أكدت حصة بنت عيسى بو حميد وزيرة تنمية المجتمع، أن مرحلة "ما بعد كوفيد-19" تحمل في طياتها ملامح إيجابية تنعكس على قطاع الرعاية الاجتماعية والتنمية المستدامة، في ظل نموذج التباعد الاجتماعي الذي شكّل أهم إجراء احترازي في مواجهة تفشي فيروس "كورونا"، وأدى إلى تغير كبير وملحوظ في السلوكيات الاجتماعية، الأمر الذي سيقود إلى واقع أكثر إيجابية يسود العلاقات الاجتماعية ويجدد سلوكيات الأفراد والمجتمع عموماً، ويعزز التقارب الأسري والتكاتف المجتمعي.
جاء ذلك خلال مشاركتها في جلسة الانعكاسات على دولة الإمارات – الفرص والتحديات التي بحثت أهم آثار الفيروس على قطاع الرعاية الاجتماعية، وأسلوب حياة الأفراد، ضمن أعمال اجتماع "حكومة دولة الإمارات: الاستعداد لمرحلة ما بعد "كوفيد-19".
وقالت وزيرة تنمية المجتمع إن اجتماع حكومة الإمارات يجسد توجهات القيادة لاستشراف المستقبل في مختلف القطاعات، وإعادة تصميم المجتمعات من خلال التركيز على السلوكيات الاجتماعية الجديدة التي جاءت نتيجة تحلي المجتمع بالمواطنة الإيجابية ووعيهم بأهمية اتباع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لحمايتهم.
وأشارت إلى أن التباعد الاجتماعي أدى إلى حدوث تغيرات في نمط وأسلوب الحياة العامة، لا سيما أن 96% من المشاركين في استطلاع رأي مجتمع الإمارات حول تداعيات فيروس كورونا أكدوا أن هناك تغيراً أكثر من المعتاد في أسلوب الحياة اليومية، وفي معظمها سلوكيات مجتمعية إيجابية، لافتة إلى أن 34% من المستطلعين أجابوا أنهم "متفائلون"، و28% "هادئون"، و25% "واثقون"، وأن 45% يتوقعون بقوة بأن الأزمة ستؤدي إلى زيادة التقارب بين أفراد العائلة والأصدقاء على المدى البعيد.
وأوضحت أن دولة الإمارات عززت "التباعد الاجتماعي" بمبادرات متنوعة على مستوى الدولة تستهدف الأسرة عموماً وتركز على فئات محددة من المجتمع، وذلك في إطار التواصل المستدام وتحقيق التقارب الأسري والتعاون وتقديم الدعم للجهود الشخصية والأسرية والمجتمعية لمواصلة التباعد الاجتماعي حتى نصل إلى ما بعد "كورونا" بأمان وأفضل حال.
الإجراءات الاحترازية والسلوك الاجتماعي
وأشارت إلى أن أهم تغيير طرأ على الحياة الاجتماعية، جاء نتيجة فرض العديد من الدول ومن بينها الإمارات إجراءات احترازية شملت التباعد الاجتماعي الذي أدى إلى تغير ملحوظ في السلوكيات، حيث أظهر استطلاع الرأي أن المجتمع بات أكثر التزاماً بالإجراءات والممارسات الصحية الشخصية خلال شهر أبريل مقارنة مع شهر مارس 2020، إذ أكد 86% من الأشخاص أنهم ملتزمون بغسل أيديهم بانتظام أكثر، كما يستخدم 81% من الأشخاص الكمامات الطبية، فيما أكد 76% استخدامهم معقم اليدين على مدار اليوم، وأشارت نتائج الاستطلاع إلى تحسن النظام الغذائي لـ50% من المشاركين، مؤكدة أنه تغيير إيجابي ينبغي الحفاظ عليه مستقبلاً.
التقنيات الذكية لتعزيز التلاحم الأسري
ولفتت حصة بوحميد إلى أن عام 2020 سيشهد جوانب إيجابية تنعكس على جودة حياة المجتمع، مثل تعزيز قيم التلاحم الأسري والتماسك داخل المنزل الواحد، وفي الأسر الممتدة والحفاظ على التواصل بين أفرادها عبر التقنيات الذكية، إضافة إلى ارتفاع معدلات إدراك الأفراد لأهمية الموازنة بين الحياة والعمل، موكدة أن القطاع الاجتماعي سيحتاج إلى مواكبة المتغيرات والتعرف على احتياجات أفراد المجتمع بكافة شرائحه، والتواصل معهم والوصول إليهم لتلبيتها، وتطوير القطاع باستمرار ليصبح أكثر مرونة وتكيّفاً مع الأحداث، ليشمل تعزيز الصحة النفسية للمجتمع.
وأضافت أن جاهزية دولة الإمارات لتخطي هذه الأزمة عالية، وأن من المتوقع حدوث تغييرات في السلوكيات والحياة الاجتماعية للسكان، نظراً لتطبيق تدابير الصحة العامة من خلال "العمل عن بعد" و"التعليم عن بعد"، ما يدعم إمكانية ترسيخ مجتمع مستقبلي أكثر قابلية للتكيف مع المتغيرات.
فرص مستقبلية
وتطرقت حصة بوحميد إلى أهم الفرص المتاحة للدولة على المدى القصير خلال مرحلة ما بعد "كوفيد-19"، التي تتضمن تعزيز جهود الدولة في وضع برامج للتكافل المجتمعي ضد الأزمات المحتملة في المستقبل، ومساعدة الأفراد على التأقلم السريع معها، وأن تصبح الجهات الحكومية أكثر مرونة في رصد الفرص ودراستها، إضافة إلى توفير برامج للدعم المجتمعي الموجه لكبار المواطنين، بهدف تخفيف الآثار النفسية التي قد يفرضها الوباء، وإجراءات التباعد الاجتماعي، كما سيشمل تدريبهم استخدام الوسائل الرقمية في التواصل، والاهتمام بتوعية وتدريب المجتمع على المهارات الأساسية للاستفادة من التكنولوجيا الحديثة التي ستصبح جزءاً أساسياً من الحياة اليومية.
