عقد رئيسا اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي الاجتماع الأول في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية برئاسة محمد بن عبدالله القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل من الجانب الإماراتي، ومحمد بن مزيد التويجري، وزير الاقتصاد والتخطيط من الجانب السعودي، وذلك لمتابعة سير العمل على تنفيذ المشاريع الاستراتيجية المشتركة ضمن "استراتيجية العزم"، وبحث مستجدات التعاون بين الطرفين بما يحقق تطلعات القيادتين ويخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
يأتي اجتماع رئيسي اللجنة التنفيذية في أعقاب انعقاد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي بجدة في يونيو/حزيران الماضي، برئاسة الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والذي تم خلاله الإعلان عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصاديا وتنمويا وعسكريا عبر 44 مشروعا استراتيجيا مشتركا، وذلك من خلال "استراتيجية العزم" التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية، وخلال 12 شهرا، ومن خلال 3 محاور رئيسية هي المحور الاقتصادي، والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والأمني والعسكري.
وتم تشكيل اللجنة التنفيذية للمجلس لضمان التنفيذ الفعال لفرص التعاون والشراكة بين البلدين، ووضع آلية واضحة لقياس الأداء بما يكفل استدامة الخطط ونجاح المبادرات، وصولا لتكثيف التعاون الثنائي في المواضيع ذات الأولوية، والوقوف على سير العمل في المبادرات والمشاريع المشتركة.
وأكد محمد بن عبدالله القرقاوي أن دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية تشكلان نموذجا للتكامل والانسجام التام وتطابق الرؤى في المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وهما تخطوان خطوات استراتيجية مهمة بأبعاد أكثر عمقا وقوة، تهدف لإسعاد مواطنيهما ورفاهيتهم، مضيفًا أن الإمارات والسعودية تجمعهما علاقات استراتيجية تستند إلى أسس راسخة من الأخوة والرؤى والمواقف والتوجهات المتكاملة، تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مؤكداً أن الاجتماع الأول لرئيسي اللجنة التنفيذية اليوم (أمس) تحت مظلة المجلس هو استكمال لهذه الجهود والعلاقات الأخوية والقوية بين البلدين.
وأضاف: "حريصون من خلال اللجنة التنفيذية للمجلس على تحقيق الاستفادة القصوى من الفرص والإمكانيات للتعاون بين البلدين، ووضع إطار عام لتكامل الجهود بين فرق العمل في تنفيذ المشاريع، لدينا اليوم أكثر من 175 مبادرة ومشروعًا سترسم واقعًا جديدًا للمنطقة ومرحلة جديدة من العمل المثمر".
وشهد الاجتماع الأول لرئيسي اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي تشكيل ثلاث لجان تكاملية بين الجانبين تعنى بالمحاور الثلاثة: المحور الاقتصادي، والمحور البشري والمعرفي، والمحور السياسي والعسكري والأمني، حيث ستعمل هذه اللجنة على تكثيف التعاون بين البلدين ضمن هذه المحاور، وضمان تنفيذ المشاريع المشتركة ضمن "استراتيجية العزم" في كل محور، وخلال الفترة الزمنية المرصودة.
يذكر أن الشراكة الإماراتية السعودية تتميز بالشمولية، سياسيًا واقتصاديًا، ولها موروث تاريخي وروابط متجذرة بين شعبي البلدين، وهو ما يدفعها إلى المضي قدما نحو آفاق أوسع، ويمثل إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي بعداً استراتيجيًا في الطريقة التي تسعى بها الدولتان لمعالجة التحديات، والاعتماد على مصادر القوة في البلدين، حيث يمثل حجم اقتصاد البلدين ما قيمته تريليون دولار (الأكبر في الشرق الأوسط)، وصادراتهما تجعلهما ضمن أهم الصادرات العشرة عالميا، بقيمة تقترب من 700 مليار دولار، فيما يبلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين ما قيمته 24 مليار دولار، في حين بلغ حجم الواردات ما يقارب 550 مليار دولار.
وكان الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في يونيو/حزيران الماضي قد شهد الإعلان عن تنفيذ مشاريع استراتيجية مشتركة تهدف لبناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين، وبما يدعم مسيرة التعاون الخليجي المشترك، ويساهم في نفس الوقت في حماية المكتسبات وحماية المصالح وخلق فرص جديدة أمام الشعبين الشقيقين، حيث تضم المشاريع المشتركة استراتيجية موحدة للأمن الغذائي، وخطة موحدة للمخزون الطبي، ومنظومة أمن إمدادات مشتركة، واستثمار مشترك في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات.
كما تضم استراتيجية العزم خطة لإنشاء شركة للاستثمار الزراعي برأس مال 5 مليارات درهم، وصندوق استثماري مشترك للطاقة المتجددة، وصندوق ثالث للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وستعمل الاستراتيجية أيضا على تسهيل انسياب الحركة في المنافذ، وبناء قاعدة بيانات صناعية موحدة، وتمكين القطاع المصرفي في البلدين، ومواءمة للإجراءات والتشريعات الاقتصادية بين البلدين ومجلس مشترك لتنسيق الاستثمارات الخارجية.
وتضم مجالات التعاون التي حددتها استراتيجية العزم أيضا تعاونا وتكاملا في المجال الأمني والعسكري، وتنسيق المساعدات العسكرية الخارجية، وتوحيد المواصفات في قطاع الصناعات العسكرية.
كما سيعمل الجانبان أيضا خلال الفترة القادمة على تفعيل الصناعات التحويلية ذات القيمة المشتركة، وتنفيذ مشروع الربط الكهربائي، وإطلاق خدمات وحلول إسكانية وتمويلية مشتركة بين البلدين وإنشاء مركز مشترك لتطوير تقنيات تحلية المياه، وتعاون في إدارة مشاريع البنية التحتية التي تبلغ 150 مليار دولار سنويا، وتعاون في تطوير تقنيات التكنولوجيا المالية الحديثة.
ويمثل مجلس التنسيق السعودي الإماراتي النموذج الأمثل للتعاون الثنائي بين الدول وتفعيل أواصره، حيث تم إنشاء المجلس ضمن اتفاقية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في شهر مايو/أيار 2016، بتوجيهات من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث يأتي إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي بناء على الروابط الدينية والتاريخية والاجتماعية والثقافية بين دولة الإمارات والسعودية، ويهدف إلى التشاور والتنسيق في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك في المجالات
ويضم المجلس فرق عمل مشتركة من مختلف القطاعات والمجالات، والتي ستقوم بعقد سلسلة من اللقاءات والاجتماعات الدورية لتكثيف التعاون الثنائي في المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وتنفيذ المشاريع التي أعلن عنها.
أرسل تعليقك