مكسيكو ـ سمير اليحياوي
أعلن عدد من الأطباء في الولايات المتحدة عن ولادة أول طفل في العالم بواسطة التقنية الجديدة التي تجمع الحمض النووي الخاص بثلاثة أشخاص، مؤكدين أن الطفل يتمتع بصحة جيدة. فقد تمت ولادة الطفل في 6 ابريل/نيسان الماضي بعد أن سافر والداه الأردنيان إلى المكسيك حيث تمت رعايتهما من قبل متخصصين أميركيين في مجال الخصوبة.
وقال الطبيب جون تشانغ، من مركز “New Hope” للخصوبة في نيويورك، انه قرر إجراء التقنية المثيرة للجدل التي تقوم بنقل "الميتوكوندريا"، على أمل أن ينجح في ولادة طفل سليم للزوجين.
وفي حين رحب العديد من الخبراء بخبر الولادة، إلا أن الخبر أثار مخاوف بعض الخبراء بسبب مغادرة الأطباء من الولايات المتحدة الى المكسيك لإجراء هذا الأمر بدون وجود أي إطار تنظيمي وبدون نشر تفاصيل العلاج. وأكد تشانغ خلال حديثه مع مجلة "نيو ساينتست" إن الفريق بالفعل ذهب إلى المكسيك حيث لا توجد قواعد تنظيمية هناك، ولكنه اصر على أنه كان على حق لفعله هذا الأمر لأن إنقاذ الأرواح تعد شيئًا أخلاقيًا يجب القيام به.
وتم تقنين نقل "الميتوكوندريا" في بريطانيا في عام 2015، ولكن حتى الآن لا يوجد بلد آخر قد أصدر قوانين تسمح باجراء هذه التقنية التي تهدف إلى مساعدة الآباء الذين يمكنهم نقل الأمراض الوراثية القاتلة لأطفالهم. وتحمل والدة الطفل الجينات الخاصة بمتلازمة "لي" القاتلة والمضرة بالجهاز العصبي، والتي تنتقل من الأم إلى الطفل.
وبعد زواجهما بعشرة أعوام، حملت الزوجة ولكنها تعرضت للاجهاض مما تسبب في فقدانها للطفل. وأنجب الزوجان طفلة في عام 2005 ولكنها توفيت في سن السادسة، وبعدها انجبا طفلًا اخر عاش لمدة ثمانية أشهر فقط. وكانت الفحوصات التي تم اجراؤها للزوجة قد كشفت انها على الرغم من كونها تتمتع بصحة جيدة، فإن حوالي ربع "الميتوكوندريا" الخاصة بها تحمل جينات متلازمة لي.
وعندما طلب الزوجان مساعدة تشانغ، قرر الطبيب أن يحاول نقل "الميتوكوندريا". وقام تشانغ بأخذ نواة من بويضة الزوجة وإدخالها إلى بويضة سليمة خاصة بإحدى المتبرعات وذلك بعد إزالة النواة منها، ثم تم تخصيب البويضة بالحيوان المنوي الخاص بالزوج.
لا يعد هذا الطفل هو الأول الذي يولد من حمض نووي خاص بثلاثة أشخاص، ففي تسعينيات القرن الماضي حاول أطباء الخصوبة تعزيز جودة بويضات النساء عن طريق حقن "السيتوبلازم"، وهي المواد الخلوية التي تحتوي على "الميتوكوندريا"، من البويضة المانحة السليمة. ولكن تم منع هذه التقنية بعد ان أدت إلى ولادة بعض الأطفال الذين يعانون من الاضطرابات الوراثية.
وقال عالم الخلايا الجذعية في كلية "كينغز" في لندن، دوسكو ايليتش عن الواقعة الاخيرة: "من دون الكثير من اللغط، يبدو أن أول طفل يتم التبرع له بالميتوكوندريا قد ولد قبل ثلاثة أشهر. يُقال إن الطفل يتمتع بحالة صحية جيدة، ولهذا نأمل أن يقوم هذا الأمر بترويض النقاد وأن نشهد قريباً ولادة طفل مماثل في بريطانيا". واضاف: "ولكن على الجانب الأخر، يبدو أن الطفل يتمتع بصحة جيدة لأنه تم اجراء تلك التقنية بشكل ناجح، ولكن هناك العديد من الأسئلة التي يجب أن نسألها، ومنها: "هل كانت تلك هي المرة الأولى على الإطلاق التي يقومون بها بهذه التقنية، أو كانت هناك محاولات أخرى؟ وهم قاموا بالاعلان عن هذه المحاولة لأنها كان ناجحة؟"
وقالت طبيبة الخصوبة في جامعة "نيوكاسل" أليسون مردوخ: "إذا كان هذا الطفل قد ولد بالفعل بواسطة هذه التقنية فسيكون نبأ عظيمًا، فالتبرع بالميتوكوندريا هو هدف يجب أن يتحقق مع ضمان السلامة والانتاجية". وأكد أستاذ علم الأعصاب في جامعة نيوكاسل، دوغ تيرنبول أن التقنية تعطي الأمل للأمهات الذين يحملون طفرات بالحمض النووي.
واشار تيرنبول الذي كان رائداً في نقل الميتوكوندريا في بريطانيا: "لقد كانت هناك مناقشات في بريطانيا حول ضمان حصول الأسر التي تعاني من خلل في الميتوكوندريا على أفضل مشورة ممكنة حول خياراتهم الإنجابية، بالاضافة الى تنظيم وتمويل أي تقنية جديدة تعتمد على التلقيح الاصطناعي".
ومن المقرر أن يتم عرض تفاصيل الولادة امام الجمعية الأميركية للطب التناسلي في مدينة "سولت ليك" في أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
أرسل تعليقك