تقدر جمعية الطيارين الدولية "ألبا" نسبة قائدات الطائرات "الطيارات" في جميع أنحاء العالم بنحو 5 في المائة، وقد لا تتجاوز النسبة في بعض الشركات وفق تقرير بثته وكالة د.ب.أ الأربعاء.
وبدأت النساء في قيادة الطائرات بأكبر شركة طيران في أوروبا منذ 30 عامًا، أما أول من أقلع بطائرة من النساء لدى شركة "لوفتهانزا" فكانت نيكولا ليزي وإيفي هيتسمانسيدر في 23 أغسطس / آب عام 1988، وكانتا في ذلك الحين مساعدَتي طيار , ومع ذلك، فإن 6 في المائة فقط من أطقم القيادة في "لوفتهانزا" من النساء , وعلى الرغم من وجود أكثر 600 قائدة طائرة لدى الشركة، لا تزال "لوفتهانزا" مثل باقي شركات الطيران في العالم تواجه مشكلة ما كان ينبغي أن يكون لها وجود في عصر المساواة بين الجنسين، وهي أن الذكور ما زالوا مهيمنين على عصا التحكم.
وعندما بدأت "لوفتهانزا" بقبول النساء في مدرسة الطيران في أبريل / نيسان 1986، كان يُنظر إلى الخطوة على أنها متأخرة. ولم تكن شركة الطيران المحافظة رائدة في مجال المساواة بين الجنسين بأي حال من الأحوال, وحذر كثيرون من احتمال حدوث منافسة غير صحية بين الجنسين، مدفوعة بطموح النساء الطيارات , وكان من الأقوال المشهورة لمدير مدرسة الطيران في الشركة في ستينات القرن الماضي، ألفريد فيرماتن، "أن تصبح المرأة بطلة العالم في الوزن الثقيل أمر مرجح حدوثه أكثر من أن تصبح قائدة في لوفتهانزا" , وفي المقابل، فإن الشابات مرحب بهن دائمًا للعمل مضيفات، ويشكلون حتى اليوم أربعة أخماس أطقم الضيافة في "لوفتهانزا".
وتقدمت ماجدالينا جرون " 29 عامًا " بطلب الالتحاق لمدرسة "لوفتهانزا" للطيران بعدما ألهمها بذلك سائق "فورمولا1" السابق، النمساوي نيكي لاودا، الذي تحول إلى منظم مشاريع طيران , وكانت جرون حلقت في رحلة ممتعة فوق النمسا مع "نادي نيكي للأطفال" التابع لشركة "لاودا آير" للطيران عندما كانت في السادسة من عمرها، وقد سحرها الطيران منذ ذلك الحين , وتقول جرون "كنت ألعب أحيانًا محاكاة الطيران على الكومبيوتر مع شقيقي الكبير" , وعلى الرغم من شغفها لأن تكون ضمن عناصر التحكم بالطائرة، درست جرون في البداية إدارة الفنادق الدولية بهدف أن تصبح مضيفة طيران , لكن بعدما تعرفت على مساعدة طيار شابة ورائعة خلال عملها كمضيفة لدى شركة طيران خاصة صغيرة، قالت لنفسها "يمكنني أن أفعل ذلك أيضًا".
تقول جرون "لم أفكر من قبل أن أكون طيارة" , و حصلت جرون على كثير من الدعم من عائلتها وأصدقائها بعد هذا القرار , تضيف جرون "ببساطة كلهم سعداء بذلك" , لكن هذا ليس الحال دائمًا، مثلما يتضح من تجربة أندريا أمبيرج، التي عارضت أسرتها طموحها في أن تصبح طيارة عام1986 , حيث قامت أمبيرج بتمويل تدريبها بنفسها من خلال العمل بدوام جزئي، حتى حصلت في النهاية على وظيفة في "لوفتهانزا".
ونظرًا لأن الطيارين يتم ترقيتهم وفقًا للخبرة، لا تضطر النساء إلى الخوف على سيرتهن المهنية من عواقب إنجاب طفل , و تقول الطيارة هيبر، التي حصلت على إجازة لرعاية طفلين لمدة 18 شهراً لكل منهما وعملت بأنماط دوام جزئي مختلفة "قيادة الطائرة مهنة مثالية، لأن هناك دائمًا بديلًا لك , عندما لا أقدر على ممارسة المهنة، يحل محلي شخص آخر بكفاءتي نفسها".
كانت "لوفتهانزا" في عشرينات القرن الماضي في طليعة شركات الطيران، وسمحت للأرستقراطية الشابة مارجا فون أتسدورف لأن تكون على الأرجح أول طيار مساعد على مستوى العالم على متن طائرة "يونكرز إف 13" , وعندما كان يشكر الركاب "السادة الطيارين" بعد الرحلة، كانت ترد فون أتسدورف بالانحناء لهم في صمت، حسبما كتبت صحيفة "دي تسايت" الألمانية في ملف تعريفي بها. ونقلت الصحيفة عن فون أتسدورف قولها "كنت حذرة دائمًا من أن أبدد لهم هذا الوهم عبر صوتي".
ولم تبق فون اتسدورف مع الشركة طويلًا، حيث اشترت طائرة خاصة لتجوب بها العالم.
وأصبت هيلين ريتشي أول امرأة يتم تعيينها طيارًا تجاريًا في الولايات المتحدة عام 1934، عندما وظفتها شركة الخطوط الجوية المركزية , ومع ذلك، أُجبرت ريتشي على التخلي عن وظيفتها عقب عشرة أشهر فقط عندما رفضت نقابة الطيارين عضويتها , وفي عام 1947 انتحرت الطيارة السابقة بعدما أصبحت معدمة تمامًا، مثلما فعلت مارجا فون إتسدورف عام 1933.
انخفضت نسبة النساء في مجلس إدارة "لوفتهانزا "من 40 إلى 20 في المائة بعد مغادرة رئيسة الشؤون المالية زيمونه مينه الشركة عام 2016، إلا أن "لوفتهانزا" حريصة تمامًا على إشراك النساء في الإدارة كما هو الحال في قمرة القيادة، وفق ما ذكرت عضو مجلس الإدارة المتبقية، بيتينا فولكنز , وفي الوقت الحالي، تمثل النساء نسبة 15 في المائة من المتدربين في "لوفتهانزا"، إلا أن الشركة تقول إنها لا تزال تتلقى طلبات أكثر من الرجال, ولا تخطط الشركة لتحديد حصة للنساء العاملات لديها، لكنها تخطط لحملة لتوظيف المزيد من النساء.
أرسل تعليقك