أنور قرقاش يؤكّد أن أزمة قطر لم تأت من فراغ
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

أنور قرقاش يؤكّد أن "أزمة قطر" لم تأت من فراغ

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - أنور قرقاش يؤكّد أن "أزمة قطر" لم تأت من فراغ

الدكتور أنور بن محمد قرقاش
أبوظبي-صوت الامارات

 استبعد الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الإمارات للشؤون الخارجية انفراج لما يسمى "أزمة قطر"، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة لم تأت من فراغ بل كانت نتيجة طبيعية للسياسات القطرية التي ضخّمت من حجمها ودورها في المنطقة.

وجاء ذلك في مقال نشر له في "الحياة"، وكان نصه "تمر الذكرى الأولى لما تعارف العالم على تسميته "أزمة قطر" ولا يبدو أنها مرشّحة للانفراج، بل لعلها تبدو كمكوّن علينا أن نعايشه ونعتاد عليه في المشهد الخليجي، وسط الضجيج الإعلامي الصاخب بين قطر والدول الأربع التي عبّرت بوضوح عن هواجسها من السياسات القطرية التي أربكت الملفات الخليجية والإقليمية، فيما تشعر قطر بعزلتها في محيطها وبتناقص دورها وتقويض أحلامها."

وأضاف "لا بد لنا من التذكير بأن هذه الأزمة لم تأت من فراغ ولم تصدمنا من حيث لا نعلم، بل كانت نتيجة طبيعية للسياسات القطرية التي ضخّمت من حجمها ودورها في المنطقة، وبيّنت توجهاً انتهازياً لا يميزه الوفاء أو حتى مفهوم المصلحة القطرية والخليجية".

وتابع "منذ البدايات شهدت العلاقات القطرية مع دول خليجية وعربية العديد من الأزمات الصغيرة والمتوسطة، وكان من الطبيعي أن يؤدي ذلك إلى أزمة 2013 و2014 والتي تم على أثرها التوصل إلى اتفاق لم يحترمه الأمير الجديد، على رغم تأكيداته على الالتزام في حضرة قادة دول الخليج في الرياض. ولا شك في أن هذه الرواسب التي تراكمت تدريجاً منذ انقلاب عام 1995 ساهمت بشكل كبير في انعدام الثقة بالدوحة والتزاماتها، وهذا الجانب مكون أساسي في معرفة توجهات الدول الأربع تجاه سياسة قطر الخارجية، حيث تبنت الدوحة منذ العام 1995 مشروعاً لا يتناسب مع حجمها (الجيوسياسي) وسعت منذ البداية لتحقيق طموحها باستخدام إمكاناتها المادية الهائلة في مجموعة من الشراكات الانتهازية التي شملت النقيض والنقيض، من "حزب الله" إلى الرئيس السوري إلى القائد الليبي السابق وصولاً إلى الإخوان المسلمين، وعبر هذه الشراكات سعت الدوحة إلى تعزيز وجودها الإقليمي عبر استضافتها القاعدة الأميركية وعبر مشروع قناة الجزيرة".

وبدأت قطر على استحياء باللعب على التناقضات، فمبادرات السياسة القطرية الخارجية انصبت على الوساطات، وهو توجه تقليدي في العلاقات الدولية للدول الصغيرة، وبعد ذلك انتقلت إلى البحث عن دور متضخمٍ، دور لا تسنده مصالح اقتصادية أو قوى عسكرية أو قاعدة صناعية، فالمشروع منذ بداياته هو حلم يقظة فردي سُخّرت له الإمكانات وبُنيت له الشبكات ودُفعت في سبيله الأموال لإنجاحه، لكنه تميّز بانتهازية رهيبة ورأينا ذلك من خلال التطبيع مع إسرائيل بهدف بناء جسور مع الغرب تدعم هذا المشروع، ويبقى أولاً أن هذه الطموحات السياسية المكلفة وعالية السقف من الصعب أن تعبّر عن المصالح الحقيقية لدولة وراثية خليجية محافظة، بل هي طموح مكلفٌ لحاكم يهوى السياسة ويريد أن ينغمس فيها، ومع هذا لا اعتراض إن كان هذا المشروع لا يؤثر في استقرار المنطقة ولا يتناول سلباً أمن الجيران وأمانهم، وهنا بيت القصيد، فالسيادة والسياسة الخارجية المستقلة عُرْف من أعراف مجلس التعاون الخليجي، ولم يكن هناك يوماً اعتراضٌ على سياسة هذه الدولة الخليجية أو تلك، ولكن، حين تبين أن المشروع الفردي الذي تبنته قطر يعمل ضد أمن المنطقة واستقرار دولها، كان لا بد من المصارحة والمواجهة.

واليوم بعد مرور عام على إجراءات المقاطعة نجد أن جوهر الخلاف بقي كما هو، فقطر ما زالت داعمة للتطرف والإرهاب وتتبنى العديد من هذه المشاريع الإرهابية في العالم العربي، والشواهد على ذلك كثيرة، من ضمنها دور قطر في ليبيا ودعمها جماعة الإخوان المسلمين إضافة إلى دعمها جماعات عدة مرتبطة بـ "القاعدة" في العراق وسورية وليبيا. وعلى رغم أن قطر (بعد أزمتها) وقّعت مجموعة من الالتزامات مع واشنطن إلا أن الشواهد الأولى تدل إلى عدم الالتزام. ولا يخفى في هذا السياق أن قائمة الإرهاب القطرية التي تم نشرها بعد ضغط أميركي مجتزأة من قائمة الدول الأربع ضد قطر والأدلة الأخرى عديدة.

والعامل الثاني هو أن استمرار تدخّل قطر لزعزعة أمن واستقرار الدول الأربع وغيرها من الدول واضح للعيان، ولعل الشريط الشهير لأمير قطر السابق ووزير خارجيته وهو يتآمر على السعودية وملكها مع القذافي هو من أبرز علامات السقوط المدوي سياسياً. بالإضافة إلى ذلك شهدت أروقة مجلس التعاون الخليجي نقاشات عدة حول التدخّل القطري لتقويض أمن البحرين بأسلوب ممنهج وموثق، ولا نزيد على ذلك تدخّلها في سبيل زعزعة الاستقرار المصري والإماراتي. والغريب في تعامل الدوحة مع هذه الأزمة ومع أربع دول خليجية وعربية رئيسية- وبعيداً من المكاشفة والمراجعة باعتبارهما من الأخطاء التي لا بد من تحاشيها- رأينا مكابرة عجيبة وغياباً كاملاً للحكمة وذلك لحماية مشروع الفرد الذي وَجّه قطر منذ عام 1995. وفي غياب المراجعة الحريصة على العلاقة مع الجيران والمحيط رأينا الدوحة تكيل الاتهامات وترفع شعار السيادة وتصرخ بالمظلومية، ورأينا انتقال وزرائها حول العالم للترويج لقضية خاسرة، وكأن الأمر يتعلق بمعركة علاقات عامة يكسبها من يصرخ أكثر، وقد استفادت دول عدة من هذا الحلم القطري فوثّقت العقود المجزية مدركة أن الفرصة سانحة لمثل هذا المكسب.

كما اتضح أن القراءة القطرية بالتصادم والمكابرة اعتمدت على رؤية مشوهة حول كيفية إدارة العلاقات الدولية، والآن وقد تبخر الأمل بالتدخل الغربي في هذه المسألة الخليجية، واتضح كم كان غافلاً وشارداً ذهن الديبلوماسية القطرية في تحركاتها لفك أزمتها الحقيقية، فإن حل هذه الأزمة يكمن في مراجعة قطر لذاتها وتراجعها عن دعمها التطرف والإرهاب وتقويضها أمن جيرانها في المنطقة، وهو أمر سهل الوصول إليه وشرطه الصراحة مع النفس ومع الآخر.

اليوم وقد مَرّ عام على أزمة قطر ندرك أن العوامل الأساسية التي أدت إليها ما زالت تراوح مكانها فلا يمكن حل هذه الأزمة من دون معالجة دعم قطر التطرف والإرهاب، ولا يمكن حلها من دون التراجع عن الإضرار بالغير، لكن الحل- ومن واقع التجربة- يتطلب الضمانات، لأن الثقة في القيادة القطرية معدومة، خصوصاً في ظل تجربة 2013 و 2014، وفي ظل المكابرة والتضليل اللذين ميّزا إدارة قطر أزمتها خلال العام الماضي.

ومع استمرار أزمة قطر نرى أمامنا تضاريس جديدة للعلاقات في المنطقة، فدور الدوحة تَهَمّشَ نتيجة سوء اختياراتها، ولن يُسعفه تخريب هنا أو رشوة هناك أو تغطية إعلامية مبالغ فيها، كما أن الاستحقاقات الدولية والإقليمية المقبلة ستمنع عنها بعض الشراكات التي تسعى إليها، وستستمر الدوحة للعام الثاني من أزمتها محاولةً إحياءَ الاهتمام الدولي بعزلتها وسيكون ذلك أمراً أكثر صعوبة، فمع غياب الحكمة ستراوح الدوحة مكانها من دون تغيير في المشهد، أو في الضغط الذي تتعرض له، أما الدول الأربع فقد نسجت علاقات دولية لا تشمل جارتها الصغيرة، تديرها من دون حضورها المرتبك، ولم يبق من دورٍ لقطر سوى صدى إعلامي يفقد صدقيته ويخفتُ درجةً درجة. وعليه فإن الدول الأربع اليوم أمامها العديد من الخيارات بالتعامل مع المشهد الإقليمي وفي ترتيب تحالفها لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة والتصدي للتطرف والإرهاب، من دون أن تؤثر هذه الأزمة في قوة حضورها إقليمياً وعربياً ودولياً.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنور قرقاش يؤكّد أن أزمة قطر لم تأت من فراغ أنور قرقاش يؤكّد أن أزمة قطر لم تأت من فراغ



GMT 14:42 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيخ خليفة يمنح سفير فانواتو "وسام الاستقلال "

GMT 14:38 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوان ولي عهد أبوظبي يحيي "يوم الشهيد" الخميس

GMT 14:34 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد بن سعود يؤكد " يوم الشهيد" يعكس أبهى صور الوحدة الوطنية

GMT 14:31 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد بن راشد يتسلم رسالة إلى خليفة من الملك سلمان

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates