لغراس عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  شانيل نمبر 5الأسطوري
آخر تحديث 00:17:15 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

على موعد مع موسم قطف الياسمين في أيلول من كل عام

"لغراس" عاصمة العطور الفرنسية صاحبة "شانيل نمبر 5"الأسطوري

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - "لغراس" عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  "شانيل نمبر 5"الأسطوري

"غراس"، عاصمة العطور الفرنسية
باريس - صوت الإمارات

تعتبر "غراس"، عاصمة العطور الفرنسية، من الأماكن التي تفرض نفسها على الذاكرة والوجدان ولا يمكن أن تُنسى. إن لم تُخلف صوراً لا تمحوها السنون، فإنها بروائحها التي تتغلغل في الحواس، تبعث الحياة في ذكريات بعيدة جدا ترتبط بمكان أو شخصية ما. 

تقع "لغراس" على بعد 15 كيلومترا من مدينة "كان"بشواطئها اللازوردية. الطريف أنه عند ذكرها قلما يتبادر إلى الذهن أهميتها السياحية أو اسم ابنها الرسام الشهير "فراغونار"، بقدر ما يقفز اسم عطر "شانيل نمبر 5" إلى الأذهان. ففيها وُلد هذا العطر الأسطوري، الذي لا بد أن تكون كل امرأة قد جرّبته في مرحلة من مراحل حياتها.

عندما تصل إلى غراس، فإنك ستشعر كما لو أن الكون يرقص على سيمفونية من الألوان المختلفة والروائح المدغدغة للحواس. يقوى هذا الإحساس في فصل سبتمبر / أيلول موسم قطف الياسمين. فالحقول تبدو من بعيد وكأنها لوحة فنية مرسومة بالأبيض والأخضر. تقترب أكثر فتتراءى لك رؤوس تُغطيها قبعات واسعة لسيدات من جنسيات مختلفة خصورهن مشدودة بأكياس يضعن فيها ما يقطفنه بحركات دقيقة ومحسوبة وكأنهن ينقرن على آلة موسيقية.

تبدأ العملية بالنسبة لهن في الصباح الباكر؛ "لأن الوقت من ذهب، وأي تأخير من شأنه أن يؤثر على جودة الزهرة ورائحتها" حسب شرح جوزيف مول، صاحب هذه المزارع، الذي أصبح شريكا لـ"شانيل" منذ عقود. يقول هذا وهو يستعرض طريقة القطف بنفسه. يقطف كل زهرة بإصبعين بعد أن يثنيها من العنق بخفة. بعد ذلك يشير إلى الجذور حيث تظهر براعم صغيرة جدا تتأهب للتفتح، شارحا بأن الدور سيكون عليها في اليوم التالي حين تبدأ العملية من جديد.

على مقربة من هذه المزارع يوجد معمل التقطير. ويعيد مول قوله إن الوقت من ذهب، إذ يجب أن تبدأ عملية التقطير بسرعة ومباشرة بعد القطف. كل شيء يسير بانتظام داخل المعمل من الألف إلى الياء، أي إلى أن تتم تعبئة خلاصة الياسمين في قارورات صغيرة جدا مركزة لا يحتاج منها العطار سوى إلى نقط قليلة للحصول على تركيبة غنية.

تحت تأثير الروائح والألوان الغنية التي تغطي الحقول، يشير أوليفييه بولج، عطار "شانيل"، حول إن كان المكان لا يزال يثير بداخله كل الأحاسيس التي يثيرها في نفوس زواره لأول مرة. "يمكنك القول إنها إثارة من نوع يختلف. لست معميا عن جمالها، لكني ربما لم أعد أراها بالحماس الشاعري نفسه. فهي جزء مهم من حياتي الخاصة والمهنية على حد سواء. لقد وُلدت هنا، كما أحضر إليها بشكل منتظم بحكم عملي، بحثا عن خلاصات ومكونات جديدة... لهذا يمكنني القول إني أراه من زاوية مختلفة".

أوليفييه بولج ينتمي إلى الجيل الرابع في دار "شانيل". تسلم المشعل من والده جاك بولج، الذي تسلمه من هنري روبير، علما بأن أول من قام بهذا الدور كان إرنست بو. يعيش أوليفييه حاليا في باريس، وفيها يستلهم أفكاره وتتبلور عطوره، لكن الأفكار، كما يقول: "لا تكتمل من دون زيارة غراس للبحث أو التأكد من المكونات واختيار الأنسب منها ثم تقطيرها وتحضيرها للمزج".

ويشير إلى أن نكهة الزيارة تختلف من موسم إلى آخر، فمواسم قطف وردة أيار أو المسك الرومي مثلا تختلف ألوانا، لكنها لا تقل إثارة ولا جمالا. لكن يبقى لموسم الياسمين أهميته الجمالية والعطرية والتاريخية. فهو أكثر ما يرتبط بالدار، كما أنه فريد من نوعه هنا، نظرا لتربة ومناخ المنطقة. إنه ملكية خاصة لـ"شانيل" أو بالأحرى لعطر "شانيل نمبر 5"، حسب توضيح أوليفييه: "من المستحيل أن تُستعمل غلته هذه في أي عطر سواه. إن أردت إدخاله في أي عطر آخر، عليّ أن أستورده إما من مصر أو مدغشقر أو الهند". السبب أن الطلب كبير على العطر بينما الغلة قليلة.

