في ذروة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران قرر لاعب كرة سلة أمريكيي الانضمام لنادي إيراني ضاربا عرض الحائط بالمقاطعة والعقوبات الأمريكية على طهران. حياة هذا اللاعب شكلت مادة خام لفيلم وثائقي من إخراج الألماني تيل شاودر.عندما عُرضت على لاعب كرة السلة الأمريكي من أصل إفريقي كيفين شيبارد فكرة الانضمام لفريق إيراني، لم يحبذ الفكرة تماما ورفضها في البداية رفضا قاطعا، لكنه تراجع عن موقفه وقرر في عام 2008 السفر إلى إيران لقيادة نادي شيراز في الدوري الإيراني الممتاز لكرة السلة.خلال إقامته في إيران تحول كيفين إلى أبرز نجم في الدوري الممتاز لكرة السلة، لكنه اصطدم بواقع وثقافة مختلفين تماما عن العالم الذي تعود على العيش فيه، وأدرك معنى العيش في ثقافة إسلامية. غير أن صداقته مع مجموعة من الشباب والشابات المثقفين خففت عليه جزءا من شعوره بالغربة في إيران، حيث تحول بيته إلى فضاء لنقاشات مفتوحة حول السياسة والحب والجنس في الثقافات المختلفة.حياة كفين شيبارد الجدية ومساره الرياضي الناجح عولجا، بعد مرور أربع سنوات، في فيلم وثائقي بعنوان :" وظيفة في إيران" للمخرج الألماني تيل شاودر. وقد تم عرض هذا الفيلم لأول مرة في منتصف 2012 في مهرجان لوس أنجلس بالولايات المتحدة الأمريكية، وابتداء من 21 فبراير/شباط من العام الجاري سيتم عرضه في دور السينما الألمانية.فكرة إنتاج هذا الفيلم بدأت عندما سمع تيل شاودر، المتزوج من أمريكية من أصول إيرانية، بوجود لاعبي كرة سلة أمريكيين يلعبون في الدوري الإيراني. وعن ذلك يقول المخرج الذي يعشق بدوره لعبة كرة السلة:" عندما سمعت بأن الأمريكيين يمارسون رياضة أمريكية عريقة في إيران تبادر إلى ذهني ما يسمى بدبلوماسية 'البينغ بونغ' التي ترجع لفترة السبعينات" من العقد الماضي. ففي تلك الفترة ساهم لاعبو كرة التنس الأمريكيين والصينيين في التقارب السياسي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية. وهو ما جعل المخرج الألماني يتساءل هل بإمكان لاعبي كرة السلة الأمريكيين أن يساهموا أيضا في خلق جسور التفاهم بين الشعبين الأمريكي والإيراني، لذلك قرر إنتاج فيلم عن لاعبي كرة السلة الأمريكيين في إيران للتقرب أكثر من الواقع الإيراني وتصحيح بعض الأحكام المسبقة.توجه شاودر رفقة زوجته سارة نجومي إلى إيران وبدأ رحلة البحث عن لاعب أمريكي يروي قصته، لكنه واجه صعوبات كبيرة في رحلته الأولى عام 2008، كما يروي: " خمسة أو ستة لاعبين الذين التقيت معهم لم يقبلوا بتصويرهم بسبب المشاكل القانونية التي يتعرضون لها عند رجوعهم إلى الولايات المتحدة، حيث يتهمون بكسر الحصار المفروض على إيران بسبب احترافهم في إيران وحصولهم على أموال من هناك".على امتداد عام كامل لم يعثر المخرج الألماني على لاعب كرة سلة أمريكي لديه الاستعداد للتعاون معه إلى أن تعرف أخيرا، على كيفين شيبارد عن طريق سكايب، ليصبح هذا اللاعب ذو البشرة الداكنة والمزاج المرح نجما لفيلم" وظيفة في إيران".وبسبب عدم حصول تيل شاودر على تأشيرة دخول كصحفي، اضطر للسفر إلى إيران كسائح وبدأ في تصوير فيلمه خفية بواسطة كاميرا وميكروفون صغيرين.أبطال فيلم " وظيفة في إيران"شاودر أعجب كثيرا بشجاعة وقوة شخصية أخصائية العلاج الطبيعي هيلدا وصديقاتها لاليه وإلاهيه اللواتي تعرف عليهن في بيت كيفين. وعن ذلك يقول:" النساء في إيران يتمتعن بإمكانيات هائلة لا يستفاد منها بالكامل، لأنهن مقارنة بالرجال يواجهن تحديات أخرى في الحياة اليومية".فيلم " وظيفة في إيران" تم تصويره على امتداد زيارات عديدة لإيران وأنتج بين أواخر 2008 وبداية 2009 وهو العام الذي شهد تنظيم انتخابات رئاسية مثيرة للجدل في إيران. وفي ظل توتر الوضع السياسي والاحتجاجات الكبيرة التي عرفتها البلاد، كان شاودر يضطر إلى إخفاء بعض أشرطة الفيديو في ملابسه الداخلية عندما كان يغادر إيران أو يرسلها إلى والدته التي تعيش في ألمانيا والتي تقوم بدورها بإرسالها إلى نيويورك حيث يعيش شاودر وزوجته.خلال زيارته الأخيرة قبيل الانتخابات الرئاسية، اكتشف شاودر بأن اسمه مدرج في القائمة السوداء واضطر لقضاء ليلة بمكان شبيه بسجن في مطار طهران قبل أن يُرحل في صباح اليوم التالي إلى خارج البلاد. المخرج الألماني اعتبر نفسه محظوظا بالمقارنة مع صحفيين ومخرجين آخرين حكم عليهم بعقوبة السجن.وعند الانتهاء من تصوير الفيلم في عام 2012 تدهورت الأوضاع كثيرا في إيران لدرجة أن العديد من الإيرانيين غادروا البلاد بمجرد ما سنحت لهم الفرصة، من بينهم ثلاث نساء من أبطال فيلم:" وظيفة في إيران".
أرسل تعليقك