اتخذت الدول المغاربية أمس، سلسلة إجراءات واسعة في إطار التصدي لانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، تضمنت إغلاقاً للمقاهي والمطاعم والمساجد في المغرب ووقف الطيران بين الجزائر وعدد كبير من الدول.ففي الرباط، أعلنت وزارة الداخلية المغربية أمس، إغلاق المقاهي، والمطاعم، وقاعات السينما، والمسارح، وقاعات الحفلات، والأندية والقاعات الرياضية، والحمامات، وقاعات الألعاب والملاعب، كما تقرر إغلاق المساجد سواء بالنسبة للصلوات الخمس أو صلاة الجمعة.
وأعلنت وزارة الداخلية أن القرار جاء في إطار التدابير والإجراءات الاحترازية للتصدي لخطر تفشي وباء كورونا، ومن منطلق المسؤولية والحرص على ضمان الأمن الصحي للمواطنات والمواطنين. وبلغ عدد الإصابات بفيروس «كوفيد 19» 29 إصابة، بحسب بيانات وزارة الصحة.
وأوضحت وزارة الداخلية أن قرار الإغلاق لا يشمل الأسواق والمتاجر ومحلات عرض وبيع المواد والمنتجات الضرورية للمعيشة اليومية للمواطنين، وكذلك المطاعم التي توفر خدمة توصيل الطلبات للمنازل، مؤكدة الحرص على ضمان التموين المستمر والمنتظم للسوق الوطنية بالمواد التموينية الأساسية وعدم المساس بمسالك التوزيع وتأمين توفر العرض الكافي من هذه المواد بمختلف نقاط البيع وبمجموع أسواق البلاد.
وأهابت الوزارة بـ«عموم المواطنين الانخراط والمساهمة القويين بمسؤولية وحس وطني والتجاوب الإيجابي مع مختلف التوجيهات والإجراءات المتخذة لتدبير هذا الطارئ الاستثنائي، والعمل على تجنب ارتياد أماكن التجمعات المكثفة، واحترام المعايير العامة للوقاية والسلامة الصحية التي تحث عليها السلطات المختصة». من جهتها، أفتت الهيئة العلمية للإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى بضرورة إغلاق أبواب المساجد، سواء بالنسبة للصلوات الخمس أو صلاة الجمعة ابتداء من أمس. وأوضحت الهيئة، في بيان، أن الفتوى جاءت بناء على طلب موجه إلى المجلس الأعلى من الملك محمد السادس. وشدد البيان على أن «الهيئة العلمية للإفتاء بالمجلس العلمي الأعلى، تفتي بطمأنة المواطنين والمواطنات بأن هذا الإجراء لن يستمر. وستعود الأمور إلى نصابها بإقامة الصلاة في المساجد بمجرد قرار السلطات المختصة بعودة الحالة الصحية إلى وضعها الطبيعي». كما أفتت الهيئة العلمية بوجوب استمرار رفع الأذان في جميع المساجد.
وكان الملك محمد السادس قد وجّه مساء أول من أمس، بإنشاء فوري لصندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا. وسيخصص هذا الصندوق، الذي ستوفر له اعتمادات بمبلغ 10 مليارات درهم (مليار دولار) من جهة للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، سواء فيما يتعلق بتوفير البنيات التحتية الملائمة أو المعدات والوسائل التي يتعين اقتناؤها بكل استعجال. ومن جهة أخرى، سيتم رصد الجزء الثاني من الاعتمادات المخصصة لهذا الصندوق، لدعم الاقتصاد الوطني، من خلال مجموعة من التدابير التي ستقترحها الحكومة، لا سيما فيما يخص مواكبة القطاعات الأكثر تأثراً بفعل انتشار فيروس كورونا، كالسياحة، وكذلك في مجال الحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية للأزمة.
وفي مجال النقل العام، قررت وزارة الداخلية، أمس، حصر عدد مقاعد الركاب المسموح به بالنسبة لسيارات الأجرة الكبيرة في 3 مقاعد عوض 6 المعمول بها في الفترات العادية. ودعت حافلات النقل الحضري ومركبات الترامواي إلى عدم تجاوز الطاقة الاستيعابية المخصصة لكل منهما، من خلال احترام العدد المسموح به من الركاب بما لا يتجاوز عدد الكراسي المتوافرة، وإطلاق عملية تطهير وتعقيم واسعة لوسائل النقل العمومي مرات عدة في اليوم، لتشمل مركبات الترامواي وحافلات النقل الجماعي بمختلف أنواعها وسيارات الأجرة من الحجمين الكبير والصغير.
وأهابت وزارة الداخلية بالمواطنين عدم اللجوء، خلال هذه الفترة، إلى استعمال وسائل النقل العمومي إلا للضرورة القصوى وعند الحاجة الملحة تفادياً للاكتظاظ و«تجنباً لخلق بؤر عدوى للفيروس».
وبدأت أمس، عملية «التعليم عن بعد» في المغرب عبر بوابة إلكترونية، وعبر القناة الثقافية، وفق ما أعلنت عنه وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي التي أشارت إلى أنه سيتم، في مرحلة أولى، نشر الموارد الرقمية المتوافرة حالياً، على أن تستمر عملية تطعيم هذه البوابة بصفة منتظمة بدروس جديدة، وذلك وفق برمجة زمنية تراعي التدرج التربوي المعتمد في الدروس الحضورية. وفي تونس، أصدرت حكومة إلياس الفخفاخ أمراً حكومياً اعتبر فيروس كورونا المستجد من صنف الأمراض السارية، وهو ما يحتم على المصابين إجبارية الخضوع للفحص الطبي وضرورة إجراء التحاليل المخبرية وفرض العزل الانتقائي، وفي حال عدم الامتثال، فإن المخالفين يتعرضون لعقوبات قد تصل إلى حدود السجن لمدة 6 أشهر، مع إمكانية اتهامهم بمحاولة القتل العمد. وستبقى هذه الإجراءات سارية المفعول لمدة 3 أشهر إلى غاية منتصف يونيو (حزيران) المقبل.
وعلى صعيد متصل، أعلنت وزارة العدل التونسية مجموعة من الإجراءات الاستثنائية؛ من بينها تعليق العمل بكل المحاكم التونسية حتى إشعار آخر (باستثناء القضايا المستعجلة)، كما منعت الزيارة المباشرة عن كل المساجين توخياً من انتشار الفيروس. وسعت الوزارة إلى تكثيف عمليات التعقيم لجميع الفضاءات والمرافق السجنية ووسائل النقل بصفة دورية ومنتظمة، ومنعت الزيارات المباشرة عن السجناء، كما قلّصت من وتيرة الزيارات غير المباشرة (عبر الحاجز) إلى مرة واحدة في الأسبوع.
وفي السياق ذاته، عملت الوزارة على تخصيص أجنحة عازلة لمنع المودعين الوافدين الجدد من الاختلاط بالمودعين الآخرين وذلك خلال فترة الرقابة، حفاظاً على صحة جميع الموجودين بالوحدات السجنية، وفي هذا الشأن، أكد سفيان زغنيش، المتحدث باسم الإدارة لعامة للسجون والإصلاح (وزارة العدل التونسية)، تخصيص 7 أجنحة سجنية عازلة للوافدين الجدد على السجون، هدفها منع الاختلاط بينهم وبين المساجين القدامى خلال فترة الملاحظة التي تمتد 14 يوماً.
وفي الجزائر، قال رئيس الوزراء الجزائري عبد العزيز جراد في بيان، إن الجزائر ستعلق كل الرحلات البحرية والجوية مع أوروبا بدءاً من يوم الخميس بسبب فيروس كورونا. وأضاف أن الجزائر ستعلق أيضاً الرحلات الجوية لأفريقيا بما في ذلك للسنغال ومالي والنيجر وموريتانيا وساحل العاج وبوركينا فاسو ابتداء من التوقيت نفسه، بحسب «رويترز».
