دُقة مدينة رومانية كاملة بمعابدها وحماماتها ومسارحها تقع في شمال غرب تونس
آخر تحديث 16:46:38 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

أُدرجت ضمن قائمة التراث العالمي "اليونيسكو" في كانون الأول 1997

"دُقة" مدينة رومانية كاملة بمعابدها وحماماتها ومسارحها تقع في شمال غرب تونس

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "دُقة" مدينة رومانية كاملة بمعابدها وحماماتها ومسارحها تقع في شمال غرب تونس

مدينة "دقة" التونسية
تونس _ حياة الغانمي

تعتبر مدينة "دقة" التونسية، وتعني "الجبل الصخري" وهي تقع في الشمال الغربي للبلاد التونسية على بعد 120 كيلومترا غرب العاصمة، أبرز شاهد على آثار مدينة رومانية كاملة، كانت تمتد على مسافة 70 هكتارًا، ونشأت دقة سنة 500 قبل الميلاد، وكانت آنذاك تابعة إلى الإمبراطورية القرطاجينية، ومن ثم أحتلها الرومان وأصبحت واحدة من أهم المدن في العالم، وثاني أهم مدينة رومانية في شمال أفريقيا بعد مدينة قرطاج التي تقع في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية. 

وأدرجت دقة، المعروفة قديما باسم "ثوقة" ضمن قائمة التراث العالمي "اليونيسكو" في ديسمبر/كانون الأول 1997، وهي أحد أهم المواقع الأثرية في تونس وشمال أفريقيا وأكثرها جمالا وجاذبية، إذ توجد فيها أطلال تمثل حقبا تاريخية متعاقبة، بدءًا من الآثار  القرطاجية، مثل ضريح "آتيبان بن أبتيمتاح"، أحد أمراء نوميديا "الذي عاش في القرن الثالث إلى القرن الثاني قبل الميلاد"، مرورا بالمعابد الرومانية وانتهاء بالتحصينات البيزنطية. 

ويشير التاريخ إلى أن مدينة دقة التاريخية، كانت حليفًا لروما ضد القرطاجيين ولهذا لم تدمرها القوات الرومانية التي غزت قرطاج سنة 146 قبل الميلاد. ثم ضمها قيصر روما إلى امبراطوريته، بعد حوالي قرن من ذلك، وظلت تشهد نهضة وازدهارًا لا نظير لهما، حتى منتصف القرن الثالث الميلادي.ولا تختلف عمارة مدينة «دقة» عن عمارة المدينة الرومانية التقليدية، مثل مدينة بومبي في إيطاليا وجرش في الأردن، فالطراز المعماري الروماني يبدو واضحا وجليا فيها. ففي وسط مدينة "دقة"، توجد الساحة والسوق والممرات، والحمامات الساخنة والمسرح الروماني ، والمنازل الخاصة والمتواضعة والمعابد، ولعلّ أشهرها معبدا ساتورن وسيليستيس والكابيتول، وهي قريبة في ذلك من هندسة مدينة بومبي.

وتأسست دقة في القرن الرابع قبل الميلاد، ثم أصبحت عاصمة لملوك نوميديا، ومقرا للأمراء المحليين والسكان الأصليين. وخلال مراحل تطورها الأولى، تأثرت "دقة" بمدينة قرطاج   التي أسسها الفينيقيون، القادمون من السواحل الشرقية للبحر المتوسط. ويقف الضريح الليبي القرطاجي، بطوله البالغ 21 مترا، شاهدا على هذه المرحلة التي وقعت فيها المدينة تحت تأثير حضارتين مختلفتين. ويقال إن الملك "ماسينيسا" (148 قبل الميلاد) كان يأمل في توحيد كل المماليك النوميدية تحت قيادته، لكنه لم يتمكن من تحقيق حلمه، وعندما غزا الرومان قرطاج واستولوا عليها، ضموا مدينة "دقة" إلى حكمهم دون أن يدمروها.

وتأثر السكان الأصليون في "دقة" بالنمط المعماري الروماني  وتبنوه، فصارت الأسر الثرية والمتنفذة، تقيم النصب التذكارية مثل الرومان  ولذلك فإننا نجد العديد من هذه النصب، تنتشر في كل مكان من المدينة، كما نقشوا على حجارتها الكتابات التي تخلد أعمالهم، وتتناول مهنهم وظروفهم. 

