تحديات كبرى أمام عالم الموضة للحد من الاستهلاك الكبير للأزياء
آخر تحديث 22:37:48 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

في وجود قوى اللا وعي التي تجعل شراء الملابس أمرًا مثيرًا وممتعًا

تحديات كبرى أمام عالم الموضة للحد من الاستهلاك الكبير للأزياء

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - تحديات كبرى أمام عالم الموضة للحد من الاستهلاك الكبير للأزياء

عالم الموضة يواجه مشاكل متزايدة
باريس ـ مارينا منصف

يُعاني عالم الموضة من بعض المشاكل الجسيمة فيما يتعلق بالاستدامة البيئية، إذ من المتوقع أنه بحلول عام 2030 سيزداد استهلاك المياه في هذه الصناعة بنسبة 50 في المائة، فيصل إلى 118 مليار متر مكعب، وستزيد بصمتها الكربونية إلى 2791 طنا، وستبلغ كمية النفايات التي تنتج عنها 148 طنا.

وتأتي هذه التنبؤات على الرغم من التقدم الكبير الذي أحرزته العلامات التجارية وتجار التجزئة للحد من التأثير السلبي للصناعة، فيستخدم الكثير منهم القطن المستدام الذي تنتجه مبادرات بغرض الحد من استخدام المياه والطاقة والكيميائيات، فضلا عن الاتجاه لتكنولوجيا الصباغة الجديدة للحد من استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 50 في المائة، ويجرى تطبيق الكثير من مخططات توفير الطاقة والكيميائيات في جميع مراحل التوريد، وفي المملكة المتحدة البريطانية، بدأت نتائج هذه المجهودات في الظهور، مع انخفاض الكربون الناتج، والمياه المستخدمة بمعدل وصل إلى 8% و 7% على التوالي لكل طن من الملابس منذ عام 2012.

وبالتالي فإن الصناعة تقلل الأثار البيئية لمنتجاتها، ولكن المشكلة تحولت الآن إلى جانب الاستهلاك: فالشهية غير المشبعة للأزياء تعني أن الناس يشترون المزيد والمزيد من الملابس، منذ عام 2012 حدثت زيادة بنسبة10% في كمية الملابس التي اشتراها الناس في المملكة المتحدة البريطانية وحدها، ولا يشتري المستهلكون البريطانيون المزيد من الملابس فحسب، بل أيضا يتخلصون من ملابسهم أسرع لأنهم يطاردون أحدث صيحات الموضة، وهناك تقديرات أن ملابس بأكثر من 30 مليار جنيه استرليني مخزنة في خزائن الملابس في جميع أنحاء بريطانيا، ولم تستخدم لأكثر من 12 شهرا.

ويعتقد الكثيرون أن الصناعة السريعة للموضة هي السبب الأساسي لجميع قضايا الاستدامة التي تواجهها الصناعة، ولذلك فقد اقترح الكثير من المعلقين والأكاديميين والمنظمات غير الحكومية أن الاستهلاك الأخلاقي سوف يؤدي إلى تحول نموذجي في السلوك، وأن مع مرور الوقت سوف تصبح الصناعة البطيئة للموضة هي القاعدة، مما يجعل المستهلكين يرتدون ملابس مصنعة على الطراز الكلاسيكي لتدوم لمدة 10 أعوام، وهذا، كما يقولون، سيقلل من الحاجة إلى شراء ملابس جديدة من أحدث صيحات الموضة، وبالتالي تقليل الآثار البيئية، ويستند منطق هذه الحجة إلى فكرة أن المستهلكين حيوانات عقلانية، يمكن السيطرة على سلوكها والتنبؤ به.

ولكن نمو مفهوم الاستهلاك الأخلاقي ليس له أثار في الاتجاه السائد في الموضة حاليا، وتعتقد العلامات التجارية المهتمة بأخلاقيات العمل أن أكبر عائق أمامهم لتحقيق قدر أكبر من الاستدامة هو المستهلكون، إما من خلال عدم إدراكهم للقضايا التي تواجهها الصناعة، أو من خلال عدم الرغبة في الدفع أكثر من أجل المنتجات المستدامة. لذا، هل يمكن أن تسود النزعة الاستهلاكية الأخلاقية في عالم الأزياء؟ قد يشير علم النفس والعلوم السلوكية إلى أن الاستهلاك الأخلاقي للأزياء أمر محتمل، وبينما تقوم القرارات الشرائية على مداولات عقلانية واعية ومدروسة جيدا، إلا إن تعقيد السلوك البشري، والطبيعة الأساسية للأزياء يشيران إلى أن الاستهلاك الأخلاقي قد لا يكون هدفا يمكن تحقيقه.
العلاقة بين الأزياء والأنا
لماذا هذا هو الحال؟

أولا، من المهم توضيح أن أدوات التسويق مثل الاستبيانات والدراسات الاستقصائية المستخدمة للتنبؤ بنمو الاستهلاك الأخلاقي بها مشاكل، فهي جيدة لتحديد نية الشراء ولكن ضعيفة في التنبؤ بالسلوك الفعلي، إذ تميل الدراسات الاستقصائية إلى إغراء المشاركين بإعطاء إجابات تقدمهم في ضوء إيجابي: يميل المتسوقون غير الأخلاقيين إلى القول بأنهم أخلاقيون لحماية صورتهم الخارجية، وتعتمد الدراسات الاستقصائية على أن يكون المشاركون صادقين وعلى وعي بسلوكهم، وفيما يتعلق بمدى صدق البشر الأمر قابل للجدل، وتبين الأبحاث أننا لسنا على وعي بدوافع سلوكنا كما نعتقد.

إن سلوكنا أكثر أنانية بكثير مما قد نود أن نصدق، وبينما تستند النماذج العقلانية للاستهلاك على فكرة أن الأفراد يتخذون الخيارات التي تحقق أفضل توازن بين التكاليف والمنافع، سوف يستند المستهلك الأخلاقي في أخذ أحكام عقلانية بشأن المشتريات على تحقيق أفضل النتائج من حيث التكاليف والمنافع بالنسبة له والبيئة. ولكن الاستهلاك، وبخاصة استهلاك الأزياء، غير منطقي بتاتا، فقرارات الشراء أكثر عرضة لتكون مدفوعة بالرغبات المرتبطة بالمتعة والإثارة، الأزياء هي نشاط اجتماعي يحدد وضعنا في المجتمع (الدافع الأناني)، وإنما هي أيضا نشاط يقوده الرغبات العاطفية مثل الخيال والإثارة والتطلعات لعيش حياة أفضل وأكثر إشباعا.

قوى اللا وعي تلك هي ما تجعل التسوق للملابس مثيرا وممتعا، إنها تخلق نهجا أقل عقلانية للاستهلاك، يقلل في نهاية المطاف تأثير الأفكار العقلانية حول الأخلاق والآثار البيئية لعمليات الشراء التي نقوم بها.

الموضة الأخلاقية
وقد جادل الناشطون الأخلاقيون والصحافيون وحتى بعض العلامات التجارية بأن المستهلكين سيكونون قادرين على التغلب على قوى اللا وعي التي تقودهم للبحث عن المرح والإثارة إذا كان لديهم المزيد من المعلومات حول القضايا الأخلاقية المتعلقة بالاستهلاك، لكن تشير الأدلة إلى أن ذلك لا يؤدي إلا إلى زيادة السلوك الأخلاقي، وإنما في الواقع، يميل انتشار مزيد من المعلومات إلى الحد من تأثير القضايا الأخلاقية بسبب تعقيد تلك القضايا.

ويتضاعف هذا التعقيد بسبب مقدار المعلومات المتضاربة التي تقدمها المنظمات غير الحكومية ووسائط الإعلام والعلامات التجارية نفسها - القطن سيء للبيئة؛ الألياف تؤدي التسمم إلى تسمم المحيطات؛ استخدام الخيزران أخلاقي (ليس كذلك) - وعندما لا يمكن للخبراء الاتفاق على المشاكل الكبرى في مجال الأزياء، من الأسهل بكثير للمستهلك أن يغض الطرف ويشترِ هذا القميص الجديد.

وقد يكون النهج الجذري البديل هو الاعتراف بأن البشر قد استخدموا دائما الأزياء لتلبية الرغبات العاطفية، لذلك يجب أن يتحول التحدي من محاولة السيطرة على هذه السلوكيات البدائية وغير العقلانية إلى محاولة إيجاد نهج نظامي وأخلاقي يحتويها. فهل يمكن حقا أن نجد حلول مستدامة تقود إلى صناعة أزياء لا تثير الرغبات الشرائية؟ الرغبة في الملابس الجديدة شيء قد يكون من المستحيل تغييره، لذا بدلا من محاولة فرض سلسلة من الأخلاقيات المفترض وجودها لدى المستهلك، ربما يجب أن تهدف العلامات التجارية إلى استخدام تكنولوجيا جديدة ونماذج أعمال لتصميم منتجات يمكن إعادة تدويرها أو إعادة تصميمها إلى موديلات جديدة مع استخدام الحد الأدنى من المواد الخام والمياه والطاقة والمواد الكيميائية.

