تعتزم هيئة الأوراق المالية والسلع بالتعاون والتنسيق مع الأسواق المالية المحلية، إصدار تنظيم عقود التحوط المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وذلك في إطار تطوير منظومة شاملة لأسواق رأس المال الإسلامي في الإمارات، بحسب الدكتور عبيد سيف الزعابي الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع.
وقال الزعابي، إن خطة الهيئة لتطوير سوق رأس المال الإسلامي تتوزع على خمس سنوات اعتبارًا من عام 2017 تتضمن تطوير نظام عقود التحوط المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، المتوقع صدوره خلال العام 2019، مؤكدًا أن الهيئة تخطط لإدراج عقود تحوط في إطار التنظيم الجديد بعد سن التشريعات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وحول أهم عناصر استراتيجية تطوير سوق رأس المال الإسلامي بالدولة ودور الهيئة فيها، أضاف الزعابي أن استحداث الأنظمة الجديدة وتعديل الأنظمة القائمة حاليًا مع إصدار ضوابط صناديق الاستثمار وتحديث نظام الصكوك بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية تعد من أهم تلك العناصر، لافتًا إلى أن الاستراتيجية تم إطلاقها بالتعاون مع مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي.
وتشمل استراتيجية تطوير سوق رأس المال الإسلامي بالدولة، بحسب الدكتور عبيد الزعابي، العمل على إصدار ملحق لنظام الإفصاح الحالي وذلك عن الإفصاح الإضافي للمنتجات الإسلامية، وتنظيم الكيان ذي الغرض الخاص SPV، وتنظيم عقود التحوط المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، فضلاً عن تحديث نظام الملاءة المالية بوضع أوزان للمنتجات الإسلامية، مع تحديد المتطلبات الشرعية لتقييم الأصول المتوافقة مع الشريعة، ووضع الحد الأدنى من المعايير ومتطلبات الإفصاح في نشرة الإصدار، مثل تقييم الأصول واستخدامات الأموال والتخصيص وغيرها.
وأضاف الرئيس التنفيذي أن الهيئة وضعت ضمن خططها لتطوير الاستراتيجية المزمع إطلاقها لتطوير سوق رأس المال الإسلامي، إصدار وثيقة ضوابط للصناعة تشجع الابتكار في مجالات السوق المالية الإسلامية شبيهة بوثيقة التكنولوجيا المالية FinTech، وتطوير نظم الحوكمة، إلى جانب إصدار نظام حوكمة اللجان الشرعية في المؤسسات المالية بالأسواق، مع اعتماد وتأهيل أعضاء لجان الرقابة الشرعية.
وقال الزعابي إن الهيئة بدأت في وضع متطلبات لاعتماد أعضاء اللجان الشرعية ومؤهلات العاملين في المنتجات والخدمات الإسلامية لدى شركات الأوراق المالية التي تقدم خدمات إسلامية، من خلال تطوير نظم الاختبارات المتخصصة لأعضاء اللجان وتنظيم اختبارات بمركز التدريب بالهيئة، وتضمين برامج التعليم المهني المستمر CPD متطلبات تتعلق بحضور مؤتمرات أو ورش عمل في مجال التمويل الإسلامي بقصد نشر الوعي وتنميته لدى العاملين في شركات الأوراق المالية.
وتشمل هذه المتطلبات التوقيع على مذكرات تفاهم مع وزارة التعليم العالي والجامعات لإطلاق برامج تمويل إسلامي متخصصة، وإطلاق برامج توعية وتدريب، وإعداد برنامج توعية متكامل حول السوق المالي الإسلامي لتعريف جمهور المستثمرين والمهتمين بالمنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة ومخاطرها، مؤكدًا أن الهيئة ستطلق برامج تدريب لموظفي الهيئة على المعايير الشرعية، والتدريب على مبادئ هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية المحاسبية وتبنيها في الإفصاح المالي للشركات المتوافقة مع الشريعة وللمحاسبة في الاستثمار في الأوراق والمنتجات الإسلامية.
وأشار الزعابي إلى أنه يجري حاليًا مخاطبة المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية "ايوسكو" للاعتراف الصريح بالأوراق المالية الإسلامية، فضلاً عن التنسيق مع مجلس معايير المحاسبة المالية ومنظمة الخدمات والمساعدات الدولية، لتبني معايير المحاسبة الإسلامية، إلى جانب بحث إمكانية معادلتها مع الجهات المناظرة للمنتجات والخدمات الإسلامية.
وحول دور الأسواق الأوراق المالية في دعم وإطلاق استراتيجية تطوير سوق رأس المال الإسلامي بالدولة، أوضح الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع أنه يتم بالتعاون مع الأسواق المالية المحلية وضع نظام لإدراج وتداول الأوراق المالية وعقود التحوط المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مع إجراء تمييز للأوراق المالية الإسلامية.
وأوضح الزعابي أن الهيئة تعكف بالتنسيق مع الأسواق على تحديث أنظمة التداول والتقاص والتسوية فيما يتعلق بالتعامل مع المنتجات الإسلامية، منوهاً في هذا الصدد إلى تطوير مؤشرات استثمارية للأوراق المالية الإسلامية، بما يتضمنه ذلك من تطوير التكنولوجيات، تسويق المنتجات المالية، خلق الزخم والسيولة.
وفيما يتعلق بجهود الهيئة بالتعاون مع الأسواق لمواجهة التحديات التي تواجه سوق التمويل الإسلامي، والحلول المقترحة للتحديات القانونية والإجرائية والمرتبطة بالصناعة المالية الإسلامية، أكد الدكتور عبيد الزعابي أن خطط الهيئة لمواجهة تحديات التمويل الإسلامي والتي تشملها استراتيجية تطوير رأس المالي تهدف إلى وضع أسس شاملة من ممكنات قانونية وأنظمة وخطط تشغيلية وتنفيذية وموازنات وخطط تدريب وتوعية لإنشاء سوق رأسمال إسلامي يوفر منتجات وخدمات وآليات سوق تتوافق مع الشريعة الإسلامية وتوفر خليطا من العائد والمخاطر يعمل على جذب الاستثمارات ويسهم في تطوير قطاع الأوراق المالية وزيادة نمو الناتج القومي والاقتصاد الوطني في الدولة.
وقال تأتي هذه الخطة الاستراتيجية كجزء من استراتيجية مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي لتطوير قطاع التمويل الإسلامي في دبي خاصة والدولة عموما وتحقيقا لمبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بجعل دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي في العالم، لافتًا إلى أهمية عمل جميع الجهات المعنية بالتعاون مع بعضها البعض للتطرق للتحديات القائمة ومعالجتها.
وأضاف الرئيس التنفيذي أن وضع متطلبات لاعتماد أعضاء اللجان الشرعية ومؤهلات العاملين في المنتجات والخدمات الإسلامية Fit & Proper لدى شركات الأوراق المالية التي تقدم خدمات إسلامية، ستكون من الحلول الواقعية والسريعة لأحد التحديات القائمة بحيث يتم التثبت من أن العاملين بلجان الرقابة الشرعية معتمدون وفق مؤهلات علمية وخبرة عملية.
وفيما يتعلق بدور منظومة الاقتصاد الإسلامي في تعزيز قدرة الأسواق المالية بالدولة على جذب المزيد من المستثمرين المحليين والأجانب للاكتتاب في المنتجات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، قال الزعابي إن النظام المالي الإسلامي يعتبر جزءا من الاقتصاد الإسلامي القائم على نشاطات اقتصادية حقيقية تعمل على توزيع المصادر والإنتاج وتداول المنتجات والخدمات الضرورية وتوزيع الثروة بشكل عادل ومفيد اجتماعيا، مؤكدًا أن التمويل الإسلامي قادر على توفير كل ما يقوم به التمويل التقليدي ولكن بفاعلية أكبر وبعدالة وتوزيع أمثل للموارد بين الناس من استثمار واستهلاك.
وأكّد الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع أن مبادئ التمويل الإسلامي تقوم على البيع لمنتجات حلال فقط وبتحريم الربا والغرر (الجهالة مثل القمار) وتستخدم في سبيل ذلك عقود المضاربة والمرابحة والمشاركة وبيوع السلم والإجارة، لافتاً بأنه ووفقا لأحكام الشريعة الإسلامية يمكن استخدام التمويل كأداة تعاقدية للمشاركة في مخاطر مشاريع إنتاجية حقيقية ذات قيمة اقتصادية مضافة باستخدام ممارسات قائمة على أعلى معايير النزاهة والشفافية والفاعلية والعدالة الاجتماعية.
وأضاف الزعابي أن الإحصاءات الدولية المختلفة كشفت معدلات النمو المتزايدة لقطاع التمويل الإسلامي من خلال الصيرفة الإسلامية والتأمين التكافلي وكذلك السوق المالي الإسلامي المتكامل من أوراق مالية لتمويل المشروعات (مثل العقود والصناديق والصكوك وأسهم الشركات والمؤشرات القياسية (DJIMI))، فضلاً عن الخدمات الاستثمارية المتوافقة مع المبادئ الشرعية، والأسواق التي تمكن من تداول هذه المنتجات. وقال "لا يقتصر طلب المنتجات المتوافقة مع الشريعة على المسلمين بل يمتد لغيرهم لعدة أسباب منها قيام هذه المنتجات على نشاط اقتصادي حقيقي، اعتمادها على أصول مهنية وأخلاقية عالية وتوفيرها خليطا فريدا من المخاطر والعائد يختلف عمّا تقدمه المنتجات التقليدية".
وتوقع الدكتور عبيد سيف الزعابي الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع زيادة الإدراجات من الأوراق المالية وعقود المشتقات والصكوك الإسلامية، بعد إصدار الهيئة بالتعاون مع الأسواق المالية المحلية أنظمة وقواعد التمويل الإسلامي وذلك أثناء تنفيذ الاستراتيجية التي تستمر لنحو خمس سنوات مقبلة. وقال الزعابي إن الأسواق المالية المحلية توفر حالياً أسهما متوافقة مع الشريعة الإسلامية، كما أن سوق دبي المالي يعتبر سوقا ماليا إسلاميا ولدية لجنة رقابة شرعية، مؤكدًا أن الهيئة قامت بمنح موافقات على عقود ذهب فورية متوافقة مع الشريعة الإسلامية مدرجة في بورصة دبي للذهب والسلع.
وكشف تقرير صادر عن وكالة إس آند بي غلوبال للتصنيفات الائتمانية، عن نمو إصدار الصكوك على المستوى العالمي خلال العام 2017 بنسبة 45.3% لتصل قيمتها إلى 97.9 مليار دولار مقارنة مع 67.4 مليار دولار في عام 2016، وذلك بدعم رئيس من الإصدارات الكبيرة لبعض دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال التقرير إن إمارة دبي شهدت إصدار 40 إدراجًا للصكوك، منذ إطلاق مبادرة "دبي مركز عالمي للصكوك" وحتى منتصف العام، وتوزعت بين 39 إدراجًا في ناسداك دبي، وإدراج واحد في سوق دبي المالي.
أما مركز الكويت المالي، فقد كشف في تقرير له أن مجموع إصدارات السندات والصكوك معا للمصدريين من دولة الإمارات بلغ 120 مليار درهم خلال العام 2017 وذلك بارتفاع نسبته 35% مقارنة بقيمة 89.4 مليار درهم خلال العام السابق، مؤكداً أن إصدارات دولة الإمارات من السندات والصكوك تشكل ما نسبته 31.1% من إجمالي حجم الإصدارات التي تمت في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي.
أرسل تعليقك