القاهرة - صوت الامارات
لقد وصل تلوث الهواء إلى نقطة حرجة، إذ يموت سنوياً بسبب هذه المشكلة 7 ملايين شخص في العالم، ويزداد بسبب ذلك عدد الأمراض المعدية والقلبية والأورام والمضاعفات المرتبطة بالحمل، وبالتالي فإن هذه المشكلة تتمتع بطابع دولي، إذ أن 90% من سكان العالم يتنفسون الهواء الملوث. فما هي الابتكارات التي يقوم العلماء بتصميمها من أجل تحسين الوضع المتشكل، إليكم ما يقوله الباحثون من الجامعات في المشروع "5-100".
الغلاف الجوي - الخطر الذي يهدد البشرية
لقد منح التقدم التكنولوجي البشرية إمكانيات هائلة، لكنه في الوقت نفسه تسبب في أضرار جسيمة للبيئة. حيث حصل الإنسان على فرصة إنتاج تقنيات ومعدات رائعة، ولكن النتيجة هي أنه في العديد من مناطق كوكبنا بدأت تعاني من نقص في الهواء النظيف والمياه النقية.
وبحسب قول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، فإن ملايين الأنواع من النباتات والحيوانات مهددة بالانقراض، حتى أن المحيطات لم تسلم من العواقب الوخيمة والتأثير السلبي لهذا التطور التكنولوجي. ناهيك عن أنه يموت 7 ملايين شخص بسبب تلوث الهواء في كل عام.
وبحسب إحصائيات عام 2018 فقد تجاوز مستوى تلوث الهواء في القاهرة 11 مرة الحد، الذي تم اعتماده من قبل منظمة الصحة العالمية. وفي هذا الإطار حث ديفيد بويد الخبير الخاص لدى الأمم المتحدة، الدول لمواجهة مشكلة تلوث الهواء، وبالتالي الوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. إذ أن الهواء النقي يعتبر مكوناً رئيسياً للحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإنسان ضمن البيئة الصحية المحيطة.
كيف يمكن أن نعرف ما الذي يتنفسه البشر
بهدف حماية الغلاف الجوي، من الضروري القيام بمراقبة فعالة ورصد دقيق لحالة الغلاف الجوي ضمن إطار المراقبة الآنية. ولتحقيق هذا الهدف نحتاج إلى أدوات تقييم جودة الهواء، وتحديد مصادر التلوث ودرجة الخطر الصادرة من هذا التلوث. حالياً تقوم الجامعات الروسية بتنفيذ مشاريع متنوعة ومختلفة بدءاً من إنشاء قاعدة لجزيئات الغبار وانتهاء بتصميم مختبرات جوية صغيرة.
إن الأبحاث المشتركة لعلماء جامعة سيبيريا الفيدرالية والباحثين في مجال البيئة تسمح بإنشاء قاعدة بيانات لجزيئات الغبار السامة. ومن خلال استخدام جهاز ترشيح خاص، وتمرير الهواء من خلاله يمكننا معرفة التركيب الأولى لجزيئات الغبار، وكذلك شكل هذه الجزيئات بشكل مفصل، بمعنى الحجم وطبيعة السطح أو مصدر النشوء.
في هذا السياق تحدث الباحث روسلان شرف الدينوف مدير معهد البيئة والجغرافيا في جامعة سيبيريا الفيدرالية قائلاً:
"إن الغبار المنتشر في المدن (خاصة الغبار الدقيق المشتت الذي يصل حجمه إلى أقل من 2.5 ميكرون) يعتبر الناقل الأساسي الشامل لمعظم الملوثات إلى الرئة في جسم الإنسان. وبالتالي في حال لم يكن لدينا فهم لتركيبة مكونات الغبار فإنه من الصعب تقييم تأثيرها المحتمل بشكل صحيح على البيئة وصحة الإنسان وكذلك تحديد مصدر التلوث بدقة".
يشار إلى أن عملية الرصد البيئي يمكن إجراؤها عبر الإنترنت، حيث إن تصميم العلماء من جامعة جنوب الأورال الحكومية برنامج حاسوبي بعنوان "إيكو مونيتور" يمكنه أن يحدد بشكل آني كمية الانبعاثات من المركبات والمعامل والمصانع. إذ أن هذا المشروع يساعد في وضع تدابير للحد من انبعاثات المواد الملوثة، على سبيل المثال وضع جدول لوسائل النقل. علماً أن هذا البرنامج لا يقوم فقط بجمع المعلومات حول مستوى تركيز المواد الملوثة في منطقة ما بشكل آني، وإنما يمكنه أيضاً حساب التغيرات التي يمكن أن تطرأ خلال ثلاثة أيام مع الأخذ بعين الاعتبار توقعات حالة الطقس.
في هذا الإطار أكد الباحث ديمتري دروزين مدير المشروع الدكتور في الرياضيات التطبيقية والبرمجيات من جامعة جنوب الأورال الحكومية قائلاً:
"نحن بحاجة إلى معرفة مستوى تركيز كل مادة في منطقة معينة، وهل التواجد في هذه المنطقة سيكون آمناً أم لا. وفي حال كانت هناك عدة مؤسسات صناعية ضمن منطقة واحدة في المدينة، فمن الضروري الأخذ بعين الاعتبار أثر كل مؤسسة على تلوث الهواء والتركيز الأساسي للمواد الملوثة وما هو دور المركبات".
كما يقوم علماء جامعة الأبحاث الحكومية في مدينة سامارا بتقييم حالة الجو عبر جهاز جوي متنقل، الذي يزن ما يزيد عن الكيلو غرام بقليل، وهو يعتبر بديلاً عن أجهزة المختبرات الضخمة. يشار إلى أن هذا الجهاز تم تصميمه على أرضية الطائرات المسيرة، مما يسمح بالتحليق بشكل مستقل وفق المسار المخطط له، ويقوم بنقل البيانات حول حالة الهواء إلى مركز التحكم. كما تستغرق عملية تحليل العينات مدة ثلاثة دقائق، علماً أن هذه التكنولوجيا ليس لها مثيل من حيث السرعة وسهولة التعامل في روسيا وفي العالم.
إن سرعة وفعالية الرصد يساعد أيضاً على زيادة جسيمات الهباء الجوي. وقد اكتشف العلماء من جامعة الشرق الأقصى الفيدرالية وقسم الشرق الأقصى التابع لأكاديمية العلوم الروسية، بأن انعكاس جسيمات الهباء الجوي سوف تساعد على تقديم تقييم دقيق لكمية التلوث دون استخدام وسائل تقنية معقدة إضافية.
استناداً إلى الدراسات السابقة اقترح العلماء في مجال الفيزياء الفلكية طريقة جديدة للتقييم العملي لمستوى انتشار الغبار في الغلاف الجوي، وقاموا بتأطير هذه الدراسات ضمن براءة اختراع ذات الصلة.
وفي هذا الصدد أوضح يفغيني زوبكو البروفسور في كلية العلوم الإنسانية في جامعة كيونغ هي في كوريا الجنوبية قائلاً:
"لقد اعترفت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بأن جسيمات الهباء الجوي واحدة من العوامل التي تمت دراستها بشكل ضعيف، على الرغم من تأثيرها على تغير المناخ. حيث تبعثر جسيمات الهباء الجوي أشعة الشمس وتعيد توجيه جزء منها نحو الفضاء الخارجي وتحد من تدفق الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى سطح الأرض.
هذا يؤدي إلى تبريد السطح وطبقة الهواء المحيطة. في الوقت نفسه تمتص جسيمات الهباء جزءاً آخر من ضوء الشمس، مما يؤدي إلى تسخينها وبالتالي إلى تسخين الهواء المحيط. في هذه الحالة نحن نتعامل مع عمليتين متعددة الاتجاهات، وحتى الآن لا نعرف أي من هذه العمليات تهيمن على الأخرى-هل عملية التبريد أن تسخين الهواء.
جرعة من الهواء النقي
إن عملية رصد وتقييم مستوى الخبث في الهواء تساعد ليس فقط في تحديد مصدر التلوث، ولكن أيضاً تساهم في اختيار الطريقة الأكثر فعالية لتنقية الهواء.
من أجل تنقية الهواء من غازات المداخن، والحديث يدور قبل كل شيء عن انبعاثات محطات الطاقة الحرارية، اقترح علماء من جامعة تومسك للعلوم التطبيقية استخدام حزمة من الأشعة الإلكترونية النبضية. وقد أكد العلماء بشكل عملي بأن هذا النهج قادر على إزالة المركبات السامة بشكل فعال من الهواء.
رومان سازونوف كبير الخبراء العلميين في مختبر التقنيات النبضية الشعاعية والبلازما والتفريغ الكهربائي أشار في هذا الإطار قائلاً: "من المفترض أن منظومة التنقية سوف تثبت عملياً على أنابيب محطة الطاقة الحرارية وسيتم تقسيمها إلى منطقة ترشيح ومنطقة تشعيع. ويمكن تنفيذ عملية التنقية على النحو التالي: تضاف مادة الأمونيا إلى غاز المداخن، وفي بعض الحالات يتم إضافة الرطوبة. بعد ذلك يتم حقن الشعاع الإلكتروني بحيث يتم تشكل البلازما التي تتعرض لتفاعلات كيميائية، نتيجتها الجزيئات الصلبة من كبريتات الأمونيوم والنترات (مركبات الأمونيا والنتروجين وأكسيد الكبريت). كل هذه النتائج يمكن تصفيتها وتنقيتها بشكل فعلي.
قد يهمك ايضا
الشمبانزي يتميز عن القرود بأنه الأطول فهو يشبه جينات البشر إلى حد كبير
باحث يحُذر من تفاقم نفايات"البلاستيك" بسبب السفن في القطب الشمالي
أرسل تعليقك