دمشق ـ جورج الشامي
وثقت لجان التنسيق المحلية مقتل 131 سوريًا الثلاثاء، وفيما استهدف الجيش الحر مقر الأركان ووزارة دفاع، استمر الجيش السوري في قصفه مختلف المدن والبلدات التي تسيطر عليها المعارضة، وشهدت حلب سقوط صاروخ أرض أرض يحمل رأسًا كيمائياً أودى بحياة العشرات، فيما تبادلت المعارضة والحكومة الاتهامات بشأن الصاروخ، في غضون ذلك انتخب الائتلاف المعارض غسان هيتو رئيس للحكومة الموقتة، وسط موافق متناقصة بشأن هذا الانتخاب، تراوحت بين الرفض
التام والترحيب، في حين مازالت قضية تسليح المعارضة تلقى رفضاً من بعض الأطراف وقبولاً من البعض الأخر.
واستطاعت لجان التنسيق، الثلاثاء، توثيق 131 قتيلاً من بينهم ست سيدات وتسعة أطفال وثلاثة قضوا تحت التعذيب، و46 في دمشق وريفها، و41 في حلب، 13في دير الزور، ثمانية في حماه، سبعة في أدلب، ستة في درعا، أربعة في الرقة، ثلاثة في حمص، اثنين في اللاذقية، وقتيل في القنيطرة.
كما وثقت اللجان 354 نقطة قصف في مختلف المدن والبلدات السورية.
وذكر ناشطون أن "الجيش الحر استهدف مقر الأركان ووزارة الدفاع السورية قرب ساحة الأمويين في دمشق بالصواريخ وقذائف الهاون، فيما شهدت السيدة زينب اشتباكات هي الأعنف من نوعها تدور في أحياء المنطقة بين الجيش الحر والجيش السوري وقوات من حزب الله اللبناني وسط أنباء عن سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الجيش السوري، أما في داريا فاستمرت اشتباكات في المنطقة الغربية وسط إطلاق رصاص من أنواع الأسلحة كافة".
وفي حلب فذكر ناشطون أن "حالات اختناق وتسمم بين المدنيين وارتقاء عدد من القتلى في بلدة "خان العسل" في ريف حلب الغربي، إثر سقوط صاروخ (أرض أرض) على المنطقة، ويرجّح أن حالات التسمم نتجت عن استخدام الغازات السامة من قبل الجيش السوري، وكانت وكالة أنباء سانا الرسمية ذكرت في وقت سابق استيلاء مجموعة "إرهابية" على أسلحة كيمائية، ثم عادت لتؤكد ما تناقله الناشطون زاعمةً أن المجموعات "الإرهابية" هي التي أطلقت الصاروخ الذي يحمل غازات سامة. يذكر أن بلدة خان العسل تقع تحت سيطرة الجيش الحر بعد أن حررها قبل أسابيع واستولى على مدرسة الشرطة فيها، كما يعتبر موقع البلدة مهم جداً على طريق إمدادات الجيش السوري لمقاتليها المحاصرين في حلب.
