علقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على تهديدات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بتدمير الاقتصاد التركي.
وكتبت زاخاروفا في صفحتها على "فيسبوك"، اليوم الاثنين، أن "هذا هو أول رئيس أمريكي لا يخجل من تسمية الأمور التي كان يقوم بها أسلافه، بأسمائها".
وكان ترامب قد هدد بـ "تدمير اقتصاد تركيا كليا" في حال قامت بأي شيء سيعتبره "تجاوزا للحدود"، أثناء عمليتها العسكرية بشمال شرقي سوريا.
ويأتي ذلك على خلفية إعلان الولايات المتحدة عن سحب قواتها من شمال شرقي سوريا وسط استعدادات تركيا لشن عملية عسكرية ضد "وحدات حماية الشعب" الكردية في المنطقة، والتي تعتبرها أنقرة تنظيما إرهابيا.
اعتبرت الخارجية الأمريكية أن خطة تركيا بشأن إعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى أراضي شمال شرق سوريا بعد العملية التركية المرتقبة في المنطقة "فكرة مجنونة".
وطالبت الولايات المتحدة مرارا بنقل الجهاديين الأوروبيين المحتجزين حاليا في معسكرات في شمال شرق سوريا، إلى بلدانهم الأصلية، وهو الأمر الذي ترفضه فرنسا.
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه أبلغ نظيره التركي رجب طيب أردوغان بألا يسمح بإصابة أي جندي أميركي خلال التوغل التركي في المنطقة العازلة شمالي سوريا وأنه ستكون هناك مشكلة كبيرة إذا حدث ذلك.
وخلال مؤتمر صحفي، قال ترامب إن الولايات المتحدة تراقب الوضع وأملنا أن تقوم تركيا بما هو صواب، مؤكدا أنه ليس متحيزا لأحد بقرار سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا.
وأضاف أنه يرغب في إعادة الجنود الأميركيين إلى الولايات المتحدة بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش الإرهابي بنسبة 100%.
وقال ترامب: "بعد القضاء على داعش لست مستعدا لأن أبقى ثماني سنوات أخرى في المنطقة وقد آن أوان إعادة جنودنا إلى ديارهم."
وأضاف الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة أهدرت كثيرا من الأموال في النزاعات الخارجية ولا يمكن لها أن تصرف أكثر على حروب الآخرين.
وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، ستيفاني غريشام، إن "القوات الأميركية لن تدعم العملية أو تشارك بها، ولن تكون في المنطقة".
ولم تتطرق غريشام إلى مصير الأكراد، لكن هذا يعني فعليا تخلي إدارة دونالد ترامب عن المقاتلين الأكراد، الذين قاتلوا جنبا إلى جنب مع القوات الأميركية في المعركة التي استمرت لسنوات ضد داعش.
وهناك حوالي ألف جندي أميركي في شمال سوريا، في وقت قال فيه مسؤول أميركي بارز إنهم سينسحبون من المنطقة، وربما يغادرون البلاد بالكامل في حال اندلاع قتال واسع النطاق بين القوات التركية والكردية.
بعد مكالمة هاتفيةوجاء القرار الأميركي بعد فترة قصيرة من مكالمة هاتفية أجريت بين الرئيسين الأميركي والتركي، ترامب ورجب طيب أردوغان.
كما أن المكالمة بين الرئيسين أعقبت تحذيرا قويا من أردوغان بتنفيذ عملية عسكرية أحادية الجانب في شمال سوريا، حيث أرسل الجيش التركي وحدات ومعدات دفاعية إلى حدوده مع المنطقة.
وقال مسؤول رفيع من الخارجية الأمريكية لم يتم الكشف عن هويته، في مؤتمر صحفي عقده الاثنين لبعض وسائل الإعلام، حول التطورات الأخيرة في سوريا، ردا على سؤال حول نية تركيا إعادة عدة ملايين اللاجئين السوريين إلى المنطقة: "ربما هذه أكثر الأفكار التي سمعتها جنونا على الإطلاق".
وشدد المسؤول الأمريكي على أن الولايات المتحدة لا تؤيد "بأي شكل من الأشكال" العملية التركية المترقبة شمال شرق سوريا ضد المقاتلين الأكراد، الذين حاربوا تنظيم "داعش" متحالفين مع القوات الأمريكية.
وأشار مع ذلك إلى أن الولايات المتحدة تتوقع من تركيا تولي المسؤولية عن عناصر تنظيم "داعش" المسجونين في هذه المنطقة إذا سيطرت القوات التركية عليها خلال توغلها المرتقب.
وأضاف المسؤول أن منشآت احتجاز عناصر "داعش" لا تزال تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية"، وأوضح في هذا السياق: "إذا دخلوا منطقة فيها مسجونون وانسحبت قوات سوريا الديمقراطية من المواقع الأمنية حول هذه السجون، فإننا نتوقع من الأتراك تولي المسؤولية عنها".
ركيا لم تبدأ حتى الآن هجومها في سوريا
ذكر مسؤول كبير بالإدارة الأميركية أن تركيا لم تشرع "حتى الآن" على ما يبدو في توغلها المتوقع بشمال شرق سوريا.
وقال المسؤول للصحفيين عبر الهاتف إن الجنود الأميركيين الخمسين الموجودين في المنطقة التي تستهدفها تركيا سينتشرون في أماكن أخرى في سوريا.
وأضاف أن قرار الرئيس دونالد ترامب إعادة نشر القوات لا يمثل انسحابا أميركيا من سوريا.
وأشار إلى أنّ قرار ترامب سحب قوّات أميركيّة متمركزة في سوريا قرب الحدود التركيّة لا يشمل سوى نحو 50 الى 100 جنديّ فقط من أفراد القوّات الخاصّة "سيتمّ نقلهم إلى قواعد أخرى" داخل سوريا.
وقال المسؤول "لا يتعلّق الأمر بانسحابٍ من سوريا"، مشدّداً على أنّ إعادة نشر تلك القوّات لا يعني في أيّ حال من الأحوال إعطاء "ضوء أخضر" لعمليّة عسكريّة تركيّة ضدّ القوّات الكرديّة في شمال شرق سوريا.
من جهته، قال البنتاغون إنه لا يزال يحاول إقناع تركيا بعدم غزو شمال شرقي سوريا.
في بيان مكتوب، قال المتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان إن الولايات المتحدة لا تؤيد أي عملية عسكرية تركية في سوريا.
أضاف هوفمان أن وزير الدفاع مارك إسبر ورئيس الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي أبلغا نظيريهما التركيين بأن العمل العسكري الأحادي الجانب في المنطقة الكردية بسوريا "يخلق مخاطر" بالنسبة لتركيا.
وأشار هوفمان إلى أن البنتاغون سيعمل مع الحلفاء والدول الشريكة في التحالف لتكرار التأكيد لتركيا على أن عمليتها العسكرية المحتملة في سوريا "ستكون لها عواقب مزعزعة للاستقرار" بالنسبة لتركيا والمنطقة.
ولاحقا، قالت وزارة الدفاع التركية في منشور على تويتر إنها استكملت كل الاستعدادات اللازمة للعملية العسكرية المحتملة شمالي شرق سوريا.
وأضافت الوزارة في التغريدة التي نشرتها في ساعة متأخرة من مساء الاثنين أن إقامة منطقة آمنة – بحسب زعمها - أمر ضروري للاستقرار والسلام وللسوريين حتى يتمكنوا من العيش في أمان.
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن إقامة المنطقة الآمنة شمال شرق سوريا، والتي عملت عليها بلاده بالتعاون مع الولايات المتحدة، ستسمح بإعادة 3 ملايين لاجئ سوري إلى هذه الأراضي، فيما شددت أنقرة مرارا على تصميمها إنجاز هذا العمل لوحدها حال تطلبت الضرورة.
دعت فرنسا، الإثنين، تركيا إلى الامتناع عن أي عملية عسكرية في سوريا "قد تؤدي إلى عودة ظهور تنظيم داعش"، مطالبة بإبقاء المتشددين الأجانب في معسكرات يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق البلاد.
وقالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية: "ندعو تركيا إلى تجنب أي مبادرة من شأنها أن تتعارض مع مصالح التحالف الدولي ضد داعش، وهي جزء منه".
وأضافت المتحدثة أنييس فون در مول في بيان: "تنظيم داعش الذي انتقل إلى العمل السري منذ هزيمته على الأرض، يبقى تهديدا كبيرا لأمننا الوطني. ولا يزال لهذا التنظيم موارد وقدرات كبيرة للتحرك".
بيان المتحدثة الفرنسية: "أي عمل من طرف واحد يمكن أن تكون له تداعيات إنسانية كبيرة، ولن يساعد على توافر الشروط اللازمة لعودة آمنة وطوعية للاجئين إلى مناطقهم الأصلية"، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
واعتبر البيان أن التدخل العسكري التركي "سيضر باستقرار هذه المنطقة وبالجهود التي نقوم بها مباشرة على الأرض، عبر عمل عسكري وإنساني إلى جانب قو ات سوريا الديموقراطية، لمكافحة الإرهاب بشكل دائم والمساهمة بعودة الحياة الطبيعية، في إطار احترام حقوق السكان المحليين".
وأضاف البيان الفرنسي: "لا بد من محاكمة المقاتلين الإرهابيين المعتقلين، وبينهم من يحمل جنسية أجنبية، في مكان ارتكاب جرائمهم".
البيان بالقول: "إن ضمان محاكمتهم ووضعهم في أماكن احتجاز شديدة الحراسة في شمال شرق سوريا، يبقيان ضرورة أمنية لتجنب عودتهم لتعزيز صفوف المجموعات الإرهابية. لا بد من تجنب أي عمل يمكن أن يعرقل تحقيق هذه الأهداف".
غضب جمهوري
من جهة أخرى، اعتبر زعيم الأكثرية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل، أن أي انسحاب "متسرع" من سوريا سيكون لصالح روسيا وايران ونظام بشار الأسد.
وقال هذا السناتور المعروف تقليديا بدعمه لترامب في بيان "إن انسحابا متسرعا للقوات الأميركية من سوريا لا يمكن إلا أن يكون لصالح روسيا وإيران ونظام الأسد. كما أنه سيزيد من مخاطر تمكن تنظيم داعش ومجموعات إرهابية أخرى من إعادة بناء نفسها".
وفي تحذير بالكاد مبطن الى الرئيس دونالد ترامب شدد ماكونيل على أن مجلس الشيوخ أقر مطلع السنة وبأكثرية كبيرة جدا مذكرة تنتقد إعلانه المفاجئ في تلك الفترة بسحب القوات الأميركية من سوريا.
وحرص على التذكير بأن هذه المذكرة حصلت يومها على ما يكفي من الأصوات لتجاوز فيتو رئاسي.
وتابع السناتور ماكونيل "إن الظروف التي أتاحت هذا التصويت" الذي جمع العديد من الديموقراطيين والجمهوريين "لا تزال قائمة اليوم".
وأضاف ماكونيل الذي نادرا ما ينتقد ترامب "أدعو الرئيس إلى التصرف كزعيم".
وكان السناتور الجمهوري ليندسي غراهام وجه الاثنين انتقادات لاذعة لقرار ترامب.
وقال إنه سيقترح مع سناتور ديموقراطي فرض عقوبات على تركيا "في حال اجتاحت سوريا"، وسيدعو إلى تعليق عضويتها في الحلف الأطلسي "في حال هاجمت القوات الكردية التي ساعدت الولايات المتحدة لتدمير خلافة تنظيم داعش".
العملية التركية
وبعد إفساح أميركا المجال أمامها، ستمضي القوات التركية قريبا في عمليتها العسكرية التي تخطط لها منذ فترة طويلة هناك لإنشاء ما تصفها بأنها "منطقة آمنة".
وذكر وزير خارجية تركيا، مولود تشاوش أوغلو، أن بلاده عازمة على "تطهير" سوريا ممن وصفهم بـ"الإرهابيين"، الذي يهددون أمن تركيا.
وتعد الوحدات الكردية شريكا رئيسيا للتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في قتال تنظيم داعش، إذ نجحت هذه الوحدات التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية في دحر التنظيم في مناطق واسعة في شمال شرق سوريا.
إلا أن أنقرة تعتبر وحدات حماية الشعب "إرهابيين" وامتدادا لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمردا ضدها على أراضيها منذ عقود.
موقف الأكراد
ردت قوات سوريا الديموقراطية باتهام ترامب بإعطاء الضوء الأخضر لأردوغان لهجوم وشيك، حسب "أسوشيتد برس".
وذكرت في بيان "رغم الجهود المبذولة من قبلنا لتجنب أي تصعيد عسكري مع تركيا والمرونة التي أبديناها من أجل المضي قدما لإنشاء آلية أمن الحدود، فإن القوات الأميركية لم تف بالتزاماتها وسحبت قواتها من المناطق الحدودية مع تركيا".
كما وجهت قوات سوريا الديمقراطية تحذيرا شديد اللهجة لأنقرة، وهددت بالرد بقوة على أي توغل تركي، وتحويل الصراع إلى حرب شاملة.
مواقف دولية منددةوسارعت الأمم المتحدة إلى الدخول على خط هذه المستجدات، وذلك على لسان منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية بانوس مومسيس، الذي قال للصحفيين في جنيف، إنه يجب حماية المدنيين من أي عملية عسكرية تركية في شمال شرق سوريا.
وتأمل المنظمة الدولية في الحيلولة دون وقوع موجات نزوح كبيرة أو عمليات قتل على غرار ما حدث في البوسنة والهرسك.
وتقدم الأمم المتحدة حاليا مساعدات لنحو 700 ألف شخص في منطقة شمال شرق سوريا، التي يبلغ تعداد سكانها 1.7 مليون.هذا وعبرت دول أخرى عن معارضتها للقرار الأميركي والخطة التركية، حيث حذر الاتحاد الأوروبي من "عملية عسكرية تركية في سوريا".
كما علقت المفوضية الأوروبية بالقول "لا يمكن الوصول إلى حل للأزمة بالطرق العسكرية".
وأرسل الجيش التركي تعزيزات عسكرية إلى وحداته المنتشرة على حدوده الجنوبية، وسط ترقب لإطلاق تركيا عمليته العسكرية ضد وحدات الشعب الكردية في سوريا.
وأفادت وكالة الأناضول الرسمية بأن هذه التعزيزات تشمل 10 شاحنات محملة بالدبابات خرجت من محيط بلدة يايلاداغي بولاية هطاي المحاذية للحدود مع سوريا جنوبي البلاد، وانطلقت باتجاه الولايات الواقعة جنوب وجنوبي شرق تركيا.
من جهة أخرى، وصل إلى مدينتي قرق خان وخاصة بولاية هطاي التركية، حسب الوكالة، رتل عسكري مؤلف من 80 مدرعة عسكرية
قد يهمك أيضًا :
الرئيس الفلسطيني يُعلن تعهده ببذل كلّ جُهد لإجراء الانتخابات العامَّة في موعدها
أرسل تعليقك