طرابلس ـ فاطمة السعداوي - صوت الامارات
قدّم رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) المبعوث الخاص للمنظمة الدولية، غسّان سلامة، اقتراحًا جديدًا لإعادة الأطراف المتحاربة في البلاد إلى سكة العملية السياسية، انطلاقًا من هدنة إنسانية تبدأ في 10 أغسطس (آب) المقبل، بمناسبة عيد الأضحى ومرورًا بعقد اجتماع دولي جديد وصولًا إلى مؤتمر وطني جامع، في خطوات كان ناقشها خلال الأيام القليلة الماضية مع أطراف رئيسية في النزاع، وخصوصًا رئيس حكومة الوفاق فائز السراج وقائد “الجيش الوطني” الليبي المشير خليفة حفتر.
وكان سلامة يقدم إحاطة إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من طرابلس، إذ قال إن “النزاع المسلح في ليبيا لا يظهر أي علامات على التراجع”، مضيفًا أن المعارك في محيط طرابلس “أوقعت حتى الآن قرابة 1100 قتيل، بينهم 106 من المدنيين”، فضلًا عن أن “مئات الآلاف من الناس فروا من منازلهم في العاصمة والمناطق المجاورة نتيجة للقتال، وعشرات الآلاف عبروا الحدود إلى تونس بحثًا عن الأمان لعائلاتهم”. وأكد أن أكثر من 100 ألف من الرجال والنساء والأطفال معرضون للخطر على الخطوط الأمامية، وأكثر من 400 ألف متأثرون مباشرة بالاشتباكات.
وإذ عدد سلسلة من الهجمات المتبادلة بين قوات حكومة الوفاق الوطني و”الجيش الوطني” الليبي، ومنها الغارات الجوية التي نفذت أخيرًا في منطقة الجفرة وفي مصراتة، لفت إلى أن “هناك زيادة في تجنيد واستخدام المرتزقة الأجانب، جنبًا إلى جنب مع استخدام الأسلحة الثقيلة والهجمات البرية”، مؤكدًا أن الطرفين “فشلا على حد سواء في مراعاة التزاماتهما تحت القانون الدولي الإنساني”. واعتبر أن “المثال الأكثر مأساوية كانت الهجمات العشوائية، على مركز احتجاز المهاجرين في تاجوراء، حيث قتل 53 شخصًا وأصيب 87 على الأقل” على رغم مشاركة “الإحداثيات الدقيقة لمركز الاعتقال في تاجوراء مع الأطراف”. ورأى أن “ما زاد الطين بلة هو قيام السلطات في الأيام الأخيرة بنقل أكثر من 200 مهاجر مرة أخرى إلى المنشأة التي قصفت”.
وقال سلامة إن “مسار النزاع شهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي”، معبرًا عن “قلق خاص لاستهداف المدارس والعاملين في مجال الصحة والمرافق الصحية بشكل متكرر”، حيث قصفت 19 سيارة إسعاف وأربعة مرافق صحية، وقتل الكثير من الأطباء والمسعفين، وبينهم خمسة في هجوم وقع أخيرًا على كل من مستشفى الزاوية الميداني ومدرسة العلمين. وأشار إلى “ارتفاع غير مقبول في حالات الاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية منذ بداية القتال”، ذاكرًا حالة اختطاف عضوة مجلس النواب المنتخب سهام سرقيوة بعنف من منزلها في بنغازي على أيدي جماعة مجهولة في 17 يوليو (تموز) الجاري. وشدد على أن “داعش يواصل استغلال الفراغ الأمني الناشئ عن النزاع في طرابلس وحولها”، مضيفًا أن “الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الدلائل التي تشير إلى أن ترسانة الأسلحة التي يسلمها المؤيدون الأجانب إلى طرف أو آخر من النزاع تقع إما في أيدي الجماعات الإرهابية أو يتم بيعها لهم”.
وقال سلامة أيضًا إنه “لا يمكن تأجيل قرار وقف الحرب إلى أجل غير مسمى”، مقترحًا إجراء فوريًا من ثلاث نقاط للخروج من النزاع: “أولًا، إعلان هدنة لعيد الأضحى الذي سيحتفل به قرابة 10 أغسطس. وينبغي أن تكون الهدنة مصحوبة بتدابير لبناء الثقة” مثل تبادل الأسرى وإطلاق المعتقلين أو المختطفين تعسفًا وتبادل رفات الموتى. وأضاف ثانيًا أنه “بعد الهدنة، عقد اجتماع رفيع المستوى للبلدان المعنية من أجل: تدعيم وقف الأعمال الحربية، والعمل سوية من أجل فرض التطبيق الحازم لحظر الأسلحة لمنع تدفق الأسلحة إلى المسرح الليبي، وتعزيز الالتزام الحازم بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان من قبل الأطراف الليبية”. وأكد ثالثًا أنه “ينبغي أن يتبع الاجتماعَ الدولي اجتماعٌ ليبي يضم شخصيات بارزة ومؤثرة من جميع أنحاء البلاد للاتفاق على عناصر شاملة للمضي قدمًا” في العملية السياسية. وذكر أن “مثل هذا التوافق كان على وشك أن يتم في الفترة التي سبقت المؤتمر الوطني، وأن الوقت قد حان لليبيين لإنهاء هذا الفصل الطويل من الشك المتبادل والخوف والانقسام”.
قد يهمك ايضاً :
أنطونيو غوتيريش يؤكد أن ليبيا ليست بلدًا آمنًا للاجئين
الانقسامات السياسية في ليبيا تُلقي بظلالها على عمل المنظومة الإعلامية
أرسل تعليقك