الدار البيضاء ـ سعيد بونوار
ظاهرة قد تبدو متفردة في العالم، لكن بإيقاع سلبي، تلك التي تشهدها الصحف المغربية، ذلك أن معظم قراء الجرائد في المغرب يكتفون بقراءة اليوميات أو الأسبوعيات ويعيدونها إلى الباعة نظير بعض السنتيمات(الدرهم المغربي يساوي 100 سنتيم، والدولار يساوي 8.6 درهم مغربي)، ويجد القراء والباعة هامش ربح واسع، فالقارئ بإمكانه قراءة صحيفته المفضلة بمبلغ زهيد، والبائع المستفيد الأول من قراء الصحيفة
لعدد من زبنائه على مدار الساعة ليضيفها إلى قائمة المرتجعات في نهاية اليوم.
الظاهرة تشغل أرباب المؤسسات الإعلامية المغربية، وكان لها تأثير مباشر في إغلاق عدد من الصحف واليوميات منها "الجريدة الأولى" و"الصباحية" و"صوت الناس"...، وتحرج مؤسسات التوزيع التي لم تعد قادرة على تحمل عناء نقل أطنان من الصحف وتوزيعها على مختلف الأكشاك المنتشرة في المدن المغربية وإعادتها إلى المؤسسات الصحافية دون بيع، ومهما حاولت هذه الصحف دق نواقيس الخطر أمام تزايد تأثيرات الأزمة العالمية على سوق الإعلان إلا أن الظاهرة تزداد استفحالا، وتأبى إلا أن تمارس التأثير على أعداد قراء الصحف في المغرب الذين يحتلون الرتبة الأخيرة في مؤشرات القراءة في العالم العربي.
ولا تباع في المغرب يومياًَ غير 390 ألف صحيفة تتوزع بين اليوميات والأسبوعيات والشهريات في بلد يتعدى عدد سكانه ال38مليون نسمة.
وفي سباق البحث عن قارئ مفقود تضطر الصحف المغربية إلى طرق باب الإثارة في مواضيعها الرئيسية، إذ تهيمن مواد الجنس والقتل والاغتصاب والفضائح على الصفحات الأولى و"بالفنط العريض".
ومع ذلك، تبقى نسبة المبيعات ضئيلة بالمقارنة مع دول قريبة للمغرب كالجزائر وتونس.
وحدد خبراء أسباب انحسار مبيعات الصحف في المغرب إلى تنامي بعض الظواهر السلبية منها قراء الصحف، حيث بإمكان أي قارئ أن يقرأ أو يتصفح مجموعة عناوين مقابل أداء مبلغ لا يصل إلى ربع ثمن الجريدة يضعه البائع في جيبه بينما تتضاعف المرتجعات.
وتقوم بعض المقاهي بتمكين زبنائها من تصفح مجاني للصحف مقابل أداء ثمن المشروب لا غير وليس ثمن الصحيفة.
ويقول صاحب أكبر شركة توزيع صحف في المغرب "سبريس" محمد برادة "إن المغرب لا يتعدى في المعدل سحب 13نسخة لألف نسمة، في الوقت الذي توزع فيه تونس 48 نسخة والجزائر 38 نسخة للعدد نفسه من السكان، أيضاً نجد أن صحيفة من أصل اثنين هي مستوردة أي أجنبية، وهذا ما تساعد عليه سياسة توزيع تدعمها الدول كفرنسا مثلاً التي تخصص ميزانية مهمة لتوزيع صحفها إلى دول العالم، وهي ميزانية يصادق عليها البرلمان، في الوقت الذي على الناشر المغربي أن يتحمل تكاليف تصدير منتجاته الإعلامية".
والأمية والسعر عاملان آخران يستدل بهما البعض في تبرير ندرة قراء الصحف في المغرب، حيث تتعدى نسبة الأمية 70 في المائة، ويعيش أكثر من 7 ملايين مغربي بأقل من دولار واحد في اليوم، هذا في الوقت الذي تباع فيه الصحيفة اليومية الواحدة ب3دراهم (أقل من نصف دولار)، وهو مبلغ يرى فيه المغربي أنه يهدد قدرته الشرائية وبخاصة مع ارتفاع نسبة المعيشة في المغرب.
أرسل تعليقك