ذكر مفاوض بارز بأنه كان هناك اقتراح من جانب روسيا منذ أكثر من ثلاثة أعوام حول إمكانية تنحية الرئيس السوري بشار الأسد عن الحكم كجزء من اتفاق السلام.
وأوضح الرئيس الفنلندي السابق، الحائز على جائزة نوبل للسلام مارتي اهتيساري، أن القوات الغربية فشلت في العمل بذلك الاقتراح الذي تم عرضه في عام 2012.
وأضاف اهتيساري أنه نتيجة لعدم تطبيق ذلك الاقتراح، سقط منذ عام 2012 عشرات الآلاف من الضحايا، فضلًا عن تهجير الملايين وتشريدهم، الأمر الذي تسبب في إحداث أزمة للاجئين هي الأخطر في العالم منذ اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وعقد اهتيساري محادثات مع مبعوثين من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في شباط / فبراير من عام 2012، وأفاد بأنه خلال هذه المحادثات قدم السفير الروسي فيتالي تشوركين خطة من ثلاث نقاط تضمنت اقتراحًا بتنازل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، وذلك في مرحلة ما بعد انهيار محادثات السلام التي كانت بدأت ما بين الحكومة السورية والمعارضة.
وبيّن هيتساري خلال المقابلة أن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا كانوا على يقين من أن سقوط الرئيس السوري بات وشيكًا، ومن ثم تجاهلوا ذلك الاقتراح وقتها، الذي كان بمثابة الفرصة الضائعة في عام 2012.
ويتلقى الرئيس الأسد رسميًا دعمًا قويًا من روسيا على مدار أربعة أعوام ونصف، هي مدة الحرب الدائرة في سورية، في الوقت الذي تصر فيه على أن تنحية الرئيس السوري لا يمكن بأن تكون جزءًا من أي تسوية سلمية، خصوصًا وأن الأسد ذكر من قبل بأن روسيا لن تتخلى عنه مطلقًا، ومن جانبها بدأت موسكو في إرسال قوات ودبابات ومروحيات لدعم الرئيس الأسد ومحاربة ميليشيات تنظيم "داعش".
ويذكر بأن اهتيساري حاز على جائزة نوبل في عام 2008 نظرًا لمجهوداته في العديد من القارات ومساعيه على مدار أكثر من ثلاثة عقود لحل أزمة الصراعات الدولية، بما فيها تلك التي توجد في ناميبيا واتشيه في اندونيسيا، فضلًا عن كوسوفو والعراق.
وفي 22 شباط / فبراير من عام 2012 تم إرساله للقاء بعثات الدول الخمس دائمة العضوية "الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين"، وذلك في مقر الأمم المتحدة في نيويورك من قبل الحكماء، وهي مجموعة من قادة العالم السابقين المهتمين بالدفاع عن حقوق البشرية وإحلال السلام، وتضم كلًا من نيلسون مانديلا وجيمي كارتر والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان.
وطرح وقتها السفير الروسي فيتالي تشوركين، خطة مبنية على ثلاث نقاط، أولها التوقف عن تزيد المعارضة بالسلاح وثانيًا عقد حوار ما بين المعارضة والحكومة على الفور، ثالثًا إيجاد الوسيلة المناسبة التي يتنحي من خلالها الأسد، ونظرًا لكون تشوركلين وقتها كان عادًا لتوه من رحلة تواجد خلالها في موسكو، بدا وكأن ذلك الاقتراح أبداه باسم الكرملين.
وبعد رفض ذلك الاقتراح المقدم من السفير الروسي، ترأس كوفي عنان في حزيران / يونيو من عام 2012 محادثات دولية في جنيف، والتي وافقت على خطة سلام عبر الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية بالتراضي من قبل الحكومة والمعارضة، ولكن سرعان ما انهار هذا الاتفاق بسبب خلافات حول ما إذا كان الأسد يجب أن يتنحى أم لا.
ولم تمر أشهر حتى استقال عنان من منصبه كمبعوث للأمم المتحدة تاركًا وراءه مصير الرئيس الأسد الذي يعد حجر العثرة الرئيسي لجميع مبادرات السلام منذ ذلك الحين، وفي الأسبوع الماضي أشار وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إلى أن الأسد قد يبقى في منصبه من خلال فترة انتقالية تمتد إلى ستة أشهر، ولكن ذلك الاقتراح تم رفضه سريعًا من قبل دمشق.
وعلق دبلوماسيون غربيون على الرفض للاقتراح الذي تقدم به فيتالي تشوركين بعد مرور عام على الصراع الدائر في سورية بأنه جاء بعدما ارتكبت القوات الحكومة السورية العديد من المجازر المروعة، الأمر الذي جعل المعارضة ترفض أي اقتراح من شأنه إبقاء الرئيس السوري في منصبه، كما أنه وبعد أيام قليلة من زيارة أهتيساري إلى نيويورك، وصفت هيلاري كلينتون ومن بعدها وزير الخارجية الأميركي بشار الأسد بأنه "مجرم حرب".
أرسل تعليقك