بيروت ـ العرب اليوم
لا يمكنك أن تحط رحالك في لبنان دون أن تعرج على مدينة جبيل (بيبلوس) التي تبعد 37 كلم شمال بيروت، للتمتع بخصوصية هذه المدينة الساحلية المفعمة بنفحة تاريخية لا تشبه أيا من المدن الأثرية الأخرى الموجودة في بلد الشمس؛ ففيها تلتقي الحضارات، فتنقلك قلعتها إلى الحقبة الفارسية، وتقدم لك منتجعاتها فرصة سياحية حديثة بامتياز، وتقطف من على شواطئها الذهبية اللحظات الممتعة وتختزن من مطاعمها
ذكريات لجلسة حلوة شغلت حواسك مجتمعة، أما أسواقها فهي تشكل نموذجا لا يتكرر في عالم التجارة، بحيث تتجول في القديم منها لتعبّ من التراث اللبناني لوحات معمارية أصيلة، وتشتري من دكاكينها المنتجات العريقة، بينما تفتح أمامك سوقها الجديدة فرصة التبضع الممتع من محلاتها التجارية الحديثة.
* مدينة سياحية بامتياز
* اختيرت مدينة جبيل اللبنانية (بيبلوس) أفضل مدينة سياحية عربية لعام 2013 من قبل أكاديمية تتويج جوائز التميز في المنطقة العربية، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة، كونها أقدم مدينة مأهولة تحولت من مدينة صغيرة إلى كبيرة، دون أن تفقد أصالتها وعراقتها. واستحق بذلك رئيس بلديتها زياد حواط، الذي ساهم في تفعيل دورها السياحي الوشاح الأحمر الأرغواني المزين بوسام الاستحقاق الذهبي، في حفل أقيم في برج العرب بدبي، في رعاية الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية، الدكتور طالب رفاعي.
* بلدية جبيل ومشاريعها الإنمائية
* شهدت مدينة جبيل، بفضل رئيس بلديتها وأعضائها، مشاريع عدة زادت من تألقها وساهمت في إبراز خصوصيتها، لتحتل هذه المكانة السياحية العربية. فمنذ عام 2010 انتهجت بلديتها خطة إنمائية تفعيلية تمثلت في افتتاح حديقة «بيبلوس بارك» النموذجية، قد اتبعت فيها كل مقومات البيئة العامة، وهي من أكبر الحدائق العامة في لبنان (25000 متر مربع) ونال تصميمها الجائزة الثالثة في «المسابقة الثانية للمدن المتوسطية». كما جرى تأهيل واجهات سوق جبيل التجارية وإعادة ترميم حوانيتها القديمة وأزقتها الأثرية، التي ستفتتح رسميا في يوليو (تموز) المقبل، بحيث ستنضم إليها السوق الجديدة الموازية لها، وقد تمت إعادة بناء هندستها المعمارية لتصبح مكملة للسوق القديمة. وتكمن ميزة هذه السوق، التي تتضمن محلات ودكاكين مختلفة لبيع الثياب الجاهزة والتذكارات و«المونة» اللبنانية ومراكز حرفية وغيرها، في اتباعها نظامين لزيارتها، فتكون السوق القديمة مخصصة للمشاة طيلة اليوم، بينما يسري النظام نفسه على السوق الجديدة، بعد السابعة مساء.
كما أطلقت البلدية مشروعي مجمع ميشال سليمان الرياضي الذي سينتهي العمل فيه في سبتمبر (أيلول) المقبل، والمجمع البلدي الذي يضم مكاتب البلدية الإدارية والهندسية، وكذلك مكاتب للمديرية العامة للآثار وصالات للحفلات الكبرى ومتحف الأبجدية، الذي سيكون ثالث متحف تتضمنه المدينة بعد متحفي الشمع والأسماك الحجرية، وتعرض فيه حكاية انطلاقة الحرف من لبنان، ووصولها إلى العالم، موثقة بأوراق تاريخية وصور وعروض سينمائية تمنح زائرها فكرة واضحة عن الموضوع. كما نالت البلدية موافقة من مجلس الوزراء لإنشاء مركز للمعاينة الميكانيكية.
* حلم أهالي المدينة
* قال رئيس بلدية جبيل زياد حواط في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الحلم الأكبر الذي يراود سكان المدينة هو استحداث رصيف ضخم على ميناء جبيل، في إمكانه استضافة أكبر البواخر والمجمعات السياحية العائمة على المياه، التي تتنقل بين البحار والمحيطات، مما يولد مرفقا سياحيا مهما للمنطقة ولبنان، وتستفيد منه الدولة اللبنانية.
وعن الانعكاسات الإيجابية التي يمكن أن تطال مدينة جبيل بعد هذه التسمية قال: «هناك 700000 سائح يقصدون مدينة جبيل سنويا، وبينهم أجانب وعرب ومغتربون لبنانيون، ونحن على يقين أنه بعد نيلنا هذه المرتبة السياحية سيتضاعف العدد، خصوصا أن تلفزيونات عربية وأخرى عالمية اهتمت بهذا الحدث وأجرت تحقيقات مصورة عن المدينة، مما شكل لنا حملة تسويقية مباشرة وصلت إلى مختلف بقاع الأرض».
وأضاف: «لا يمكننا أن نمر مرور الكرام على مدينة جبيل، إذ إنها تشكل نموذجا سياحيا لا يشبه النماذج السياحية الموجودة في العالم العربي، فهي تتضمن أقدم الكنائس والجوامع، كما أن فيها قلعة أثرية ومتاحف تستقطب محبي الاطلاع على الحضارات، ولا ننسى عنصر التسلية السائد فيها، سواء من خلال المهرجانات الصيفية التي تنظمها أو المطاعم والمقاهي والفنادق والمجمعات السياحية التي تحتضنها، فهي تمثل خليطا من الحضارات والحقب، ورمزا من رموز العيش المشترك في لبنان».
* لهذه الأسباب اختيرت أفضل مدينة سياحية عربية
* لعل السؤال البديهي الذي نطرحه على أنفسنا، إثر نيل «جبيل» هذه التسمية هو لماذا اختارتها منظمة الأمم المتحدة أفضل مدينة سياحية عربية على الرغم من أن هناك مدنا أثرية قديمة في دول مجاورة تضاهي شهرتها؟ وأجاب حواط: «إنها مدينة تجمع الحديث والقديم الأصالة والانفتاح الثقافة والتسلية تاريخها يعود إلى 7000 عام، كل ذلك جعل الأنظار تتوجه إليها في بلد ارتأى القيمون على الجائزة أنه يستحق هذه المرتبة في خضم الحقبة التي نعيشها حاليا».
وتجدر الإشارة إلى أن مدينة جبيل وضعت عام 1984 على لائحة المواقع التراثية العالمية من قبل منظمة اليونيسكو باعتبارها مدينة مأهولة منذ العصر الحجري الحديث، وقد شهدت تعاقب كثير من الشعوب والحضارات كالفينيقيين والصليبيين والعثمانيين.
أرسل تعليقك