نيودلهي ـ مصر اليوم
مرت ثمانية أشهر على التحاق الطالب الإماراتي عبد اللطيف سعيد، البالغ من العمر 20 عاما، بجامعة جورجاون انسال التي تقع على مشارف العاصمة الهندية دلهي. ويقول سعيد، الذي يقوم بدراسة تطبيقات الكومبيوتر في الهند التي تتفوق في مجال تكنولوجيا المعلومات وعلوم الكومبيوتر: «بمجرد أن انتهيت من المدرسة، قيل لي إن الهند هي أفضل مكان لدراسة الكومبيوتر».وفي الوقت الحالي، يقوم نحو 20 طالبا من بلدان خليجية
بدراسة الكومبيوتر بجامعة انسال، التي تقدم دورات في علوم الكومبيوتر وإدارة الأعمال وفن العمارة والتصميم. وأصبحت الهند قبلة الطلاب الراغبين في دراسة تكنولوجيا المعلومات وإدارة الأعمال المقبلين من السودان والأردن وفلسطين والعراق وسوريا والإمارات العربية المتحدة وإيران وأفريقيا.وتتراوح رسوم الدراسة الجامعية بين 3000 دولار في الجامعات العادية و25000 دولار في كلية إدارة الأعمال الهندية، وقد تصل إلى 50000 دولار في بعض الجامعات الخاصة التابعة للمجلس الطبي الهندي. ومن بين الجامعات التي يفضل الطلاب العرب الدراسة بها كل من جامعة بنغالور وجامعة مدراس والجامعة العثمانية في حيدر آباد وجامعة دلهي وجامعة كيرالا وجامعة بيون.والتحق الطالب اليمني عادل بهيجة بالجامعة العثمانية، ليس فقط بسبب - ما قال إنه - التعليم السيئ والرسوم المرتفعة للجامعات اليمنية، ولكن أيضا بسبب وجود عدد كبير من أقاربه في حيدر آباد، حيث يعيش عمه في منطقة باركاس.ويسافر كثير من الطلبة السودانيين واليمنيين والعمانيين كل عام للالتحاق بالجامعات في حيدر آباد، ليس طلبا للعلم فحسب، ولكن أيضا بسبب الروابط الأسرية مع عدد كبير من المقيمين هناك.ويقول مجيب أحمد خان، وهو من سكان حيدر آباد وذو أصول يمنية: «تربطنا صلات دم بكثير من الطلاب العرب». ويستضيف خان في الوقت الحالي اثنين من الطلاب العرب الذين يدرسون في جامعة حيدر آباد، ويقول إن هناك صلة قرابة بينهم. وعن ذلك يقول خان: «إنهما يزوران المدينة للمرة الأولى. وطالما أنه يوجد عائلة لهما هنا، فلماذا يقيمان في شقة بالإيجار؟».
يذكر أن عدد الطلبة اليمنيين في الهند قد بلغ 2000 طالب، بما في ذلك نحو 500 طالب في كل من جامعة بيون وجامعة حيدر آباد. والمفاجأة السارة هو أن ما يقرب من 200 من هؤلاء الطلبة يدرسون الدكتوراه في مواضيع مثل الجيولوجيا وعلم الحيوان وعلم الأحياء الدقيقة والفيزياء والكيمياء وعلم النبات واللغة الإنجليزية.
وقال جلال أمين، وهو طالب دكتوراه بكلية إدارة الأعمال بجامعة بيون: «معظم الطلبة المقبلين من اليمن إلى الهند يدرسون اللغة الإنجليزية والتكنولوجيا. وعلى الرغم من وجود نحو 14 جامعة في اليمن، فإنها لا تغطي كثيرا من الأفرع، ولا سيما التعليم العالي في مجال العلوم، علاوة على أن التعليم في تلك الجامعات باللغة العربية».
ومع ذلك، ثمة كثير من التحديات التي تواجه الطلبة العرب الذين يدرسون في الهند، حيث يقول خالد الشيباني، وهو طالب دكتوراه في الجيولوجيا: «التعود على التوابل والزيوت التي يتم استخدامها في الطعام الهندي ليس بالشيء الهين. وعلى الرغم من تلك الصعوبات، فإن الطلبة اليمنيين يحبون الدراسة في الهند بسبب المعرفة الهائلة التي يحصلون عليها».
ويقول الطالب السوري عبد الله إن حيدر آباد تعد الخيار الأول للتعليم العالي بالنسبة للطلبة العرب، لأنهم لا يشعرون بغربة هناك. ولا ينفصل هؤلاء الطلبة عن الأحداث السياسية والاجتماعية التي تحدث في العالم العربي، حيث يقول الطالب الفلسطيني رائد كساب، الذي يدرس فن المعمار بجامعة ميليا الإسلامية: «أنا أحد سكان غزة الذين واجهوا مشكلات كثيرة في مصر خلال حكم (الرئيس السابق حسني) مبارك. لقد حصلت على منحة للدراسة في الهند، ولكني وصلت متأخرا بـ9 أشهر، لأن الحدود كانت مغلقة». ويشعر كساب بالسعادة للتغيرات التي شهدتها مصر.
وقال جواد، الذي يدرس اللغويات بجامعة جواهر لال نهرو، إنه سعيد بالإطاحة بالحكام المستبدين في العالم العربي، مضيفا: «أنا مندهش من حالة الانسجام والتوافق الموجودة في المجتمع الهندي، على الرغم من وجود كثير من الديانات».
وقال حيدر جواد، وهو شاب في الـ26 من عمره يدرس تكنولوجيا المعلومات بجامعة ميليا الإسلامية، جاء من البصرة عام 2008 وعلى وشك العودة إلى بلاده بعد الانتهاء من الدراسة: «تحتل الهند مكانة عظيمة بالنسبة لي، ويعتزم كثير من العراقيين الذين يدرسون هنا العودة إلى بلادهم لبنائها ومساعدتها على التقدم». وقال جواد إن أكثر شيء سيفتقده في الهند هو الأفلام الهندية والتوافق الاجتماعي.
وعن تجربتها في الهند، تقول الطالبة الإيرانية ميترا إيراني التي تقوم بدراسة إنتاج الفيديو: «دائما ما كنت أريد أن أتعلم اللغة الإنجليزية وأن أدرس في الهند، ولذا تقدمت بطلب للدارسة في جامعة بيون. بدأت رحلتي كطالبة في الهند عام 2010، ولا تزال مستمرة حتى اليوم. أصبحت الدراسة في الهند بمثابة تجربة تعلم بالنسبة لي، وأصبحت أستمتع بالحياة هنا؛ بعدما تعودت على التعامل مع اللغات المحلية وفهمت طريقة تفكير الناس هنا».
وتضم جامعة بيون نحو 8000 طالب إيراني، وهو أكبر عدد للإيرانيين في أي جامعة هندية. ويتجمع الطلبة الإيرانيون في مقهى «شيشة» الذي يديره الإيرانيون الذين استقروا في بيون مع عائلاتهم. ويمكنك رؤية الإيرانيين وهم يدخنون الشيشة ويلقون الشعر الفارسي ويقومون بإعداد الوجبات الإيرانية.
ويقول الطالب الكيني حاجي عبد النور، الذي يسعى للحصول على شهادة البكالوريوس في الأعمال المصرفية والتأمين من جامعة بومباي: «تكاليف الدراسة هنا أغلى من تكاليف الدراسة في كينيا بخمسة أو ستة أضعاف، ولكنني جئت إلى هنا من أجل تجربة جديدة».
وتضم جامعة مومباي أكثر من 200 طالب أجنبي خلال العام الحالي، ومعظمهم من البلدان العربية والأفريقية. ويقول عبد النور: «الحصول على شهادات من الهند سيكون له قيمة كبيرة في بلادنا».
وسوف يقضي حمزة بن عمر، وهو طالب سعودي انتقل إلى دلهي منذ عام تقريبا، شهر رمضان المعظم لأول مرة في الهند الشهر المقبل. يُذكر أن عدد الطلبة السعوديين في الهند قد بلغ أكثر من 1000 طالب، في مدن مثل نيودلهي ومومباي وبانغالور وتشيناي وكويمباتور. وتتمتع الهند بشعبية كبيرة بين الطلبة السعوديين الذين يسعون للحصول على شهادات في مجال إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات والهندسة والتكنولوجيا الحيوية، كما يلتحق بعض السعوديين بالجامعات الهندية لتحسين مهاراتهم في اللغة الإنجليزية. ويتسابق السعوديون على الالتحاق بالجامعات والكليات الهندية، مع وجود برنامج حكومي للمنح الدراسية يساعد الطلاب السعوديين على الالتحاق بتلك الجامعات.
وأعرب طالب سوداني يدرس حاليا تكنولوجيا المعلومات عن ندمه لعدم سفره للهند في وقت سابق، بعدما أضاع عامين في البحث عن فرصة للسفر إلى كندا أو الولايات المتحدة، مضيفا: «كوني سودانيا يجعلني أفقد الأمل في الحصول على تأشيرة للدراسة في الغرب، لأننا ضمن 15 دولة محظورا عليها ذلك. وبعد عامين، سمعت أن جامعة بنجلور جامعة معترف بها على المستوي الدولي، وأنها أفضل مكان لدراسة تكنولوجيا المعلومات، ولذا تقدمت للدراسة بها».
وقد تلقت الجامعات الهندية أوراق ما يقرب من 18000 طالب عربي للالتحاق بتلك الجامعات خلال العام الدراسي الجديد بداية من شهر يوليو (تموز) المقبل، حسب البيان الصادر عن مكتب تسجيل الطلبة الأجانب. وقال الدكتور فينا ميشرا، وهو نائب عميد جامعة دلهي للطلاب الأجانب، إن الجامعة تقوم الآن بفرز الطلبات وإرسال خطابات للطلبة الذين تم قبولهم، حتى يمكنهم الحصول على التأشيرة.
وتتسم إجراءات الالتحاق بالجامعات الهندية بالسهولة الشديدة، ولا يتطلب الأمر سوى الحصول على خطاب من الجامعة التي يريد الطالب الالتحاق بها بالموافقة على الدراسة، مع دفع مبلغ مالي لضمان سداد الرسوم. وعلاوة على ذلك، يقدم المجلس الهندي للعلاقات الثقافية برنامجا للمنح الدراسية، حيث يقدم المجلس نحو 2325 منحة في 21 تخصصا دراسيا. ومن بين هذه المنح، يتم تخصيص 675 للطلبة الأفغان و500 للطلبة الأفارقة. وهناك طلبة يقومون بالدراسة في هذه التخصصات من نحو 80 دولة في إطار برامج المنح الدراسية المختلفة. ويوجد طلبة أجانب في الدراسات العليا والدكتوراه، وكذلك في الدورات المهنية مثل الهندسة والصيدلة والمحاسبة وإدارة الأعمال والإدارة، كما توجد منح دراسية لتعلم الرقص الهندي والموسيقى والرسم والنحت، وغيرها.
"الشرق الأوسط"
أرسل تعليقك