تولي حكومة أبو ظبي اهتمامًا كبيرًا بأشجار "القرم" انطلاقًا من اهتمامها بالبيئة والمحافظة عليها ونظرًا لأهمية هذه الشجرة بيئيًا واقتصاديًا، ما دفع الجهات المعنية وعلى رأسها هيئة البيئة في أبو ظبي إلى التوسع في زراعة أشجار "القرم" والمحافظة على الأشجار الموجودة في مختلف شواطئ الإمارة.
وتغطي أشجار "القرم" أبو ظبي بكثافة، فهناك ما يقارب أربعة ملايين شجرة، ولدى هيئة البيئة في أبو ظبي بالتعاون مع الجهات المعنية برنامج تحت الإعداد يهدف إلى زرع مليوني شجرة إضافية.
ويقع متنزه "القرم" الوطني داخل مدينة أبو ظبي بالقرب من فندق أنانتارا، على أطراف المدينة على شارع الشيخ زايد بن سلطان، وهو تجمع كثيف لأشجار "القرم" توفر له الأجهزة الحكومية الحماية البيئية اللازمة، ويعد ملاذًا حقيقيًا لمحبي الطبيعة والنزهات وعلماء الطيور، أو لكل من يرغب في قضاء بعض الوقت بعيدًا عن الضوضاء والتمتع بالهدوء في أحضان الطبيعة.
ووضع عدد من المرشدين السياحيين مجموعة من الأنشطة والبرامج الترفيهية التي يمكن للزائر اكتشافها والتمتع بكل ما يحتويه متنزه "القرم" الوطني، ولحماية الأشجار وموائلها، لا يقبل دخول المنتزه إلا الزوار الذين يحجزون زياراتهم من خلال مرشد سياحي معتمد.
ويضم المتنزه الوطني المئات من أنواع النباتات وغيرها وما يزيد على 60 نوعًا من الطيور وحدها التي يمكن رؤيتها، إلى جانب أنواع عديدة من الكائنات البحرية، وبعض من الطيور التي يمكن مشاهدتها تتغذى وتعشش في المنتزه منها بلشون الصخور، الفنتير "فلامنجو"، سرطان البحر المرقط، إضافة إلى الأحجام المختلفة من أشجار "القرم".
ويمر طائر بلشون الصخور بمرحلتين لونيتين، رمادي مع لون أزرق قاتم، وأبيض خالص تقريبا، ويتغذى هذا الطائر المائي الكبير أثناء النهار وأيضًا خلال الليل حسب دورات المد والجزر ويتكون غذاؤه من الأسماك بصفة رئيسية، بالإضافة إلى القشريات والرخويات، ويتكاثر بلشون الصخور في الفترة من نيسان/ أبريل إلى تموز/ يوليو، وحيث يمكن مشاهدة آلاف الطيور الصغيرة منه في منتزه القرم الوطني.
وتراقب هيئة البيئة في أبو ظبي الطيور المقيمة والزائرة من هذا النوع لأعوام عدة، وساعد ذلك على إنشاء محميات طبيعية لضمان سلامة الطيور في التأثير الإيجابي على أعدادها.
ويمتد ارتفاع النوع الثاني من الطيور المنتشرة في منتزه "القرم" الوطني "الفنتير" إلى متر ونصف تقريبًا ويمكن أن يصل وزنه إلى أربعة كيلوغرامات، وتضع هذه الطيور بيضة وحيدة في كتلة طينية محاطة بالمياه الضحلة خلال الفترة بين نيسان/ أبريل وحتى تموز / يوليو أو في الفترة بين كانون الثاني/ ديسمبر و شباط / فبراير، وتظل صغار الفنتير رمادية اللون حتى يتكون لها لون قرنفلي بعد العام الثاني من العمر، ويأتي هذا اللون من الصبغات الموجودة في الكائنات التي يتغذى عليها طائر الفنتير الطحالب والقشريات.
وتعمد هيئة البيئة في أبو ظبي منذ أعوام على مراقبة دقيقة لنحو 20 ألفًا من طيور الفنتير في أبو ظبي، وأدى تخصيص محمية طبيعية إلى ضمان سلامة هذا النوع إلى إحداث أثر إيجابي بزيادة أعداد الطيور المتكاثرة.
ويعتبر سرطان البحر المرقط من الكائنات البحرية التي يمكن مشاهدتها في منتزه "القرم" الوطني، وكثيرًا ما يشاهد هذا السرطان يتناول الغذاء تحت أشجار "القرم" في حالات الجزر، ويمكن مشاهدته على مدار العام، ويستطيع السرطان المرقط تحمل تقلبات درجات الحرارة بفارق يزيد على 20 درجة مئوية، ويلعب دورًا مهمًا في تهوية المسطحات الطينية، وتقوم هيئة البيئة في أبو ظبي بإنشاء وإدارة شبكة من المناطق المحمية للحفاظ على النظم البيئية البحرية وما تحتويه من أنواع مختلفة مثل السرطان المرقط.
وتعد أشجار "القرم" ملحية تعيش في المياه المالحة، وتحصل على الهواء بواسطة جذورها التنفسية، فيما تتخلص من الملح من خلال الجوانب السفلية لأوراقها، وتعتبر من المتطلبات الرئيسية للنظم البيئية الساحلية التي توفر الملجأ المناسب لأنواع مختلفة من الأسماك والمحاريات والقشريات الأخرى وغيرها، وتمر دورة حياة الشجرة بالذات النوع "افيسنيا مارينا" بمراحل عدة، مرحلة الخضار الدائم، ومرحلة الإزهار تكون من نيسان/ أبريل إلى تموز/ يوليو، ومرحلة الفاكهة والبذر خلال أيلول/ سبتمبر إلى تشرين الأول/ أكتوبر ومرحلة التجدد والتنبيت خلال تشرين الثاني /نوفمبر إلى آذار / مارس.
أرسل تعليقك