وقال وزير الصحة الجزائري عبد الرحمن بن بوزيد إن الهياكل الطبية بالبلاد توفّر 400 سرير فقط للإنعاش، وذلك في معرض تصريحات له أمس، بخصوص قدرات البلاد للتكفل الصحي بحالات الإصابة بـ«كوفيد 19». وتم إطلاق دعوات للجيش لوضع المنشآت الطبية والمستشفيات، التي تتبع له، تحت تصرف القطاع الصحي المدني، لمواجهة الأزمة. وتم أمس إحصاء حالة جديدة مؤكدة، ليرتفع عدد المصابين بالفيروس في الجزائر إلى 55، وقد توفي منهم 4.
وذكر الوزير بن بوزيد للإذاعة الحكومية أن «البلد بكامله في حالة استنفار لمواجهة المخاطر المحتملة لفيروس كورونا». وقال: «لقد جندنا وسائل وأجهزة ولدينا خطط تخص التعامل مع هذا الوباء». وحذّر من «وقوع ما جرى في إيطاليا وإسبانيا عندنا، إذا لم يحترم مواطنونا التدابير والطوارئ التي اعتمدتها السلطات»، في إشارة إلى مطالبة الجزائريين عدم الخروج من بيوتهم إلا للضرورة القصوى.
وأعلن مدير الصحة بعنابة (شرق) أمس، إصابة جديدة بالفيروس لطبيب كان في فرنسا في مهمة طبية وعاد، وهو يحمل الفيروس. وتم وضع المصاب في الحجر الصحي، منذ يومين، بحسب المسؤول الحكومي، دعا وزير التجارة كمال رزيق، عبر حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي، المستهلكين، إلى «الابتعاد عن التخزين العشوائي للمواد الغذائية في بيوتهم، فهي متوافرة في الأسواق»، في إشارة إلى تهافت عدد كبير من الأشخاص على الفضاءات التجارية الكبرى، لشراء منتجات غذائية. وقال رزيق إن «مخزون الجزائر من المواد الغذائية يكفي لأكثر من سنة».
وفي ليبيا، سعت السلطات المتنازعة في شرق البلاد وغربها إلى الإعلان عن إجراءات استباقية لمواجهة فيروس كورونا المستجد. وكان «المركز الوطني لمكافحة الأمراض» في ليبيا قد أعلن أن نتائج فحص الحالات السبع المشتبه في إصابتها بمرض كورونا أظهرت أنها خالية من المرض. وقال في بيان عقب تلقيه بلاغات بوجود 7 حالات مشتبه بها في مدن بنغازي ومصراتة وزليتن والزاوية وحقل الآمال النفطي، إن نتائج التحاليل «جاءت سالبة».
في المقابل، قررت «هيئة الأوقاف والشؤون الإسلامية» التابعة للحكومة الموازية في شرق البلاد، منع إقامة صلاة الجمعة والجماعات داخل المساجد، على أن يقتصر أداؤها في ساحات المساجد. وأكد إبراهيم بوشناف وزير الداخلية بالحكومة التي يرأسها عبد الله الثني «ضرورة الالتزام ببلاغات الوزارة حيال الإجراءات الاحترازية المتخذة لمواجهة وصول كورونا»، بعدما عقد اجتماعاً شارك فيه الفريق عبد الرازق الناظوري رئيس الأركان العامة للجيش الوطني، ووزير الصحة أسعد عبد الرازق. وأعلن الناظوري أنه «تم توفير 150 سريراً مجهزاً حتى الآن»، مطالباً كل المواطنين الموجودين خارج ليبيا بالعودة إلى البلاد قبل الخميس، وأكد أن «الأوضاع تحت السيطرة حتى الآن».
وكان المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني قد عقد اجتماعاً مساء أول من أمس، في مطار بنينا الدولي ضم الناظوري ورئيس الحكومة الموالية للجيش ووزيري الداخلية والصحة، لبحث «الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة والجيش لمنع وصول مرض كورونا المستجد إلى ليبيا».
قد يهمك ايضا
الصين تعلن عن ارتفاع عدد الحالات المُسجّلة بفيروس "كورونا" إلى 80793
دراسة تعلن أن مرضى "كورونا" ينفثون الفيروس في أيام إصابتهم الأولى
أرسل تعليقك