حذرت وزارة الصحة ووقاية المجتمع الإماراتية من مخاطر الاستخدام الخاطئ لرذاذ "كلوريد الإيثيل"، الذي تفشى خلال الأسابيع الماضية في أوساط الطلاب والمراهقين، وتحديدًا الفئة العمرية من 12 إلى 16 عامًا، والمعروف بين المراهقين بـ"غاز الضحك"، كاشفة عن أن بعض الشباب دخلوا المستشفيات جراء تعرضهم لمضاعفات وأضرار صحية بسبب هذا الغاز، لكن هذه الحالات ما زالت قليلة جدًا.
وأعلنت الوزارة أنها اتخذت، بالتعاون مع الجهات التعليمية والشرطية والصحية والطبية، إجراءات فورية، أبرزها مخاطبة هذه الجهات لتقصي الأمر وبيان الحالات المضبوطة، والعمل على رصدها وتحليلها وتوفير الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية الشباب من هذه السلوكيات الخطيرة، إضافة إلى إلزام الصيدليات بعدم بيع "كلوريد الإيثيل" لمن هم أقل من 18 عامًا.
وكشف الدكتور أمين حسين الأميري، الوكيل المساعد لسياسة الصحة العامة والتراخيص، رئيس اللجنة الوطنية العليا لليقظة الدوائية، عن دراسة مجموعة أخرى من الإجراءات والتدابير الاحترازية، التي سيتم الأخذ بها بناء على تقييم الوضع الراهن، من بينها رفع الموضوع إلى الجنة العليا للتسجيل والتسعيرة الدوائية في الدولة، لصرف بخاخ "كلوريد الإيثيل" بناء على تعليمات الصيدلاني، الذي سيكلف بتقييم وضع الشاب المشتري. ولفت إلى أن الإجراءات التي سيتم اتخاذها قريبًا تشمل مناقشة هذه الظاهرة في اللجنة العليا لمراجعة الأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية، وأخذ رأي اللجنة في مدى كفاية وملاءمة الإجراءات المتخذة مع حجم الظاهرة، ومدى الحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات، وتشديد التدابير الاحترازية الاستباقية.
ويشار إلى أن "كلوريد الإيثيل" عبارة عن مخدر موضعي، يستخدم طبيًا لمنع الألم الناجم عن الحقن والإجراءات الجراحية البسيطة، كما يستخدم للإغاثة المؤقتة للإصابات الرياضية البسيطة، ويساعد على تخفيف آلام العضلات العميقة عند استخدامه مع تقنيات تشنج العضلات، وينتمي "كلوريد الإيثيل" لمجموعة مركبات دوائية تحدث حصارًا في الناقلات العصبية.
ولفت الأميري إلى أن الخطورة بالنسبة لظاهرة "كلوريد الإيثيل" تتمثل في العديد من النقاط التي يصعب التعامل معها، حيث يعتبر مخدرًا طبيًا عاديًا، ويعد من الأدوية غير المراقبة، إلا أن الاستخدام الخاطئ عن طريق الاستنشاق هو الذي حوله إلى مشكلة، كما أنه يصرف من دون وصفة طبية، إضافة إلى أنه رخيص الثمن، حيث لا يتجاوز ثمنه عشرات الدراهم، ويمكن شراؤه عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية والمتاجر المتخصصة والصيدليات الخاصة.
ويؤدي الاستنشاق المتكرر لغاز "كلوريد الإيثيل" إلى شلل في العضلات الهيكلية والتنفسية عند الاستنشاق، كما أنها تحدث شللاً في الأعصاب المغذية للأوعية الدموية، ما يؤدي إلى ارتخاء العضلات الملساء في جدرها، الأمر الذي يحدث توسعًا وعائيًا يؤدي بالتالي إلى هبوط في الضغط، وقد تصاب الحالات الشديدة بمضاعفات خطيرة.