ما يميز هذا النموذج هو إنه لا يهدف إلى تغيير آلاف السنين من التطور في الرغبات البشرية على مدى حياة جيل واحد، بل إلى استخدام الابتكار والإبداع لجعل الصناعة تتناسب مع احتياجاتنا الأصيلة.  وهو تحد تقني وتسويقي كبير، ولكن التحول إلى مثل هذا النموذج الذي يناسب المستهلك قد يفتح فرصا جديدة للأعمال التجارية، فضلا عن جعلها أكثر استدامة.

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحديات كبرى أمام عالم الموضة للحد من الاستهلاك الكبير للأزياء تحديات كبرى أمام عالم الموضة للحد من الاستهلاك الكبير للأزياء



GMT 15:14 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

ملابس ميغان ماركل خلال رحلة أستراليا تثير حالة من الجدل

GMT 20:46 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

خبيرات الموضة يكشفن عن أفكارهن خلال عملية شراء الملابس

GMT 20:17 2018 الخميس ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح تمكنك من اختيارارتفاع الكعب المناسب لكِ

GMT 14:00 2018 الأحد ,21 تشرين الأول / أكتوبر

مجموعة من النصائح لكي تبدين أطول دون كعب عال

نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة - صوت الإمارات
نجوى كرم النجمة اللبنانية وعضو لجنة تحكيم برنامج "Arabs Got Talent" في موسمه السابع؛ مع كل حلقة تعرض تشاركنا بصور لها من كواليس البرنامج، وتسلط الضوء باستمرار على إطلالاتها الجذابة التي خطفت بها الانتباه وقت التصوير، حيث تألقت نجوى كرم بإطلالات استثنائية جعلتها محل اهتمام الجمهور خلال البرنامج، وشاركتنا بأجمل صورها على انستجرام، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل الإطلالات التي ظهرت وسوف تظهر بها نجوى كرم في حلقات الموسم السابع من برنامج اكتشاف المواهب الشهير. الإطلالات الناعمة الخالية من التفاصيل المبالغ فيها؛ كانت خيار لافت للنجمة اللبنانية تزامنًا مع تحضيرها للبرنامج الشهير أو تصوير بعض الحلقات، فظهرت مؤخرًا بإطلالة باللون الأبيض جاءت مكونة من فستان طويل بتصميم كلاسيكي، جاء من الأعلى بأكمام طويلة وياقة عريضة ومفتوحة على ...المزيد

GMT 04:20 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 صوت الإمارات - ميلانيا ترامب تظهر بإطلالة بارزة ليلة فوز زوجها
 صوت الإمارات - طهران ترى في فوز ترمب فرصة لمراجعة السياسات الخاطئة لواشنطن

GMT 04:05 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
 صوت الإمارات - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 04:29 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً
 صوت الإمارات - أستراليا تحظر السوشيال ميديا لمن دون 16 عاماً

GMT 00:45 2020 الأربعاء ,13 أيار / مايو

الرابطة والتحديات

GMT 11:03 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مؤشر جودة الهواء يسجل معدلات خطرة في نيودلهي عقب عودة الضباب

GMT 12:11 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

فايا يونان تكشف عن تصوير أغنية "دمشق" بطريقة الفيديو كليب

GMT 19:10 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 07:37 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يعتلي صدارة "هدافي" الدوري الإنكليزي

GMT 01:52 2015 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في النادي الثقافي

GMT 03:52 2013 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

"أندرويد" يصل إلى أجهزة "اللاب توب"

GMT 22:31 2016 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

اختاري الألوان الرائجة لربيع وصيف 2016

GMT 16:30 2013 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

طاقات متجددة لمركز عربي متقدم عالميًا

GMT 10:28 2013 الخميس ,27 حزيران / يونيو

سمكة العين الذهبية شكل مرعب ولكن أليف

GMT 07:25 2013 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الصين تصنع أسرع كمبيوترات العالم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates