أطلقت "هيومن رايتس ووتش" بالتعاون مع اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة تقريرًا بعنوان "’بس بدّي ابني يعيش مثل باقي الأردنية ‘: معاملة أبناء الأردنيات غير المواطنين حيث أكد التقرير على أن أبناء الأمهات الأردنيات والآباء غير الأردنيين يكافحون لنيل الحقوق والخدمات الأساسية في الأردن، بسبب قانون يحرم النساء من الحق في نقل الجنسية إلى أبنائهن على قدم المساواة بالرجال ويُعامل هؤلاء الأبناء كمواطنين أجانب طوال حياتهم، دون حق دائم في الإقامة أو العمل بالأردن.
الأمينة العامة للجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس أكدت أن المطالبة بتمتع أبناء الأردنيات المتزوجات من أجانب بالجنسية الأردنية وحصولهم عليها هو مطلب أساسي من مطالب اللجنة، والذي يرفع لصانعي القرار من خلال لائحة المطالب التشريعية التي يتم تحديثها سنويًا، حيث يناط باللجنة مراجعة التشريعات التمييزية ضد المرأة منذ تأسيسها.
ويعد عدم قدرة الأردنيات على إعطاء الجنسية لأبنائهن وأزواجهن تميزاً صارخًا في حين تنص الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها الأردن على عدم التمييز بين الذكور والاناث في الحقوق والواجبات، وشددت النمس على أن المواطنة الكاملة لا يمكن تحقيقها للنساء الأردنيات في ظل حقوق منقوصة لهن، مشيرة إلى أن اللجنة ستعمل جاهدة على الدفع باتجاه تحقيق المساواة للنساء الأردنيات ورفع أي تمييز ضدهن.التقرير " الصادر في 46 صفحة يستعرض تفصيلًا كيف تقيد السلطات الأردنية حقوق أبناء الأردنيات غير المواطنين في العمل، التملك، السفر إلى الأردن ومنه، الالتحاق بالتعليم العالي، الحصول على الرعاية الصحية الحكومية، وخدمات أخرى.
وكانت الحكومة قد أصدرت قرارًا في 2014 زعمت أنه يخفف القيود، لكن تبين أنه لم يلب التوقعات.
كثيرًا ما تؤدي أشكال الإقصاء والتمييز المتعددة التي يواجهونها إلى تقليص فرصهم المستقبلية وتفرض أعباء اقتصادية واجتماعية بغير وجه حق على عائلاتهم.
سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش قالت: "إن منع النساء من نقل الجنسية إلى أبنائهن، تجبر السلطات مئات الآلاف على عيش حياة على أعتاب الفقر.
لم تحسن الإصلاحات المُعلنة من حياتهم بشكل حقيقي، وتبين أنها إجراءات جزئية وليست بالبديل عن الجنسية".
ويستند التقرير إلى أكثر من 50 مقابلة مع نساء أردنيات وأبناء غير مواطنين ومسؤولين حكوميين ونشطاء، فضلا عن استعراض متكامل للقوانين والأنظمة والقرارات الأردنية ذات الصلة، وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزته عدة دول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مسار السماح للنساء بنقل الجنسية إلى الأبناء، فلم يعلن الأردن عن خطط لتعديل قانون الجنسية، حيث تقدم دول عربية مثل (تونس، الجزائر، المغرب، مصر واليمن) المساواة في الحقوق للنساء والرجال فيما يخص نقل الجنسية للأبناء، ويسمح كل من العراق وموريتانيا للنساء المتزوجات من رجال أجانب بنقل الجنسية للأبناء المولودين داخل الدولة.
في حين تعزي ناشطات حقوق المرأة الأردنيات موقف الحكومات المتعاقبة العنيد إزاء هذه القضية إلى ثقافة أبوية عميقة الجذور، ويذكر المشرعون والمسؤولون الأردنيون عادة عدة مبررات لهذه السياسة التمييزية من بينها التداعيات المزعومة بأن يصبح الأردن "وطنا بديلا" للفلسطينيين والعبء الاقتصادي المفترض جراء تغيير هذه السياسة لكن القانون يسمح للرجال الأردنيين بالزواج بأربع نساء كحد أقصى، بما يشمل نساء أجانب، ونقل الجنسية إلى الزوجات والأبناء.
قالت نرمين، وهي ابنة لأردنية وفلسطيني عمرها 43 عاما: "وُلدت هنا (في الأردن) وحياتي وولائي كله هنا، وجذوري هنا.
مع احترامي وحبي لفلسطين، ماذا أفعل هناك؟ ليس عندي أي شيء هناك. الأردن ليس وطني البديل، إنه بلدي".
مع حرمان النساء الأردنيات من حقهن في نقل الجنسية للأبناء على قدم المساواة بالرجال، يخالف الأردن القانون الدولي ويخالف دستوره، الذي يكفل للأردنيين المساواة أمام القانون.
كما توصلت هيئات حقوقية دولية منها "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل ولجنة القضاء على التمييز ضد المرأة "(سيداو) إلى أن القانون الأردني للجنسية تمييزي.
إثر ضغوط داخلية متنامية، بدا في 2014 أن السلطات الأردنية مستعدة للاعتراف بأبناء الأردنيات غير المواطنين بصفتهم فئة من الأفراد المستحقين لمزايا غير ممنوحة لغير الأردنيين.
أصدرت الحكومة قرارًا ادّعت أنه يخفف القيود على حصولهم على فرص العمل، التعليم الحكومي، الرعاية الصحية الحكومية، التملك، الاستثمار والحصول على رخصة القيادة. كما نص قرار الحكومة على إصدار بطاقة خاصة مطلوبة للحصول على الخدمات بهذه المجالات الستة.
وقال وزير الداخلية آنذاك حسين المجالي إن جميع أبناء الأردنيات من آباء غير أردنيين البالغ عددهم 355,923 المسجلين بدائرة الأحوال المدنية والجوازات سيستفيدون من هذا القرار.
بحلول فبراير/شباط 2018 كانت السلطات قد أصدرت ما يزيد قليلا عن 72 ألف بطاقة هوية خاصة، أي أقل من 20 بالمئة من عدد المستحقين المزعوم للبطاقة.
لا يمكن لبعض الناس الحصول على البطاقة لأن ليس بإمكانهم استصدار بعض الوثائق ضمن قائمة الأوراق المطلوبة للتقدم بطلب إصدار البطاقة، أو لا يمكنهم تحمل كلفة استصدار هذه الأوراق.
هناك آخرون يتم رفضهم بسبب مطلب أن تكون الأم مقيمة في الأردن لخمس سنوات على الأقل قبل تقديم الطلب، وهو ما تعتبره اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة تمييزًا ضد حقوق مواطنة النساء الأردنيات وحقهن في التنقل.
وأفاد الكثيرون بعدم حدوث تحسن ملحوظ في ظروفهم. فإلى حد بعيد تستمر الهيئات الحكومية الأردنية في إخضاع أبناء الأردنيات غير المواطنين لنفس القوانين والأنظمة الحاكمة لتقديم الخدمات لغير المواطنين.
ما زال أبناء الآباء الأجانب يواجهون إجراءات تجديد إقامة مرهقة ومعوقات قانونية وتنظيمية كبيرة في مجال العمل.
تمكن بعض من قابلناهم من بناء حياة مهنية ناجحة رغم القيود، وقالوا إن انعدام اليقين القانوني يهددهم في العمل ويحد من قدرتهم على تغيير الوظائف.
وطرأ بعض التحسن في الاستفادة من المستشفيات والمدارس العامة، فهذا لا يسري إلا على من تمكنوا من الحصول على بطاقات الهوية.
ولا توجد تغيرات تُذكر في تملك العقارات وحقوق الاستثمار أو في الحصول على رخصة قيادة.
تطلب بعض الهيئات الحكومية حاليا بطاقة الهوية الجديدة إضافة إلى الأوراق المطلوبة أساسا للخدمات، ما قد يعني إقصاء أبناء الأردنيات غير المواطنين الذين كان بإمكانهم الحصول على هذه الخدمات قبل "الإصلاح".
قالت أم أردنية لخمسة أبناء غير مواطنين عمرها 51 عاما: "أتظن أننا كنا لنبقى بهذه الحالة من الفقر إذا كان بإمكان أبنائنا العمل؟ نحن قلقون عليهم دائما.
لا حريات لديهم ولا حقوق ولا مستقبل".
أرسل تعليقك