وقالت إن "العمل عن بعد" سيكون أساسياً في عدد من القطاعات والجهات الحكومية، وسيعتاده الموظفون بما يعزز جودة حياتهم، فيما سيحظى "التعليم عن بعد" بمميزات خاصة مع تحديد أيام دراسية لتطبيقه حتى بعد عودة الطلاب إلى المدارس، لافتة إلى أن الدولة ستتجه إلى تطوير برنامج خاص لتقدير أبطال المجتمع في الخط الأمامي ممن يقدمون الخدمات الأساسية مثل الأطباء والممرضين وعمال النظافة والمرافق.
وأكدت وزيرة تنمية المجتمع أن تعزيز قيم العطاء والتطوع المتجذرة في مجتمع الإمارات، يتطلب تطوير سبل جديدة ومبتكرة لتشجيع أنواع التطوع سواء كان شخصيا أو بالاستفادة من المنصات الافتراضية، وخصوصاً عبر منصة "التطوع"، ما يعطي فرصاً نوعية للاستفادة من مهارات أصحاب الخبرة وكبار السن وأصحاب الهمم والشباب.
سياسات لإعادة تصميم المجتمعات.
وناقشت حصة بوحميد خلال الجلسة الفرص الاستثنائية التي تحملها المرحلة المقبلة، على المدى الطويل، إذ سيتم إطلاق إجراءات حكومية وقائية داعمة للصحة العامة والقروض والأجور، وسيتم توفير المنازل للمواطنين وتمويل هذا القطاع المهم، وإطلاق برنامج المشاركة المجتمعية لدعم الفئات الأقل حظاً في الدولة ومساعدة المتضررين من الأزمة الحالية بمختلف الوسائل.
وأضافت أن الدولة ستضع تصاميم حضرية جديدة للبنية التحتية المجتمعية لإعادة تصميم المجتمعات لتسهيل التباعد المكاني وتخفيف مخاطر التجمعات، والربط بين السياسات الاجتماعية والصحية والتنسيق بينها.
وأكدت أهمية تحسين الخدمات الاجتماعية المقدمة لمختلف الفئات وتوجيهها بشكل أكبر لاحتياجات المجتمع بناءً على البيانات المشتركة بين كافة الجهات الحكومية، موضحة أن الدولة تمتلك بنية تحتية رقمية متميزة كونها تمكنت خلال فترة وجيزة من نقل كافة خدماتها عبر المنصات الذكية، ما يتطلب قياس قدرة الخدمات على التكيّف مع احتياجات الأفراد، والتركيز على ريادة الأعمال وتطوير المهارات المتقدمة وفرص التعلم مدى الحياة إضافة إلى تشجيع الأعمال الحرة وتنويع مصادر الدخل للأفراد والأسر.
وأكدت حصة بوحميد خلال إجابتها على عدد من الأسئلة في حوار الوزراء الذي أدارته الدكتورة آمنة الضحاك الشامسي الناطق الرسمي لحكومة دولة الإمارات الوكيل المساعد لقطاع الرعاية والأنشطة في وزارة التربية والتعليم، أن وزارة تنمية المجتمع عملت تنفيذاً لتوجيهات قيادة دولة الإمارات، بشكل سريع على تطوير البنية التحتية لكل الأنظمة والربط بين الجهات الاتحادية والمحلية ما ساهم في تسهيل وتقديم الخدمة لفئات كثيرة مثل المستفيدين من الضمان الاجتماعي وتحديداً كبار المواطنين وتقديم الخدمة في منازلهم ليزيد عدد المستفيدين في القوائم، وتمت إضافة خدمات جديدة لهم والتواصل معهم عبر الاتصالات المرئية والهاتفية للاطمئنان عليهم.
وذكرت أن الوزارة تتابع جميع الفئات المستفيدة من خدماتها مثل أصحاب الهمم وأنه تم تطبيق "التعليم عن بعد" في 7 مراكز حكومية لأصحاب الهمم وعدد من المراكز الخاصة، ليستفيد منها أكثر من 1700 طالب في حكومة دولة الإمارات، مشيرة إلى أن الوزارة بدأت تقييم هذه التجربة تمهيداً لتقديم الامتحانات بمتابعة مجلس التعليم والموارد البشرية.
يذكر أن "اجتماع حكومة دولة الإمارات: الاستعداد لمرحلة ما بعد كوفيد-19"، يمثل تجسيدا لتوجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في عقد سلسلة من الجلسات الحكومية المكثفة بمشاركة أكثر من 100 مسؤول من الوزراء ورؤساء الجهات الحكومية على المستويين الاتحادي والمحلي، في الفترة من 10 مايو حتى 12 مايو الحالي، لبحث انعكاسات فيروس "كورونا"، واستكشاف أهم الفرص لتجاوز المرحلة، ووضع إطار عام لاستراتيجية شاملة تتضمن خطط عمل وسياسات حكومية في القطاعات الأكثر ارتباطا بحياة الناس.
وقــــــــــــد يهمك أيـــــــــضًأ :
حصة بوحميد تؤكد أن الإمارات مساهم رئيسي في دعم أصحاب الهمم
وزيرة تنمية المجتمع تحضر حفل السفارة الماليزية بمناسبة اليوم الوطني
أرسل تعليقك