الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

الطلاب يتلقون "البوكليت" بدلاً من أوراق الأسئلة التقليدية

الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار

امتحانات الثانوية العامة
القاهرة ـ صوت الامارات

يصف الأهالي، الثانوية العامة، بـ "كارثة كل بيت". و"البعبع" تارة وبـ "الغول" تارة وبـ "العو" تارة أخرى.

صفحات "فيسبوك" لا تخلو هذه الأيام من مناشدات الآباء والأمهات بأن يدعو الأصدقاء والصديقات لابنهم فلان وابنتهم فلانة اللذين ابتليا بالثانوية العامة.

أجواء الفجر والصباح مليئة بالدعاء والتوسل والتمني، وأجواء المساء والسهرة تختلط فيها المكالمات الهاتفية من الجدات والأجداد والأهل والأصدقاء للاطمئنان إلى الابن الغالي في يوم من أيام الثانوية العامة. 

الثانوية العامة يقولون عنها إنها شر لا بد منه و "بعبع" لا بد من أن تمر به غالبية البيوت المصرية مرة على الأقل، بل وصل الأمر إلى درجة تشبيهها بالموت الذي هو حق على الجميع تدور رحاها هذه الأيام.

الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار

وعلى رغم التغيير الإيجابي الذي يلقي بظلاله على نحو 600 ألف بيت مصري هذا العام، إلا أن الثقافة السائدة جعلت من الثانوية العامة مناسبة للندب والإغماء والصراخ وخلق أجواء من الطوارئ في الداخلية (وأحياناً الجيش) والإعلام ومراكز الدروس الخصوصية وغرف المذاكرة وبالطبع في وزارة التربية والتعليم.

وزارة التربية والتعليم من خلال وزيرها الجديد طارق شوقي نجحت في إنجاز التغيير الكبير الذي واجه مقاومة عنيفة إذ بات الطلاب يتلقون «البوكليت» بديلاً من أوراق الأسئلة والإجابة التقليدية، ما سيطر على التسريب وتفوق على «تشاو مينغ» (ملك التسريب)، وقلص ظاهرة الغش الجماعي (وإن ظلت فكرة الغش نفسها قائمة نظراً إلى تقبلها شبه الكامل في المجتمع). يبقى أن الثقافة المتوارثة تأبى أن تتوارى.

تقبع نهى سليم (18 سنة) في أبعد ركن في البيت كلما حان موعد نشرة الأخبار.

الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار

السرد اليومي لنتائج عينات تصحيح مادة اليوم السابق، والتقارير المذاعة عن حال الطلاب النفسية بعد امتحان اليوم، والإحصاء الدوري عن عدد حالات الغش ومحاولات الهروب بورقة الامتحان ثم المداخلة الهاتفية مع المتحدث باسم وزارة الصحة، تصيبها بتوتر وقلق مضاعفين. تقول: «الموضوع أشبه بحصر ضحايا الحوادث والكوارث.

لا أريد أن أعرف عدد حالات الغش، كما أن مجرد الإشارة إلى نسب النجاح يعني أن هناك نسب رسوب وهذا يجعلني أفقد القدرة على التركيز في المذاكرة لفرط التوتر.

لكن «كله كوم» وتقرير وزارة الصحة «كوم» آخر تماماً». تقول نهى والدموع تترقرق في عينيها: «هل سأل أحدهم نفسه عن شعوره وهو يستعد لامتحان في اليوم التالي وهو يتابع توصيف حالات الإغماء والحمى ومحاولات القفز من نوافذ اللجان ووفاة ناج عن محاولة انتحار؟!»

انتحر طالب ثانوية عامة شنقاً قبل أيام تاركاً ورقة تشير إلى صعوبة امتحان اللغة الإنكليزية وطلب من والدته ألا تحزن عليه. وقبله انتحرت طالبة ثانوية عامة أيضاً بإلقاء نفسها في النيل، وأخرى من الطبقة الثانية في المدرسة التي أدت فيها الامتحان.

ومن أجواء إقبال طالب على التخلص من حياته لصعوبة امتحان أو لشعوره أن حلمه بالالتحاق بكلية بعينها لن يتحقق أو لخوفه من توبيخ الأهل أو حتى بسبب ضغوط المذاكرة والتحصيل الدراسي الشديدة على مدى عامين إلى الأجواء التي يمعن الإعلام في نقلها وتساهم في ترسيخ ثقافة الضغط والندب المهيمنة على الثانوية العامة.