فيما شهدت الرقة اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والجيش السوري في محيط الفرقة 17. فيما استهدف الطيران المروحي منطقة المفرق بالبراميل المتفجرة والقنابل العنقودية بالتزامن مع قصف مدفعي من مطار الطبقة العسكري، ووصلت تعزيزات إلى كرناز واشتباكات عنيفة تدور على الجبهة الشرقية في الحماميات بين الحر والحكومي، وتمكن الحر من تدمير دبابة وسيارة زيل ومنع الجيش السوري من التقدم. فيما حمص اشتباكات عنيفة تدور بين الجيش الحر والجيش السوري في أطراف مدينة تدمر. وقصف عنيف استهدف جامع خالد ابن الوليد في حيّ الخالدية وتضرر جزء كبير منه جراء سقوط أكثر من ثلاثين قذيفة عليه. وقصف متقطع وسط انفجارات عنيفة في حيّ الخالدية وتصاعد أعمدة الدخان جراء ذلك. وفي درعا قصف مدفعي يستهدف بلدة صيدا بالتزامن مع اشتباكات تجري في محيط اللواء 38 بين الجيش الحر والجيش السوري.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "مئات السجناء ما زالوا ينفذون منذ الجمعة الماضي عصيانا داخل سجن دير الزور المركزي وذلك اثر محاولة إدارة السجن نقل نحو 130 سجينا بينهم سجناء إسلاميون وناشطون إلى مكان مجهول، وكان يعتقد أنه سيتم نقلهم من اجل فرض عقوبات مشددة عليهم أو إعدامهم، مما أدى إلى حدوث العصيان واحتجاز عدد من حراس السجن، ووردت معلومات عن مقتل سجين وقامت إدارة السجن بنشر القناصة على أسطح المباني بأمر من المحافظ الذي أعطى مهلة إلى ما بعد ظهر الثلاثاء من أجل إنهاء العصيان أو اقتحام السجن بقوات كبيرة، وطالب المرصد السوري اللجنة الدولية الصليب الأحمر بإرسال وفد عاجل إلى محافظة دير الزور لمنع حدوث مجزرة بحق السجناء.
في غضون ذلك وجهت وزارة الخارجية السورية رسالتين متطابقتين لرئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة، قالت فيها إن "تقاعس المجتمع الدولي والدعوات الأوروبية والعربية لتسليح المعارضة، سببا هجوماً كيميائياً تتهم مسلحين بتنفيذه في حلب". وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن الخارجية قالت في الرسالتين "إنه في تصعيد خطر للجرائم التي ترتكبها المجموعات الإرهابية المسلحة في شمال سورية أقدمت هذه المجموعات على إطلاق صاروخ من منطقة كفر داعل باتجاه منطقة خان العسل في محافظة حلب اللتين يفصل بينهما مسافة 5 كم حيث سقط الصاروخ في منطقة يقطنها مدنيون وعلى مسافة نحو 300متر من مكان وجود عناصر الجيش العربي السوري" . وأضافت الوزارة" نجم عن انفجار الصاروخ دخان كثيف أدى إلى وقوع حالات إغماء مباشرة لمن تعرضوا لاستنشاق تلك الغازات وأسفر انفجار الصاروخ واستنشاق الغازات المنبعثة منه عن سقوط 25 شهيدًا حتى الآن وما يزيد على 110 مصابين من المدنيين والعسكريين".
فيما حمل وزير الإعلام عمران الزعبي الدول التي سلحت "المعارضة" "مسؤولية استخدام السلاح الكيمائي اليوم وقال في كلمة بثها التلفزيون السوري، إن الدول التي سلحت "المعارضة" تحمل مسؤولية الجريمة المروعة التي وقعت في خان العسل في حلب الثلاثاء"، مؤكدًا أن "قيام إرهابيين بإطلاق صاروخ يحتوي مواد كيمائية من منطقة كفرداعل على خان العسل هو تصعيد خطير".
فيما اتهمت روسيا مقاتلي المعارضة السورية باستخدام أسلحة كيمائية في هجوم قرب حلب ووصفت ذلك بأنه تطور مقلق وخطير للغاية. وقالت وزارة الخارجية الروسية بعدما تبادلت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ومقاتلو المعارضة الاتهامات بشن هجوم كيمائي فتاك "سجلت في الساعات الأولى من صباح يوم التاسع عشر من مارس حالة استخدمت فيها المعارضة المسلحة أسلحة كيمائية في محافظة حلب". وأضافت في بيان "نشعر بقلق بالغ لوقوع أسلحة دمار شامل في أيدي المتمردين الأمر الذي يزيد الوضع في سورية تدهوراً ويصعد المواجهة في الدولة إلى مستوى جديد".