وأوضح الأميري أن المعلومات الأولية التي توافرت للوزارة، من خلال العديد من الجهات والمصادر، أظهرت أن هناك إقبالاً غير مسبوق من المراهقين والشباب على شراء بخاخ "كلوريد الإيثيل" من الصيدليات الخاصة، خلال الشهرين الماضيين، كما أن الشراء يكون أحيانًا بكميات كبيرة، من قبل المراهقين. وذكر أن عمليات رصد انتشار ممارسة تعاطي رذاذ "كلوريد الإيثيل" وسط المراهقين أظهرت أنه المركب يتم استنشاقه بعد رشه على قطعة من القماش، حيث يتسبب في موجة من الضحك أو البكاء، تتبعها حالة من الهلوسة، والذي يسمى عند المراهقين بـ"غاز الضحك".
وعن تفاصيل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الوزارة، للحد من الاستخدام الخاطئ لبخاخ "كلوريد الإيثيل"، أفاد الأميري بأن الوزارة رفعت درجة الأهمية إلى مستوى عالٍ، واستنفرت كوادرها لاتخاذ تدابير إجرائية واحترازية، بالتنسيق مع الجهات المعنية، لتطويق انعكاسات هذه الممارسة المؤثرة صحيًا واجتماعيًا.
وقال الأميري: "صدر تعميم وأرسلت خطابات إلى كل من وزارة التربية والتعليم، ومجالس التعليم في أبوظبي ودبي، والإدارة العامة لمكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، وإدارات الشرطة في الدولة، لتقصي الأمر وبيان الحالات المضبوطة، والعمل على رصدها وتحليلها، وتوفير الإجراءات الوقائية اللازمة لحماية أبنائنا من هذه السلوكيات الخطيرة".
وأضاف: "ألزمنا جميع الصيدليات الخاصة بالامتناع عن بيع هذه المنتجات للفئة العمرية الأقل من 18 عامًا"، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع خاطبت وزارة التربية والتعليم ومجالس التعليم في أبوظبي ودبي للتعميم على المعنيين على مستوى المؤسسات التربوية، بهدف زيادة وعي الطلاب وأولياء الأمور بخطورة تعاطي هذه المنتجات، ورصد سلوك الطلبة في المؤسسات التعليمية، وإبلاغ وزارة الصحة ووقاية المجتمع في حالة ملاحظة أي ممارسة منتشرة تخص هذه الشأن، وتضمنت التأكيد على أهمية تنظيم برامج توعية وإبراز دور الاختصاصي النفسي بين صفوف الطلبة.
ونوه بأن الوزارة خاطبت الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في وزارة الداخلية، لإيجاد قنوات للتواصل مع إدارة مكافحة المخدرات وجميع إدارات الشرطة على مستوى الدولة، والجهات الأمنية، لتطويق هذه الظاهرة المنذرة بمخاطر.
وتشمل الآثار الجانبية على المدى القصير من استنشاق "كلوريد الإيثيل"، وفقًا لوكالة حماية البيئة الأميركية، الشعور بالسُكْر، وعدم التنسيق، وفقدان الوعي، كما يمكن أن يؤدي التعرض الطويل الأجل لكميات عالية من المادة الكيميائية إلى العديد من الآثار الجانبية العصبية، مثل الترنح، وصعوبة الكلام، والهزات، وحركة لاإرادية للعين، والهلوسة، كما أن استنشاق الرذاذ يستنزف الجسم من الأوكسجين، ويمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. وأكدت ولاية كاليفورنيا أن هذا المنتج يحتوي على مادة كيميائية معروفة بأنها تسبب السرطان.
وأكدت شرطة دبي خلو الإمارة من "كلوريد الإيثيل"، مشيرة إلى عدم رصد أو ضبط حالات تتعاطى هذا النوع من المخدر، وفق ما أدلى به العقيد عيد محمد ثاني حارب، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي. وأضاف أن الإدارة لم تتلق أي إبلاغ بوجود حالات من هذا المخدر بين الطلبة أو أفراد المجتمع.
أرسل تعليقك