فلا تخلو جريدة أو برنامج تلفزيوني من تقارير مصورة وصور فوتوغرافية لمجموعات الطلاب وهم يستعدون لدخول لجان الامتحان، أو مجموعات الأهالي التي تفترش الأرصفة لساعات أمام اللجان انتظاراً لخروج الابن أو الابنة، أو الطالبات المصابات بانهيار عصبي بعد الخروج من اللجنة.

صور البكاء واللطم والإغماء تتكرر في كل يوم من أيام الثانوية العامة حتى لو أجمعت الآراء على أن الامتحان جاء سهلاً وفي مستوى الطالب المتوسط.

متوسط عدد الصور التي تبث صوراً لطلاب سعداء أو تبدو عليهم علامات الاطمئنان عقب الامتحان أقل بكثير من عدد الصور التي تحمل بكاء وعويلاً.

الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار

ويشير زميل صحافي مسؤول عن ملف التعليم في صحيفة يومية إلى أنه جرى العرف باستخدام صور جاذبة وتحوي عنصر دراما لجذب القارئ، «لذلك أحياناً نختار صورة لطالبات يبكين أمام اللجنة- على رغم أن الموضوع يكون عن سهولة الامتحان، لكنها ثقافة الثانوية العامة المرتبطة بالأكشن والإثارة».

«الأكشن» والإثارة وترسخ ثقافة سلبية قوامها الخوف ومكونها الأساسي التوتر وموروثها يحمل هذا العام الدراسي مسؤولية تحديد مصير الطلاب والطالبات أدت إلى زيادة ضربات القلب وتصبب عرق التوتر كلما ذُكِرت الثانوية العامة بخير أو بشر.

صحيح أن الغالبية المطلقة من خبراء التعليم واختصاصيي علم النفس وجهابذة التعليم يؤكدون في مثل هذا الوقت من كل عام أن الثانوية العامة سنة مثلها مثل بقية سنوات الدراسة، إلا أن كل ما يحيط بالطلاب والطالبات وأسرهم سلسلة متصلة تشير إلى أن أنها سنة ليست كغيرها.

تبدأ السلسلة في البيت حيث آمال الأهل وأحلامهم معلقة على التحاق الابن بالهندسة والابنة بالطب، وتعليق الأمنية في رقابهم. لكن الرقاب تتحمل كذلك مسؤولية أخرى ألا وهي تحقيق نتيجة تناسب الاستثمار المالي الذي قصم ظهر الأب والأم مادياً بدءاً بمصروفات المدرسة، مروراً بطلبات الابن، وانتهاء بالدروس الخصوصية العميقة التي تستنزف الموازنة.

حلقة أخرى من حلقات الثانوية العامة تقبع في أسلوب التدريس (أو ما تبقى منه) في المدرسة حيث تأكيد لفكرة أن سنوات الدراسة كلها ما هي إلا تمهيد للحدث الأكبر ألا وهو الثانوية العامة. والحلقة الثالثة تكمن في مراكز الدروس الخصوصية التي صارت أمراً واقعاً بعد ما قتلت المدارس في مقتل والتدريس في مقتلين.

فالمراكز– بالإضافة إلى التحفيظ والتلقين المؤهلين لليوم الكبير- تغذي أكثر فكرة السنة المفصلية في حياة الطالب.

وتتشابك حلقات مسلسل تهويل الثانوية العامة وتجذير ثقافتها الموترة والمثيرة للرعب، حيث خطباء المساجد يذيلون دعاء الفجر بالدعاء لأبنائنا في الثانوية العامة وكأنهم مقدمون على حرب تحرير الوطن، وفقرات الصحة النفسية تعمر بأسئلة عن التعامل مع الابن طالب الثانوية العامة، وهلم جرا.

تقول مي عمران وهي والدة طالبة في الثانوية العامة: «من السهل تحديث نظام الثانوية العامة وتغيير أسلوب الامتحانات، وهو ما حدث بالفعل. لكن كيف نغير الثقافة والطقوس التي ارتبطت بهذا العام، علماً إن الجميع يساهم من دون أن يدري أو يقصد في نشر الخوف وبث الذعر وتأكيد إبقاء الثانوية العامة على مكانتها كـ «غول» وليس كسنة دراسية مثلها مثل بقية السنوات»؟
 

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار الثانوية العامة تزور 600 ألف بيت مصري وتسجيل حالات إغماء وانتحار



GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates