بعيدًا عن قراءة الكف ودجل التعرف على أسرار المستقبل من خطوط اليدين، فإن بعض العلماء يعتقدون أن اليدين يمكن أن تخبر الكثير عن السمات الشخصية، بحسب ما نشرته "ديلي ميل" البريطانية.وبشكل أكثر تحديدًا، درس العلماء ما يسمى نسبة D2 إلى D4، وهي النسبة بين إصبع السبابة والبنصر، حيث تم ربط تلك النسبة بالكثير من الجوانب مثل الأداء الرياضي والسمنة وحتى العدوانية والميول السيكوباتية. لكن ينبغي قبل المتابعة في التعرف على ما يمكن أن تكشفه ملامح اليدين وأصابعهما عن السمات الشخصية توضيح أن هناك اختلافا في وجهات فعلى حين ينظر فريق من العلماء إلى الفرق بين طول الأصابع على أنه اعتباطي إلى حد ما، فإن البعض الآخر يرجح أنه يمكن أن يكون مؤشرًا على كيفية تطور الشخص كجنين في الرحم.
هرمون التستوستيرون
وقال الدكتور بن سيربيل، عالم التربية الرياضية من جامعة نيو إنغلاند، إن نسبة 2D : D4 مرتبطة بمستويات هرمون الأم، معربًا عن اعتقاده بان تلك النسبة "تنشأ في الرحم في وقت مبكر من نهاية الأشهر الثلاثة الأولى، وتتأثر بالتعرض لهرمون التستوستيرون قبل الولادة".
وشرح الدكتور سيربيل أنه "نظرًا لأن هرمون التستوستيرون هو هرمون أندروجيني، مما يعني أنه يضفي ما يعتبره الكثيرون سمات "ذكورية"، فإن النساء عادةً ما يكون لديهن نسبة أعلى من الرجال لأصبع البنصر والسبابة".
كما يشير الدكتور سيربيل إلى أن هرمون التستوستيرون قبل الولادة يرتبط بحساسية التستوستيرون في وقت لاحق من الحياة. وبسبب ارتباط هذه النسبة بالهرمون الجنسي الذكري، غالبًا ما يركز الباحثون على السمات التي يُعتقد أنها مرتبطة بحساسية التستوستيرون.
البنصر أطول من السبابة
إذا كان إصبع البنصر أطول بكثير من إصبع السبابة، فهذا يعني أنها نسبة منخفضة. ومن الجدير بالذكر أن الرجال سيكون لديهم دائمًا نسبة أقل من النساء لأنهم يتعرضون لكمية أكبر من هرمون التستوستيرون قبل الولادة.
وإذا كانت النسبة منخفضة بشكل استثنائي كرجل أو امرأة، فربما يكون هناك سبب للاحتفال، لأنها بحسب أبحاث الدكتور سيربيل، تعني أنها علامة محتملة على النجاح بين الجراحين والصحفيين السياسيين، مفسرًا السبب بأن استجابة هرمون التستوستيرون مرتبطة بالقدرة على تلقي المعلومات ومعالجتها.
تركيز أعلى ونجاح
ويقول إن النسبة المنخفضة من 2D : D4 يمكن أن تعني "القدرة على الحفاظ على التركيز. وبالتالي، فإن الحفاظ على التركيز على مهمة ما يساعد على النجاح". كما توصلت دراسات أخرى وجود صلة بين انخفاض نسبة 2D : D4 ومعايير اللياقة البدنية بين لاعبي كرة القدم المحترفين الشباب.
في عام 2021، نشر فريق دولي من العلماء ورقة بحثية في دورية BMC Sports Science, Medicine, and Rehabilitation، والتي درست 24 لاعبًا تحت سن 17 عامًا لقياس لياقتهم البدنية وطول أصابعهم. وكشف العلماء أنه كلما كان إصبع البنصر أكبر بالنسبة للسبابة، كان أداء الرياضيين أفضل من حيث القوة واللياقة البدنية.
سمات "سلبية"
لكن تم ربط النسبة المنخفضة أيضًا بالعديد من السمات "السلبية"، إذ كشفت نتائج دراسة أجريت عام 2005، على 298 طالبًا في جامعة ألبرتا أن انخفاض نسبة 2D : D4 كانت مرتبطة بمستويات أعلى من العدوانية لدى الرجال.
حتى إن الباحثين اكتشفوا أن الرجال ذوي النسب الأقل تلقوا عقوبات أكثر خلال موسم هوكي الجليد. ولعل الأمر الأكثر إثارة للصدمة هو أن النسبة الأقل تم ربطها أيضًا باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، وحتى الميول السيكوباتية. ويقول الباحثون إن النتائج تشير إلى أن الاعتلال النفسي ربما يكون "متجذرًا بيولوجيًا".
هرمون أستروجين أقل
وقال الدكتور سيد سيبهر هاشميان، محلل نفسي شارك في الدراسة، إنها بمثابة مفاجأة أن يتم "ملاحظة مثل هذا الارتباط الخطي بين الأعراض الأعلى للأمراض النفسية وانخفاض نسب 2D : D4. وأنه كلما ظهرت علامات المرض النفسي على أحد المشاركين البالغين، بدا أن هذا الشخص البالغ قد تعرض لتركيزات أعلى من هرمون التستوستيرون وتركيزات أقل من هرمون الاستروجين خلال فترة ما قبل الولادة".
وفي الوقت نفسه، يشير الدكتور هاشميان إلى أنه على الرغم من أن هرمون التستوستيرون قد يهيئ شخصًا ما لسلوك معين، إلا أن هذا لا يعني أنه "مصيره الثابت"، موضحًا أنه "في حين أن بعض السمات المرتبطة بنسبة أقل بين D2:D4 ربما يُنظر إليها بشكل سلبي في سياقات معينة، إلا أنها يمكن أن تكون مفيدة أيضًا في سياقات أخرى، كما هو الحال في المواقف التنافسية أو الصعبة".
سبابة أطول من البنصر
ومن ناحية أخرى، قد يكون لديك إصبع السبابة أطول من إصبع البنصر، أي أن نسبة D2:D4 عالية. وبالإضافة إلى ارتباطها بعكس جميع السمات ذات النسبة المنخفضة، فقد بحثت بعض الدراسات على وجه التحديد في هذه السمة.
ويُعتقد أن ارتفاع نسبة D2:D4 هو علامة على انخفاض هرمون التستوستيرون ومستويات أعلى من تعرض الشخص لهرمون الاستروجين أثناء وجوده كجنين في الرحم. وتشير الدراسات إلى أن النسبة العالية ترتبط بمستويات أعلى من الألم في المواقف المختلفة.
ألم أعلى وصداع أقل
في إحدى الأوراق البحثية، التي أجراها باحثون من جامعة لودز الطبية في عام 2017، تبين أنه من بين 100 رجل وامرأة خضعوا لجراحة الأنف الترميمية، ارتبطت نسبة أعلى بزيادة الألم بعد الجراحة لدى النساء.
ولكن، على الجانب الإيجابي، في دراسة أجراها المركز الدولي للصداع في بكين عام 2015، تبين أن النساء ذوات النسب الأعلى من D2:D4 كن أقل عرضة للإصابة بالصداع النصفي.
أشارت إحدى الدراسات، التي أجريت عام 2022 أيضًا من جامعة لودز، إلى دور هرمون الاستروجين والتستوستيرون في تشكيل تراكم الدهون الخاصة بالجنس. وقال الباحثون إن النساء يملن إلى تخزين المزيد من الدهون في أذرعهن وأرجلهن وأفخاذهن مقارنة بالرجال. وبناءً على هذا الافتراض، قام الباحثون بدراسة نسب الأصابع لدى 125 شخصًا بالغًا لمعرفة ما إذا كان لذلك أي علاقة بزيادة الوزن الزائد. وثبت أن النسبة الأعلى كانت مرتبطة بتطور السمنة لدى كلا الجنسين.
الافتقار للسببية والنتائج
إن قائمة السمات المرتبطة بحجم الإصبع تشمل فقر الوالدين واستخدام اليد اليمنى وآلام الدورة الشهرية وقوة القبضة وارتفاع القفز، بل وفرصة أن يصبح الشخص رجل إطفاء.
لكن أوضح الدكتور غاريث ريتشاردز، عالم النفس من جامعة نيوكاسل، أن القضية الأساسية هي أن كل هذه النتائج والتفسيرات تعتمد على افتراض أن طول الإصبع يعد مؤشرا جيدا لهرمونات ما قبل الولادة، مؤكدًا أن "الدليل على أن هذا هو الحال في الواقع هو أبعد ما يكون عن الإقناع".
وقال بروفيسور جيمس سموليغا، عالم وظائف الأعضاء من جامعة تافتس، إن حقيقة الأمر هو أن البعض "يقومون بعدد كبير من القياسات المختلفة، وبالنسبة لمعظمهم، لا توجد علاقة بيولوجية بين السبب والنتيجة، شارحًا أن الدلالات الإحصائية لا تعني صحة أو صدق النتائج.
تجربة مزيفة ودلالات احصائية
ولإثبات وجهة نظره، تعمد بروفيسور سموليغا تصميم تجربة للعثور على صلة مزيفة أو غير صحيحة علميًا، إذ قام باستخدام الأشعة السينية لقياس عظام الأصابع لأكثر من 180 شخصًا وسجل نسبة الدهون في الجسم وحظهم في العديد من الألعاب العشوائية تمامًا.
ما اكتشفه بروفيسور سموليغا هو أن نسبةD2:D4 لها علاقة إحصائية بتركيبة الدهون في الجسم، كما أن لها ارتباط أقوى بمدى حظ شخص ما في سحب توزيعات أوراق لعب الكوتشينة بشكل عشوائي.
وبالطبع لم يكن بروفيسور سموليغا يسعى لمحاولة إثبات أن نسب الأصابع تجعل الشخص محظوظًا، بل أنه كان يهدف إلى اثبات إنه يمكن ربط نسبة D2:D4 بأي شيء إذا حاول الباحث جاهدًا بما فيه الكفاية للتوصل إلى ارتباط احصائي قوي، وأنه من المرجح أن تكون معظم تلك النتائج والتفسيرات مجرد فرص عشوائية أكثر من كونها ذات تأثيرات حقيقية.
قد يهمك ايضاً
أرسل تعليقك