دمشق ـ جورج الشامي
أعربت روسيا عن قلقها بشأن الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل على أهداف سورية، وحذرت من تصعيد التوتر في الدول المجاورة لسورية، فيما دعت فرنسا إلى "حل سياسي" للنزاع في سورية، في حين كشف مصدر من "حزب الله" اللبناني، عن أن الغارات الإسرائيلية على سورية، تمت بتنسيق إسرائيلي -عربي- أميركي، وأسفرت عن سقوط أكثر من 150 قتيلاً وجريحًا، نافيًا تعرّض أيّ شحنات أو أسلحة متطورة
تابعة للحزب للقصف خلال الغارة، تزامنًا مع وصف الحكومة سورية للغارات الإسرائيلية على أراضيها بأنها "إعلان حرب".
وقالت الحكومة السورية، في بيان تلاه وزير الإعلام عمران الزعبي، بعد اجتماع لها، "إن العدو الإسرائيلي ارتكب فجر الأحد، عدوانًا سافرًا ضد سورية مستخدمًا الصواريخ لقصف منشآت عسكرية، في خرق فاضح لجميع قواعد القانون الدولي، ضاربًا عرض الحائط بكل الالتزامات ذات الصلة، وإن هذا العدوان يفتح الباب واسعًا أمام جميع الاحتمالات، وقد برهنت إسرائيل بهذا العدوان على ارتباطاتها بالجماعات الإرهابية التكفيرية، وعلى المجتمع الدولي أن يدرك أن تعقيدات ما يجري في المنطقة بعد العدوان باتت أشد خطرًا"، مضيفة "شعبنا ودولتنا لا تقبل الهوان، وإسرائيل وعملاؤها لا يستطيون الانفراد بالمنطقة".
وشدد الزعبي باسم الحكومة السورية، على "أهمية مواصلة انجازات جيشها في مكافحة عدوان إسرئيل في الداخل، وعلى واجبها في حماية الوطن والدولة والشعب من أي اعتداء داخلي أو خارجي بكل الطرق والإمكانات".
وردًا على سؤال عن إسقاط طائرة إسرائيلية، أعلن وزير الإعلام السوري، أنه "ليس لدينا دليل على ذلك ونحقق في هذا الأمر"، موضحًا أن "الدعم الأميركي التقني للمعارضة يوازي دعمها بالأسلحة الفتاكة، وعلى من يراهن على ضعف الحكومة السورية ان يراجع حساباته".
ودعت موسكو الغرب إلى "التوقف عن تسييس مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية"، بعد إشارات إلى استخدام تلك الأسلحة من قبل حكومة دمشق وقوات المعارضة، حيث قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش، في بيان له، "نحن ندعو الغرب بشكل حثيث إلى التوقف عن تسييس هذه المسالة الجدية للغاية، وتأجيج جو معاد لسورية، وتعرب موسكو عن قلقها بشأن الغارات الجوية التي شنتها إسرائيل على أهداف سورية، التي تهدد بتصعيد التوتر في الدول المجاورة لسورية".
وقالت وزارة الخارجية الروسية، "نحن ندرس ونحلل جميع الظروف المحيطة بالأنباء المقلقة للغاية بشأن الغارات الجوية الإسرائيلية في 3 و5 أيار/مايو الجاري، والمزيد من التصعيد للنزاع المسلح يزيد وبشكل كبير خطر خلق مراكز توتر في لبنان، إضافة إلى سورية، وكذلك زعزعة الاستقرار في الوضع الذي لا يزال مستقرًا نسبيًا في منطقة الحدود الإسرائيلية اللبنانية".
ونفت إيران أن "تكون الطائرات الإسرائيلية قد استهدفت مستودعات تحتوي على أسلحة إيرانية"، حيث رفض مساعد رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، الجنرال مسعود جزايري، "الدعاية التي تقوم بها وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية، والتي تؤكد أن مستودعات أسلحة إيرانية استهدفت في الغارات التي شنها الطيران الإسرائيلي الجمعة والسبت في سورية"، حسبما ذكر الحرس الثوري الإيراني على موقعه الإلكتروني، فيما أكد وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي، أن "من حق سورية الرد على الهجمات الإسرائيلية التي تعرّضت لها، وأن العدوان الإسرائيلي على سورية لعبة خطيرة، ولن تستطيع تل أبيب التنصّل بسهولة من هذه المغامرة".
واعتبر وحيدي أن "سورية بلد قوي ومن حقه الرد بقوة على هذا العدوان، وتوجيه ضربات قاسية للكيان الإسرائيلي في الوقت المناسب، وأنه في مثل هذه الظروف علينا أن ننتظر تطورات كبيرة في المنطقة، وإن كان هناك عقلاء في العالم فعليهم العمل على منع إسرائيل من خوض مثل هذه المغامرات، لأنها في النهاية لن تكون لصالح أميركا والكيان الإسرائيلي نفسه".
ودعا وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الإثنين، إلى "حل سياسي" للنزاع في سورية، بعد ترجيح الغرب استخدام القوات السورية أسلحة كيميائية، وشن إسرائيل غارتين على سورية، حيث قال فابيوس خلال زيارة إلى هونغ كونغ، "إن الوضع في سورية مأساة حقيقية، تطال الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان، ولم تعد المسألة مأساة محلية بل إقليمية، وعلينا أن نسعى إلى حل سياسي، ويمكن تشكيل حكومة سورية انتقالية، وإذا ما استمر هذا الوضع، فقد يتحول إلى كارثة إنسانية وسياسية".
وأوضح فابيوس، "يمكننا أن نتفهم إسرائيل، لكن في ذلك مجازفة، لأنه إذا ما امتد النزاع إلى الدول المجاورة، فسيكون هذا منعطفًا في طبيعة هذا النزاع"، مضيفًا في ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية، أن "موسكو طالبت مع الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا بتحقيق في الموضوع، إننا نحقق لمعرفة ما إذا كانت مجموعة المؤشرات تشكل أدلة، وإنه إذا صح الأمر، فقد قالت دول عدة أن الأمر سيشكل منعطفًا".
وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن "إسرائيل نقلت عبر قنوات دبلوماسية رسالة سرية إلى الرئيس السوري بشار الأسد، أوضحت فيها أنها لا تنوي التدخل في الحرب الدائرة في بلاده، وأن هدف الغارات الأخيرة ليس النظام السوري، وإنما قواعد لـ"حزب الله" داخل سورية، كانت فيها صواريخ إيرانية".
وذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن القرار الرئيس الذي اتخذه المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، في جلسته مساء الأحد، هو نقل رسائل تطمينية إلى الرئيس السوري لمنع استمرار التصعيد على الجبهة الشمالية، فيما أرفقت بالخبر صورة لموقع قريب من دمشق، قيل في تقارير صحافية أجنبية إنه تعرض لقصف جوي إسرائيلي الأحد.
واعتبرت صحيفة "الغارديان"، في مقال تحت عنوان "نتنياهو يلتزم بالخطوط الحمراء"، أن "الأزمة السورية تجذب اهتمامًا دوليًا لا سيما إن كان هناك طرف خارجي متورط في الصراع الدائر، وعلى الأخص إسرائيل، وقد وصفت سورية الغارات الإسرائيلية الأخيرة على أراضيها بأنها إعلان حرب، إلا أنه بحسب البعض فإن إسرائيل أرادت حماية أمنها الوطني، والذي يعتبر من الخطوط الحمراء، بغض النظر عن تداعيات هذا الأمر، ولا شك أن الغارات الاسرائيلية على دمشق خلال عطلة نهاية الأسبوع، كانت لهدف منع حصول (حزب الله)، الحليف الإيراني، على صورايخ إيرانية متطورة"، مشيرة إلى أن "سورية توعدت بالانتقام سابقًا، إلا انها فشلت بتحقيق ذلك لا سيما بعد الغارة الاسرائيلية التي استهدفت مركز جمرايا سابقًا في كانون الثاني/يناير".
وأعلن مسؤول مخابرات أميركي، لوكالة "رويترز"، أنه لم يتم إعطاء الولايات المتحدة أي تحذير قبل الهجمات الجوية التي وقعت في سورية ضد ما يصفه مسؤولون غربيون وإسرائيليون بأسلحة كانت في طريقها إلى "حزب الله".
وقال المسؤول، من دون تأكيد، "إن إسرائيل هي التي شنت هذه الهجمات، وأنه تم إبلاغ الولايات المتحدة أساًسا بهذه الغارات الجوية بعد حدوثها، وتم إخطارها في الوقت الذي كانت القنابل تنفجر فيه"، مضيفًا أنه "سيكون أمرًا عاديًا بالنسبة لهم اتخاذ خطوات عدوانية عندما توجد فرصة ما لسقوط بعض أنظمة الأسلحة المتطورة في يد أناس مثل (حزب الله)".
وذكر مصدر آخر في المخابرات الغربية، أن أحدث هجوم وجه مثل الهجوم السابق ضد مخازن صواريخ "الفاتح 110" التي تنقل من إيران إلى "حزب الله".
واتهمت عضو لجنة التحقيق بانتهاك حقوق الإنسان في سورية، كارلا ديل بونتي، في مقابلة مع تلفزيون إيطالي، "المعارضة السورية باستعمال غاز الأعصاب السارين"، مضيفة أن "المعلومات والأدلة التي جمعها أعضاء اللجنة الدولية من الأطباء المختصين ومن المتضررين، تؤكد استخدام غاز السارين، وأنه انطلاقًا من المؤشرات التي تم الحصول عليها فإن مسلحي المعارضة استخدموا الأسلحة الكيميائية باستعمالهم غاز السارين".
واستعرضت بونتي محتوى التقرير الذي حضره موظفو اللجنة التي زارت الدول المجاورة لسورية، حيث التقوا بالمتضررين والأطباء وعناصر المستشفيات الميدانية، موضحة أن "الخبراء رغم ذلك لا يزالوا بعيدين عن طرح الاستنتاج الأخير، وأنه يتوجب التأكد من نتيجة تحقيقاتنا عن طريق شهادات إضافية، لكن في الوقت الحاضر استطعنا تحديد أن القوى المعارضة لدمشق من استعملت غاز السارين".
ونفى مصدر قيادي بارز في "حزب الله"، لصحيفة "الراي" الكويتية، تعرّض أيّ شحنات أو أسلحة متطورة تابعة للحزب للقصف خلال الغارة الإسرائيلية على سورية، موضحًا أن "الطيران المعادي استهدف مراكز للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري في جبل قاسيون، وأن الهدف كان أماكن تمركز المدفعية المسانِدة لتقدّم القوات العسكرية في داريا، وفي الغوطتين الشرقية والغربية، في تطور تزامن مع هجوم للمعارضة على دمشق وبدا مسانِدًا لها".
وتحدث المصدر عن "سقوط أكثر من 150 قتيلاً وجريحًا من جراء الضربة الإسرائيلية، التي تمت بتنسيق إسرائيلي -عربي- أميركي، وأن هذا الأمر يعني تدخلاً غربيًا مباشرًا وغير مباشر في المعركة الدائرة في سورية".
ونقلت "الراي" عن مصادر قريبة من الرئيس الأسد، أنه "أبلغ الروس أنه يريد جوابًا في 24 ساعة على رسالة بعث بها إلى الأميركيين عبر موسكو، وفحواها أنه في حال عاودت إسرائيل عدوانها فسيكون الأمر بمثابة إعلان حرب، وتاليًا لن يكون هناك إنذار أو درس لردّ الفعل، وأن الأوامر أُعطيت لنشر بطاريات صواريخ روسية حديثة جو-أرض، وأرض-أرض، وأن ردّها سيكون فوريًا ومن دون العودة إلى القيادة".
ولاحظ خبراء في الشؤون الإستراتيجية، أن ضرب إسرائيل لمراكز المدفعية التابعة لدمشق، لا يعدو كونه محاولة لـ"حفظ التوازن" بين القوات الحكومية ومعارضيها، وأنه لو أرادت إسرائيل الإخلال بالتوازن لمصلحة المعارضة وضمان تفوّقها، لكانت قامت بتدمير أسطول الطيران الحربي السوري".
وأشار الخبراء إلى أن "تدمير إسرائيل لمراكز مدفعية تابعة للفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، قد يؤدي إلى فرْملة الانجازات التي يحققها الجيش السوري في غير مكان، لكنه لن يسهّل، في الوقت نفسه، على المعارضة دخول دمشق والسيطرة عليها، لأن أقصر الطرق إلى هذا الأمر هو تدمير سلاح الجو السوري وشلّ حركته".
وأعلنت السلطات التركية، أنها ستخضع لاجئين سوريين على أراضيها أُصيبوا في المعارك في بلادهم إلى فحوصات دم، للتحقق مما إذا كانوا ضحايا أسلحة كيميائية، حيث أكد مصدر صحي رفض الكشف عن اسمه، أنه "تم أخذ عينات من جرحى أصيبوا في سورية ونقلوا إلى تركيا، وأن نتائج فحص العينات التي أخذها أطباء أتراك على الحدود السورية، ثم أرسلت إلى مختبر في أنقرة لم تعرف بعد".
وأفاد مصدر محلي في جنوب شرقي تركيا على الحدود السورية، أن "معلومات غير مؤكدة بشأن استخدام أسلحة كيميائية في سورية، من طرف الجيش الحكومي أو قوات المعارضة المسلحة، وأن السلطات المحلية اتخذت إجراءات على ضوء هذه المعلومات".
ووعد الرئيس الأميركي باراك اوباما، الأسبوع الماضي، بإعادة تقييم "الخيارات" الأميركية بشأن سورية، في حال إثبات استخدام دمشق لـ"الكيميائي"، غير أنه حذر من أي قرار يتخذ كرد فعل من دون حيازة جميع العناصر، فيما رفعت إسرائيل حالة الطوارئ إلى ثلاثة أيام مع تخوف من "الكيميائي" السوري، وتخشى إسرائيل عمليات في الخارج، ردًا على قصفها في سورية، فرفعت حال التأهب في الممثليات الدبلوماسية والسفارات الإسرائيلية كافة، في جميع أنحاء العالم.
أرسل تعليقك