تحول مرض الكوليرا إلى شبح يهدد حياة الشعب اليمني ويحصد حياة الالاف كما تسلل إلى أجساد الألاف في 20 محافظة يمنية وسط شلل في القطاعات الطبية اليمنية الأمر الذي يعيق العلاج والسيطرة على الكوليرا .
وبدأ تفشي المرض في اليمن في أكتوبر/ تشرين الأول 2016 وتزايد حتى ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، ثم تراجع لكن دون السيطرة الكاملة عليه، وعادت حالات الإصابة للظهور مجددًا بشكل واضح في أبريل/ نيسان الماضي، ليفتك المرض بعشرات الأطفال، وتقول منظمات دولية معنية برعاية الطفولة، إن “وباء الكوليرا بات خارجًا عن السيطرة ويتسبب في إصابة طفل واحد على الأقل في كل دقيقة”.
وأرسلت منظمات دولية، وعلى رأسها “الصحة العالمية”، و”يونيسف”، و”الصليب الأحمر”، شحنات مستلزمات طبية إلى اليمن، مع عجز السلطات الصحية المحلية عن مواجهة الوباء، وإعلان “الحوثيين” العاصمة صنعاء منطقة “منكوبة” صحيًا وبيئيًا، وأعلنت منظمة الصحة العالمية، ارتفاع ضحايا وباء “الكوليرا” في اليمن إلى ألف و54 شخصًا، منذ عودة انتشار المرض في 27 أبريل/ نيسان الماضي.
وأكدت المنظمة أنها سجلت 151ألف حالة إصابة بالمرض وأكثر من 75 حالة اشتباه، في 20 محافظة يمنية، وتصدرت محافظة حجة، شمال غربي اليمن، المحافظات الأكثر تضررًا بالوباء، حيث سجلت وفاة 163 شخصًا، تليها “إب” "وسط"، بواقع 142 حالة وفاة، ثم “عمران” شمالًا، بـ 113 حالة وفاة، دون الإشارة إلى أعداد الضحايا في بقية المحافظات، وباستثناء محافظات “صعدة” معقل الحوثيين، و”المهرة” و”شبوة” شرق اليمن، سجلت جميع المحافظات التي ينتشر فيها الوباء حالات وفاة، في حين ما زالت محافظتي “حضرموت” و”سقطرى” شرق البلاد، خاليتان من المرض.
ويرى الدكتور توفيق الجبلي وهو طبيب يمني أن الكوليرا مرض سفاح يحصد الالاف من الارواح بحال لم يجد مواجهه جدية وعادة مايصيب البلدان التي تعاني من الفقر وانهيار البنية التحتية كاليمن، وأكد الجبلي أن سرعة تفشي الكوليرا في اليمن والتزايد الكبير في عدد الوفيات بالمرض، يأتي نتيجة الانهيار شبه الكامل الذي يعاني منه قطاع الصحة ي اليمن، إضافة إلى عشوائية وشحة الدعم المقدم لمكافحته .
وقال الجبلي إن الكوليرا أحد أبرز الأمراض التي ظهرت حديثًا في اليمن، وتنتقل عبر الطعام والماء وهو مرض مُعدٍ يتسبب بإسهال مائي حاد وجفاف وقد يموت المريض عند عدم تلقيه العلاج على يد الأطباء، مضيفًا " تعتبر واحدة من أسرع الأمراض القاتلة المعروفة، ولا تظهر أعراض الإصابة ببكتيريا الكوليرا في المصابين بالعدوى بالرغم من وجود البكتريا في برازهم لمدة تتراوح من 7 أيام إلى14 يومًا بعد العدوى، ثم تظهر الأعراض، وخلال فترة حمل الانسان للبكتيريا يكون مُعدٍ للمرض سواءً قبل ظهور الأعراض أو بعدها.
ويمكن علاج “الكوليرا” بنجاح من خلال محلول لمعالجة الجفاف يتناوله المريض بالفم، وتحتاج الحالات الحرجة لعلاج سريع بسوائل وريدية ومضادات حيوية"، ولفت الجبلي إلى أن سوء التغذية يجعل الإنسان أكثر عرضة لمرض الكوليرا، حيث يتعرّض الأطفال، الذين يعانون من سوء التغذية، وتقل أعمارهم عن 5 سنوات بشكل خاص لخطر الإصابة بالمرض.
وأشار إلى أن انهيار القطاع الصحي اليمني جعله غير قادر على تقديم الخدمات الطبية لعلاج المرض كما أن الوضع الاقتصادي المنهار لليمنيين نتيجة توقف رواتب القطاع العام "الحكومي"لأكثر من تسعة أشهر في معظم المحافظات وفقدان مئات الألاف من العاملين لدى القطاعات الخاصة والعاملين بالأجر اليومي لوظائفهم ومصادر رزقهم ونزوح نحو 3 ملايين يمني من مختلف المحافظات يساهم بشكل كبير في انتشار تفشي الكوليرا كون كل تلك الاسر التي فقدت مصادر رزقها باتت غير قادرة على توفير المياه النقية والطعام غير الملوث لمن تعيلهم كما أنها عاجزة عن شراء الدواء والبعض منها لايمتلك حتى قيمة نقل المريض إلى أقرب مركز صحي.
ووفقًا للجبلي فإنه ينبغي من المنظمات الدولية لاسيما العامله في المجال الصحي وأبرزها "الصحة العالمية وأطباء بلا حدود والصليب الأحمر" تشكيل وحدات لمعالجة الكوليرا في جميع المراكز الصحية في المدن والأرياف فين المحافظات التي ينتشر فيها المرض وتقديم الأدوية اللازمة لتلك الوحدات حتى تقدم خدماتها مجانًا للمصابين، مؤكدًا أن عدم قدرة أسرة المصاب على نقلة للمدن لتلقي العلاج بسبب الوضع الأقتصادي، يعالج من خلال إنشاء وحدات في الأرياف والمدن كامله في المحافظات التي تشهد تفشي للمرض كما أنه يجب تقديم العلاج مجانًا للمصابيين ويكون ذلك عبر المنظمات، كون عشوائية الدعم بالأدوية وتقديمها للمراكز الصحية العامة دون إشراف المنظمات على توزيع العلاج وتقديم الخدمات الصحية للمريض غير مجدٍ في اليمن بسبب الفوضى والفساد وعشوائية عمل القطاعات العامة، منوهًا إلى أنه يجب تعقيم كافة مصادر المياه التي يستخدمها السكان في الشرب أو الغسيل في المناطق التي ينتشر فيها المرض وتوفير مياه معقمة وصالحه للشرب للنازحين إضافة إلى حملات توعية بالمناطق التي تعاني من المرض باعراضه وكيفية الوقاية منه وسبل تجنب العدوى بالكوليرا،حيث يمثل الجهل وعدم التوعية عاملًا رئيسيًا بحدوث وفيات بالمرض وانتشاره .
وقبل أيام، طالبت الأمم المتحدة اليوم الخميس المجتمع الدولي بتوفير التمويل اللازم لمواجهة تفشي وباء الكوليرا وخطر المجاعة في اليمن، محذرة من أن انتشار الكوليرا يفاقم خطر المجاعة، وقال جيمي ماكغولدريك، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، خلال مؤتمر صحافي في عمان إن "تفشي الكوليرا في اليمن يضعف المناعة لدى الأفراد بما يفاقم خطر المجاعة، لذا فان خطر المجاعة مرجح بشكل أكبر مع نهاية العام".
وحثّ المجتمع الدولي على توفير الدعم للمنظمات الإنسانية مؤكدًا "نحتاج الى الموارد، نحتاج المال ونحتاج ذلك الآن لمواجهة المجاعة ومواجهة الكوليرا"، داعيًا الى "التحرك فورًا الآن"، وأعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة الاأبعاء أن نحو 30 % فقط من المساعدات التي تعهدت دول بتقديمها لليمن في 2017، جرى تسليمها، في وقت يواجه البلد الفقير الغارق في نزاع مسلح خطر المجاعة ووباء الكوليرا، وبلغت التعهدات الدولية لليمن في ابريل/نيسان 1,1 مليار دولار على أن تقدم في عام 2017.
وتشير تقارير للأمم المتحدة أن هناك نحو 19 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي إجمالي السكان، في اليمن يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وأن هناك 14.5 مليون شخص لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة وخدمات الإصحاح، ووفق المنظمة، يواجه اليمن وبائيات الكوليرا والحصبة وحمى الضنك، كما ترتفع معدلات سوء التغذية إلى مستويات مُنذِرة بالخطر في ظل وجود 3.3 ملايين سيدة وطفل يعانون من سوء التغذية.
أرسل تعليقك