تونس - أزهار الجربوعي
انطلقت أولى جلسات الحوار الوطني التونسي، عصر السبت، بعد تأخير بـ3 ساعات بسبب رفض أحزاب الترويكا الحاكمة(النهضة،التكتل،المؤتمر) التوقيع على مبادرة حل الأزمة، قبل الدخول في الحوار، ولم يقبل حزب النهضة الإسلامي الحاكم التوقيع إلا بعد تعديل نصها والتخلي عن شرط "وجوب استقالة الحكومة بعد 3 أسابيع"،
حيث ندد زعيمه راشد الغنوشي بما أسماه "ابتزاز المعارضة"، في حين قاطعت الجبهة الشعبية جلسة الحوار مطالبة باستقالة الحكومة ورفض حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، الإمضاء على المبادرة لعدم علمه المسبق بهذا الشرط.
وبعد حالة من الارتباك والتململ، بسبب مطالبة المعارضة بالتوقيع على خارطة الطريق لحل الأزمة السياسية في تونس قبل الانطلاق الفعلي في الحوار الوطني، نجح التونسيون بصعوبة في عقد أولى جلسات الحوار السبت 5 تشرين الأول/أكتوبر، وذلك بعد إدخال تعديل عليها على نص المبادرة التي اقترحها الرباعي الراعي للحوار (اتحاد الشغل، اتحاد الصناعة والتجارة، هيئة المحامين، رابطة حقوق الإنسان).
ويتمثل هذا التعديل في حذف عبارة "وجوبا" من الباب المتعلّق باستقالة الحكومة لتصبح الفقرة الثالثة من محور استقالة الحكومة في مبادرة الرباعي كالتالي "تقدم الحكومة الحالية استقالتها في أجل أقصاه ثلاثة أسابيع من تاريخ الجلسة الأولى للحوار الوطني".
واعتبر زعيم حزب النهضة الإسلامي الحاكم راشد الغنوشي أن تأخير انطلاق الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، يعود إلى ما أسماه "ابتزاز المعارضة".
ورغم توقيع شريكيه في الحكم (النهضة، التكتل)، رفض حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الإمضاء على وثيقة المبادرة واكتفى باستلام نسخة عنها، فيما ندّد أمينه العام عماد الدائمي بما وصفه "ابتزازا من المعارضة"، مؤكدا أن أحزاب الترويكا تفاجأت وصدمت بمطلب التوقيع على المبادرة قبل انطلاق الحوار، وهو ما لم يتم إعلامها به مسبقا.
ووصف الدائمي حالة الفوضى والارتباك التي أدت إلى تأخير جلسة الحوار الوطني بـ3 ساعات كاملة بسبب "اشتراط التوقيع المسبق قبل مناقشة خاردة الطريق"، بـ"المهزلة".
وأكد القيادي في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ووزير التجارة التونسي عبد الوهاب معطر أن امتناع حزبه عن الإمضاء على خارطة الطريق كان بسبب الطريقة التي جرى حولها الاتفاق وليس ضد المبدأ.
كما رفض حزبان آخران التوقيع على خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار وهما حزب الإصلاح والتنمية وتيار المحبة الذي يقوده المعارض المقيم في لندن الهاشمي الحامدي، فيما غابت حركة وفاء وحزب التيار الديمقراطي عن جلسة افتتاح الحوار الوطني، حيث ترفض حركة وفاء الدخول في مفاوضات مع حزب نداء تونس الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق الباجي قائد السبسي، وتعتبره "خيمة لبقايا النظام السابق وترفض الاعتراف به".
وقاطع ممثلو ائتلاف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، وحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي وبعض النواب المستقلين حضور الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني وفضّلوا البقاء خارج القاعة في انتظار خروج الرؤساء الثلاثة ، مؤكدين أنهم لن يشاركوا في الحوار ما لم تعلن الترويكا الحاكمة بشكل صريح عن استقالة حكومتها.
وأثناء افتتاحه لأعمال الحوار الوطني، أكد رئيس الجمهورية محمد المنصف المرزوقي أن تونس مرت خلال هذا "الصيف المشحون بأيام عصيبة، مشددا على تضحيات الشهداء وآلام ، لم تذهب سدى .
وقال المرزوقي "المصائب الكبرى التي لا تكسر الشعوب تقوّيها وهذا ما حدث بالضبط، فرغم قوى الشرّ ، أظهرت أخطر أزمات المرحلة الانتقالية أن سفينة تونس عصية على الإغراق".
وأكد الرئيس التونسي أن الأزمة الأخيرة التي عاشتها بلاده منذ اغتيال مؤسس حزب التيار الشعبي في 25 تموز/يوليو الماضي، كشفت "مدى حكمة الشعب التونسي وانضباط جيشه الأبي الحامي للحدود وللمؤسسات وللشرعية ومدى فعالية الأجهزة الأمنية التي تصدت بكل قوة لأعداء الدولة، ومدى حرص المجتمع المدني على إيجاد حل سياسي عبر مبادرة الرباعي، التي اقترحتها المنظمات الأهلية الأربعة الكبرى في تونس وعلى رأسها اتحاد العمل.
وشدّد الرئيس التونسي على أن خطر الإرهاب الذي تواجهه بلاده " جدي حتى وإن كان تحت السيطرة"، مضيفا أن "هناك من يتجمعون وراء حدودنا وداخلها لزرع العنف والفوضى، لتحقيق أجندات خفية تتجاوزهم وتستعملهم لضرب استتباب نظام ديمقراطي في أي أرض عربية.
وأكد رئيس الحكومة التونسية علي العريض أن الحوار بشأن المسائل السياسية ضروري ومهم وأن المرحلة المقبلة تحتاج إلى حزمة من الضمانات لإنجاح المسار الانتقالي وذلك من خلال الالتزام بالعمل على تحقيق تهدئة اجتماعية تنصرف على ضوئها البلاد إلى العمل والإنتاج وتحتاج كذلك تهدئة إعلامية يتجنب فيها الأطراف والفاعلون في الساحة الاحتقان الإعلامي، مشددا على ضرورة النأي بالمؤسستين الأمنية والعسكرية وكذلك بمصالح تونس الخارجية وعلاقاتها الدولية عن "التجاذبات الحزبية والإعلامية الضيقة".
وأوضح رئيس الحكومة أن تونس تحتضن الجميع وتحتاج للتونسيين كلهم قائلا "إننا لن نخذلها ولن نخذل الحوار بل سنعمل على إنجاحه لأن فيه مصلحة تونس وسنواصل أداء مهامنا في حماية البلاد وخدمة الشعب وخدمة أهداف الثورة".
أما رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر فأوضح أنّ بلاده تعيش وضعا اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا حرجا يحتاج إلى تنازلات حاسمة من قبل الفرقاء السياسيين من أجل الخروج من أزمته.
وأضاف بن جعفر في كلمة ألقاها خلال الإعلان عن انطلاق الحوار الوطني، أنّ "طاولة الحوار ليست خيارا يقبل أو يرفض، وإنما هي ضرورة مصيرية ومطلب رئيسي يجب المشاركة في إنجاحه لأن الفشل خطيئة سنُسأل عنها جميعا".
وبعد أن غادر رئيس حزب نداء تونس وزعيم جبهة الإنقاذ المعارضة، الباجي قائد السبسي قصر المؤتمرات في العاصمة قبل انطلاق الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني وذلك بعد تعبيره عن شعوره بالإرهاق والتعب بعد قرابة ثلاث ساعات من المشاورات لإقناع أحزاب الترويكا بالتوقيع على خارطة الطريق حسب تعبيره ،عاد مجددا للتوقيع على خارطة طريق الرباعي.
وقال السبسي في كلمة بالمناسبة "جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، والحق أن تونس لا تُقاد من طرف واحد مهما كانت تمثيليتها ولا تسير إلا بتوافق عريض بمقتضاه نجتمع اليوم على خارطة طريق مضبوطة، أحزاب الاتحاد من أجل تونس يوافقون بلا تحفظ على خارطة الطريق وسيدافعون عليها بالحرف على أولوياتها كما جاءت".
ومن المنتظر أن يتضمن جدول أعمال الحوار الوطني تفعيل مبادرة حل الأزمة التي اشترك في صياغتها اتحاد العمل مع اتحاد الصناعة والتجارة (منظمة رجال الأعمال) وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان، وذلك من خلال الانطلاق في مشاورات بشأن تركيبة الحكومة المستقلة الجديدة التي من المفترض أن ترى النور عقب 3 أسابيع، على أن تترأسها شخصية وطنية مستقلة ولا يترشح أعضاؤها للانتخابات الآتية، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد، ولا تقبل لائحة لوم ضدها إلا بإمضاء نصف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي ويتم التصويت على حجب الثقة عنها بموافقة ثلثي أعضائه على الأقل.
أرسل تعليقك