والحقيقة أن تاريخ العطر وكيف وُلد وما يحققه من نجاح منذ عام 1921، يُبرر هذا الاحتكار. فما عدا أنه في كل 30 ثانية تباع قارورة منه، حسبما يُشاع، فإنه غيّر مفهوم صناعة العطور إلى حد كبير. لم يكن أول عطر بمفهوم جديد وعصري أبدعته مصممة أزياء فحسب، بل وُلد من فكرة قد تكون رائجة حاليا، إلّا أنها كانت ثورية في زمنها، ألا وهي تمكين المرأة ومنحها الثقة والقوة من خلال عطر أو قطعة أزياء أو إكسسوار. فلسفة أو استراتيجية لا تزال سارية إلى الآن. فهدف "كوكو شانيل" كان ابتكار عطر يتحدى الزمن ويعزز قوة المرأة، وهو ما نجحت فيه.

بدأت قصة هذا النجاح في العشرينات من القرن الماضي. حقبة كانت روائح الجلد والبنفسج هي الغالبة، بينما كانت الآنسة كوكو شانيل تطمح إلى عطر مفعم بالنعومة والأنوثة تلعب فيه الأزهار والورود دور البطولة. طلبت من العطار الشهير إرنست بو أن يجسد رؤيتها. كان لقاؤهما لقاء بين عملاقين، إذ كان إرنست بو المفضل لقياصرة روسيا، وله باع طويل في هذا المجال، الأمر الذي جعله أفضل من يترجم رؤيتها الثورية. تقول القصة إنه ابتكر 5 تركيبات عطرية، لم تشعر بالرضا سوى عندما قدم لها الخامسة. كانت مزيجا من الياسمين وباقة مشكلة من الأزهار والورود المختلفة، لكن الأهم أنه استعمل، لأول مرة في تاريخ صناعة العطور، مادة الألدهيد أو الغوليد.

يشرح أوليفييه بولج أن التقنيات التي استعملت فيه كانت سابقة لأوانها في 1921، و«الدليل أنها لا تزال تُستعمل إلى اليوم مع بعض التطويرات الطفيفة، كذلك الأمر بالنسبة للخامات التي كانت جديدة آنذاك، ولا نزال إلى الآن نحرص عليها بحمايتها من عوامل المناخ وتغيرات البيئة وغيرها».

لا ينكر أوليفييه أن مهمته سهلة، لأن سيناريو عطور «شانيل» مكتوب بوضوح، «فالياسمين شكل شخصية عطور الدار منذ عشرينات القرن الماضي بحيث لا يكتمل أي منها من دون خلاصات الورد، خصوصا من مدينة غراس». وعندما شعرت الدار أن مزارعها أصبحت مهددة بسبب زحف العقارات وما شابه في الثمانينات من القرن الماضي، تدخلت بربط شراكة مع عائلة "مول" التي تملكها حتى تضمن بقاءها، ومن ثم حصولها على أجود الأنواع.

يُذكر أن زهرة الياسمين استوردت إلى فرنسا في القرن السادس عشر، ورغم أنها متوفرة في بلدان أخرى فإنها في جنوب فرنسا تحديدا تكتسب خصوصية فريدة تغلب عليها نفحات من شاي المتة. زهرة الياسمين المصريّة يغلب عليها الجانب الحيواني ما يمنحها دفئا أكبر.

السرّ في ذلك يكمن في تربة بيغوما الغنيّة وخبرة عائلة مول Mule التي تتولّى زراعة هذه الزهرة منذ أجيال، وأصبحت شريكة لدار شانيل، تعمل معها حصريا منذ 1987.

ومع ذلك لا بد من القول إن لكل عطار بصمته ووردته المفضلة. فرغم أن أوليفييه يعرف أهمية الياسمين ويُقدرها فإنه شخصيا يفضل مسك الروم، بدليل أنه كان من أوائل من أدخلوه إلى الدار في عطر "غابرييل".

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لغراس عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  شانيل نمبر 5الأسطوري لغراس عاصمة العطور الفرنسية صاحبة  شانيل نمبر 5الأسطوري



GMT 20:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا
 صوت الإمارات - الإمارات تدين عملية الدهس التي وقعت في سوق بألمانيا

GMT 20:34 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
 صوت الإمارات - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:01 2017 الأحد ,01 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار السجائر في الإمارات بعد تطبيق الضريبة الانتقائية

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 07:44 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يعلن موعد عرض فيلم "الفلوس"

GMT 12:06 2018 السبت ,13 تشرين الأول / أكتوبر

دندن يبحث سبل تعزيز التعاون مع جمعية الشارقة الخيرية

GMT 16:46 2016 الثلاثاء ,09 شباط / فبراير

تخفيض دائم على سعر جوال "OnePlus 2" إلى 349 دولار

GMT 08:23 2016 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

توزيع جوائز القصة القصيرة بالتعاون مع مؤسسة "بتانة" الثقافية

GMT 11:42 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المصممون يضعوا لمسة "الأهداب" الأنيقة لأحذية الرقبة

GMT 23:56 2015 السبت ,11 تموز / يوليو

الأمطار تغرق المناطق المنخفضة في روالبندي

GMT 07:31 2013 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

"THQ" تُقرر عدم إصدار لعبة "Avengers"

GMT 09:19 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

واريورز ينتصر على دالاس مافريكس في دوري السلة الأميركي

GMT 08:25 2015 السبت ,14 شباط / فبراير

ظهور ضوء مبهر وصوت هائل في سماء نيوزيلندا

GMT 10:51 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أمل رزق تستعد للمشاركة في مسلسل "للحب فرصة أخيرة"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates