أطلق الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح مبادرة ثالثة، بعد فشل سابقتيها خلال الأشهر الماضية للخروج من مأزق الفراغ الدستوري الحالي الذي تعيش فيه الجزائر من خلال حوار تقوده شخصيات وطنية مستقلة تحظى بالشرعية، لكن دون مشاركة للسلطة، بما فيها المؤسسة العسكرية.
الانتخابات الرئاسية
اعتبر الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، الأربعاء، أن الانتخابات الرئاسية "تبقى الحل الديمقراطي الوحيد" للأزمة السياسية في البلاد، داعيا إلى تشكيل هيئة للحوار الوطني "لن يكون الجيش طرفا فيها" لتشكيل هيئة انتخابات مستقلة.
وقال الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح في كلمة متلفزة، "على الجميع الانخراط في مسار الحوار الوطني الشامل الذي تعتزم الدولة إطلاقه لمناقشة كل الانشغالات المتعلّقة بالاستحقاق الرئاسي المقبل، ومن ثم تقديم إسهاماتهم في تنظيم الاقتراع في مناخ تملؤه السّكينة".
اقرأ ايضاً :
الحبس المؤقت لرمز جزائري بارز بتهمة "إضعاف معنويات الجيش"
وأشار إلى أن "هذا الحوار يعتبر الطريقة المثلى للتّوصل إلى الصيغ التوافقية الضرورية حول كل الوسائل المتصلة بالانتخابات الرئاسية، كما يعد أمراً مستعجلاً يتعّين على بلادنا اللّجوء إليه لاستعادة الدولة سجيتها السياسية والمؤسساتية التي تمكنها من مواجهة التقلبات الاقتصادية والتهديدات التي تحيط بالبلاد إقليمياً".
وأكد بن صالح أن الجيش لن يكون طرفا في هذا الحوار، قائلا: "في هذا الصدد ولإبعاد اي تأويل أو سوء فهم فإن الدولة بجميع مكوناتها بما فيها المؤسسة العسكرية لن تكون طرفا في هذا الحوار وستلتزم بأقصى درجات الحياد طوال مراحل هذا المسار، وستكتفي فقط بوضع المسائل المادية واللوجستية تحت تصرف هذا الفريق، وسيكون للمشاركين في هذا الحوار حرية مناقشة كافة الشروط الواجب توفيرها لضمان استقلالية الحوار المقبل".
وأوضح أنه في هذا الحوار الشامل، سيكون متاحًا دعوة أي طرف يراه فريق الحوار مفيدا لإنجاز مهمته وتحقيق الغرض من إنشائه، لا سيما الاحزاب السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الفاعلة وممثلي الحركة الشعبية.
وأضاف أن الحوار "سيركز على هدفه الاستراتيجي الأوحد وهو تنظيم الانتخابات التي يتعين أن تجري في أقرب الآجال الممكنة".
ووفقًا لبن صالح، ستكون الهيئة التي ستعهد اليها مهمة تنظيم العملية الانتخابية ومراقبتها في جميع مراحلها في صلب هذه النقاشات، كما سيتم الحوار بشأن مهامها وتركيبتها في اختيار الشخصيات التوافقية التي ستسيرها.
محاور الحل السياسي
وحدَّدت مبادرة الرئيس الجزائري الجديدة، المعالم الكبرى للحوار لكن من دون الخوض في كافة تفاصيلها، وألقت بالكرة في ملعب الأطراف المتفاوضة من الحراك الشعبي والقوى السياسية للخروج بخارطة طريق جديدة من خلال تحديد محاور الحل السياسي وصياغة الترتيبات في عملية نقل السلطة عبر صناديق الاقتراع الجزائرية.
وتجنَّبت المبادرة الجديدة أي خوض في تفاصيل الحل السياسي بكامل تفاصيله خشية أن تلحق تلك المبادرة بسابقاتها، وحتى لا يبدو الأمر وكأن السلطة في الجزائر هي من تطرح المبادرة بكليتها كأمر واقع ومفروض على أطياف المعارضة السياسية.
وأشار بن صالح في معرض تقديمه لمختلف الضمانات التي توفرها الدولة لهذا المسعى، إلى أن المشاركين في هذا الحوار سيكون لهم حرية مناقشة كافة الشروط الواجب توفيرها لضمان مصداقية الاستحقاق الرئاسي، والتطرق لكل الجوانب التشريعية والقانونية والتنظيمية المتعلقة به، بما في ذلك الرزنامة الخاصة به والآليات ذات الصلة بمراقبة هذا الموعد الانتخابي والإشراف عليه.
كذلك تضمن الخطاب الرئاسي الإشارة إلى جملة من المستجدات التي ستفضي إليها مخرجات الحوار بإنشاء هيئة تعهد بتنظيم ومراقبة العملية الانتخابية المقبلة بكافة مراحلها وتحديد آليات تسييرها ومهامها وصلاحياتها وكذلك اختيار الشخصيات التوافقية التي ستسيرها.
قانون الانتخابات
وكان من بين القضايا التي تطرقت لها المبادرة، النظر في قانون الانتخابات، الذي أكد بن صالح بأنه "يحتاج إلى مراجعة لتوفير الضمانات الكفيلة بتأمين شروط الحياد والشفافية والنزاهة المطلوبة،"كما تحدث عن إعادة النظر في تشكيلة الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي ينص عليها الدستور، من أجل التوفيق بينها والسلطة التي سيتم إنشاؤها".
ويرى مراقبون أن المبادرة ستلقى ترحيبا من قوى المعارضة الجزائرية والقوى الشعبية بكامل أطيافها، لكن بقيت بعض الأسئلة التي مازالت مثار جدل حول تحديد الأشخاص التي "تحظى بالشرعية" والتي ستشارك في الحوار السياسي ومدى التزام المؤسسة العسكرية بكل مخرجات الحوار، إضافة إلى أحد المطالب الرئيسية بتغيير الحكومة الحالية واستبدالها بحكومة انتقالية تقودها شخصية توافقية.
التوافق بين قوى المعارضة
ويكمن التحدي الآخر في عدم التوافق التام بين أطياف قوى المعارضة والمجتمع المدني، والتي ستجتمع السبت المقبل في حوار وطني من أجل بلورة مطالب شعبية موحدة ومتطابقة تلتقي بها مع السلطة على طاولة الحوار للخروج بحل يرضى كافة الأطراف الجزائرية.
قد يهمك ايضاً :
حلم الجزائريين بتأسيس "الجمهورية الثانية" مازال بعيدًا بعد استقالة بوتفليقة
استقالة رئيس البرلمان الجزائري بعد ضغط "الكتل السياسية"
أرسل تعليقك