أكدت الدراسات الحديثة والتطبيقات العملية على أن الطفل يتعلم منذ الأشهر الأولى من عمره، وتبين اختصاصية التعلم المبكر سوزانا إيمي، وهي أم لثلاثة أبناء، أن الطفل يمكنه حفظ الحروف الأبجدية في سن مبكرة جدا، كما يمكن تعلم الكثير من الكلمات في أعوام ما قبل المدرسة، إذا ما أعطت الأم الوقت الكافي لأطفالها.
وتشير إيمي إلى أنه من الأفضل أن تبدأ الأم بالرحلة التعليمية مع طفلها قبل الالتحاق بالمدرسة، مبينة أنه لا توجد سن محددة لبدء التعلم، لكن خوض هذه التجربة يبدأ من عمر عامين أو أقل من ذلك، وقد تتعجب الأم من قدرات الطفل على الالتقاط والتعلم.
ولا تنحصر عملية التعلم على استخدام الألعاب التي لها ألوان جذابة أو بسماع الموسيقى وبعض الأغاني، رغم أنها وسيلة جيدة لتعليم الأطفال، ولكن يمكن للأم الابتكار بنفسها لحث الطفل على استخدام دماغه المتسارع في النمو.
فمثلا إذا اختارت الأم أن تعلم طفلها الأحرف عن طريق أغنية معينة، فلا داعي أن تقوم بغناء الأغنية مرارا وتكرارا بالطريقة نفسها، إذ يمكنها أن تطلب منه الغناء بسرعة أو ببطء أو بالهمس أو بالصوت العالي لتترسخ تلك الأحرف في دماغه بشكل أفضل كما يمكنها أن تطلب منه الغناء وهو يقفز أو يركض، وبالتالي تكون ترسيخ الأحرف كاملة وغير قابلة للنسيان.
ويمكن للأم، بحسب إيمي، أن تصنع كتابا خاصا بالأحرف أمام ناظري الطفل، فتقوم باختيار دفتر ما وتلصق عليه الأحرف بالترتيب من المجلات ودمجها بصور ترتبط بالأحرف، مثلا تحضر حرف A وتربطه بصورة للتفاح Apple بالإنجليزية، وهي طريقة فنية مبتكرة تعلم الطفل الأحرف والكلمات وترسخ الصور في عقله.
ويمكن شراء أحرف كبيرة من السوق أو حتى كتابة الأحرف على كرتون كبير ونثرها على الأرض والطلب من الطفل التوجه إلى الأحرف التي تلفظها الأم وتحديه بجمع أحرف اسمه، وقد تستغرب الأم من قدرة طفلها المذهلة على القيام بذلك في فترة قصيرة.
كما يجب على الأم أن تحفز طفلها على تشكيل الأحرف باستخدام الجسد، وهي طريقة مرحة للتعلم، حيث يمكن للأم والطفل الاستفادة فكريا وجسديا عند القيام بحركات رياضية بالجسم لتشكيل الأحرف.
كما يمكن للأم خبز البسكويت على شكل الأحرف، وجعل الطفل يزينه بالألوان، مع الحرص على إعادة اسم الحرف قبل تلوينه والتركيز على طريقة لفظه ليتمكن الطفل من التعلم بطريقة مرحة.
كما يمكن للأم جعل طفلها يلعب ببعض الأطعمة التي يتناولها؛ مثل حبات البرتقال أو حتى أصابع الجبن لتشكيل الأحرف أثناء تناوله الطعام، وبهذا يتمكن الطفل من الاستمتاع بوجبته والتعلم في آن واحد.
وتشير دراسة بريطانية إلى أن تعلم الأطفال الأحرف والقراءة قبل مرحلة المدرسة له تأثير على مستوى تحصيلهم الأكاديمي في المدرسة، ويشير الأستاذ الدكتور ادوارد بيركبك من جامعة لندن، الذي قاد البحث، إلى أن كل من يتلقى تعليما قبل المدرسة يزيد تحصيله الأكاديمي أكثر بـ20% من الذين لا يتلقون هذا التعليم.
وبينت الدراسة أن التعليم البيتي أفضل من إلحاق الطفل بالحضانات وصفوف التمهيدي، ويشير بيركبك إلى أن هنالك العديد من الآباء الذين يتميزون بقدر كاف من الثقافة، وهؤلاء عليهم توفير بيئة تعليمية في منازلهم من أجل أطفالهم.
ويقول "إن جهود الأهل ذات أهمية كبيرة بغض النظر عن مستوى تعليمهم، فليس أطفال الطبقة الوسطى فقط هم الذين يمارسون الكثير من القراءة"
.
وضمت الدراسة ما يقارب 3000 طفل في أكثر من 800 مدرسة ابتدائية من عمر 3 سنوات فما فوق. وقد جمع الفريق معلومات مفصلة حول المدارس التي انتظم فيها أولئك الأطفال، وكذلك حول خلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية وبيئتهم البيتية، فهي أشمل دراسة من نوعها تنظر بتفصيل بهذا المقدار للتطور التربوي للأطفال في هذه العينة الشاملة.
أرسل تعليقك