المنارة بين محيطين شعلة وسط ظلام حقبة إعادات الأفلام
آخر تحديث 17:08:00 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

"المنارة بين محيطين" شعلة وسط ظلام حقبة إعادات الأفلام

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "المنارة بين محيطين" شعلة وسط ظلام حقبة إعادات الأفلام

"المنارة بين محيطين" شعلة وسط ظلام حقبة إعادات الأفلام
أبوظبي – صوت الإمارات

من النادر أن تجد فيلماً من هذا النوع في الصالات المحلية! فيلم يبدو كأنه خرج من حقبة التسعينات ووصل إلينا. هذه الأفلام أصبحت نادرة لا نشاهدها سوى مرة كل بضع سنين، بينما الأبطال الخارقون يحتلون صالاتنا بخمسة أفلام على الأقل كل عام. من الجميل جداً أن نشاهد فيلماً عن أبطال حقيقيين غير خارقين.
فيلم The Light Between Oceans أو "المنارة بين محيطين" مقتبس من رواية أم إل ستيدمان بالعنوان نفسه، دراما إنسانية عن القرارات الخاطئة التي نتخذها ونحن نعلم عواقبها وآثارها علينا. تفتتح اللقطة الأولى الفيلم عام 1918، والحرب العالمية الأولى قد وضعت أوزارها، نرى محارباً اسمه توم شيربورن (مايكل فاسبيندر) آثر العمل في وظيفة حارس منارة في جزيرة معزولة على بعد 160 كيلومتراً من ساحل أستراليا الغربي بين المحيطين الهندي والهادئ.
يتعرف توم بفتاة اسمها إيزابيل (السويدية أليسيا فيكاندر) الحائزة أوسكار أفضل ممثلة في حفل جوائز أوسكار هذا العام. ويتبادلان الرسائل قبل أن يقعا في الحب وتطلب هي الزواج منه. يوافق توم ويعيشان حياة هانئة على الجزيرة المعزولة لوحدهما باستثناء وقت قدوم سفينة المؤونة التي تزودهما بأي شيء هما بحاجة إليه. ثم يقرران تأسيس عائلة لكن لا يوفقان وتسقط إيزابيل جنينين وتدفنهما على الجزيرة.
ثم تأتي المعجزة من السماء عندما يصل قارب إلى شاطئ الجزيرة به مشهد يختصر الحياة: رجل ميت، بجانبه طفلة رضيعة حية. ورغم أن توم يعلم أن الحكومة وقوانين الشركة تحتم عليه الإبلاغ عن كل ما يرده إلى الجزيرة وكان على وشك فعل ذلك، إلا أن إيزابيل أثنته عن ذلك ليتخذا من تلك الرضيعة قرة عين لهما ويطلقان عليها اسم لوسي.
تقنع إيزابيل توم بإبلاغ الشركة في ما بعد أنها وضعت حملها وهو هذه الرضيعة، وأن الأمور على ما يرام وهي ليست بحاجة إلى مساعدة طبية. يذهب توم وإيزابيل إلى الكنيسة لتعميد لوسي، وأثناء خروج توم يلمح امرأة تركع عند أحد القبور، يذهب ليرى القبر فيكتشف أنها أرملة الرجل الميت في القارب ووالدة طفلتهما لوسي. يدخل توم في صراع نفسي بين ضميره بالإبلاغ عما حدث أو الانصياع لرغبة زوجته وتحمل منظر الأم الثكلى التي تظن أن طفلتها ميتة.
الأداء القوي هو الذي يحكم هذا الفيلم من أوله إلى آخره، بل هو ما يثير الإعجاب وهو الذي يبث الروح في الفيلم الذي يرفع من قيمة العمل الفني ليكون أكثر من مجرد قصة عادية في سياق تاريخي معين. لو فصلنا الميلودراما عن الفيلم ستظل لدينا مادة قوية مؤثرة عاطفياً وهو أهم عنصر لفيلم من هذا النوع.
فاسبيندر رائع في دور الرجل المنعزل المتعب نفسياً من ويلات الحرب. فيكاندر هي نقيضته تماماً - فتاة اجتماعية معبرة عن حالها أحياناً بطريقة شديدة. الثلث الأول من الفيلم يركز على العلاقة بينهما قبل دخول لوسي، وهنا نرى التفاعل الجميل بينهما وانغماسهما تماماً في دوريهما (الطريف أنهما وقعا في الحب فعلاً أثناء تصوير الفيلم).
بعد دخول لوسي يصبح النص معقداً أكثر وكلا الممثلين يضطر للدخول في تحولات نفسية جذرية قصوى. النصف الثاني من الفيلم يصبح مؤلماً عاطفياً وغنياً بالأسئلة: هل قرار تبني الطفلة هو اختطاف؟ إلى أي حد يجب إظهار قدر من اللين على مجرم محتمل خصوصاً لو كان الأمر يتعلق بحياة طفل؟ ما المؤهلات الواجب توافرها في الوالدين؟ كل هذه الأسئلة يتركها الفيلم بلا إجابات.
ريتشيل ويز في دور هانا التي فقدت زوجها ورضيعتها في البحر قوي هو الآخر وفي أجزاء من الفيلم يكاد أن يكون الأقوى. هل يجب أن نتعاطف معها أم مع إيزابيل المحرومة من الأطفال؟ ما ذنب لوسي عندما تكبر قليلاً، ونعلم أن والدتها الأصلية أسمتها غريس جراء ما يحدث؟
أروع مشهد في الفيلم والأكثر تعبيراً عندما تلتقي هانا مع توم وإيزابيل للمرة الأولى وترى الطفلة معهما، فتنظر هانا في عين طفلتها وتتأملها كأنها تعرفها وتكاد أن ترتجف لكنها تنجح في التماسك، ليس لأنها علمت أنّها طفلتها، لكن لأنها تذكرت أن لديها طفلة ربما مفقودة أو ميتة.
هذه قصة عن الحب والثمن الذي يجب أن ندفعه لو اتخذنا قراراً عاطفياً، هي أيضاً قصة عن الشعور بالذنب والتسامح والافتداء، وكلها حسب سياق الأحداث قرارات صعبة جداً. كل شخصية تتخذ قرارات كارثية بسبب الحب سواء حب شريك الحياة أو حب طفل، وعلى كل شخصية التكيف مع كل قرار وعواقبه.
المفاجأة أن الفيلم مؤثر دون وجود شخصية واحدة شريرة، مجرد شخصيات مخطئة نتيجة قرارات ناجمة عن سوء استشارات لكن نتفهم تلك القرارات. الفيلم يحوي جزئية قوية لا يمكن التغافل عنها وهي فكرة اختيار رجل عزل نفسه في جزيرة لوحده ليحرس منارة، في الوقت نفسه هذه الجزيرة تعتبر بيته، هذه لم تحصل في كل أفلام دراما النجاة (هذا ليس فيلم دراما نجاة، المقارنة لتشابه الموقف فقط)، دائماً الظروف تجبر الشخصيات على الانعزال، لكن هنا لدينا حالة جديدة خصوصاً أن شخصية توم مثالية لهذا الظرف لأنه محارب، ومن المثير للفضول أن نعلم ما الذي رآه في الحرب جعله يتخذ هذا القرار الجريء، هل هو هارب من ماضيه؟ أم يعاقب نفسه جراء شيء فعله في الحرب؟ كلها أسئلة تستحق الاستكشاف.
هذا الفيلم عميق جداً ومبكٍ، ومن الصعب أن يشاهده شخص دون أن ينفطر قلبه.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المنارة بين محيطين شعلة وسط ظلام حقبة إعادات الأفلام المنارة بين محيطين شعلة وسط ظلام حقبة إعادات الأفلام



