القاهرة - صوت الامارات
أكدت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة دولة للأمن الغذائي والمائي، أن الإمارات تدخل حالياً مرحلة جديدة في تحقيق وتعزيز الأمن الغذائي، تعتمد على التكنولوجيا والابتكار والتطوير المستمر لتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، والذي يصل إلى نحو 90% من الغذاء، مشيرةً إلى أن الإنتاج المحلي يشكل ركيزة رئيسية في منظومة الأمن الغذائي، وقد اتضح جلياً هذا الاهتمام خلال فترة جائحة فيروس كورونا «كوفيد- 19»، والعمل على تعزيز هذا الجانب من منظومة الأمن الغذائي بصورة مكثفة بعد هذه الجائحة.
وقالت في حوار خاصإن الإمارات قطعت أشواطاً كثيرة في تحقيق وتعزيز الأمن الغذائي، حيث تطلب وضع الخطط وإطلاق المبادرات طويلة الأمد، التي تمكن من ضمان استمرارية تأمين الغذاء في جميع الظروف والأوقات، وتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، والتي تستهدف البحث عن حلول لإنتاج غذاء محلي ممكن بالتكنولوجيا، مع التركيز على البحث العلمي والتكنولوجيا اللذين يعدان أحد ممكنات استراتيجيتنا الوطنية.
وأوضحت معالي مريم بنت محمد المهيري، بأن الدولة تمتلك العديد من مراكز الأبحاث الرائدة، وتتميز بقطاع صناعي واعد، من شأنه أن يساهم في تعزيز الإنتاج المحلي، وزيادة المخزون الاستراتيجي للدولة؛ إذ يوجد لديها 56 مصنعاً تنتج 5.96 مليون طن من السلع الغذائية سنوياً، وتعمل تلك المصانع حالياً على توفير مختلف المنتجات للسوق المحلية، كما أن تلك المصانع التي تنتشر في إمارات الدولة، تمتلك طاقة إنتاجية قصوى تبلغ 16 مليون طن سنوياً.
ونعمل حالياً ضمن خطة من أجل تحسين نسبة العائد للإنتاج الممكن بالتكنولوجيا بنسبة 30%، وزيادة إنتاج المواد الغذائية الرئيسية المحددة بنسبة 15% العام المقبل، وذلك ضمن الجهود لتقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج، والذي يصل إلى 90% من الغذاء. ولتحويل هذه الخطة إلى واقع، فإننا نعمل على تشجيع المستثمرين على إقامة مشاريع غذائية مثل المزارع والمصانع وغيرها من المشاريع، التي تخدم سلسلة الإمدادات الغذائية في الدولة، مع تحفيزهم على زيادة الاستثمارات الزراعية الممكنة بالتكنولوجيا، وتوفير بيئة مثالية للبحث العلمي لإيجاد حلول لتحدياتنا الزراعية.
المخزون الاستراتيجي
وأضافت معاليها، أنه تم إنشاء المخزون الاستراتيجي من الأغذية، الذي يتضمن السلع الغذائية الرئيسية وفقاً لاحتياجات السكان، ويتم إدارته وتعزيزه بصورة دورية، ونضمن من خلاله أننا قادرون على توفير الغذاء في فترات الضرورة القصوى، كما يتم العمل باستمرار على تطوير مراكزنا البحثية في مجالات الزراعة وإنتاج الغذاء، والتعاون مع المراكز البحثية المحلية والدولية، هذا بالإضافة إلى الجهود التي يبذلها القطاع الخاص، وقد أثمرت عن عدد من المشروعات البحثية، التي ستكون نواة لمشروعات زراعية وغذائية أكبر في المستقبل.
وبينت أننا في دولة الإمارات نواجه تحديات كبيرة في مجال الأمن الغذائي في ظل التغير المناخي، والمناخ الصحراوي للدولة، وقلة المساحات الصالحة للزراعة، وندرة الأمطار، وشح المياه الجوفية، ونسبة هدر الغذاء المرتفعة، وغيرها من التحديات، وتعد التكنولوجيا الأداة المرنة والفعالة، بل والحل الوحيد لعبور تلك التحديات، حيث يتجه العالم من حولنا إلى الاستثمار بشكل كبير في التكنولوجيا، ولاسيما بعد الأزمة الحالية، التي لفتت أنظار مختلف دول العالم إلى أهمية تبني الحلول التقنية لتعزيز الإنتاج المحلي، وبالتالي الجاهزية لتوفير الغذاء بشكل دائم.
وقد شهدنا، في الوقت الحالي، توجهاً عالمياً للاهتمام بشكل كبير بالأبحاث المتخصصة لزيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية وتبني التكنولوجيا الحديثة لإنتاج الغذاء، لأنها تحقق نتائج مهمة، وقد تم العمل على وضع الخطط وإطلاق المبادرات الكبرى لتعزيز الاعتماد على التقنية في تعزيز الإنتاج الزراعي، وذلك ضمن السعي المتواصل لتعزيز مساهمة التكنولوجيا الحديثة في تعزيز مستقبل الإنتاج المحلي في الزراعة والإنتاج الغذائي بنسب تتوافق مع المعايير والمعدلات العالمية، والتي تسهم في الوقت ذاته في تحقيق المستهدفات الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي.
10 مبادرات استراتيجية
وتابعت: وهنا يمكننا التوقف عند بعض الإنجازات التي تحققت في هذا المجال، فقد قمنا بتبني التكنولوجيا في إنتاج وإدارة الغذاء في مجالات الزراعة والاستزراع السمكي وكامل سلسلة القيمة الغذائية، واعتماد أساليب الزراعة من دون تربة، والزراعة المائية، والزراعة العمودية، والزراعة المغلقة، بهدف تأمين الغذاء المستدام، ومنذ عامين، عملنا مع فريق المسرعات الحكومية على إطلاق برنامج تسريع تبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة، الذي أطلق 10 مبادرات استراتيجية لتطوير الإنتاج الزراعي الحديث في الدولة، ولإطلاق قطاع اقتصادي جديد يدعم تبني التكنولوجيا الزراعية الحديثة، كما أنه وعلى أرض الواقع، فإن هناك العديد من المشروعات التي تقوم على تكنولوجيا الزراعة الحديثة، مثل مشروع البيوت الزجاجية لشركة الظاهرة الزراعية في مدينة العين، بالإضافة إلى أكبر منشأة للزراعة العمودية على مستوى العالم، والتي تعمل على إنشائها «شركة الإمارات لتمويل الطائرات».
كما أطلقنا تحدي تكنولوجيا الغذاء العالمي، لتشجيع الأفراد والمؤسسات ومراكز الأبحاث للمشاركة بأفكار لإنتاج الغذاء وإدارته، ومنها الحلول الزراعية الحديثة، من أجل تحويلها إلى مشاريع غذائية رائدة على أرض الدولة.
القطاع الزراعي
أشارت معالي مريم المهيري إلى أن مجلس الوزراء شكل مؤخراً فريق عمل لتنمية قطاع الزراعة الحديثة، ويعد تشكيل هذا الفريق خطوة مهمة من أجل تعزيز القطاع الزراعي الممكن بالتكنولوجيا، من خلال جهود مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية ذات الصلة، حيث يتولى الفريق دراسة آليات تبني الإنتاج المحلي للتكنولوجيا الحديثة، وتطوير ممكنات الارتقاء بالقدرة على توفير المنتجات الغذائية لتلبية احتياج السوق «بصورة جزئية أو كلية»، وذلك باقتراح الآليات التي من شأنها المساهمة في رفع القدرة على مواجهة التغيرات العالمية في قطاع الأغذية، إلى جانب التركيز على خلق الفرص التجارية، التي تعزز تنوع الناتج المحلي الإجمالي.
وقالت معاليها: أطلقنا النظام الوطني للزراعة المستدامة الجديد، الذي يهدف لدعم منتجاتنا المحلية، وزيادة استهلاكها عبر تمييزها بعلامة خاصة، وبشكل يؤدي إلى تقليل اعتمادنا على الاستيراد من الخارج، وتحقيق اكتفائنا الذاتي من المحاصيل الزراعية بنسبة أكبر في المستقبل، ويعتمد النظام بشكل كبير على استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة، كما نؤكد هنا أن تعزيز قطاع الزراعة الحديثة، وبالتالي الإنتاج المحلي، يتطلب أيضاً العمل على إعداد كوادرنا البشرية، وتشجيع الطلاب والباحثين على دراسة هذا التخصص، بل وتوفير تلك التخصصات في مختلف جامعاتنا، من أجل إيجاد جيل جديد من العلماء والمتخصصين القادرين على تطوير حلول، من شأنها تعزيز جاهزية وقوة منظومة الأمن الغذائي تجاه مختلف التحديات المستقبلية.
قد يهمك ايضا
أرسل تعليقك