ابوظبي - صوت الامارات
تتميز أراضي الإمارات بثروات طبيعية ربانية لم تتدخل فيها اليد البشرية ولم تسهم أبدًا في رفع ثمنها، ومن هذه الثروات التي تنتجها تلقائيًا إضافة إلى الذهب الأسود (النفط)، الغذاء الماسي "نبات الفقع" الذي يتكاثر في هذه الأيام المتزامنة مع قدوم فصل الربيع، ويرتبط نموه بعد موسم الأمطار المصحوبة بالرعد والبرق الذي يقوم بزيادة تركيز أكسيد النيتروجين في الهواء ويتحد مع قطرات المطر التي تسقط على الأرض، منبتة هذا النوع من الفطر الذي يعد من أجود وألذ أنواع الفطر وأغلاها ثمنًا.
ويشهد البر في مختلف أرجاء الدولة والمناطق الحدودية في الإمارات، والتي تزخر بالترب الطينية والملحية، تهافت فئتين، إحداهما هواة جمع "الفقع" من مواطني الدولة والثانية عمال "العزب" (المزارعون الآسيويون)، وانتشارهم على مساحات واسعة من البراري في مختلف مناطق الدولة، يبحثون ويتعقبون بعيونهم التي تشق الأرض للكشف عن حبات "الفقع" المخفية ثم غرس أصابعهم في التربة لرفع تلك الحبات المتناثرة تحتها وجمعها على شكل حبات منفردة، متابعين السير في المساحات الشاسعة لعل عيونهم ترصد المزيد منها.
وبخفة ومهارة كبيرة يقتلع الهواة وعمال العزب الأعشاب المحيطة بنبات "الفقع" الذي يسمى باللهجة المحلية "بنت الرعد"، لتنظيفها من حبيبات التراب العالقة بها بعد رفعها، ويتم استبعاد التالفة والمصابة منها، حيث يشرعون بتعبئة حبات الفقع ذات الجودة العالية منها في أكياس النايلون أو صناديق كرتونية إذا كانت الكمية كبيرة بطريقة منظمة، ليقوموا بعد ذلك بعرض ما
حصدت أياديهم على من يصادفون في طريق عودتهم من المواطنين أو زبائن الأسواق الغذائية لبيعهم كيلو الفقع بسعر مرتفع قد يتراوح ما بين (500- 700) درهم، ولا يجدون في ذات الوقت أي تردد أو حرج من قبل هؤلاء المستهلكين الحريصين بشدة على نيل الفوائد الجمة التي يتمتع بها هذا المنتج، والمتمثلة بالعناصر المعدنية الهامة للصحة والنشاط والحيوية والنمو، والحماية من هشاشة العظام، واضطراب الرؤية، و إزالة الحروق وندبها، وليونة الشرايين والمفاصل، وتقوية مناعة الجسم، وتخفيض نسبة الكوليسترول المرتفع في الدم، والحماية من الإصابة بتصلب الشرايين وغيرها الكثير من الفوائد.
ومن جانبه ناشد رئيس قسم الصحة النباتية في وزارة التغير المناخي والبيئة،المهندس عبد الله أحمد المنصوري، هواة جمع الفقع وسماسرة بيعه المحافظة على استدامة هذه النعمة التي خص الله عز وجل دولة الإمارات بها بانتشار هذا الفقع على أراضيها، وبضرورة جمع الفقع بكميات مناسبة وعدم التأثير سلبًا على البيئة التي يتواجد فيها، وخصوصًا التربة والنباتات التي ينمو إلى جانبها الفقع.
وأكد المنصوري أنّ خبرة الفرد بشكل عام أمر أساسي في معرفة الفطر السام من غير السام والتمييز بينهما، كما أن "الفقع" غير السام ينمو في أماكن لا ينمو فيها الفطر السام الذي لا ينمو إلا في تربة مرتفعة الرطوبة ووجود مياه ويتميز ساقه باللون الداكن.
أنواع الفقع
ولفت إلى أن بيئة الإمارات تعتبر من البيئات المناسبة للفقع ويرتبط نموه بموسم الأمطار الجيدة المصحوبة بالرعد والبرق (أو ما يعرف بالوسم)، حيث يكون بعدها الإنتاج مميزًا، وتتوزع أماكن تواجده في مناطق عدة في الدولة ويتواجد في البر بشكل عام، وفي الترب الطينية أو الملحية في المناطق الحدودية مثل المنطقة بين أم القيوين ورأس الخيمة، وفي دبي جنوب منطقة الهباب، وفي المنطقة الساحلية بين دبي وأبو ظبي وفي البراري، كما يوجد في أم القيوين في منطقة السرة، ومنطقة سيح شعيب وجبل علي وسويحان في أبو ظبي، وله أنواع كثيرة إلا أن الأنواع المتعارف عليها هي البني والأبيض (الزبيدي) والذي يعتبر من أجود الأنواع وأغلاها وذا طعم مميز.
وبيّن المنصوري أن موعد ظهور نبات "الفقع" مع بداية الربيع، وعادة مع نهاية شهر مارس/آذار وبداية أبريل/نيسان، حيث تبدأ عملية الجمع، وينمو هذا النبات دون زراعة وهو عبارة عن فطر، ينمو بعد سقوط الأمطار الرعدية (الوسم) حيث يساعد الرعد على تنشيط نمو الفقع وظهوره، وبالنسبة لاكتشافه فان الأمر يعتمد على الخبرة التي تنتقل بين الأجيال والتي من خلالها يستدل على أماكن تواجده الذي يرتبط أيضًا بوجود شجرة "الأرجة" أو "الرقروق" والتي يعني وجودها وجود الفقع خلال المواسم الجيدة.
أرسل تعليقك