أجرى رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لقاءات مع المسؤولين المصريين خلال زيارة استمرت يومًا واحدًا للقاهرة توّجها بمقابلة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قصر الاتحادية.
واستغرق الاجتماع ساعة كاملة، في حضور رئيس مجلس الوزراء المصري إبراهيم محلب، بعدها انضم إلى الاجتماع الوفد الوزاري اللبناني المرافق: أكرم شهيب، ميشال فرعون وارتور نظريان، وتركز البحث على التطورات.
وأوضح الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير علاء يوسف، أن الرئيس السيسي عبر عن اهتمام مصر بمتابعة التطورات في لبنان وإدراكها للضغوط التي يعاني منها نتيجة الوضع الإقليمي المتوتر، لا سيما في سورية، مشددًا على أهمية الحفاظ على وحدة الشعب اللبناني ودعم نسيجه الوطني ودعم مؤسسات الدولة اللبنانية، وكذا مؤسسات كل دول المنطقة في مواجهة الضغوط والتحديات الناجمة عن تردي الأوضاع الأمنية في عدد من دولها.
وأكد الرئيس السيسي أن "المرحلة وما تشهده من تحديات "تفرض على الدول العربية أن تتكاتف معًا، ليس فقط من أجل حماية الأمن القومي العربي، ولكن أيضًا لاستعادة الدول التي سقطت في براثن التطرف"، لافتًا إلى الدور الذي يمكن أن تقوم به القوة العربية المشتركة في هذا الشأن.
وأوضح أن القرار المصري سيظل مستقلا وتحكمه اعتبارات المصلحة الوطنية المصرية، مشيرًا إلى أنَّ "القوة العربية المشتركة تدافع ولا تعتدي، وستحقق التوازن المطلوب في المنطقة بما يحفظ مقدرات الدول العربية ويصون أمن شعوبها".
وفي الشأن السوري، أكد السيسي "أهمية الحل السياسي والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية من الانهيار، بما يساهم في الحفاظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية ويحقق وحدة أراضيها وشعبها"، مشيرا إلى أَّن مصر "تولي اهتمامًا خاصًا لتعزيز التعاون الثنائي مع لبنان في المجالات كافة وستظل مصر أياديها ممدودة للبنان بكل الخير والإرادة الصادقة".
وشدَّد سلام على أهمية مصر ودورها المحوري في المنطقة، مشيرًا إلى ما يمثله تردي الأوضاع الأمنية في سورية من مخاطر على لبنان، ودول الجوار، لا سيما في ظل تنامي أعداد اللاجئين السوريين ومحدودية المساعدات الدولية المقدمة لهم، ومشددًا على أهمية تكاتف الجهود الدولية والتقارب في وجهات النظر إزاء النهج الذي يتعين إتباعه لتسوية الأزمة السورية والذي من شأنه المساهمة في إيجاد حل لها.
والتقى سلام نظيره المصري ابراهيم محلب في مقر رئاسة مجلس الوزراء، وقال سلام في مؤتمر صحافي مشترك مع محلب إنَّ البلدين يربطهما مصير وتاريخ مشترك، موضحًا أنه تم التطرق إلى الأزمة السورية وتأثيرها على لبنان، مشددًا على أن مصر تقف بجانب لبنان وأمنه، وأن الشعب اللبناني يضرب مثلاً قوياً في التعايش على رغم اختلاف الطوائف.
وأكد محلب اتفاقه مع سلام على "إعادة الفاعلية للجنة العليا المشتركة بين البلدين التي لم تنعقد منذ عام 2010، وأن محادثاتهما ركزت على مناقشة قانون الاستثمار في مصر ولبنان والتبادل التجاري بين البلدين في مجالي الزراعة والتنمية الكهربائية"، قائلًا إنَّ "الإرهاب هاجس كبير لدى لبنان، ونعمل على مكافحته ومحاربة التطرف".
وعن الشغور الرئاسي، قال: "هناك مساحة للاختلاف في بلادنا وكل القوى السياسية في لبنان عليها أن تدرك أن الجسم من دون رأس لا يكتمل، وأصر على الدعوة للقيام بانتخاب رئيس جديد لتكتمل مناعة لبنان"، وأشار إلى أن محادثاته مع محلب شملت "زيادة السياحة الوافدة من لبنان إلى مصر".
وكان بدأ لقاءاته في مصر باجتماع مع شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، في حضور أعضاء الوفد اللبناني، ودام الاجتماع قرابة الساعة وتم خلاله عرض الأوضاع في العالمين العربي والإسلامي، في ظل التطورات في العديد من الدول العربية وموجة التطرف التي ترفع شعارات دينية.
وأشاد سلام في تصريح بعد الاجتماع بـ "الجهد الكبير الذي يبذله الأزهر الشريف من أجل صوغ خطاب ديني معتدل والتصدي للإرهاب والغلو واعتماد نهج التواصل والحوار في حل الخلافات". ونوه بـ "الدور الذي تقوم به المؤسسات التعليمية والدعوية التابعة للأزهر الشريف في تعليم ونشر المنهج الإسلامي الوسطي في مواجهة الفكر المتطرف"، داعيًا إلى "تعزيز هذا المنحى في العمل الدعوي لتحصين الشباب المسلم ومنعه من السقوط في فخ الحركات المتطرفة".
وأعرب سلام عن ثقته بأن "الأزهر الشريف مؤسسة عريقة تقوم بدورها التنويري الذي يحافظ على حقيقة الإسلام الوسطي، وهو ما نحن بحاجة إليه في لبنان، ونتطلع إلى مزيد من التعاون بين الأزهر ولبنان لمواجهة الفكر الشاذ والمتطرف في المنطقة".
ودعا الطيب إلى ضرورة تضامن الشعوب العربية قائلا: "الشعب اللبناني قادر على تجاوز مشكلاته سريعًا، لما يتميز به من سعة أفق وثقافة نادرة في كيفية التعايش بين الأديان والطوائف".
وزار سلام مقر جامعة الدول العربية والتقى الأمين العام نبيل العربي، كما التقى سلام بابا الإسكندرية والكرازة المرقسية تواضروس الثاني.
أرسل تعليقك