القاهرة – محمد محمود
القاهرة – محمد محمود
أثيرتْ موجة عاصفة من الجدل في الشارع المصري، عقب إصدار الرئيس المُؤقَّت عدلي منصور، قانون رقم 107 للعام 2013، والخاص بتنظيم الحق في الاجتماعات العامة، والمواكب، والتظاهرات السلمية، والمعروف إعلاميًّا بـ"قانون التظاهر", إذ يراه عددٌ من السَّاسة والخُبراء الأمنيين، أنه "ضرورة مُلحة
لوقف حالة الانفلات الأمني التي تشهدها بعض المحافظات، على خلفية تظاهرات أنصار الرئيس المعزول، محمد مرسي، وجماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة، والتي أصابت المواطنين بالذعر بعد أن وصلت إلى الحرق والتخريب لعدد من المنشآت والهيئات الرسمية, فضلًا عن استغلالها أخيرًا في إفساد العام الدراسي، عن طريق شغب شباب الجامعات، بينما رأى بعض الحقوقيين، وعدد من شباب الثورة، أن القانون يُعد تراجعًا للحريات التي نادت به ثورتي 25 كانون الثاني/يناير و30 حزيران/يونيو.
وأكد عضو مجلس الشعب السابق، حيدر بغدادي، أن "القانون تأخر كثيرًا، ولابد من تفعيله لوقف الانفلات الأمني، وتجاوزات بعض المتظاهرين من جماعة "الإخوان المسلمين", واصفًا من يعارضون القانون بـ"أنهم يريدون خراب مصر".
وأوضح وزير الخارجية الأسبق، ورئيس حزب "المؤتمر"، السفير محمد العرابي، أن "القانون يتوافق مع القوانين الدولية، في الدول المتحضرة, وسيوقف حالة الانفلات الأمني؛ بسبب التظاهرات العشوائية المنتشرة حاليًا في أغلب محافظات مصر من خلال أنصار جماعة "الإخوان المسلمين".
وأضاف المتحدث باسم جبهة "الإنقاذ"، وعضو مجلس أمناء "التيار الشعبي"، الدكتور عزازي علي عزازي، أن "القانون سيكون سيفًا مسلطًا على رقاب كل من تسول له نفسه بالخروج عليه", مشددًا على أن "الرافضين هم من يريدون العبث بأمن مصر".
وأشار مساعد رئيس حزب "الوفد"، الدكتور ياسر الهضيبي، إلى أن "الحزب يُؤيد الصيغة التي صدر بها قانون التظاهر"، موضحًا أنها "من أفضل الصيغ المتاحة لاسيما في ظل الظروف التي تواجهها البلاد، وأن المجلس القومي لحقوق الإنسان أقر 3 تعديلات من التي طرحتها القوى السياسية على الصيغة الأولى للقانون".
وشدَّد رئيس حزب "نهضة مصر"، الدكتور أحمد أبوالنظر، على "أهمية إصدار قانون التظاهر، وقانون الإرهاب؛ لحماية المواطنين ومصالح الشعب وهيبة الدولة، من محترفي الإرهاب، والطابور الخامس، ولكل من يهدف لزعزعة الأمن الوطني، والاستقرار الداخلي لمصر".
وأضاف أبوالنظر، "من منطلق حرص الحزب على هذا الهدف، فإنه يؤكد على ضرورة عدم السماح بعودة السلطات الأمنيه لسابق عهدها، وتحكمها في كل كبيرة وصغيرة لكل جهات الدولة العامة والخاصة، وبعد مراجعة خبراء الحزب وهيئته العليا لقانون التظاهر المزمع إصداره، فإن الحزب يُوافق على ما جاء في الباب الأول والثالث من هذا القانون، أما الباب الثاني، والخاص بتنظيم الاجتماعات العامة والخاصة؛ فإن الحزب يرى فيه تزايدًا وشبه عودة إلى سابق عهد الأجهزة الأمنية تحت اسم الأمن الوطني المصري، مما يهدد الحريات بلا مبرر".
وأوضح، أن "الحزب يرفض ما جاء في البنود (9، و8، و5، و4، و3) من هذا الباب، والخاصة بضرورة الإخطار عن أي اجتماع عام أو خاص، وتحديد غرضه وزمانه ومكانه ورئيسه، وحق الداخلية في رفض التصريح لأي اجتماع، وكذا حق حضور مندوب من الداخلية في أي اجتماع، وسلطته المطلقة في فضه أو إنهائه".
وعن وجهة النظر الرافضة للقانون، أكد عضو مجلس الشعب السابق، مصطفي النجار، أن "الشارع المصري في حالة سيولة، والقانون الحالي لن يستطيع منع التجمعات، وسيحدث صدام كبير بين الشعب والقانون، وسيتم خرق القانون الذي سيؤدي إلى كسر هيبة الدولة، ويؤجج الموقف"، مضيفًا "نحن نحتاج الآن إلى تهدئة، والوصول إلى اتفاق بين القوى السياسية، وليس شق الصف, لذا أنا ضد إقرار هذا القانون، في هذا التوقيت، وكنت أتمنى أن يخرج من رحم البرلمان الجديد".
وأوضح رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبوسعدة، أن "قانون التظاهر سيتعارض مع مادة في الدستور الجديد، تنص على أن حق التظاهر مُطلق أو مكفول للجميع", مشيرًا إلى أنه "كان يأمل عدم اللجوء لهذا القانون، وأن تكتفي الشرطة بتطبيق قانون العقوبات".
وأعرب عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، جورج إسحاق، عن "تحفظه على قانون التظاهر", مؤكدًا أن "العقوبات المنصوص عليها في القانون قاسية جدًّا، وتحتاج إلى إعادة النظر".
ويرى المتحدث الرسمي لحركة "تمرد"، حسن شاهين، أن "هناك مادتين في القانون يجب تعديلهما، تتعلقان بحق حضور الاجتماعات الخاصة، وحق الداخلية في وقف التظاهرة بقرار قبل حدوثها في حال أنها تكن خارج نطاق السلمية".
كما أعلنت حركة "صحافيون ضد الانقلاب"، "رفضها للقانون، وأبدت خشيتها من أن يقود هذا القانون، الذي وصفته بـ"الجائر"، البلاد إلى مرحلة أكثر دموية وقمعًا؛ لأنه يحظر على المصريين حق التظاهر إلا بموافقة وزارة الداخلية"، حسب بيانها.
يذكر أن قانون التظاهر السلمي ينص على حق المواطن في التظاهر وحرية التعبير عن الرأي بشكل سلمي ودون الإخلال بنظام الأمن، وأن للمواطنين الحق في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية والانضمام إليها غير حاملين سلاحًا، وذلك وفقًا للأحكام والضوابط المنصوص عليها في هذا القانون.
كما تنص أهم ملامح القانون على تنظيم التظاهر أو الاجتماع أو الموكب من خلال إخطار كتابي لقسم أو مركز الشرطة الذي يقع في دائرته مكان الاجتماع العام أو مكان بدء سير المواكب أو التظاهرة السلمية، على أن يتضمن الإخطار معلومات عن خط سير المظاهرات وميعاد بدايتها ونهايتها وبيان موضوع التظاهر .
وينص القانون على تشكيل لجنة في وزارة الداخلية لوضع وإعلان الضوابط والضمانات لتأمين المظاهرات والاجتماعات وضمان عدم خروجها عن السلمية، وإلزام وزارة الداخلية بالتواصل مع الأجهزة الحكومية والمختصة لحل المشاكل التي تواجهه التظاهرات، و يحدد القانون 7 خطوات قبل فض الاعتصام كما حدد، حرم لا يقل قدره مائة متر أمام الوزارات والمحاكم والمصالح الحكومية، وأقسام الشرطة والسجون، وأن أماكن القوات المسلحة لا يجوز التظاهر فيها.
كما ينص القانون على أنه يحظر الاجتماع العام أو تسيير الموكب أو التظاهر في أماكن دور العبادة، كما يحظر القانون على المشاركين في الاجتماعات العامة أو المواكب أو التظاهرات حمل أي أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو ألعاب نارية أو مواد حارقة أو ارتداء الأقنعة أو الأغطية التي تخفى ملامح الوجه، ونص القانون على أنه لا يجوز أن يترتب على التظاهرة السلمية أو الموكب أو الاجتماع، تعطيل مصالح المواطنين أو إيذائهم أو تعريضهم للخطر أو الحيلولة دون ممارستهم لحقوقهم وأعمالهم، أو قطع الطريق أو المواصلات أو النقل البري أو المائي أو الجوي، أو تعطيل حركة المرور أو الاعتداء على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة أو تعريضها للخطر.
كما نص القانون على تكليف المحافظين بتحديد ميدان تحرير أو مكان في كل محافظة يجوز فيه التظاهر، وعند خروج التظاهرة أو التجمع عن السلمية؛ فستطلب وزارة الداخلية من قاضي الأمور الوقتية إلغاء التظاهرة أو تأجيلها أو نقلها إلى مكان آخر.
وينص القانون أنه في حالة خروج التظاهرة عما أقره القانون من ضوابط، فمن حق قوات الشرطة فض تلك التظاهرة من خلال توجيه إنذارات شفهية من القائد الميداني بواسطة مكبرات الصوت إلى المشاركين في التظاهرة بالفض والانصراف، وفى حالة عدم الاستجابة يتم استخدام المياه المندفعة، ثم استخدام الغازات المسيلة للدموع، في ما لا يجوز لقوات الأمن استعمال القوة بأكثر من ذلك إلا في حالات الدفاع الشرعي عن النفس أو المال، فيتم استخدام الهراوات، ويتضمن القانون عدم جواز المشاركة في أية تظاهرة أو اجتماع أو موكب لمن يحملون أسلحة أو مفرقعات أو ذخائر أو مواد ملتهبة أو ألعاب نارية أو تغطية الوجه بأية أقنعة، ولا يجوز تنظيم تظاهرة أو اجتماع أو موكب قبل إخطار قسم الشرطة الذي تقع في دائرته قبلها.
ويذكر أن رئيس الوزراء، الدكتور حازم الببلاوي، أعلن أن "قانون التظاهر هو لتنظيم التظاهرات، وليس لمنعها"، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن تقييد الحريات أو منع التظاهرات السلمية للشعب المصري، وأن هذا القانون لتنظيم وحماية المتظاهرين السلميين".
أرسل تعليقك