مدائن صالح تحفة الأنباط على أرض السعودية تأسر الزوّار بروعتها
آخر تحديث 19:36:12 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

يتوافد السيّاح للاطلاع على كنوز تحمل في طياتها أسرار الحضارة

"مدائن صالح" تحفة الأنباط على أرض السعودية تأسر الزوّار بروعتها

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "مدائن صالح" تحفة الأنباط على أرض السعودية تأسر الزوّار بروعتها

مدائن صالح
الرياض ـ صوت الامارات

على طريق رملي وعلى مسافة ليست ببعيدة عن مظاهر الحضارة والتمدن، يترك الزائر شيئا فشيئا الألفية الثالثة حيث صخب الحياة وثورة التكنولوجيا، لينتقل إلى حقبة انتهت قبل نحو ألفي سنة، إلا أن آثارها ومشاهدها الخلابة، كفيلة بأن تعمل كآلة زمنية، لتمنحه تجربة تلازمه ذكراها مدى الحياة، وبالتزامن مع فعاليات مهرجان "شتاء طنطورة"، الذي تحتضنه مدينة العلا السعودية، يتوافد الناس من مختلف أنحاء العالم للاطلاع على كنوز أثرية، تحمل في طياتها أسرار حضارة خلت.

فمع وصول الزوار إلى منطقة الحجر، المعروفة بـ"مدائن صالح"، تبدأ الرحلة بطريق رملي في منطقة صحراوية، تظهر في أفقه جبال تتمتع بأشكال غريبة تميزها عن غيرها، لكن المفاجأة تكشف عن نفسها شيئا فشيئا مع الاقتراب من هناك.وفي المحطة الأولى، يقف الزائر مبهورا أمام جبل "إثلب"، الذي تركت الطبيعة والبشر على حد سواء، علاماتهم عليه، فمع النظرة الأولى يمكن ملاحظة الأشكال والنقوش الفريدة من نوعها التي حدثت بفعل عوامل التعرية الطبيعية.وعلى بعد خطوات، يتجلى مشهد من إبداع "الأنباط"، وهم مجموعة من القبال العربية التي أتت إلى الحجر من منطقة البتراء، وعاشوا فيها في الفترة ما بين القرن الأول قبل الميلاد، حتى سنة 106 ميلادية، على عكس الاعتقاد السائد بأن قوم "ثمود" هم من سكنوا المنطقة.

ويعود سبب اختيار الأنباط للحجر إلى عاملين أساسيين، هما وفرة المياه الجوفية، التي دفعتهم لحفر 131 بئرا، ووجود الجبال التي تحمي المنطقة (وهو سبب تسميتها بالحجر)، بالإضافة إلى كونها مكونة من الحجر الرملي، الذي يسهل النقش عليه.وهذا بالتحديد هو ما يجذب الزائر فور دخوله إلى "إثلب"، إذ يمكن مباشرة رؤية غرفة كبيرة نقشت بعناية داخل الجبل، وقد كشف علماء الآثار أنها كانت عبارة عن قاعة أُعدت للاجتماعات، تستوعب ما لا يقل عن 13 شخصا في الاجتماع الواحد، وقد صنعت بطريقة تمنحها "خاصية صدى الصوت".ولكشف تفاصيل الاجتماعات التي كانت تدور في "الديوان"، قالت "الراوية" هديل بن قاسم لموقع "سكاي نيوز عربية": "تم اختيار هذا الموقع لأنه في مكان مرتفع، مما يمنحه مزيدا من الفخامة لاحتضان كبار القوم، حيث كانوا يجتمعون لأغراض دينية، ويناقشون قضايا مجتمعهم".

وأعادت بن قاسم زوار الموقع نحو ألفي عام للوراء بقولها: "لنا أن نتخيل المشهد الذي كان يدور في هذه الغرفة من خلال كتابات رحالة يدعى سترابو، الذي قدم وصفا تصويريا لما حدث هنا، موضحا أن المجتمعين كانوا يتمددون على المقاعد الموجودة، وكانت توضع أمامهم 3 طاولات عليها ثمار الفاكهة، فيما اعتادت امرأتان العزف على آلات موسيقية خلال الاجتماع".كما أشارت إلى تطبيق يدعى "LivingMuseum" لا يعمل إلا في منطقة مدائن صالح، يمكن للزائر من خلاله مشاهدة ما كان الأنباط يفعلونه في موقع معين، من خلال تحريك الهاتف وتوجيه الكاميرا على الموقع المراد معرفة المزيد من التفاصيل عنه.ومن الغرفة، تنتقل عين الزائر إلى ممر صخري يعرف باسم "السيق"، الذي يشكل مشهدا خلابا بفضل عوامل التعرية.وقد استغل الأنباط الممر الصخري والمنطقة المحيطة به في نقش "المحاريب"، التي وصل عددها إلى نحو 13، إذ يمثل كل محراب آلهة معينة كانوا يعبدونها، مما يعكس "الحرية الدينية" التي كانت سائدة بينهم، إذ كان من المسموح لكل شخص أن يعبد الإله الذي يريده دون تدخل من الآخر.

ومن الأشياء التي ميزت الأنباط أيضا في جبل إثلب، هي قدرتهم على استغلال الطبيعة في خدمة احتياجاتهم، إذ حرصوا على نقش ممرات أو خطوط صغيرة على الجبال، لتجميع مياه الأمطار، أو لإبعادها على واجهات القبور.أعمدة شاهقة ونقوش ضخمة وغرف خفية.. لحظات مهيبة يعيشها الزائر عند وقوفه أمام هذه المشاهد في "قصر البنت" أو "جبل البنات"، الذي سمي بهذا الاسم لأنه يضم 31 مقبرة تملكها نساء، بالإضافة إلى أسطورة تداولها سكان المنطقة تعرف باسم "بثينة والنحات".وتتحدث الأسطورة عن فتاة جميلة شعرها طويل تدعى بثينة، حبسها والدها فوق أحد القبور خوفا عليها من رجال المنطقة، إلا أن شابا تمكن من الوصول إليها من خلال "تسلق شعرها الطويل"، ليقعا في الحب قبل أن يكتشف والدها ويقتلهما.وفي حديثها مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أشارت بن قاسم إلى أهمية هذا الجبل بالنسبة للأنباط، كونه كان مكانا لقبور كبار القوم والأثرياء، ولقربه من المنطقة السكنية، التي كانت تقع تحت الأرض.

"ملك وحكومة وشعب"

وفيما يتعلق بعملية بناء تلك المقابر الشاهقة ونحتها في الجبل، قالت هديل: "كان مجتمع الأنباط مكونا من ملك وحكومة وشعب، وليتمكن أي شخص من بناء قبر، خاصة إذا كان كبيرا، لا بد من أن يحصل على صك بناء من الحكومة، التي توفر له أيضا المساحة المناسبة والنحات"ولتنفيذ المهمة التي تستغرق سنوات، كان النحاتون يتسلقون الجبال باستخدام سلالم خشبية، ويستخدمون أدوات مثل المطارق والمعاول، وكانوا يبدأون النحت من الأعلى إلى الأسفل.وعادة ما كان صاحب المقبرة يبنيها بغرض أن يدفن هو وأبناؤه والأجبال التي تليهم فيها، مما يعني أن الواحدة منها تضم عددا كبيرا من الأشخاص.ونظرا لأن العلا قديما كانت تقع على خط التجارة العالمي، فإن النحاتين تأثروا بالحضارات الأخرى، مما يفسر وجود نقوش على واجهات المقابر مثل زهرة اللوتس من الحضارة المصرية، والجرار من الحضارة الإغريقية.ولعل أبرز القواسم المشتركة بين معظم المقابر، هو "النسر" الذي يمثل أقوى إله لدى الأنباط يدعى "ذو الشرى".كما يوجود عليها جميعا "إطار" نقش عليه اسم الملك، والنحات، ومالك القبر، بالإضافة إلى عبارات "مخيفة" تحذر من دخول المقبرة وتهدد من يقبل على ذلك بـ"اللعنات".

"مقبرة بلا ميت"

أما المحطة الثالثة لزائري "مدائن الصالح"، ولعلها الأكثر أهمية، فهي مقبرة "لحيان بن كوزا" (قصر الفريد)، التي تم نحتها على كتلة مستقلة من الحجر الرملي، مما يعني أنها تعود لفرد أو أسرة نبطية مرموقة.وما يجعل هذه المقبرة تتميز عن غيرها، هي النقوش الموجودة على واجهتها، التي تضم 4 أعمدة شاهقة بدلا من عمودين فقط، كما كان طراز العمارة في الحجر في ذلك الوقت.أما المثير بشأن هذه المقبرة، فهو أن بناءها لم يكتمل ولم يدفن أحد فيها، ويعتقد علماء الآثار أن السبب في ذلك يعود لدخول الرومان المنطقة، مما دفع النحات وصاحب المقبرة للهرب، أو بسبب وفاة النحات.ومع اقتحام الرومان للحجر، تشتت الأنباط وانتهت حضارتهم التي عاشت وازدهرت على مدار نحو ألفي عام، إلا أن منحوتاتهم الفنية الدقيقة، بقيت شاهدة على عصرهم.

قد يهمك ايضا:

دبي مقصد مشاهير العالم لقضاء أوقات عائلية

تعرف علي أجمل المدن الرومانسية في عيد الحب منها باريس 

 

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدائن صالح تحفة الأنباط على أرض السعودية تأسر الزوّار بروعتها مدائن صالح تحفة الأنباط على أرض السعودية تأسر الزوّار بروعتها



 صوت الإمارات - بلينكن يطلب من إسرائيل السماح باستئناف التلقيح لأطفال غزة

GMT 20:59 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير مادة موجودة في لعاب السحالي للكشف عن أورام البنكرياس

GMT 20:58 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

شرطة نيويورك تبحث عن رجل أضاع خاتم الخطوبة

GMT 09:44 2018 الخميس ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد بن سعيد يدشن " فندق ألوفت دبي ساوث " فى الامارات

GMT 23:20 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد الشامسي جاهز للمشاركة مع الإمارات أمام عمان

GMT 01:40 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

حمود سلطان يطالب برحيل المدرب الاماراتي مهدي علي

GMT 10:48 2021 الإثنين ,06 أيلول / سبتمبر

الطاولات الجانبية في الديكور لتزيين غرفة الجلوس

GMT 19:49 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

سيفاس سبور يكتسح قيصري سبور برباعية في الدوري التركي

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحالف معظم الكواكب لدعمك ومساعدتك في هذا الشهر

GMT 08:50 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

شباب الأهلي يقهر عجمان بثلاثية في الدوري الإماراتي

GMT 00:38 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

شباب الأهلي يرغب في التعاقد مع الإكوادوري كازاريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates