احتفت الصحف والمواقع الإخبارية العربية بالحديث الذي أدلى به الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لصحيفة "الاتحاد"، ونشرت معظم الصحف الحوار كاملاً، وأفردت له مساحات واسعة على صفحاتها الأولى والرئيسية
.ووجد الحوار تفاعلا كبيرًا على الإنترنت، حيث احتل موقعًا متميزًا بين أكثر المواد قراءة على المواقع الإخبارية وسجل أعدادًا كبيرة من التعليقات والمشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأشاد عدد من الصحافيين المصريين في تصريحات لـ "الاتحاد" بمضمون الحوار وجرأته وتوقيته والقضايا التي تطرق إليها.
وذكر عدد منهم أن تأكيد الرئيس المصري على أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد يمكن أن يكون جزءًا من الحل في سوريا أهم ما جاء بالحوار، حيث تعد المرة الأولى التي يعرض فيها الرئيس المصري رؤيته للخروج من المأزق السوري، كما أشادوا بحديث السيسي عن العلاقات مع الولايات المتحدة والتغيرات التي طرأت عليها خلال الشهور الماضية، والارتباط بين الأمن القومي المصري وأمن دول الخليج.
وأشار رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير "أخبار اليوم" ياسر رزق إلى أن جريدة الاتحاد استخلصت في 10 دقائق 15 تصريحاً ومعلومة شديدة الأهمية، أهمها ضرورة "تنويع" علاقات العرب بالعالم وعدم الاكتفاء بالتحالف أو التعاون مع محور واحد أو قوة بعينها، وأن "التنويع" لا يعني عداء لأحد وليس موجها ضد أحد، إضافة إلى ضرورة تنقية الأجواء العربية وإعطاء دفعات فعلية للعمل العربي المشترك، والتحرك بسرعة لوضع حد للأزمة السورية، وغير ذلك الكثير من القضايا الساخنة والشائكة المسكوت عنها التي تحدث الرئيس عنها بكل صراحة وأعلن موقفه منها ورؤيته لآليات مواجهتها أو التعامل معها.
ووصف رئيس تحرير "الأهرام ويكلي"جلال نصَّار حديث الرئيس السيسي لـ "الاتحاد" بـ "الموضوعي"، ففي ظل الضبابية التي تخيم على المشهد السوري، والصراع المتوقع، بل المؤكد على السلطة حال سقوط نظام الأسد، والمعارضة المسلحة التي لم يعرفها العالم من قبل، وتعاظم المد الإرهابي لا يمكن الحديث أو حتى تخيل أن القضاء على نظام الأسد يمكن أن يكون حلاً للأزمة، بل على العكس سيكون بداية لكارثة لن تقل تبعاتها عمَّا تعيشه ليبيا وما ستؤول إليه الأمور فيها.
وتظهر الموضوعية أكثر في الحديث عن العلاقة الوثيقة بين الأمن القومي الخليجي والأمن القومي المصري، وهذا الارتباط لم يعد نظرياً ولا احتمالياً في ظل الأحداث التي عاشتها المنطقة خلال الفترة الأخيرة، فبلا شك أثبت التطرف أنه ظاهرة كونية عابرة للحدود، وأثبتت ضرباته أن بلاد العرب على رأس قائمة الاستهداف، وساهم التنسيق بين مصر ودول الخليج في كسر شوكة التنظيمات المتطرفة، وانعكس التقارب العربي على أداء المتربصين بأمن المنطقة والذين يتراجعون دائماً للخلف كلما ازدادت العلاقات العربية قوّة وتكون فرصتهم مثالية في كل الشقاق والخلافات.
وأبدى رئيس تحرير جريدة "المدينة" السعودية الدكتور فهد حسن العقران ارتياحه للطريقة التي تعامل بها الرئيس السيسي في الإجابة على الأسئلة الواعية لصحيفة "الاتحاد"، خصوصا مع قضية العلاقات المصرية - الأميركية، فالسؤال كان واضحاً ومباشراً، والإجابة أكثر وضوحاً وصراحة وموضوعية. فالرئيس لم يتسلح بالردود الدبلوماسية التي يعتبرها كبار السياسيين مخرجاً من المناطق الشائكة في الحوارات الصحفية واللقاءات المتلفزة، وعلى العكس تماما، أكد أن علاقات القاهرة وواشنطن مرت بمرحلة من التوتر ارتفعت وانخفضت درجة حدتها مرات عديدة خلال الشهور الماضية، لكن الأسابيع الأخيرة شهدت تحسناً ملموساً في العلاقات.
ولا يمكن اختزال أهمية الحوار وفقاً للدكتور العقران داخل حدود الإمارات ومصر، فالقضايا التي طرحت على المائدة تتجاوز حدود الدولتين الشقيقتين إلى بؤرة اهتمام كل أبناء المنطقة، فالأمن القومي للدول ومواجهة التطرف ولطبيعة الخلافات العربية - العربية وحتى الانتخابات البرلمانية المصرية قضايا تشغل المواطنين العرب على اختلاف دولهم، لأن القاعدة أثبتت أننا بالفعل "كلنا في الهم شرق".
ويحسب للحوار أنه أزال غموضا يلف عددا من القضايا الساخنة منذ فترة طويلة، فتأكيد الرئيس المصري وفقا مدير عام تحرير جريدة "المساء" المصرية،لأحمد سليمان أن بشار الأسد جزء من حل الأزمة السورية أمر بالغ الأهمية، نظراً لما سيترتب عليه من تغييرات في ملامح خريطة المنطقة على المديين القريب والمستقبلي، ولا يمكن التعامل مع تصريح بهذا الوضوح إلا كرسالة واضحة الدلالة لأطراف لا تريد سلاما ولا استقرارا للمنطقة، ومحور عمل لوضع حد للمأساة السورية سوف تتضح ملامحه خلال الفترة القريبة المقبلة.
وانطلاقا من الخبرات المتراكمة والرؤية الشاملة للرئيس السيسي تناول الحوار قضية الأمن القومي لمنطقة الخليج وأرض الكنانة بطريقة وصفها مدير عام تحرير المساء بالسلسة والعميقة، فالحوار لم يكتف بالإشارة إلى الارتباط الوثيق بين أمن مصر وأمن الخليج، ولكن تناول بين سطوره شواهد تشير إلى خطوات عملية واستراتيجيات يجري تنفيذ بعضها والإعداد للبعض الآخر بهدف توفير كل الأمن والاستقرار لشعوب دول المنطقة ولعمليات التنمية الجاري تنفيذها.
ويرى رئيس تحرير صحيفة وموقع فيتو المصريين عصام كامل أن التناول الجريء والصريح لقضيتي سوريا وليبيا في الحوار خرج به من دائرة "حوارات المناسبات" التي تجرى على هامش الزيارات والمؤتمرات، فالرئيس السيسي لم يتحدث بهذا الوضوح من قبل عن أن الإطاحة بنظام بشار ليست الحل الأمثل ولا المخرج من الأزمة السورية، رغم أن هذا التوجه جزء من الاستراتيجية المصرية في التعامل مع الوضع في سوريا.
ويحسب للرئيس أنه لم يناور ولم يحاول إمساك العصا من النصف، رغم معرفته الكاملة بأن هذا الموقف يختلف عن مواقف دول أخرى في المنطقة ترتبط مع مصر بعلاقات وثيقة.
ويتميز الحوار أيضا بلمسة موضوعية عقلانية ظهرت بوضوح عند الحديث عن العلاقات مع العالم، وضرورة إحداث حالة من التوازن بين علاقات العرب بالشرق والغرب، وتأكيد ضرورة أن تكون المصلحة وليست العاطفة ولا الانفعال المحرك الأساسي لعلاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي وبدول وكيانات العالم.
ويرى مدير تحرير "الأهرام"،أنور عبد اللطيف أن أهم ما يمكن استخلاصه من حوار الرئيس السيسي مع جريدة "الاتحاد" هو أن العلاقات المصرية الإماراتية وصلت إلى ذروة التوهج والقوّة، وأصبحت مثالاً وقدوة للآخرين، وهناك تطابق كامل في مواقف الدولتين من مختلف القضايا العربية والإقليمية وتنسيق على أعلى المستويات لتحقيق أقصى معدلات الأمن والأمان للشعوب العربية.
وتميز الحوار بأنه نجح في الكشف عن تناغم سياسة الرئيس السيسي مع نبض الشارع في مصر، عندما أكد الرئيس عمق الروابط مع الإمارات والعلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين، وهو ما يتناسب كلياً مع تقدير المصريين وحبهم للإمارات، وعندما أعلن موقفه من الأزمة السورية وهو الموقف الذي يقدره جميع المصريين المؤمنين بوحدة الأمن القومي العربي وبأنه كل لا يتجزأ، ولا نزال نذكر حالة الاستياء التي شعر بها المصريون جراء تعامل نظام "الإخوان" المعزول مع ما يحدث في سوريا، وهو الأمر الذي أصلحه الرئيس السيسي بموقفه الذي أعلنه أمس عن أن نظام بشار يمكن أن يكون جزءا من حل أزمة الشقيقة سوريا.
أرسل تعليقك