عجمان - سعيد المهيري
لجأ فريق طالبات الهندسة المعمارية في جامعة عجمان إلى الإبهار بالفوز بالمركز الثاني في المسابقة الدولية بل كن أكثر حكمة واختلافا ليقدمن مشروع (تحويل عجمان إلى مركز ثقافي) برؤية واقعية تمزج مابين النموذج القديم للمدينة والمعاصر، لتأخذ إيجابيات كل منهما وتراعي متطلبات الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية في مشروعهن الذي سوف يخبرننا عنه فيما يلي:
العمل على المشروع كان مشتركا ولا يمكن أن تميز عملا فرديا لأحد، هكذا تبدأ صفية سليمان حديثها لتخبرنا عن خطوات البداية في وضع فكرة ومخطط مشروعهن، وتقول:" كانت فكرتنا تقوم على وضع مخطط لتحويل مدينة عجمان إلى مركز ثقافي يجمع إيجابيات المدينة الحديثة والتي تمثل النموذج الغربي وبين التقليدية، في البداية عملنا على دمج المخططين ودراسة السلبيات والإيجابيات لكل منهما فالمخطط الغربي مثلاً يغفل أهمية التواصل الاجتماعي، ولكن يميزه سهولة المواصلات وسرعتها، وتردف أن المخطط الذي وضعنه كان يتماشى مع احتياجات السكان فيتضمن نقاط التجمعات والساحات وغيرها، وعن الفوز بالمسابقة تؤكد أن الفريق لم يكن يتوقع الفوز في هذه المسابقة التي تشارك فيها كبريات الجامعات العالمية، ولهذا تشعر بأنه أعطاها ثقة كبيرة بالنفس ودافعاً كبيراً لتقدم أفضل ماعندها في المستقبل فلا شيء مستحيل .
وعن التفاصيل التي ضمها المشروع تشرح لنا يسر علي أبو النور، ووصفت "بعد وضع المخطط كان علينا العمل على وضع التصاميم للمتاحف والمباني بحيث يكون لكل مبنى منه هويته الخاصة التي تعبر عنه، وبالفعل بدأنا العمل على تمييز المباني وهي دار الأوبرا، وعدد من المتاحف الثقافية، ومتحف الحياة البحرية، والوطني، والتراث، والفنون الجميلة، مين سكوير، إضافة إلى الساحة الرئيسية المصممة لاستيعاب العروض الكبيرة والأنشطة والفعاليات المختلفة التي تقام في الهواء الطلق .
بلدية عجمان اختارت المنطقة التي سوف تعمل عليها الطالبات، وكان عليهن دراسة المنطقة في وضعها الراهن ليضعن المخططات لمشروعهن حسب دعاء مروان، وتصف الممرات التي وضعنها بأنها تبدو على المخطط كشبكة العنكبوت، وعملن على تكثيف ممرات المشاة المظللة والجسور وتوضح أن الغاية من الاعتناء بهذه الممرات كانت زيادة الترابط واللحمة بين الأبنية، تؤكد "حاولنا دمج الشكل الجامد والانسيابي من خلال هذه الممرات فكسرنا جمود المنطقة لنعيد إليها سهولة الحركة ومرونة التصميم الذي يساعد على الترابط، وتضيف أن الترابط يكون عادة بشكل انسيابي .
أما عن ميزة الاستدامة التي اتسم بها المشروع فتحدثنا حسيبة بارفين، "ما ميزنا هو التفكير في الأمور الاجتماعية حيث ركزنا على خدمة مختلف فئات المجتمع، والسياح أيضا وما ينطوي تحت مفهوم الاستدامة بمعناها الشامل والذي يتسم به النظام المدني القديم، وتوضح أن تحقيق الاستدامة يحتاج إلى دراسة الوضع العام للمدينة والأجواء فيها، فعلى سبيل المثال تعتبر الحرارة العالية من الأسباب التي تدفع الناس نحو الأماكن المغلقة معظم الوقت، وتنبهوا لهذه النقطة فآثروا في تصاميمهن التوظيف على المظهر ليؤثرن الفائدة العملية والاجتماعية للناس من المباني على ميزة الشكل التي يعمل عليها الأغلب، فجعلوا المباني توفر كمية أكبر من الظل على المساحات الخارجية ليمنحوا الناس شهرا إضافيا في السنة يمكنهم فيه استخدام هذه الأماكن المفتوحة، فالحلول يجب أن تتماشى مع طبيعة البلد، أما عن الاستدامة الاقتصادية فاتجهوا نحو تصميم مبان تتماشى مع المحيط العام في المنطقة، وابتعدوا عن التصاميم المبهرة لأنها سوف تكون مفروضة على المدينة واقتصادها، فحققوا الاستدامة بعدم جعل المباني عاملا أساسيا في الجذب .
وكان الخروج على المألوف سبب فوز الطالبات بالمركز الثاني برأي الطالبة أتوسا أسلمي حيث لم تسعين نحو الإبهار بل فكرن بالمنطق، ووضعن مخططا يلبي احتياجات المجتمع بعيدا عن المغالاة في التكاليف المادية الخيالية، أما عن التحديات التي واجهتهن في تنفيذ المشروع فتصف "كان من أكبر التحديات التي واجهتنا اضطرارنا للدمج بين برامج الحاسوب المتطورة التي تستخدم في المكاتب الهندسية العالمية حتى ننتج المشروع بالصورة النهائية التي أبهرت لجنة التحكيم إضافة إلى تحدي الوقت حيث صادف موعد المسابقة وقت العطلة الفصلية التي تليها الامتحانات، ولهذا كنا نشعر بالضغط مابين التحضير للمسابقة والاستعداد للامتحانات في الوقت نفسه، وتضيف أن هذا الفوز سوف يدفعهن لتقديم ماهو أكبر بكثير .
ولأن التطور الثقافي هو واجهة التطور بمختلف أشكاله في أي مدينة أحبت الطالبات وضع هذا التطور على مشاريعهن حسب جيسلا لوهلاين "مشرفة على المشروع" وتوضح أن هدف المشروع كان تأصيل المنشآت الثقافية الموجودة منذ القدم وتمثيلها بأسلوب معماري حديث، وعن دورها في دعم الفتيات للفوز في هذه المسابقة وتشير "كانت الخطوة الأولى والأساسية أمامي تتمثل باختيار المشاركات، فلكل منهن طبيعة خاصة وصفات تميز شخصيتها، وعملت على اختيار الفتيات اللاتي يمكن انسجامهن مع بعضهن ويتعاونّ في إنجاز المشروع، واللاتي يقدرن قيمة النقاش ويحترمن الرأي الآخر" .
أما عن التحدي الأكبر أمامها هي والفريق، كان المنافسة التي دخلنها أمام جامعات عالمية عريقة مثل هارفرد وغيرها، إضافة إلى أن الفرق التي كانت تنافسهن لم تكن في المستوى نفسه بل كانوا طلبة ماجستير، وهذا ما جعلها فخورة جدا بهذا الانجاز الذي حققته طالباتها حيث استطعن كسر حاجز الرهبة من المنافسة في المسابقات العالمية .
أرسل تعليقك