بدأت حرب المقالات تشتعل بين الكاتب، فهمي هويدي، ورئيس تحرير جريدة الأهرام، الكاتب عبدالناصر سلامة، وذلك عندما رد الكاتب، فهمي هويدي، السبت الموافق 16 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في مقالته في جريدة الشروق، على مقالة عبدالناصر سلامة، التي كتبها في الجمعة الموافق 15 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري.
وكتب سلامة في مقالته بإيجاز، "بين المال الغامض, والإعلام الفاسد, والطابور الخامس, تقف مصر, الآن, في مفترق طرق, أشبه بحركة المرور في شوارعها, قد لا تستطيع التحرك فيها جميعًا"، ثم انتقل سلامة ليفسر المقصود بكل طرف من وجهة نظره ليكتب؛ "هناك أسئلة كثيرة تحتاج إلي إجابات, وللأسف لم تجد من يطرحها, حتى الآن, من بينها: ما مصادر تمويل الكثير من الصحف التي تصدر دون إعلان واحد ينفق عليها؟, وما مصادر أموال أصحاب هذه الصحف من رجال الأعمال الذين لا علاقة لهم بهذه المهنة؟، وما سر إصرارهم على الاستمرار في مشروعات خاسرة؟، والحال نفسها تنطبق على فضائيات الغبرة, التي أسهم بعضها في إشاعة أجواء الفوضى في المجتمع, من خلال مذيعات تزكم الأنوف, وأكلات على كل الموائد, وعملت رسميًّا في الحملات الانتخابية للرؤساء السابقين, وفي مكاتب رجال الأعمال, ومن خلال بعض من أثروا من الفضائيات ثراءً فاحشًا, واستمروا طوال الوقت يتحدثون عن العدالة الاجتماعية, وعدالة توزيع الثروات, وأيضًا من خلال ضيوف, عفا عليهم الزمن, لا علاقة لهم بالشارع, ولا بهموم الأسرة المصرية, من قريب أو بعيد".
وأوضح سلامة، أنه "لا إعلام يثق فيه المواطن سوى الإعلام الحكومي؛ لأنه الإعلام الرسمي للدولة، والذي لا مصلحة له سوى الارتقاء بالوطن والاستقرار"، وتابع "تحديدًا, أستطيع أن أؤكد أن إعلام الدولة الرسمي هو الذي ظل وسوف يظل يحمل مشعل التنوير والتثقيف والحرص على المصداقية ونقل الحقيقة كاملة دون تلوين أو خداع, فلا مصلحة لرجل أعمال, حيث الملكية للدولة, ولا مأرب لصحافي أو مذيع, حيث الراتب الشهري من الدولة, ولا علاقة بأي غرباء, حيث العمل من خلال الدولة, ولا تمويل من عاصمة عربية أو أجنبية, حيث الرقابة من الدولة, ومن هنا, بذل الآخرون جهودًا مضنية طوال أكثر من عقد مضى لضرب إعلام الدولة في مقتل والإصرار على هدمه وتدميره باستقطاب كوادره بالرواتب المغرية أحيانًا وبأساليب غير أخلاقية في معظم الأحيان".
وعرض سلامة الحل، الذي يريده الشعب المصري من وجهة نطره، فقال في مقالته، "وبكل وضوح وصراحة، أن الكرة الآن في ملعب قواتنا المسلحة, أو هكذا يجب أن تكون, فهي الجهة الوحيدة التي وثق فيها الشعب، وبالتالي سوف يصب جام غضبه عليها حين تتأزم الأمور أكثر وأكثر, فعليها أن تتحمل المسؤولية كاملة, ليس غدًا, ولا بعد غد, وإنما اليوم والأمس, فلم يكن التفويض الشعبي، أبدًا, بهدف فض اعتصام أو تنظيم حركة الشارع أو حتى تفريق تظاهرات, وإنما القضية كانت أكبر من ذلك بكثير".
وعلَّق الكاتب فهمي هويدي، على مقال عبدالناصر سلامة، في عدد السبت، الموافق 16 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، في جريدة الشروق، ليكتب، " أتكون العسكرة هي الحل؟ جريدة الأهرام في عدد أمس (الجمعة 15/11) ردَّت على السؤال بالإيجاب، ولأن الأهرام -خصوصًا رئيس تحريرها- لا ينطق عن الهوى، وإنما له دائمًا وحى يوحى، حيث المصادر الأمنية حاضرة في الأخبار بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وحين يتعلق الأمر بالمصير وقراءة السلطة له فإن "الوحي" يطل من بين الأسطر والفقرات، بحيث لا يمكن تجاهله، ويتعين أخذه على محمل الجد".
ويُعلل هويدي ما كتبه بـ"أين دور المصادر التي تخبر الأهرام بكل هذه الأسرار في إحباط الفوضى التي قد تحدث في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري؟" وتابع هويدي في مقالته، "أخبرنا العنوان الرئيسي لأهرام الجمعة، بأن الطابور الخامس تحالف مع "الإخوان" لإشاعة الفوضى في 19 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري (ذكرى موقعة محمد محمود)، ونسب إلى المصادر الأمنية قولها؛ إن مخطط التحالف والتآمر تلقى تمويلًا ضخمًا لحساب التنفيذ بإشراف التنظيم الدولي للإخوان، ورغم أن المصدر الأمني رفيع المستوى، ذكر أن الأجهزة الأمنية ترصد جميع تحركات العناصر التحريضية، فإن القارئ لابد أن يستغرب لماذا لم تصادر الأجهزة اليقظة ومفتوحة الأعين ذلك التمويل الضخم، ولماذا لم تفضح الذين دفعوا والذين تسلموا، وهى التي تسارع إلى تصوير كل قيادي إخواني يتم القبض عليه، حتى وهو يرتدى ملابس النوم."
واختتم هويدي مقالته بالكثير من الأسئلة، "هل هذا هو رأى المؤسسة التي تدير الدولة، أم أنه رأى أحد أجنحتها فقط؟ وهو سؤال أطرحه لا لكي أطمئن، حيث ما عاد ذلك واردًا، ولكن لكي أتعرف على حدود المسافة التي تفصل بيننا وبين الصدمة الكبرى".
وفي عدد الأهرام الأحد، الموافق 17 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، رد الكاتب عبدالناصر سلامة على هويدي في مقالة بعنوان "سقطة الأستاذ هويدي"، ويصف سلامة ما كتبه هويدي قائلًا، "مع تقديرنا للأستاذ فهمي هويدي, ومع تحفظنا على الشطط, الذي يعبر عنه في كتاباته اليومية, فإننا لم نتهمه أبدًا, ولا نقبل اتهامه بالعمل لحساب شخص ما, أو جماعة ما, على اعتبار أن ذلك رأيه, وهو حر في أن يفكر كيفما شاء, إلا أن ذلك الشطط, حينما يذهب بعيدًا إلى حد اتهام الآخرين بالكتابة من وحي أجهزة ما, فهو بذلك قد تعدى الشطط إلى الارتباك, وإن شئت فقل: الخروج عن آداب وقواعد الكتابة والعمل الصحافي, وهو ما لم نكن نتوقعه من كاتب ليس مبتدئًا".
ويتعجب سلامة من أن يرى هويدي يعبر عن رأيه، بينما يرى في الآخرين التعبير عن أجهزة ما، فكتب، "والغريب أن يعتبر الأستاذ هويدي أنه يعبر عن رأيه الشخصي, بينما يري في الآخرين تعبيرًا عن جهة, أو جهات ما, على الرغم من أن ما طرحناه في مقال الجمعة، وأعاد هو نشره بالأمس, قد جاء تعبيرًا عن واقع, وعن انطباع لدى غالبية الشعب, بأن الحل الوحيد لأزمتنا الحالية هو أن تتحمل القوات المسلحة المسؤولية كاملة حتي إخراجنا من هذه الأزمة, ولا يوجد في الأفق أي بديل غير ذلك".
ويُدافع عبدالناصر عن وجهة نظره بتحمل القوات المسلحة المسؤولية الكاملة ويقول، "وحينما أُطالب, ويُطالب الشعب, القوات المسلحة بتحمل المسؤولية في هذه المرحلة, فذلك لأن الضجر من المزايدين ومحترفي الترزق, بِدءًا من إيران, وليس انتهاءً بالولايات المتحدة, قد بلغ مداه, ولم يعد أحد يثق في أي من هؤلاء, بل لن يقبل أحد بأن يسطو أي منهم على حكم البلاد في غفلة من الزمن, ونحن هنا.. نُقدِّم طرحًا واقعيًّا ومنطقيًّا يتناسب مع الحالة المنفلتة, التي تعانيها البلاد, بينما يجد الأستاذ هويدي فيها, هواه, وهوى مريديه, وهو الأمر أيضًا, الذي تتحمل مسؤوليته القوات المسلحة, حينما تركت الأمور تصل إلى هذا الحد".
ويعيب سلامة على هويدي في استخدامه لفظ "عسكرة"، ويُحذِّره أنه الآن يواجه شعب، وليس كاتب مقال، ويقول، "إننا لم نستخدم تعبير عسكرة الذي يُزايد عليه, ومن العيب, بل ومن العار, إطلاق هذا المصطلح على المهام التي يوكلها الشعب إلى جيشه الوطني، وليعلم الأستاذ هويدي أنه يصطدم الآن, بالشعب, وليس بمقال, ولا كاتب مقال, والدليل على ذلك حركة الشارع حاليًا, التي أصبحت تُواجه, وبصفة يومية, كل محاولات الخروج على القانون, ومحاولات إثارة التوتر والقلق, وما موقف الأجهزة الأمنية, التي أشار إليها, وحتى موقف القوات المسلحة, إلا استجابة إلى إرادة ذلك الشارع, وإلا لما استطاعت لا هذه ولا تلك مواجهته".
هذا وتستمر حرب المقالات مشتعلة بين الكاتبين العملاقين حتى الآن، ولا نعرف إلى أين ستنتهي؟، ومن سيكون رأيه هو الغالب على الآخر؟.
أرسل تعليقك