الرياض ـ مصر اليوم
في عصر المعرفة وتطوير العقول، نعيش اليوم رغبة في استثمار التقنية الحديثة لدعم الابتكار والتحول إلى اقتصاد معرفي قائم على الأفكار، وذلك من أجل تحقيق المنافسة والريادة العالمية. وعند الحديث عن تطوير التعليم فلا بد من التطرق إلى تطوير التقنية، التي خلقت تحديا لمختصي تقنيات التعليم في كيفية جذب الطالب للتعلم عبر هذه التقنية، أمام الثورة التكنولوجية الحاصلة والخيارات التقنية المتعددة أمام الأفراد.وفاء الوذيناني، مشرفة في إدارة التجهيزات المدرسية وتقنيات التعليم في مدينة الطائف (غرب السعودية)، قامت بتجربة لتطبيق
تقنية «الواقع المعزز» (Augmented reality) في مدرستين من مدارس البنات في محافظة الطائف لتدريس مادة الرياضيات في المرحلة الابتدائية لفصل دراسي كامل بالتعاون مع معلمة المادة هيفاء الوذيناني، وتدريس مادة اللغة الإنجليزية في المرحلة الثانوية مع معلمة المادة ناجية الغامدي، ولاقت نجاحا على مستوى الطالبات وأولياء أمورهن الذين تم استخدام التواصل معهم عبر ذات التقنية.ولإعطاء لمحة حول تقنية «الواقع المعزز»، تحدثت وفاء الوذيناني إبان مشاركتها في المؤتمر الدولي الثالث للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد في فبراير (شباط) الماضي، موضحة أن تقنية الواقع المعزز هي عبارة عن دمج الواقع الحقيقي مع العالم الافتراضي، بمحتوى رقمي من الوسائط المتعددة كالصور أو الفيديو ثلاثي الأبعاد، ولها عدة أنواع وآلية للعمل وتتميز بخلاف الكثير من التقنيات التعليمية المستخدمة حاليا بميزة المحافظة على معادلة العملية التعليمية في التواصل، والتفاعل، والنشاط البدني.وتقول الوذيناني: «قبل سنوات، لم تكن هذه التقنية مستثمرة أو ظاهرة في حياتنا. ولكن بعد استخدامها في العملية التعليمية، أثبتت عدة دراسات دولية جدواها في عملية التعلم، وذلك بعد تجارب أجريت في عدة جامعات ومدارس أذكر منها مدرسة ويلسون في لندن، التي زرتها ورأيت كيف جذبت هذه التقنية الطلاب لعملية التعليم، ورأيت كيف نمت موهبة الابتكار وملكة الخيال والإبداع لديهم».واستطردت في حديثها حول الواقع المعزز: «بحسب آخر تقرير صدر من مركز جونبير للأبحاث (Juniper Research) فإن العائد المادي العالمي منها هو 1.5 مليار دولار. ومن المتوقع توجه العالم نحو الاستثمار فيها في عام 2015، فميزتها أنها تستخدم في حياتنا اليومية، وأنا على يقين أن أغلبنا استخدمها دون أن يعرف مسماها، كبعض تطبيقات الأجهزة الذكية التي تعمل بتمرير الجهاز الذكي على لوحة إرشادية لإظهار الترجمة أو زيارة صفحة على الإنترنت، أو تجربة الأشياء عن بعد قبل الشراء، وهذا ما يجب أن نستغله في العملية التعليمية لنجعل ما يرفه الطلاب يعلمهم أيضا».
وتعتبر تجربة تطبيق «الواقع المعزز» بمدارس الطائف هي الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي بشكل رسمي، فلم تكن هناك تجارب رسمية مدعومة من حكومات أو وزارات.. ولكن عند بحث القائمين عليها في السعودية اتضح لهم أن هناك مجموعة من الباحثين في مصر قد قدموا دراسات عن هذه التقنية كمقترح لتدريس التاريخ الفرعوني عبرها، وأيضا إحدى مجلات الأطفال التي تطبع بالإمارات العربية المتحدة، حيث طرحت لعبة اسمها «ميرو» قائمة على هذه التقنية كأساس لها، إضافة إلى إحدى شركات الاتصالات المحلية التي استخدمتها في تطبيق لتعليم صفة الحج العام الماضي.
وبحسب إحصائيات تقرير المعرفة العربي لعام 2011 فإن 45 في المائة من سكان العالم العربي أعمارهم لا تتجاوز 15 عاما، ونسبة 21 في المائة منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما.. وهو أمر يجعل من موضوع تطوير التعليم إحدى الأولويات المستقبلية التي تقع على عاتق مسؤولي التعليم بالدول العربية. وبالعودة لوفاء الوذيناني، فهي ترى أن التقنية يجب أن ترفض متى ما كانت تحدّ من التواصل والتفاعل، أو كانت تحدّ من إبداع الطالب أو المعلم، ومتى ما كانت تعزل المتعلم عن واقعه الحقيقي، أو تقلل من العمل التعاوني، أو لا تستخدم التقنية التعليمية بطريقة تفيد الطالب في حياته.
وتقول وفاء الوذيناني: «التقنية عبارة عن أداة، لا قوة خارقة يستخدمها المعلم كجزء من منظومة التعليم، بالتالي نحتاج إلى تطوير أو تغيير أدوار المعلم، وإحداث اتجاهات تربوية حديثة، بتغيير أساليب التعليم، فالتقنية لا تحل محل المعلم، ولكن سيتم بالتأكيد الاستبدال بالمعلم الذي لا يستخدم التقنية. ونحن لا نريد طالبا يعرف فقط، ولكن يعرف كيف يعرف، ونريد طالبا مبتكرا لا متذكرا.. فعند توظيف التقنية الحديثة يجب أن يكون لدينا استشراف لمستقبل التقنيات».
وباستخدام تلك التقنية في الطائف، قدمت الأستاذة الكثير من المقترحات لتوظيف هذه التقنية في التعليم، كالكتاب التفاعلي، والبث الحي باستهداف مواقع محددة كالمعالم التاريخية والآثار بالسعودية كقصر شبرا بالطائف أو قصر المصمك التاريخي بالرياض، أو الحرمين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وتأليف مواد تعليمية تظهر للكبير والصغير عبر الجهاز الذكي المحمول، وكذلك تجسيد الشخصيات التاريخية للتحدث عن تجربتهم وما قدموه، مما يساهم في إذكاء روح الإبداع والابتكار، ويقدم محتوى تعليميا تقنيا مناسبا لكل المستويات والأعمار.. كما وجهت دعوة إلى التربويين والمهتمين بالطفولة والموهبة باستثمار هذه التقنية في مجالاتهم.
أرسل تعليقك