GMT 00:48 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كتاب جديد عن جهل ترامب بالمعلومات التاريخية والجغرافية

GMT 19:26 2020 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

الجمهور يفضّل الأفلام المقتبسة عن روايات

GMT 07:05 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

مرصد مناهضة التطبيع هشكار يروّج للصهيونية

GMT 22:03 2019 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"القاهرة السينمائي" يناقش فيلم أمومي في ندوة

GMT 16:38 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

7 أفلام إيطالية في الدورة 12 من بانوراما الفيلم الأوروبي

GMT 21:10 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "معجزة البقاء" في الإسكندرية الأربعاء

GMT 16:53 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

كتاب يحتفي بـ"طعام الشارع" في جهات المملكة المغربية

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 17:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 21:27 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 17:31 2015 الخميس ,29 كانون الثاني / يناير

عملية قذف النساء أثناء العلاقة الجنسية تحير العلماء

GMT 04:40 2015 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

اختاري أفضل العطور في ليلة زفافكِ

GMT 00:04 2017 الأحد ,24 كانون الأول / ديسمبر

هدف ثالث لفريق برشلونة عن طريق فيدال

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

لامبورجيني أوروس 2019 تنطلق بقوة 650 حصان ومواصفات آخرى مذهلة

GMT 20:46 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

"الكتاب" يوجه التحية إلى سلطان لرعايته معرض الشارقة

GMT 14:58 2016 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

البصري يطالب "المركزي" العراقي بالحدّ من منح إجازات مصرفية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates