غزة ـ محمد حبيب
أجبرت الهجمة الشرسة التي تتعرض لها آلاف المواقع الحكومية والرسمية والشخصية الإسرائيلية منذ مساء السبت آلاف الموظفين الفنيين بـ"إسرائيل" على محاولة صد الهجوم الشرس في "يوم مسح إسرائيل عن الإنترنت" من قبل من يُطلقون على أنفسهم مجموعة" هاكرز الأنونيموس".
وأضحت الشبكة العنكبوتية في إسرائيل ساحة واسعة لصراع الأدمغة أو "المقاومة الإلكترونية" كما يصفها الفلسطينيون
في قطاع غزة، ويَعْتَبِر الغزيون أن ما يحدث يعتبر ضربة للكيان في مقتل، "فإن كانت إسرائيل تملك طائرات حربية، فإن الفلسطينيين يملكون عقولاً ذكية". كما يعلق أحد المواطنين .
وأكدت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة أن اختراق المواقع الإسرائيلية الأكثر حصانة أمنية من قبل مجموعة من الشبان العرب والمسلمين يُعدّ انتصاراً للقضية الفلسطينية وعلى رأسها قضية الأسرى المضربين عن الطعام وانتصاراً للاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى المبارك.
وطالبت الفصائل في أحاديث صحافية، الأحد بضرورة دعم الشباب الثائر على الطغيان الإسرائيلي والظلم في حق أبناء شعبنا الفلسطيني.
وكان قراصنة الكترونيون (هاكرز) هاجموا مجموعة كبيرة من المواقع الإسرائيلية وبينهم عدد من المواقع الرسمية ونشروا عليها صوراً للأسير المضرب عن الطعام سامر العيساوي وللأسرى المرضى.
وقالت القناة العاشرة الإسرائيلية إن هجوم الهاكرز تسبب في إسقاط عدد من المواقع المهمة مثل وزارة الاستيعاب وموقع سوق الأوراق المالية وموقع المحاكم الإسرائيلية، إلى جانب اختراق بعض المواقع الشخصية، وكتب المهاجمون على المواقع التي جرت السيطرة عليها شعارات تدعو لتحرير فلسطين وأخرى تهدد بالعودة إلى المقاومة وإنهاء التهدئة.
من جانبه اعتبر القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر حبيب أن ما تقوم به مجموعة من الشبان من حرب إلكترونية على مواقع إسرائيلية هو عمل داعم لنضال وجهاد مقاومة شعبنا المجاهد وانتصاراً لقضيتنا على الاحتلال الصهيوني.
وقال حبيب "إن الكيان الصهيوني أصبح مكروهاً ومقززاً على المستوى العالمي، وهذه المجموعة من الشبان قامت بتعرية جرائم الاحتلال الإسرائيلي وجاءت في سياقها الطبيعي لفضح جرائم العدو الصهيوني.
فيما قال رئيس المكتب الإعلام الحكومي في غزة إيهاب الغصين "الشباب العرب والمسلمون يريدون أن يساهموا بأي شيء لدعم القضية الفلسطينية ورفض الممارسات الإسرائيلية في حق الأسرى والمقدسات الإسلامية وأراضي الضفة الغربية".
وأضاف الغصين "هناك من يريد أن يدعم القضية الفلسطينية ومهما كان هذا العمل فهو انتصار للقضية الفلسطينية".
وأكد القيادي في حركة المجاهدين نائل أبو عودة، أن الشبان العرب والمسلمين لديهم طاقة كبيرة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي أكثر من الجيوش العربية والإسلامية التي حنطها القادة والملوك والأمراء والرؤساء.
وقال أبو عودة "إن اختراق المواقع الاستخبارية للكيان الصهيوني التي تشن أبشع الهجمات على أبناء شعبنا الفلسطيني الأعزل من خلال التكنولوجيا لَهِيَ دليل واضح على إرادة الشعوب العربية والإسلامية التي تنتفض نصرةً للقدس والأقصى المبارك ولأبناء جلدتهم من الفلسطينيين.
أما المختصون في الشأن الأمني والتقني، فأجمعوا أن الهجمة الإلكترونية تأتي في إطار حملة المناصرة الكبيرة للفلسطينيين من "الأشقاء العرب".
ويرى هؤلاء في أحاديث منفصلة أن الهدف من الهجمة ضرب أدوات ووسائل الاحتلال، وكذلك إضعاف قوته، إلا أن مدير عام الحاسوب في وزارة الداخلية في غزة المهندس أسامة قاسم، حذر من تأثير الهجمة في حال شنت (إسرائيل) هجوماً إلكترونياً مضاداً، وطالب بأخذ أعلى درجات الحيطة والحذر والوعي الشديد؛ لأن الاحتلال ،وفق قوله، قد يشن حملة مضادة كردة فعل أولي وسريعة.
وعاد قاسم لِيُنَبِّه المواطنين ومتصفحي الإنترنت ومستخدمي الحواسيب في الأراضي الفلسطينية بضرورة الحذر والتعامل مع هذا الموضوع بجدية كاملة.
ونبه قائلاً "يجب الحذر الجيد من هذا الأمر لأننا نُعْتَبَر جزءاً من كيان ومنظومة الإنترنت الخاص بالاحتلال، لذلك يمكن أن تتعرض بعض مواقع مؤسساتنا والحواسيب الشخصية بشكل خاطئ لمثل هذه الهجمات الخارجية".
وأشادت وزارة الداخلية الفلسطينية في غزة باختراق مجموعات من الهاكرز العرب والعالميين للمواقع الالكترونية الإسرائيلية الخاصة بالمؤسسات سواء الحكومية أو الخاصة.
وأثنت الوزارة في بيان الأحد على هذه الحملة ودورها في محاربة الكيان الإسرائيلي، عبر استخدام الوسائل المتاحة كافة وبخاصة مجال الإنترنت والشبكة العنكبوتية في ضرب أدوات ووسائل وإمكانات الاحتلال.
وأكدت ضرورة أخذ المواطنين الفلسطينيين بمشاربهم وفئاتهم وشرائحهم كافة الحيطة والحذر، وخاصة المؤسسات العامة والخاصة من أي محاولة إسرائيلية للانتقام بشن حملة مضادة.
من جانبه كتب مستشار الرئيس الفلسطيني لشؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات صبري صيدم على صفحته على فيسبوك قائلاً "تقوم في هذه الأثناء بعض الجهات المجهولة ومنذ السبت تحديداً بمحاولات لتعطيل بعض المواقع الإلكترونية الفلسطينية ونشر رسائل مشوهة على صفحاتها رداً على هجمات تتعرض لها بعض المواقع الإسرائيلية بعد أن أُعلن من قبل مصدر مجهول بأن الأحد، سيشهد هجوماً إلكترونياً واسعاً على إسرائيل".
واقترح صيدم على الأصدقاء أخذ الحيطة والحذر والتواصل مع مزود الإنترنت الخاص بهم للتحقق من طبيعة الهجوم وسبل الحماية المتاحة وتجنب فتح أية روابط بعناوين غريبة أو أية ملحقات غير موثوقة الاسم والمصدر.
وأشار إلى أنه في حال قطعت "إسرائيل" خدمات الإنترنت فإن شبكة الإنترنت في فلسطين ستتأثر، مشيراً إلى أن الاحتلال قرر الرد على الهجمات الإلكترونية التي يتعرض لها باعتقال بعض الناشطين الفلسطينيين.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية "وفا" عن صيدم قوله إنه لا يوجد مؤشر لعلاقة فلسطين بـ'الهاكرز' واختراق المواقع الإسرائيلية، مؤكداً أنها معركة في الفضاء الإلكتروني وفضاء الإنترنت المفتوح للجميع.
ولفت إلى أنه في عالم الإنترنت لا يوجد أمن مطلق، بالتالي إمكانية الحماية الكاملة غير متوفرة لذلك يجب عدم الاستخفاف والتعامل بحكمة وهدوء .
أما المدون والناشط الإعلامي الفلسطيني خالد صافي، فقال "إن الهجمة بمنزلة إعلان لجهاد إلكتروني يزيل إسرائيل عن خارطة الشبكة العنكبوتية".
وقال إن ما يثير الانتباه أن الأرقام السرية للحسابات المصرفية المخترقة أعيد نشرها على العلن في مواقع مختلفة، وهي تتيح سرقة الملايين من الدولارات من تفاصيل البطاقات الائتمانية أمام ذوي الخبرة التقنية.
ويعزو صافي هجمة "أنونيموس" إلى كشف المخططات الإسرائيلية للعالم بعد اختراق الشبكات والمواقع العبرية، وعرض مفاجأة تتمثل في الإعلان عن حرب إلكترونية مفتوحة ضدها.
ويرى صافي أن الرد الإسرائيلي الأعظم على تلك الحملة سيكون بعد انتهاء قراصنة أنونيموس، متوقعاً إقدام الاحتلال على إيقاع القراصنة غير المحترفين كضحايا وجعلهم صيداً ثميناً لها.
وأضاف صافي أن مجموعة "أنيونيموس" وضعت ثلاث مراحل للهجوم المتعمد على إسرائيل تتضمن تحقيق انهيار شامل لمنظومة الإنترنت فيها، يعقبها نشر الخطط المستقبلية والجرائم ضد الإنسانية للعالم أجمع ثم تقديم "هدية" لإسرائيل، لم تعلنها، في ختام مراحل الهجوم.
كما حذر مختص تقني وباحث في أمن المعلومات، رفض ذِكْر اسمه، مستخدمي الإنترنت في فلسطين، من الاحتفاظ بكلمات السر والبيانات المهمة على أجهزتهم وحواسيبهم الشخصية.
ونصح بضرورة استعمال برامج مكافحة الاختراق على حواسيبهم الشخصية؛ لتجنب الاختراق، وأيضاً عدم الرد أو استقبال الرسائل مجهولة المصدر، وتَجَنُّب الدخول إلى المواقع المشبوهة، كَوْنها "البوابة الشائعة للاختراق"، وفق تعبيره.
وأوصى بضرورة فصل الإنترنت في حال شعور المستخدم بحدوث خلل في الجهاز أو تعرضه لاختراق، "إلى أن يتم تجاوز هذه الفترة التي تشهد هجوماً إلكترونياً كبيراً".
وكانت أنونيموس سبق وأعلنت عزمها شنّ أكبر عملية قرصنة معلوماتية ضد (إسرائيل) في السابع من نيسان/أبريل الجاري، وأُطلق عليها "أوب إسرائيل" وهدفها محو الكيان من الإنترنت.
وتقول مجموعة أنونيموس على صفحتها الرسمية المحدثة بالبيانات إن أكثر من 25 ألف حساب للتواصل الاجتماعي من "فيسبوك" و"تويتر" ونحو 30 ألف حساب مصرفي وبورصة إسرائيلي تم اختراقها منذ صباح الأحد وحتى الظهر فقط، كما بلغ عدد المواقع الإسرائيلية المخترقة نحو 400 موقع، بينهم مواقع خاصة بالوزارات والجيش ومنشآت حيوية كالمدارس والمؤسسات والمصانع والوكالات التجارية.
ومن بعض المواقع الإسرائيلية المهاجمة نحو 700 هجمة متكررة من هجمات حجب الخدمة DDoS، والتي استهدفت الأنظمة الحكومية رفيعة المستوى في إسرائيل مثل وزارة الخارجية، ووزارة الجيش، وبنك القدس، ومدونة الجيش الاسرائيلي، والموقع الرسمي للرئيس الإسرائيلي.
واعترفت إسرائيل صباح الأحد بأن قراصنة الإنترنت المؤيدين لفلسطين نجحوا فعلاً في عزل إسرائيل عن العالم لساعات عدة وأنهم أسقطوا مواقع السيادة الإسرائيلية ورفعوا عليها صورة الأسير سامر العيساوي، كما اعترفت صحيفة معاريف العبرية وغيرها من المواقع الإخبارية بسقوط مواقع عدة، من بينها موقع رئيس وزراء إسرائيل، موقع وزارة الدفاع الإسرائيلية، موقع وزارة التربية والتعليم، موقع وزارة البيئة، موقع الصناعات العسكرية الإسرائيلية، موقع مكتب الإحصاء، موقع مكافحة السرطان، وعشرات المواقع السيادية في الدولة العبرية إلى جانب عشرات آلاف المواقع الصغيرة ومئات آلاف الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن إسرائيل لم تتمكن من إعادة تشغيلها إلا بعد ساعات عدة.
وتداعى الجيش الإسرائيلي واستخباراته المختلفة منذ الصباح لعمل خطة حماية من هذه الحرب التي أطاحت بمواقع إسرائيل، حيث نجح الهاكرز في إعادة فيروسات القراصنة الإسرائيليين إلى نحرهم، ما استرعى طلب إسرائيل الاستغاثة من دول متحالفة معها، حيث لم تعد إسرائيل تكابر أو تستهين بحرب الشباب الهاكرز كما فعلت في بادئ الأمر.
وقبل قليل استنجد الجيش الإسرائيلي بشركات حماية أمنية وطلبت إخفاء ملفاتها دون جدوى، فقد تسربت معلومات خطيرة وأسماء لعشرات آلاف العاملين مع أجهزة الأمن الإسرائيلية مع إيميلاتهم الشخصية وبياناتهم الذاتية.
ومن شركات الحماية الخاصة التي هبّت لنجدة إسرائيل شركة 2BSecure وشركة ماتريكس، وتقدر شركات الحماية السيبرية في إسرائيل أن الهاكرز تمكنوا حتى الآن من إسقاط 2700 موقع إسرائيل بشكل كامل.
وشنّت جماعة أنونيموس ثاني هجماتها الإلكترونية – والمعروفة باسم #OpIsrael – ضد إسرائيل، وهدَّدت في وقتٍ لاحق “بمحو إسرائيل” من على شبكة الانترنت؛ احتجاجاً على الاحتلال وسوء معاملته للفلسطينيين، واعتباراً من صباح الأحد، كانت العشرات من المواقع الاسرائيلية غير متاحة على شبكة الانترنت.
ونقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية الخميس عن نائب ضابط أمن المعلومات الاسرائيلي أنه "لم يكن من المتوقع أن تصل الهجمات الإلكترونية إلى هذا المستوى غير المعهود، والذي لم نره من قبل".
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية الجمعة أن هناك العشرات من المنظمات الكبيرة أغلقت مواقعها على شبكة الإنترنت لحمايتها من هجمات المقرصنين.
وفي الساعات الأولى من الأحد، وجّه قراصنة "أنونيموس" رسالة إلى العالم من خلال مقطع فيديو على "اليوتيوب" وذكروا فيها أن "أقوى المخترقين من مختلف أنحاء العالم قرروا أن يتّحدوا في كيانٍ واحد تضامُناً مع الشعب الفلسطيني ومحو إسرائيل من على الانترنت".
وجاء في الفيديو "منذ فترة طويلة جدًا ونحن نتسامح معكم في جرائمكم ضد الإنسانية وتغنيكم بالديمقراطية، وهذا أبعد ما يكون عن الحقيقة، كما شَرَّدَ تَعَصُّبُكم للصِّهْيونية الملايين وقُتِل الكثير، وبينما العالم يَصْرُخ تَضْحَكُون أنتم بتخطيط هجوم مُقْبِل ويتم ذلك كله تحت ستار السلام".
وترفع "أنونيموس" شعار "نحن مجهولون، نحن عُصبة، نحن لا نغفر، نحن لا ننسى.. ترقبونا".
وعن الانتهاكات التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، قالت "أنونيموس" "أنتم لم تتيقظوا قط عن انتهاكاتكم التي لا تنتهي لحقوق الإنسان، لم تتوقفوا قط عن المستوطنات غير الشرعية، لم تحترموا وقف إطلاق النار، بل حتى لم تحترموا القانون الدولي".
وكانت المجموعة المهاجمة التي ينتمي أفرادها لدول عدة منها ﺳﻮﺭﻳﺎ، ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ، ﺍﻷﺭﺩﻥ، ﻣﺼﺮ، ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ، إﻧﺪﻭﻧﻴﺴﻴﺎ, تركيا, تونس ،ماليزيا ،السعودية، المغرب، تركيا ودول البلقان وتعدَّت أعدادهم 10 آلاف شخص اجتمعت في تونس أخيراً لتحديد السابع من نيسان /أبريل يوم الهجوم على "إسرائيل" إلكترونيًا.
من جهته، يدعو المختص في الشأن الإسرائيلي توفيق أبو شومر إلى أن تكون الهجمات الإلكترونية مُبَلْوَرَة وتعمل ضمن خطة منهجية للاستفادة من نتائجها.
ويقول أبو شومر لوكالة "صفا" إن فكرة الهجوم الإلكتروني تُؤتي أُكُلَهَا جيداً في حال كانت دقيقة وتستهدف مواقع مُعَيَّنة بعيداً عن "الضرب العشوائي" كاستهداف مواقع "إنسانية أو اجتماعية" الذي قد تكون مُنتقدة على الصعيد الدولي".
ويضيف "الهجمات الإلكترونية يجب أن تكون ضد مواقع حيوية كموقع الكنيست الإسرائيلي والجيش، وهو ما تحقق فعلاً باستهداف الموقع الرسمي للرئيس الإسرائيلي شمعون بيرز والمواقع التي لها علاقة بالاحتلال مباشرةً".
يشار إلى أن سلطات الاحتلال اعترفت أن نتائج الهجمات ستظهر مع نهاية الأحد بإعلان حجم الخسائر الحقيقية لإسرائيل، وعلى أساسها سيحدد الفلسطينيون أو منفذو الهجوم ماذا سيجنون من تلك الهجمات.
ويوصي المختص بتطوير تلك الهجمات من خلال بَلْوَرَتِها في إطار مُنَظَّم وغير مكشوف على طريقة مؤسسة "ويكيليكس" التي نجحت في تسريب ملايين الوثائق التي تُثْبِت تَوَرُّط قادة ومسؤوليتين عالميين في قضايا مختلفة.
أرسل تعليقك