رأس الخيمة – صوت الإمارات
يعكف عدد كبير من العمال منذ عام 2015 على ترميم مباني الجزيرة الحمراء القديمة، في رأس الخيمة التي يعود تاريخها إلى القرن الـ17، بغية تحويلها إلى بيئة سياحية مثالية جاذبة، وهو ما بدا واضحاً الآن في تدفق الأفواج السياحية من جهات عديدة إلى المنطقة.
واكتسبت الجزيرة ــ التي كانت في الماضي البعيد تتمتع بكثافة سكانية كبيرة ــ شهرة تجارية وجغرافية واسعة على امتداد منطقة الخليج العربي، وكانت تسمى "جزيرة الزعاب"، لأن ساكنيها ينتمون إلى قبيلة الزعاب، الذين اشتهروا بممارسة مهن من قبيل الملاحة البحرية وتجارة اللؤلؤ والصيد.
ونظراً لأن الجزيرة الحمراء تتمتع بمكونات أصيلة، ومقتنيات آثارية مثيرة للاهتمام، فقدت كانت دافعاً شهياً للعمل من أجل إعادة تأهيلها، والاستفادة منها في تعزيز مكانة رأس الخيمة كوجهة سياحية جاذبة، ومن أجل ذلك، تم إخضاعها لعمليات تطوير وتأهيل من خلال تنفيذ مشروع يعد الأضخم من نوعه في العالم، حسبما أكد أحمد هلال، خبير الآثار في الجزيرة الحمراء، مبيناً أن المشروع الذي تنفذه حكومة رأس الخيمة، بالتعاون مع مكتب الشؤون الوزارية وتطوير البنية التحتية بأبوظبي، بدأ عام 2015.
وذكر هلال "بعكس ما يقتضي العمل في مناطق الآثار الأخرى، فإن جهود تطوير منطقة الجزيرة الحمراء الآثارية تتم حالياً في مراحل عدة، ففي الوقت الذي يجري فريق دراسة بحثية للآثار، تجري في موقع الجزيرة الحمراء عمليات التنقيب عن التراث وتأهيل البيوت والمساجد والمرافق الخدمية"، مشيراً إلى أن ما يميز تلك الجهود أنها تتم وفق المعايير العالمية التي تحرص على عدم المساس بالطابع القديم.
ويشرح هلال أن مكونات الجزيرة الحمراء تتألف من 150 منشأة، وهي تضم البيوت ومجموعة متاجر السوق القديم، إضافة إلى المساجد والقلاع، وهي تتوزع على مساحة 54 هكتاراً. ويمضي خبير الآثار في الجزيرة الحمراء، قائلاً "اللافت أن السكان في قديم الزمان حرصوا على بناء مساكنهم من المواد التي تتميز بخاصية العزل الحراري، حمايةً لهم من درجات الحرارة العالية والرطوبة الخانقة، وتلك المواد هي عبارة عن الجص والحجر المرجاني والجندل والبامبو، وكان بعضها يستورد من الهند وإفريقيا، وعلى الرغم من مرور سنوات عديدة، فإن معظم المباني في الجزيرة الحمراء لاتزال تتمتع بالجودة ذاتها".
والخبر المهم، بحسب هلال، أن الحمراء القديمة تعد الوحيدة في المنطقة الخليجية التي حافظت بصلابة على مكوناتها الأصلية، وهو الشيء الذي يجعلها مؤهلة لتكون وجهة سياحية جاذبة بجدارة للوفود من داخل الدولة وخارجها.
وفي الوقت الراهن، يلحظ الزائر لمنطقة الجزيرة الحمراء حركة نشطة في كل اتجاه من قبل عُمّال ينفذون مشروعات تطويرية متسارعة، فمثلاً عند مدخلها المواجه لميناء الصيد، يمكن مشاهدة فريق من علماء الآثار يقومون بعمليات حفريات تركز على معرفة تاريخ المنطقة، والبحث في أعماق جدران المباني، وما إذا كانت تضم تحتها مباني أخرى بُنيت في أزمان سابقة، وحسبما ذكر هلال، فقد أسفرت جهود الخبراء تلك عن جود سبع طبقات بناء في جوف الأرض، وهو الشيء الذي ينبئ بأن أجيالاً كانت تقيم في المنطقة في غابر الأزمان، ما يمنح الجزيرة الحمراء شهادة إثبات على أصالتها وعمق تاريخها.
وتأكيداً على أهمية الجزيرة الحمراء كوجهة سياحية، تشهد بين الفينة الأخرى زيارة الوفود السياحية القادمة من الدول الأوروبية والآسيوية، التي تتجول في أرجائها، وتقضي وقتاً ممتعاً بين مبانيها القديمة، ويحرصون على توثيق تلك اللحظات بالتقاط الصور التذكارية. وتقع منطقة الجزيرة الحمراء الآثارية بالقرب من شاطئ البحر، ويمكن الوصول إليها بسهولة عبر شارع الشيخ محمد بن زايد، الذي يربط إمارة رأس الخيمة مع دبي، وأيضاً عبر شارع آخر يربط الإمارة مع أم القيوين.
أرسل تعليقك