في المقابل وجهت المعارضة السورية أصابع الاتهام للحكومة السورية، وقالت أنه من استخدم الكيمائي في حلب. حيث أكد قائد في الجيش السوري الحر إن "قوات الرئيس بشار الأسد نفذت هجوماً بسلاح كيمائي على بلدة خان العسل في شمال البلاد قرب حلب اليوم الثلاثاء باستخدام صاروخ طويل المدى". وأضاف لؤي المقداد، المنسق السياسي لقيادة الجيش السوري الحر إن "قتالاً اندلع في خان العسل هذا الصباح وأن جيش الحكومة قصف البلدة بصاروخ طويل المدى مزود برأس حربي كيمائي". وتابع أن "الجيش السوري قصف أيضاً المنطقة بأسلحة تقليدية من الجو وبنيران مدفعية".
وقال المركز الإعلامي لريف حلب إن حالات تسمم وقعت بين المدنيين بعد سقوط صاروخ سكود على المنطقة، وكان الجيش السوري قال إن المعارضة أطلقت صاروخاً يحتوي على غازات سامة على حلب. وسرعان ما نفى مقاتلو الجيش السوري الحر اتهامهم من قبل الجيش السوري بإطلاق صاروخ مزود برأس كيمائية، وحملوا دمشق مسؤولية هذا الهجوم.
وفي السياق نفسه، قال مصور من "رويترز" في مدينة حلب السورية، إن "ضحايا ما وصفته الحكومة بهجوم جرى استخدام أسلحة كيمائية فيه، يعانون من مشاكل في التنفس. وأضاف أن الناس يقولون إنهم يشمون رائحة غاز الكلور في الهواء". وأوضح المصور أن "المصابين نقلوا إلى أربعة مستشفيات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة في حلب، وإن بعضهم يعاني من مشاكل في التنفس". وقال "رأيت في الأغلب نساء وأطفالاً. قالوا إن "الناس يختنقون في الشوارع، والهواء مشبع برائحة الكلور".
في حين أشار البيت الأبيض إلى أنه "يدرس باهتمام مزاعم استخدام أسلحة كيمائية في سورية لكن ليس لديه دليل يدعم اتهام المعارضة باستخدام هذه الأسلحة. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني للصحفيين "ليس لدينا أدلة لإثبات التهمة على أن المعارضة استخدمت الأسلحة الكيمائية ولدينا شكوك كبيرة في النظام الذي نعتقد انه فقد كل مصداقية". وقال كارني إن "الولايات المتحدة تشعر بالقلق من احتمال أن يفكر الرئيس السوري بشار الأسد في استخدام أسلحة كيمائية إذا "تراخت قبضته على السلطة بشكل متزايد ووجد أن تصعيد العنف بالوسائل التقليدية غير كاف" مضيفا أن "هذا الأمر مبعث قلق بالغ". وقال كارني أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حذر بوضوح من العواقب إذا استخدم الأسد وقواته أسلحة كيمائية لكنه لم يتطرق إلى طبيعة هذه العواقب.وقال المتحدث أن الموقف الأميركي لم يتغير من حيث الاقتصار في مساعدة المعارضة السورية على المواد غير المميتة. وقال كارني "موقفنا كان ولا يزال عدم إمداد المعارضة بمساعدة مميتة".
ونقلت شبكة (سي أن أن) الأميركية عن مسؤولين في وزارة الخارجية لم تكشف عن هويتهما إنهما يشككان في قدرة المعارضين المسلحين على وضع أيديهم على هذه الأسلحة.
وأشارت بريطانيا بعد تردد تقارير إعلامية عن هجوم بأسلحة كيمائية في سورية، إلى إن "استخدام مثل هذه الأسلحة أو نشرها هناك سيستدعي "رداً جاداً" من المجتمع الدولي. وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية البريطانية "المملكة المتحدة واضحة في أن استخدام الأسلحة الكيمائية أو نشرها سيستدعي رداً جاداً من المجتمع الدولي وسيضطرنا لإعادة النظر في موقفنا حتى الآن".
فيما أكد رئيس منظمة حظر انتشار الأسلحة الكيمائية، أحمد أوزموجو أنه "ليست هناك معلومات من جهة مستقلة عن أي استخدام للأسلحة الكمياوية في سورية، كما تزعم الحكومة السورية ومقاتلو المعارضة". وأضاف في ندوة في فيينا "لا أظن أننا نعلم أكثر مما تعرفونه في الوقت الحالي. بالطبع سمعنا هذه التقارير ونتابع الوضع عن كثب".
في سياق متصل انتخبت الهيئة العامة لـ "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، فجر الثلاثاء في اسطنبول، المرشح عضو "المجلس الوطني السوري" غسان هيتو ليكون أول رئيس للحكومة الانتقالية التي من المنتظر أن تنتقل إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة وتتسلم إدارتها.
وفي أول ظهور إعلامي له دعا غسان هيتو، أول رئيس حكومة مؤقتة لسورية بعد انتخابه إلى "إعطاء الأولوية لتأمين الدعم للجيش الحر والفصائل الثورية". وأشار إلى أن "المعارضة تعمل على "إسقاط نظام الأسد بكل أركانه"، موضحاً أنه "لن نغفر لمن أوغل في دماء السوريين، فهؤلاء يجب أن يقتادوا إلى المحاكمات العادلة في سورية الجديدة". وطالب بـ"تأمين الدعم المالي والعسكري للمقاتلين وإعادة كل مواطن سوري تم تهجيره"، مؤكداً "سنقوم بكل ما بوسعنا لبسط سيطرتنا على الأراضي السورية بشكل تدريجي، والتنسيق مع الجيش السوري الحر لفرض القانون ومنع الجريمة والحد من فوضى السلاح وحماية المواقع الإستراتيجية". واعتبر ان "المهمة الأساسية هي العمل على استخدام كل الوسائل لإسقاط النظام"، داعياً جميع الضباط وصف الضباط وجنود الجيش السوري إلى "إلقاء السلاح والانحياز إلى جانب شعبه فهذه ثورة شعب وما يجري ليس قتالاً بين فريقين". ودعا المجتمع الدولي إلى "دعم الحكومة السورية الموقتة، بدءاً من تسلمها مقعد سورية في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وباقي المنظمات الدولية والإقليمية مما يسمح لها بتسلم السفارات وتصبح هذه الحكومة ممثلة للدولة السورية".
في ردود الفعل على انتخاب "هيتو" أعربت وزارة الخارجية الروسية عن أسفها العميق لانتخاب رئيس حكومة المعارضة السورية وقالت أنها تخشى أن يزيد تعيينه من حالة عدم الاستقرار في سورية. ونقل موقع الوزارة عن المتحدث باسم الخارجية الكسندر لوكاشيفيتش قوله "في موسكو تلقينا الخطوة التي أقدم عليها الائتلاف الوطني (السوري) بأسف بالغ". وأضاف أن "القرار الذي تم اتخاذه في اسطنبول لن يؤدي سوى إلى تعميق حالة عدم الاستقرار الداخلي في سورية، ويزيد من احتمال انقسام البلاد، ويؤثر ليس فقط على من يدعمون الحكومة الشرعية الحالية، بل أيضا على هياكل المعارضة التي ليست جزءاً من الائتلاف".
فيما انتقد رئيس "هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي" في المهجر هيثم مناع في حديث إلى جريدة "الحياة"، قرار «الائتلاف الوطني السوري»، تسمية رئيس لحكومة مؤقتة، معتبراً أن القرار "خطيئة وإجراء أحادي الجانب" سيؤدي إلى تأسيس ما يشبه "صومال لاند في شمال سورية وحكومة مركزية في جنوبها".
في حين رحبت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بانتخاب المعارضة السورية غسان هيتو ليكون رئيسا للحكومة السورية المؤقتة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند للصحافيين إن المسؤولين الأميركيين "يعرفون ويحترمون" غسان هيتو لعمله مع الائتلاف السوري وفي الجهود الإنسانية من أجل بلاده. ورفضت نولاند التأكيد بشأن ما إذا كان هيتو يحمل الجنسية الأميركية وذلك "لدواعي الخصوصية"، واكتفت بالقول إنه أمضى "نحو 25 عامًا في تكساس" وتعلم في جامعة بوردو بولاية إنديانا. وأضافت "هذا الشخص، وحرصا منه على الشعب السوري، ترك حياة ناجحة جدا في تكساس وذهب للعمل في الإغاثة الإنسانية من أجل أبناء وطنه". وقالت "لقد عرفناه عندما ذهب إلى تركيا وبدأ في قيادة عمليات الإغاثة المباشرة التي تقوم بها المعارضة السورية، وأصبح مؤخرا رئيسا للمساعدات التي يقدمها الائتلاف".
ومن جهته، هنّاْ وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ رئيس الحكومة السورية المؤقتة، وقال إنه "يشجع هيتو والائتلاف الوطني على زيادة الروابط مع السوريين في جميع أنحاء البلاد وتقديم العون والمساعدة لهم، ووضع خطة انتقالية، والمضي قدماً في سياسة الائتلاف بشأن الحل التفاوضي، ومتابعة مبادرة رئيسه معاذ الخطيب". وأضاف أن "بلاده تعترف بالائتلاف ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب السوري، وأنها ستبذل جهودها لتأمين انتقال سياسي ينهي الأزمة ويلبي تطلعات الشعب السوري".
وفي باريس، قال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو خلال مؤتمر صحافي إن "فرنسا تهنئ هيتو على انتخابه وتؤمن بأن هذا الانتخاب سيسهم في توحيد صفوف المعارضة وترسيخ تماسكها تحت راية الائتلاف ورئيسه الخطيب". وأكد أن "حل الأزمة السورية لن يكون سوى سياسي"، مضيفا أن "التوصل إليه يتطلب بديلا ذا مصداقية للنظام القائم، وأن هذا الانتخاب يساهم في ذلك. وردا على سؤال بشأن احتمال اعتراف فرنسا بشرعية الحكومة المؤقتة الجديدة تحقيقا لتعهدات الرئيس فرانسوا هولاند، قال لاليو "لم نصل بعد إلى هذه المرحلة".
في غضون ذلك صعّد رئيس الائتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب من لهجة خطابه إثر إعلان غسان هيتو رئيساً لحكومة مؤقتة في سورية من اسطنبول، قائلاً انه "عار على المجتمع الدولي والدول الكبرى أن تسمح بذبح الشعب السوري لسنتين"، مؤكداً أن "هناك معركة كسر عظم إقليمية ودولية في بلادنا. أخرجوا من بلادنا جميعاً". ووجه الخطيب كلامه للشعب السوري، طالباً منهم عدم الثقة "بأي دولة ولا نثق إلا بالله". ودعا الدول التي تدعم الإرهابيين بمئات الملايين من الدولارات إلى "سحب مجموعاتكم فليس بين السوريين إرهابيين"، متهماً بعض الدول بأنها "تدفع بشبابها وهم أنقياء وأتوا لنصرة شعبنا المذبوح، لكن هذه الدول ترسل شبابها للتخلص منهم لا حباً بسورية وشعبها".
وقال "نحن ضد كل تجمع وجمع و وسلاح وفكر تكفيري يريد تفكيك سورية، ولن تعيش هذه الأفكار بيننا ولن نسمح باستخدام هذا الأمر كما استخدمت حيلة وجود جماعات ارهابية لتدمير سورية"، موضحاً "سندعم كل مجموعة ضد الظلم، وكلنا شعب واحد ولن نرضى أن يقصف انسان واحد يحمل سلاحه ضد الظلم".
على صعيد آخر، دانت فرنسا قصف الطيران السوري على الحدود اللبنانية منددة بـ"تصعيد وانتهاك جديد وخطير لسيادة لبنان". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو إن "القصف الجوي الذي نفذته اليوم قوات الجيش السوري على الأراضي اللبنانية في منطقة عرسال يشكل انتهاكاً جديداً وخطيراً لسيادة لبنان"، واعتبره "تصعيداً".
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أكدت في وقت سابق أن "طائرات حربية سورية أطلقت صواريخ على شمال لبنان"، ووصفت ذلك بأنه "تصعيد كبير". وقالت المتحدثة باسم الوزارة فيكتوريا نولاند، في إفادتها الصحفية اليومية "يمكننا أن نؤكد ما ترونه في الصحافة من أن طائرات الحكومة النفاثة والهليكوبتر أطلقت صواريخ على شمال لبنان". وأضافت "هذا يمثل تصعيداً كبيراً في الانتهاكات للسيادة اللبنانية التي ترتكبها الحكومة السورية. هذه الانتهاكات للسيادة غير مقبولة".
في حين أدان وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الغارة الجوية التي شنتها مقاتلات الجيش السوري الإثنين على مناطق في شمال لبنان، ودعاه إلى احترام سيادة لبنان. وقال هيغ في بيان "إن الجيش السوري أظهر مرة أخرى تجاهله للقانون الدولي وأمن جيرانه ويتعين عليه احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه"، محذراً من "تزايد المخاطر على استقرار لبنان كلما طال أمد الصراع في سورية". وأضاف وزير الخارجية البريطاني "نحن نعمل مع شركائنا في المجتمع الدولي لزيادة جهودنا من أجل وضع حد لأعمال العنف في سورية".
وكان الرئيس اللبناني ميشال سليمان وصف في وقت سابق الثلاثاء القصف الجوي السوري بأنه "انتهاك مرفوض للسيادة اللبنانية" وأعلن عن "توجيه رسالة احتجاج إلى الجانب السوري"، فيما نفت دمشق أن "تكون طائراتها الحربية ألقت قنابل داخل لبنان"، وأكدت "احترامها لسيادة لبنان ودعم أمنه واستقراره".
فيما اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان "القصف الجوي السوري داخل الأراضي اللبنانية انتهاكاً مرفوضاً للسيادة اللبنانية". وكلف وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور "توجيه رسالة احتجاج إلى الجانب السوري بهدف عدم تكرار مثل هذه العمليات".
فيما أكد مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين أن "الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية عن إلقاء طائرات حربية سورية قنابل داخل الأراضي اللبنانية عارية عن الصحة وكاذبة". وجاء في تصريح للمصدر المسؤول "تناقلت بعض وسائل الإعلام اللبنانية والعربية والدولية أنباء عن قيام الطائرات الحربية السورية بإلقاء قنابل داخل الأراضي اللبنانية". وأضاف المصدر "أن بعض الدول التي انتهجت سياسات العداء لسورية عبر تسليح وتمويل المجموعات الإرهابية المسلحة قامت بالترويج لهذا الخبر الكاذب". وقال المصدر إن "وزارة الخارجية والمغتربين تؤكد أن لا صحة على الإطلاق لهذا الخبر وهي إذ تنفيه جملة وتفصيلا فإنها تؤكد احترامها للسيادة اللبنانية وحرصها على أمن واستقرار لبنان الشقيق".
أما فيما يتعلق بتسليح المعارضة أعرب أحد كبار قادة المعارضة في فرنسا عن معارضته تزويد المعارضة السورية بالأسلحة معتبراً انه يجب بدلاً من ذلك إقناع الروس بفرض "حظر جوي" على سورية لمنع القصف. ورأى رئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون تزويد المعارضة السورية بالأسلحة "أمر خطير، لأننا لا نعرف بين أيدي من ستصبح (الأسلحة) غداً". وتساءل هل تسليم أسلحة "دون أن نجازف نحن بأي خطر، ليس بالنهاية طريقة من التنصل من المسؤولية؟". وأضاف فيون "إذا أردنا منع طائرات الأسد من قصف المتمردين فيجب القيام بما تم في ليبيا، أي فرض حظر جوي وإسقاط طائرات الأسد". وتابع فيون "يجب استصدار قرار في الأمم المتحدة لم نتوصل إليه أبدا لان الروس لا يريدونه، وأظن أننا لم ننته من كل المحاولات مع الروس لإقناعهم بعدم دعم الرئيس السوري".
فيما أدان مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ما وصفه بـ"التدخل الأجنبي السافر في شؤون سورية الداخلية". ونقلت وسائل إعلام إيرانية، اليوم الثلاثاء، عن عبد اللهيان قوله "إن إصرار بعض الدول على إرسال الأسلحة إلى سورية، وعدم المساعدة في وقف العنف يعد تعاوناً مفرطاً وإرهاباً دولياً". وأضاف "إن الحل في سورية سياسي محض، وأن الشعب السوري لن يسمح للآخرين أن يقرروا عنه من الخارج". واعتبر عبد اللهيان أن أعمال "المجموعات الإرهابية الأخيرة ضد الشعب والمعارضة التي تؤمن بالحوار الوطني فشلت"، ودعا جميع الأطراف إلى "الحوار الوطني والبناء مع الحكومة السورية".
كما دعا الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، ادارة اوباما إلى الحذر الشديد في مسألة تسليح المعارضة السورية، معتبراً ان فهم واشنطن للمعارضة صار "أكثر إبهاماً". ونصح ديبمسي بـ"توخي بالغ الحذر عند مناقشة أي خيارات عسكرية في سورية"، مؤكداً أن الصراع يثير "تعقيداً كبيراً". موضحاً ان "فهم الولايات المتحدة للمعارضة في سورية الآن أقل وضوحاً مما كان عليه العام الماضي". وقال ديمبسي "قبل نحو ستة أشهر كان لدينا فهم مبهم جداً للمعارضة والآن أقول إنه أكثر ابهاماً". ونفى اي "تصور لخيار عسكري قد يخلق نتيجة يمكن تفهمها. وحتى يحدث ذلك فإن نصيحتي ستكون توخي الحذر". وكان ديمبسي ووزير الدفاع السابق ليون بانيتا ورؤوساء وكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الخارجية أيّدوا فكرة تسليح المعارضة السورية خلال مناقشات داخل حكومة الرئيس باراك أوباما العام الماضي. وقال ديمبسي لصحفيين الشهر الماضي ان ذلك قد يساعد على انهاء الأزمة بسرعة أكبر وتجنب انهيار مؤسسات الدولة. وسئل ديمبسي هل سيدرس تقديم مساندة أقوى للسوريين لا تصل إلى حد التدخل العسكري الأميركي المباشر، فأشار إلى أنه توجد "فرص" في سورية، لكنه أوضح أن أي إجراءات سيقودها حلفاء واشنطن. وقال "نحن نؤمن بقوة أن الحل في سورية، يأتي من خلال الشركاء لأن هناك احتمالاً أكبر أنهم سيتفهمون تعقيدات الوضع هناك أكثر مما نتفهمه".
في خطوات عملية تؤشّر إلى اتساع الهوّة بين الكونغرس الأميركي والإدارة الأميركية بدأ أعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الأميركي تقديم مشاريع قوانين لزيادة الضغط على الحكومة السورية ودعم المعارضة. فقد قدّم السيناتور الديمقراطي بوب كايسي ونظيره الجمهوري ماركو روبيو مشروع قانون باسم "القانون الانتقالي الديمقراطي في سورية 2013"، واعتبر السيناتور كايسي أن سقوط الحكومة السورية سيكون خسارة لحزب الله ولإيران، وأوضح أن مشروع القانون يشمل مساعدات غير قتالية وتدريبات لقوات المعارضة وعقوبات إضافية ضد الحكومة، وخصص مشروع القانون "مجموعات المعارضة المؤيّدة للتوجهات الديمقراطية" بالمساعدات. الجديد في مشروع القانون هذا أنه يدعو إلى إحصاء السلاح في سورية ويدعو إلى وضع برنامج واضح لجمع أسلحة الدمار الشامل وضمان عدم استخدامها ويمنع أي تسريب غير شرعي للسلاح إلى سورية، ويبدو هذا البند من مشروع القانون وكأنه مخصص لمساعدة القوات المسلحة الأميركية وربما الأردن ودول الجوار لاتخاذ خطوات واضحة وعملية لضبط السلاح الكيمائي السوري، وأيضاً منع عناصر من المعارضة مثل النصرة ولواء الشام من الحصول على سلاح دمار شامل أو تلقي سلاح لا تريد القوى الأميركية والأوروبية أن تحصل عليه لخوفها من توجهاتها السياسية والاجتماعية والدينية.
أرسل تعليقك