ذكرت مصادر يمنية رسمية أن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، أبلغ مسؤولين وسفراء غربيين، بينهم وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، تمسك الشرعية في اليمن بالمرجعيات الثلاث المتفق عليها في أي حوار للسلام مع الميليشيات الحوثية الموالية لإيران.
وأفادت المصادر بأن الفريق الأحمر أبدى استعداد قيادة الشرعية وحكومتها المعترف بها دولياً، التعاطي الإيجابي مع جهود السلام كافة، سواء تلك التي تقودها الأمم المتحدة عبر مبعوثها إلى اليمن مارتن غريفيث، أم تلك التي تضطلع بها الدوائر الإقليمية والدولية.
وتأتي تصريحات الأحمر التي بثتها وكالة "سبأ" الرسمية، بالتزامن مع تحركات بريطانية وفرنسية وأميركية، بهدف الضغط من أجل استئناف المشاورات بين الحكومة الشرعية والجماعة الانقلابية، في جولة جديدة من المقرر أن تستضيفها السويد الشهر المقبل.
ويخشى ناشطون يمنيون وكثير من القيادات الحزبية المؤيدة للشرعية أن تكون المساعي الغربية بمثابة محاولة من الدوائر الغربية لمكافأة الميليشيات الحوثية عبر جعلها حجر عثرة أمام استكمال الحسم العسكري الذي بات يؤتي ثماره مع اقتراب انتزاع الحديدة ومينائها وتضييق الخناق على الجماعة الحوثية في معقلها الرئيس في محافظة صعدة.
وأفادت المصادر الرسمية اليمنية بأن نائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، التقى أمس الثلاثاء في الرياض، السفير الأميركي ماثيو تولر لمناقشة المستجدات على الساحة الوطنية والعلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين. وثمّن الأحمر - بحسب الوكالة - الموقف الأميركي الداعم للشرعية ولأبناء الشعب اليمني والعلاقات التاريخية، مجددًا التأكيد على موقف "الشرعية" بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي تجاه السلام الدائم المبني على المرجعيات الثلاث.
وذكر المصدر الرسمي أن الأحمر أكد أن المهمة الملقاة على عاتق المجتمع الدولي والشركاء الدوليين، وفي مقدمهم الأصدقاء الأميركان هو تنفيذ القرار الدولي 2216 باعتباره مدخلاً رئيسيًا لتحقيق السلام، ليس في اليمن فحسب، بل على مستوى المنطقة، مع إشارته إلى استمرار تعنت الانقلابيين الحوثيين واستهتارهم بالجهود الأممية ورفضهم اغتنام فرص الحوار والسلام. وقال الأحمر إن "الشرعية بقيادة الرئيس هادي، ستدعم جهود المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث لإحلال السلام وفق المرجعيات وتتعامل بإيجابية مع كل جهود السلام القائمة وفق المرجعيات الثلاث".
ويدور الحديث حالياً عن مساعٍ بريطانية وأميركية وفرنسية لتبني قرار أممي جديد ملزم بوقف الحرب في اليمن. وأفادت المصادر اليمنية بأن الأحمر أشار خلال لقاء السفير الأميركي إلى أن الشرعية وبدعم الأشقاء في التحالف بقيادة السعودية، يتولون إدارة ملفات مهمة، في مقدمها إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية وتحجيم التدخل الإيراني التخريبي ومحاربة الإرهاب والتطرف، علاوة على الجهود المبذولة للحد من تدهور الاقتصاد وتحسين الوضع المعيشي للمواطنين.
وكان الأحمر التقى الاثنين الماضي، في الرياض وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت، وأبلغه - بحسب المصادر الرسمية - حرص "الشرعية" على تحقيق السلام الدائم المستند على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216. وقال الأحمر إن "الشرعية" خاضت في سبيل السلام كثيراً من جولات المشاورات برعاية أممية، وإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المجتمع الدولي والشركاء الدوليين، ومن ضمنهم الأصدقاء البريطانيون، لتنفيذ القرار الأممي 2216 بما من شأنه مصلحة اليمن واليمنيين وإرساء السلام والأمن الدوليين.
وأشار الأحمر في معرض تذكيره للوزير البريطاني بخطر الجماعة الحوثية إلى الأضرار التي لحقت باليمنيين جراء انقلابها، وإلى تهديد الجماعة للأمن الإقليمي والدولي من خلال استهداف الملاحة الدولية وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة باتجاه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. الأمر الذي يُثبت - وفقا للأحمر - خطر انقلاب الحوثيين ليس على اليمن فقط وإنما على الأمن والاستقرار الدوليين.
وأوضح نائب الرئيس اليمني أن الوضع الإنساني الذي يعيشه اليمنيون يتفاقم يومًا بعد آخر، وأن المتسبب فيه أساسًا انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران باستيلائها على السلطة وتعطيلها للخدمات وتعمدها إرهاب وإفقار واستهداف المدنيين ونهب رواتبهم ومقدرات الدولة واحتكار المساعدات الإغاثية والإيوائية.
ونقلت وكالة "رويترز" عن هانت قوله إن "فرص إجراء محادثات لإنهاء الحرب في اليمن صارت أكثر واقعية". وأضاف إن "الأمر يتعلق بإجراءات بناء الثقة على الجانبين، لكن هناك استعدادا حقيقيا للتواصل بشأن هذا وفقا للأشخاص الذين تحدثت إليهم".
بدورها، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية أمس، أن "تحالف دعم الشرعية في اليمن وافق على إجلاء جرحى من المتمردين الحوثيين، وذلك غداة زيارة هانت إلى المنطقة". وأوضحت الوزارة في بيان أن "قوات التحالف ستسمح الآن للأمم المتحدة بالإشراف على إجلاء طبي لحوثيين، ما يصل إلى 50 مقاتلا مصابين، إلى سلطنة عمان قبل سلسلة محادثات سلام جديدة في السويد ستعقد في وقت لاحق هذا الشهر". وجاء في البيان: "يشهد اليمن أسوأ أزمة إنسانية في العالم (...) 75 في المائة من السكان بحاجة إلى مساعدة إنسانية و8.4 مليون قد يموتون من الجوع. علينا التحرك".
وقال هانت إنه "متفائل لإعلان السعودية والإمارات دعمهما عملية السلام الدولية التي يقودها الموفد الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث". وأضاف: "خلال لقاءاتي مع المسؤولين في الرياض وأبوظبي أحرزنا تقدماً ورسمنا نهجاً ذا مصداقية نحو خفض التصعيد العسكري".
وكان عدد من السفراء الغربيين كثفوا في الرياض لقاءاتهم بالمسؤولين في الحكومة الشرعية وقيادات الأحزاب، وفي مقدمهم وزير الخارجية خالد اليماني ونائب رئيس مجلس النواب محمد علي الشدادي. وذكرت وكالة "سبأ" أمس أن الشدادي التقى أمس السفير الفرنسي لدى بلاده كرستيان تيستو وأطلعه على الترتيبات الجارية لاستئناف انعقاد جلسات مجلس النواب في العاصمة المؤقتة عدن بموجب قرار نقل المجلس على النحو الذي يعزز من تمكين عمل المؤسسة التشريعية بعد أن اكتمل النصاب القانوني لانعقاد المجلس من أعضاء مجلس النواب المؤيدين للشرعية. وأشار الشدادي إلى أن الميليشيات تمارس على بعض أعضاء مجلس النواب، الذين لم يتمكنوا من الخروج من صنعاء، المضايقات وتفرض عليهم الإقامة الإجبارية.
وترجح مصادر حزبية في صنعاء تحدثت إلى "الشرق الأوسط" أن الجماعة الحوثية أبلغت في الأيام الماضية دوائر غربية رغبتها في الخروج باتفاق يضمن لها ماء الوجه مع اقتراب خسارتها لمدينة الحديدة ومينائها عسكريا، غير أن المصادر أبدت قلقها من أن يكون العرض الحوثي لمجرد المناورة فقط، كي يسمح لها توقف العمليات العسكرية بإعادة ترتيب صفوفها لمواصلة القتال من جديد.
أرسل تعليقك