية" لمراقبة أنماط الاستهلاك على نحو أفضل وفهم البصمة البيئية للدولة وقد حددت المبادرة - التي تم تطويرها بالشراكة بين وزارة التغير المناخي والبيئة وهيئة البيئة - أبوظبي ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئية وجمعية الإمارات للحياة الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة وشبكة البصمة البيئية العالمية - القطاعات الرئيسة المحركة للبصمة البيئية لدولة الإمارات، وتبين أن الأجهزة المنزلية هي أكبر العوامل المساهمة في البصمة البيئية للدولة حيث تسهم بنسبة 57 في المائة من البصمة البيئية ويأتي بعدها قطاع الأعمال/ الصناعة والقطاع الحكومي حيث يسهمان بنسبة 30 في المائة و12 في المائة على التوالي مما يشير إلى مساهمة الفرد في البصمة البيئية المرتفعة لدولة الإمارات.
وأشار إلى أن القائمين على مبادرة "البصمة البيئية" توصلوا إلى أن البصمة الكربونية هي أكبر المكونات حيث تمثل 80 بالمائة من البصمة البيئية ونظراً لمناخ دولة الإمارات الحار والجاف تحتاج الدولة إلى كميات هائلة من الطاقة من أجل التبريد وتحلية مياه البحر لتوفير المياه للاستهلاك المنزلي.
وقال "إذا كانت أكثر من 80 بالمائة من البصمة البيئية في دولة الإمارات كربونية، فينبغي أن تركز السياسات العامة على ترشيد الاستهلاك وتقليل كمية الطاقة اللازمة لأنشطة مثل التبريد وتحلية مياه البحر من أجل توفير إمدادات المياه ووسائل النقل. وأكد الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان على أن الحد من هذه الضغوط استدعى إجراء بعض التغييرات على الأنماط المعيشية واختيار التكنولوجيا المناسبة ووضع السياسات العامة للتحول من مجتمع استهلاكي إلى مجتمع مبتكر، مشيرا إلى أن خطة أبوظبي الخمسية الطموحة التي أطلقتها حكومة أبوظبي أخيرا، وتشارك في تنفيذها جميع الجهات الحكومية بهدف تحقيق رؤية أبوظبي تهدف إلى الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع وبناء اقتصاد عالمي متنوع أكثر استدامة وانفتاحاً وتمثل مظلة للسياسات التي تعالج التحديات التي ستؤثر تأثيراً كبيراً على البيئة.
وبين أن إمارة أبوظبي ضخت من خلال عدد من الجهات المختلفة استثمارات مالية مهمة لتبَنّي الابتكارات التقنية من أجل تحسين منسوب المياه الجوفية بما في ذلك مشروع التخزين الاستراتيجي للمياه العذبة الذي تم الإعلان عن الانتهاء من تنفيذه مؤخراً ويضمن توفير مخزون استراتيجي من المياه الذي يضم حالياً أكثر من 26 مليون متر مكعب من المياه أي ما يعادل 5.6 مليار جالون ما يمكن له أن يدعم إمدادات مياه الشرب عند الحاجة وكذلك استخدام وحدات تحلية المياه العاملة بالطاقة الشمسية لإنتاج مياه أعلى جودة من المياه الجوفية قليلة الملوحة والمياه الجوفية المالحة مما يعزز من توفير المياه لري المحاصيل، كما وضعت سياسات جديدة في قطاع النقل للحد من الانبعاثات من خلال الخطط الشاملة والمناطق منخفضة الانبعاثات ومعايير كفاءة المركبات.
وشدد على أهمية التعليم الذي يلعب دوراً مهماً في التقدم والتحرك نحو النمو الاقتصادي الشامل والمستدام بيئياً، مشيراً إلى أن التعليم ضروري لاستدامة الإنتاج والاستهلاك وتوفير المهارات الصديقة للبيئة للصناعات الصديقة للبيئة وتوجيه البحث والتعليم العالي نحو الابتكار الصديق للبيئة.
وذكَّر الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان بأن إمارة أبوظبي بدأت بتعديل وتطوير المناهج الدراسية في المدارس لتحسين مستوى تدريس العلوم والتدريب، بما في ذلك مجال التغير المناخي، كما اهتمت بالتخطيط لبناء مستقبل مستدام يرتكز على المعرفة بالاعتماد على شبابها الذي يشكل النواة الحقيقية والعنصر الأهم في عملية التطوير والبناء التي تشهدها الإمارة في جميع مرافقها.
وأكد على أهمية دور الشباب والعمل على تهيئة البيئة المناسبة لتمكينهم وتأهيلهم لأخذ دورهم الحقيقي في بناء مستقبل دولتهم، مشيرا إلى أنهم الأقدر على معرفة تحدياتهم وإيجاد الحلول المناسبة والفاعلة لها ليكونوا مساهمين فاعلين في مسيرة التنمية المستدامة بدولة الإمارات.
وأشار إلى أنه وبفضل مبادرات وأنشطة الجهات المعنية خلال السنوات الماضية حققت دولة الإمارات تطورًا ملحوظًا في تحسين مستوى الأداء البيئي للفرد والمجتمع على مستوى الدولة كما أسهمت مبادرة البصمة البيئية بدور مهم في خفض معدل البصمة البيئية للفرد في الدولة من نحو 12 هكتاراً عالمياً في عام 2006 إلى 7.9 هكتار عالمي للفرد في عام 2016، إلا أنه لا يزال أمامنا الكثير من العمل للانتقال إلى أنماط استهلاكية وإنتاجية أكثر استدامة لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الهدف 12 ضمن سلسلة أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، والتي تقر بالدور الأساسي والشامل للاستهلاك والإنتاج المستدامين في التنمية المستدامة.
وقال الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان في ختام كلمته "نحن بحاجة ماسة إلى التعجيل واعتماد ممارسات أفضل للإنتاج والاستهلاك المستدامين، لتحقيق النمو المستدام في مجتمع يتمتع أفراده بحياة يظلها الرخاء وتلبي طموحاتهم، ونضمن تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي في انسجام مع الطبيعة".
أرسل تعليقك