ويحتوي الموقع الذي حولته تونس إلى أهم موقع أثري في البلاد، على عدد كبير من أجمل المعالم الأثرية، حيث يٌعتبر المسرح الروماني الذي يتسع إلى أكثر 3500 شخص، من أجمل تلك المعالم، ويقع المسرح في مدخل المدينة الأثرية حيث كانت تقام فيه المسرحيات والطقوس الدينية، ويشمل المسرح ثلاث أجزاء، المدارج، الأركسترا وخشبة المسرح، كما توجد بعض المدارج للأغنياء.

ودام استعمال المسرح لقرون طويلة، والطريف أن كتب التاريخ شهدت على نص للقديس اوغستان في القرن الخامس الميلادي، يلوم فيه السكان لأنهم يذهبون إلى المسرح أكثر من ذهابهم إلى الكنيسة. اما مبنى الكابتول فقد شُيد في بداية النصف الثاني من القرن الثاني ميلادي ويعود تاريخه بين 166 و167، وهو المبنى الذي كان يسكن فيه القيصر "الحاكم"، ويضم قواعد حجرية فخمة ترتفع بشموخ في الموقع الذي مازال محافظا على أغلب المباني التي كان يسكنها الرومان وقتها.

ويحتل مبنى الكابيتول أكبر مساحة ، من بين المباني الأخرى ويقع بجانب المسرح الروماني الكبير، حيث كان الملك يستمتع بالعروض فيه، كما يوجد طريق سري يربط ما بين القصر والمسرح حتى أنه يبدو وكأن المسرح ملحق بالقصر، وهو من أجمل المعالم الرومانية في شمال أفريقيا وهو مخصص لعبادة الثالوث الإلهي لمدينة روما، بني على النمط الروماني وبه مدرج يفتح على بوابة بأربع أسوار وساريتين في الداخل وفي الأعلى توجد نقشة تمثل رجلا محمولا على نسر.

ويضم الموقع الأثري "بدقة" العديد من الأصنام الصخرية التي تعبر كل واحدة منها عن ملامح الأشخاص الذين عاشوا في تلك المدينة، التي تضم التاريخ الفينيقي والعمارة الرومانية، وتتميز الأصنام بكبر حجمها وبالرداء الفاتح الذي كان يرتديه الملوك ورجال المدينة، الأصنام واقفة بين ثنايا القصر ولكن اللافت فيها أن كل الأصنام الموجودة بالموقع مقطوعة الرؤوس، ولا أحد يعرف الأسباب المباشرة لذلك ولكن حارس الموقع الأثري هناك قال إن السبب قد يعود إلى قدم تلك الأصنام ومن الممكن أن تكون قد قٌطعت بفعل الطبيعة، وليس بفعل فاعل، اما البيوت الموجودة في تلك المدينة الرومانية فتتميز بأن أرضيتها مفروشة بلوحات فسيفسائية كبيرة الحجم وملونة، الشيء الذي يدل على الروح الفنية التي كان يتمتع بها سكان تلك المدينة التي تحولت اليوم إلى معلم سياحي بامتياز، ودقةّ مع أنها قديمة المنشأ والتاريخ إلا أن المميزات المعمارية كانت متطورة جدًا فيها، فكل المباني منتظمة البناء والشكل، ولعل هذا الثراء والتنوع الذي يعرفه المشهد العمراني التاريخي والطبيعي في دقة هو الذي يفسر إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دُقة مدينة رومانية كاملة بمعابدها وحماماتها ومسارحها تقع في شمال غرب تونس دُقة مدينة رومانية كاملة بمعابدها وحماماتها ومسارحها تقع في شمال غرب تونس



GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 15:06 2020 الإثنين ,17 آب / أغسطس

طريقة تحضير ستيك لحم الغنم مع التفاح الحار

GMT 20:28 2018 الأربعاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

غادة عادل تنشر صورتها مع زميلاتها في إحدى صالات الجيم

GMT 22:38 2018 الثلاثاء ,11 أيلول / سبتمبر

الغساني يبدي سعادته بالأداء الذي يقدمه مع الوحدة

GMT 16:15 2015 الأربعاء ,04 شباط / فبراير

"بي بي سي" تطلق موقعًا جديدًا على الإنترنت

GMT 21:06 2021 الإثنين ,26 إبريل / نيسان

طقس غائم وفرصة سقوط أمطار خلال الأيام المقبلة

GMT 20:01 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 06:47 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

ابرز النصائح والطرق لتنظيف السيراميك الجديد لمنزل معاصر

GMT 08:14 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

"أدهم صقر" يحصد برونزية كأس العالم للخيل في باريس

GMT 09:42 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

"بيوتي سنتر" مسلسل يجمع شباب مصر والسعودية

GMT 22:57 2019 الأربعاء ,06 آذار/ مارس

بن راشد يعتمد 5.8 مليار درهم لمشاريع الكهرباء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates